* توقّع إنتاج مليون لتر من الحليب في  2021

استطاعت مزرعة البعراوية العمومية بقسنطينة الرفع من قدراتها الإنتاجية بأكثر من أربع مرات، حيث استطاعت مضاعفة رقم أعمالها بفضل تنويع الاستثمارات ودخول أكثر من خمس شعب نشاط في ظرف أربع سنوات فقط، أصبحت فيها من أكبر المنتجين عبر الولاية في عدة منتجات فلاحية، على غرار حليب الأبقار والحبوب، في حين تعتزم إنشاء إسطبل ذكي بقيمة تقارب 5 ملايير سنتيم لزيادة مئتي رأس جديد من الأبقار الحلوب إلى قطيعها فضلا عن إنتاج محاصيل جديدة لتغطية حاجتها من الأعلاف، كما دخلت مجالات جديدة وأصبحت تنتج سلالات الحيوانات لتعويض الاستيراد.
وتتربع المزرعة النموذجية البعراوية على ما يقارب 1 بالمئة من المساحة الإجمالية للأراضي الصالحة للفلاحة على مستوى ولاية قسنطينة، حيث توجد فوق 1078 هكتارا، من بينها 160 هكتارا من الأراضي المستغلة في رعي قطعان الأبقار والأغنام. وقد انطلقنا في استطلاعنا لوضعية المزرعة من بنايتها القديمة التي تضم مقر الإدارة وإسطبلات الحيوانات، حيث رافقنا مديرها سمير شنقل إلى الجناح المخصص للأبقار، وكان شاغرا لأن الحيوانات توجه للرعي خلال الفترة الصباحية بعد عملية الحلب، كما أشار المسؤول إلى أن القطعان تُساق إلى مساحات الرعي تباعا، ليستغل العمال فترة غيابها في عملية التنظيف اليومي، إذ لاحظناهم يزيحون فضلات الأبقار ويجمعونها، قبل أن تُشحن على متن الجرار.
وتخضع جميع الإسطبلات للمراقبة الدورية، كما تجرى عمليات تعقيم دورية من أجل القضاء على العوامل المسببة لأمراض الحيوانات، كما لاحظنا أنها مقسمة إلى وحدات، من بينها «جناحٌ للحجر الصحي» وقفت عند مدخله طبيبة بيطرية للاطلاع على وضعية إحدى الأبقار، بينما أوضح لنا المدير أنه مخصص لعزل الرؤوس التي تصاب بأمراض لحماية القطيع من تفشي العدوى، أو للأبقار الحوامل التي تكون على وشك وضع عجول، حيث يكون من الضروري عزلها عن الأخريات حتى لا تتعرض صغارها للدّوس. وأضاف نفس المصدر أن الأبقار الحلوب توضع في أماكن مخصصة لها، بينما توضع باقي الأبقار والعجول في أماكن أخرى بحسب فئتها وعمرها.
وتتبع وحدة المزرعة النموذجية البعراوية هيكليا شركةَ مزارع إنتاج الحليب، التي تعتبر أحد فروع المجمع الصناعي لإنتاج الحليب «جيبلي»، حيث ذكر لنا مدير المزرعة، التي تمثل واحدة من  19  وحدة موزعة عبر ولايات مختلفة، أن المجمع انتهج إستراتيجية جديدة منذ 2017 لتنويع الاستثمارات من أجل المساهمة الإيجابية في الاقتصاد الوطني، وتوسيع نشاط المزرعة حتى لا يبقى مقتصرا على إنتاج الحبوب، من خلال رفع عدد رؤوس قطعان الحيوانات وأنواعها في مجال التربية، وعلى رأسها دعم شراء الأبقار الحلوب. وقد أكد محدثنا أن عدد الأبقار الحلوب لم يكن يتجاوز 35 قبل 2017، لكنه ارتفع إلى 110 حاليا، بعد أن حصلت المزرعة على 75 بقرة حالبة جديدة ما بين 2018 و2019، وجميعها من سلالة «هولشتاين» و»مونت بيليارد» الجيدة.
مزرعة تسعى إلى إنقاذ سلالة أبقار مهددة
وتستهدف الإستراتيجية المذكورة رفع إنتاج الحليب لدعم وحدات تحويل الحليب التابعة للمجمع، إلى جانب إنتاج سلالات الأبقار الجيدة محليا، حيث تعتمد المزرعة على التلقيح الاصطناعي باستعمال السوائل المنوية المجنسة، كما أوضح المدير أنها تعطي نتائج مضمونة من حيث جنس العجل المولود بنسبة تقارب المئة بالمئة، بينما استطاعت مزرعة البعراوية إنتاج 60 بقرة حالبة، إذ توجه إلى مشتلة أبقار تابعة للشركة في الشلف ومختصة في التربية، ثم تباع بعد ذلك إلى المربين أو توجه لدعم مزارع أخرى ضمن نفس المجمع. وذكر نفس المصدر أن السوق الوطنية ستكون قد دعمت بستين بقرة حالبة بالغة من سلالتي «هولشتاين» و»مونت بيليارد» منتجة محليا على مستوى البعراوية ولم تُستورد بعد بضعة أشهر.  
وتعمل مزرعة البعراوية أيضا على رفع عدد الأبقار من السلالة الحمراء (La pie rouge)، حيث أكد لنا المدير أنها كانت مهددة بالاختفاء تماما، رغم أنها موجودة في الجزائر منذ الحقبة الاستعمارية ومصدرها من السهول الشمالية لفرنسا، في حين أوضح أن البعراوية تملك منها حاليا أكثر من عشرة رؤوس وتعكف على زيادتها، كما نبه أنها تتميز بتأقلمها الكبير مع مناخ الجزائر بسبب العقود الطويلة لوجودها، فضلا عن مناعتها ضد الأمراض. وذكر محدثنا أن هذه السلالة لا تتميز بغزارة إنتاجها من الحليب، وإنما بجودته لكونه غنيا بالبروتينات، فضلا أن العجول التي تلدها تكون منتجة للحم وتتميز بقدرة تسمينها، حتى في حال عدم استهلاكها لكميات كبيرة من الأعلاف، ويمكن، بحسب محدثنا، استغلال السلالة الحمراء في إنتاج حليب جيد وكميات وفيرة من اللحوم.


مردود يصل إلى 700 ألف لتر من الحليب في العام
ولم يتزامن تواجدنا في المزرعة مع موعد حلب الأبقار، ما حرمنا من مشاهدة العملية، لكن جولتنا في أرجاء المزرعة قادتنا إلى بناية تستغلها الوحدة كنقطة لتجميع الحليب، حيث استحدثت هذا النشاط من أجل دعم ملبنة نوميديا والاستفادة من هامش خمسة دنانير في اللتر لفائدة المزرعة، في حين اقتنت المزرعة شاحنة وتحصلت على صهريج بسعة 6 آلاف لتر، بينما تقوم حاليا بجمع ما بين ألفين إلى 3 آلاف لتر من الحليب يوميا، من أكثر من 10 مربّين. وتحصّل المزرعة ربحا سنويا من عملية جمع الحليب يتجاوز 300 مليون سنتيم، حيث نبه المدير أنها تساعد في تغطية العديد من المصاريف التي يتطلبها النشاط الاقتصادي للوحدة.
و واصلنا سيرنا مشيا على الأقدام إلى قطعة أرضية واسعة تابعة للمزرعة وتقوم بزراعتها بالأعشاب الخضراء من أجل استغلالها في رعي الأغنام والأبقار، حيث وجدنا مجموعة من الأبقار من سلالة «هولشتاين» و»مونت بيليارد» بصدد الرعي، تحت حراسة عامل، في حين أوضح المدير أن البقرة الواحدة تدّر متوسطا بخمسة وعشرين لترا يوميا في مرحلة ما بعد الولادة الأولى، لكنها ترتفع إلى ما بين 30 و35 لترا في اليوم بعد الولادة الثانية. وذكر نفس المصدر أن متوسط إنتاج المزرعة من الحليب يقدر بحوالي ألفي لتر من الحليب يوميا، وما يقارب الستين ألف لتر في الشهر، في حين وصل إلى حوالي 700 ألف لتر في العام.و وضعت الوحدة هدفا بالوصول إلى مليون لتر من الحليب في عام 2021، حيث أوضح المدير أنها تعتمد على تقديم الأعلاف الخضراء والأعلاف الجافة للأبقار، فضلا عن الالتزام بالمسار التقني في الرعاية من أجل إعطاء مردود وفير من الحليب، بينما أشار محدثنا إلى أن مجمل عدد رؤوس الأبقار الموجودة في البعراوية يقدر بمئتين، بعد احتساب الفئات الأخرى غير الموجهة للحلب، على غرار العجول أو العجلات. وذكر نفس المصدر أن المزرعة تقوم بتوجيه الذكور من العجول بعد تربيتها إلى سوق اللحوم، أو ترسلها إلى مزرعة مختصة في التسمين على مستوى ولاية سطيف، وتابعة لنفس المجمع، من أجل ضمان بلوغه أقصى حد ممكن ليباع وتعود فائدته على مزرعة البعراوية.ويشكّل إنتاج مزرعة البعراوية من حليب الأبقار حوالي 1.4 بالمئة من إنتاج الولاية المقدر بحوالي خمسين مليون لتر سنويا، بحسب الأرقام المقدّمة للنّصر من طرف مديرية المصالح الفلاحية في وقت سابق وحصيلة إنتاج المزرعة للعام الماضي، في حين تغطي حصة معتبرة من الحليب؛ تقارب الستة بالمئة من المادة الأولية التي تقتنيها ملبنة نوميديا العمومية على مستوى ولاية قسنطينة، بحسب ما تكشف عنه الأرقام المقدمة للنصر من طرف إدارة الملبنة في وقت سابق مقارنة بالأرقام المقدمة من إدارة المزرعة النموذجية.
رفع عدد الأبقار الحلوب إلى 310 خلال 2021
وترتقب إدارة المزرعة النموذجية ارتفاع عدد رؤوس الأبقار الحلوب إلى 310، من خلال مشروع الإسطبل الذكي، الذي تقارب قيمته 5 ملايير سنتيم، ويستوعب مئتي بقرة جديدة، حيث أوضح مدير المزرعة أنه مندرج في إطار مشروع مبرمج من طرف المجمع المالك لتزويد المزارع النموذجية التابعة له بهذه الإسطبلات، التي ستقوم بـ»مكننة» عملية إنتاج الحليب والتربية، حيث استفادت البعراوية من أحدها، وسيكون مزودا بجميع اللواحق، على غرار قاعة العلاج وقاعة الحلب، كما ستوضع شريحة رقمية لكل بقرة وتضم مختلف المعطيات الخاصة بها من الجانب البيطري أو من حيث المعلومات الخاصة بنوعها. وأضاف محدثنا أن عملية تنظيف الإسطبل الذكي تتم بصورة آلية، كما أن آلات الحلب تعمل بشكل أوتوماتيكي مع الإشراف البشري عليها، حيث ضرب المثال بأنه في حال أخطأ عامل الحلب في وضع الآلة لإحدى الأبقار التي تلقت المضاد الحيوي قبل مرور الفترة الواجب احترامها، فإن آلة الحلب توقف العملية آليا مع ذكر السبب، بفضل اتصالها بالشريحة، بعد أن يكون البيطري قد أدخل في معطياتها وقت حقن المضاد الحيوي للبقرة. وشرح نفس المصدر أن مبدأ الإسطبل الذكي قائم على الاتصال الرقمي بين مختلف الآلات والوسائل الموجودة على مستواه وتعميم المعطيات الرقمية لوضعية الأبقار عبرها جميعا، كما يوفر العديد من الميزات الأخرى، مؤكدا أنه سيوضع حيز الخدمة خلال العام الجاري.

ارتفاع رقم أعمال الوِحدة من 4 إلى 17 مليار سنتيم
ولم يكن رقم أعمال المزرعة النموذجية يتجاوز 4 ملايير سنتيم قبل 2017، حيث كانت تعتمد على زراعة الحبوب فقط، فضلا عن كمية قليلة من الأبقار والأغنام، لكنه ارتفع بفضل الإستراتيجية الجديدة لتنويع الإنتاج إلى حوالي 17 مليار سنتيم، مثلما قال مدير المزرعة، الذي أكد أنها حددت ضمن أهداف العام 2021؛ الوصول بهذا الرقم إلى عشرين مليار سنتيم. ولا يقتصر تثمين النشاط في المزرعة على الأبقار، فقد رفعت عدد رؤوس الأغنام إلى أكثر من 1100 رأس من سلالة «أولاد جلال» الجزائرية، من بينها 600 نعجة موجهة للتكاثر وإنتاج الخرفان و300 خروف من الذكور وإناث البالغة من العمر ما بين 6 أشهر إلى سنة، بالإضافة إلى حوالي 200 خروف صغير يبلغ من العمر أقل من 3 أشهر.
تخفيضات في أسعار الخرفان
وشرح المسؤول أن الذكور تُربّى لتباع في العيد الأضحى في المزرعة، بينما يتم الاحتفاظ بالأنثى حتى تصبح بالغة وتوجّه للتوليد، كما أكد السعى إلى تلبية طلبات المواطنين في فترة العيد لأنها تسجل إقبالا معتبرا، وغالبا ما يكون الحد الأقصى للمزرعة ما بين 400 إلى 500 رأس يمكن بيعها، ما جعلها تتبع إستراتيجية جديدة من خلال جلب مزيد من الخرفان من مزارع نموذجية أخرى تابعة للمجمع، حيث وصل عدد الرؤوس التي بيعت إلى 1700 رأس في عيد الأضحى الماضي.
وقال نفس المصدر أن الغاية الأهم تكمن في تلبية الطلب بأسعار تنافسية، كما أن أغنام المزرعة متابعة صحيا بشكل دقيق، ويمكن لجميع من يتعاملون معها الحصول على شهادات بيطرية تثبت سلامة الحيوانات وتوضح جميع المعلومات الخاصة بها، حيث «لم تسجل مشكلة اللحوم الزرقاء، بفضل المتابعة والتغذية السليمة، كما أن المزرعة لا تبيع خروفا مريضا»، مثلما أكد محدثنا. ولاحظنا عند دخولنا إلى المزرعة قطيعا من النعاج المتقارب من ناحية الحجم داخل حظيرة، حيث ذكر لنا المدير أنها المعنية بالتكاثر، منبها أن عملية الرعي تتم بنفس النظام الخاص بالأبقار.
ونبه نفس المصدر أن المزرعة توقفت عن عملية بيع الخرفان والكباش في فترة العيد الأضحى بالاعتماد على الوزن، لكن أسعارها تحدد وفقا لأحجامها بالاعتماد على معايير السوق، مع وضع تخفيضات معتبرة، حيث شدد على أن أسعار المزرعة مدروسة ولا تستهدف الربح فقط، وإنما مراعاة الزبون وتوفير الرؤوس والمساهمة في الحد من المضاربة.
إنتاج 22 طنا من لحم الدجاج و2.5 مليون بيضة
ودخلت مزرعة البعراوية شعبة تربية الدواجن أيضا منذ العام ما قبل الماضي، حيث انطلقت بوضع ثلاثة بيوت بلاستيكية للدجاج اللاحم بسعة 5 آلاف صوص للواحدة، واستطاعت في سنتها الأولى إنتاج 75 ألف دجاجة؛ وطرحت في السوق أكثر من 22 طنا من اللحوم البيضاء العام الماضي، في حين أنشأت بيتين بلاستيكيين إضافيين خلال هذا العام، سيستوعبان 10 آلاف صوص، لتصبح قدرة التربية 25 ألف صوص. وذكر مدير المزرعة أن الهدف خلال العام الجاري يتمثل في أن يتجاوز الإنتاج 37 طنا من لحوم الدجاج، في حين أوضح محدثنا أن الكميات تُباع بالدرجة الأولى في المذابح.
من جهة أخرى، استثمرت المزرعة في مجال إنتاج البيض منذ نفس الفترة، حيث وضعت حوالي 7 آلاف دجاجة بيّاضة كمرحلة أولى، واستطاعت بلوغ 233 لوحا من البيض يوميا، أي ما يعادل حوالي 7 آلاف بيضة يوميا، محققة كمية بمليوني و500 ألف بيضة خلال العام الماضي. وستضاعف المزرعة عدد رؤوس الدجاج البيّاض خلال العام الجاري، حيث ستضيف 7 آلاف دجاجة أخرى، وتستهدف بذلك الوصول إلى إنتاج 5 ملايين بيضة مع نهاية 2021، في حين نبه المدير سمير شنقل أن إدارته تسعى إلى دفع استغلال مقومات المزرعة إلى حدها الأقصى لرفع الإنتاج ودعم السوق المحلية.
وقد اطلعنا على البيوت البلاستيكية المخصصة لتربية الدجاج، حيث كانت شاغرة ونبه محدثنا أنها «ستعمر» بالصيصان قريبا، في إطار تحضيرات المزرعة لإنتاج الدفعة الأولى من اللحوم البيضاء خلال شهر رمضان المقبل، من أجل المساهمة في ضمان الوفرة واستقرار الأسعار.
الشروع في تربية النحل والأرانب
ولفت انتباهنا خلال تجولنا في الجزء المخصص لتربية الحيوانات بالمزرعة وجود أجباح النحل في موقع بعيد نسبيا عن مقر الإدارة وقريب من مجموعة أشجار صنوبر، حيث ذكر المدير أن المزرعة انطلقت في عملية تربية النحل أيضا كتجربة أولى، من خلال وضع 70 جبحا في الموسم الحالي، ويتوقع أن يتم جمع أول إنتاج من العسل خلال الشهر القادم، بينما سيرفع الاستثمار إلى مئتي جبح خلال الموسم الثاني المصادف للجزء الثاني من العام الجاري. وسألنا محدثنا عن سبب وضعها بالقرب من الأشجار، حيث أكد أن الموقع مدروس بحسب قطر الكيلومترات الذي تتجول فيه النحل من أجل ضمان توفر الغذاء لها، موضحا أن الأجباح قريبة من الغابة؛ أين يمكنها أن تتغذى طبيعيا.
وزرنا في المزرعة بناية صغيرة استغلت لتربية الأرانب، وانطلقت العملية بمئة أم منتجة وعشرين ذكرا من أجل التكاثر، حيث قال المدير أن الإنتاج وفير في هذه الشعبة، ويتم تسويقه على مستوى مذبح سيرتا الجديد، رغم ما يواجهه من ضعف الطلب عليه، إذ تلد الأنثى الواحدة ما بين ستة إلى 10 أرانب شهريا، وقد تصل بعض الأمهات إلى 15 مولودا جديدا، في حين تشير حسابات الإدارة إلى أن إنتاج مئة أم لا يقل عن ستمئة أرنب يتم تسمينها في شهرين حتى تصبح جاهزة للتسويق، كما أشار نفس المصدر إلى أن عملية التكاثر تتم بشكل طبيعي دون الاعتماد على التلقيح الاصطناعي.
وخلال تواجدنا معه، تلقى المدير طلبيّة من مذبح للحصول على مجموعة من الأرانب، في حين لاحظنا أن حجمها كبير، وأكد لنا موظف بالمزرعة، رافقنا إلى المبنى المخصص لتربيتها؛ أن وزن الواحد منها لا يقل عن 3 كيلوغرامات، بفضل التغذية المدروسة إلى جانب الرعاية البيطرية، كما أشار إلى أن المزرعة لم تواجه مشكلة في تغذية الأرانب رغم الندرة المسجلة في أعلافها مؤخرا، لأنها تعتمد على عدة خيارات من الأعلاف. وذكر لنا مدير المزرعة أن الانطلاق في الشعب الجديدة من تربية الحيوانات يكون تدريجيا ومحتشما في البداية من أجل الاستفادة من التجربة والإحاطة بها، ثم يُرفع في المواسم اللاحقة.
توقعات بإنتاج 19 ألف قنطار من الحبوب هذا الموسم
وتفرد البعراوية الشق الأكبر من مساحة أراضيها الشاسعة والمترامية حول البناية القديمة للقمح، حيث خصصت 305 هكتارات للقمح اللين و210 هكتارات للقمح الصلب و50 هكتارا للشعير، بالإضافة إلى استثمارها في زراعة أعلاف الحيوانات الخضراء بتخصيص 170 هكتارا لها، في حين شرعت في هذا الموسم في زراعة 40 هكتارا من السلجم الزيتي لأول مرة، إذ أكد لنا مدير المزرعة أنه يستعمل في صنع مختلف أنواع الزيوت الغذائية، كما تستعمل بقاياه كأعلاف للحيوانات، مضيفا أن الأربعين هكتارا مقسمة بالتساوي بين إنتاج الزيوت وإنتاج البذور التي ستوزع على الفلاحين لإعادة زراعتها في الموسم الموالي.
وزرنا مساحة زراعة السلجم على الضفة المقابلة من الطريق السريع بالقرب من مخزن الحبوب القديم التابع للمزرعة، حيث وجدنا أنه آخذ في النمو على مرتفع ترابي تحيطُ به أشجار زيتون، في حين ما زال السلجم أخضر ولم تظهر أزهاره بعد. وقد أوضح المدير أن أزهار السلجم تشبه أزهار عباد الشمس قليلا وستغطي المرتفع بعد فترة.
 وتُخصّص المزرعة مساحة من أراضيها لإنتاج البقوليات الأكثر استهلاكا في الأسواق المحلية، حيث زرعت 70 هكتارا من العدس و30 هكتارا من الحمص و15 هكتارا من البازلاء، المعروفة محليا باسم «الجلبانة».
واعتبرت إدارة المزرعة أن مردود الموسم الماضي لم يكن كبيرا جدا في مجال الحبوب، حيث قدر متوسطه بحوالي 23 قنطارا في الهكتار، بحسب ما أكده المدير، الذي توقع أن يكون مردود الموسم الجاري أكبر في حال هطول الأمطار شهري مارس وأفريل، ويمكن، بحسبه، أن يصل إلى 30 قنطارا في الهكتار. وأضاف نفس المصدر أن السقي في قسنطينة يعتمد على الأمطار بالدرجة الأولى، في حين توقع أن يبلغ إجمالي إنتاج المزرعة من الحبوب إلى 19 ألف قنطارا في 2021.
شراكات مع مركزي بحث لتطوير سلالات بذور
وتستمر الأبحاث مع مركز البحث في البيوتكنولوجيا والمعهد التقني للزراعات الواسعة في إطار شراكة مع المزرعة النموذجية بالبعراوية من أجل تكثيف البذور، حيث أوضح المدير أن الأبحاث ما زالت جارية ولم تخلص إلى نتائج نهائية بعد، مؤكدا أنها تستهدف تطوير سلالات قادرة على التأقلم مع المناخ الجزائري، خصوصا مع الجفاف، كما نبه أن البذور المستوردة في عدة أنواع تعطي مردودا وفيرا يصل إلى 70 قنطارا في الهكتار في بعض الأحيان، لكنها غير قابلة للاستغلال في إعادة إنتاج البذور، لذلك فإن المركزين يسعيان إلى تطوير بذور مقاومة للظروف المناخية وتعطي مردودا وفيرا، فضلا عن إمكانية استيلاد البذور منها لإعادة زراعتها. واطلعنا في طريقنا إلى مركز تخزين الحبوب الخاص بالمزرعة على بعض المساحات الخاصة بالأبحاث حول البذور، حيث يلاحظ عليها أنها مزروعة وفق ترتيبٍ مختلفٍ للمساحات، فضلا عن تقسيمها إلى مربعات واضحة، في حين ذكر لنا مدير المزرعة أنها موزعة على نقاط مختلفة، كما تنبغي المحافظة عليها وحراستها إن تطلب الأمر، خصوصا وأن بعض العائلات والأفراد الذين يزورون المنطقة للنزهة يتلفون محاصيل ومساحات مزروعة، دون علم منهم.
ولفتت انتباهنا مجموعات صغيرة من أشجار الزيتون عبر مختلف الأراضي التابعة للمزرعة، حيث ذكر لنا المدير أن الكثير منها موجودة منذ الحقبة الاستعمارية، موضحا أن الهدف منها ليس الإنتاج بالدرجة الأولى وإنما تقوية الأرضية، ولذلك زرعت في شكل مدرجات وعلى المرتفعات، لكنها تنتج الزيتون في كل موسم ويتم جني محاصيلها، حيث يقدر عددها الإجمالي بألف وأنتجت خلال الموسم الماضي ما بين 4 إلى 5 آلاف لتر من زيت الزيتون.
زرع 50 هكتارا من الذرة لأول مرة لإنتاج الأعلاف
أما في مخزن الحبوب التابع للمزرعة، فقد زرنا جزءا منه مخصصا لصنع أعلاف الحيوانات، حيث دُعمت حظيرة العتاد بآلة للطحن من أجل خفض التكلفة الكبيرة من الأعلاف التي تقتنيها، وقد لاحظنا وجود حوض معبأ بالشعير المنتج داخل المزرعة، وموصلا برواق للرفع قبل أن يدخل الآلة ويُطحَن، ثم يُخلط بالمواد الأولية الأخرى التي تصنع منها الأعلاف، لتعاد تعبئته في أكياس تغلق وتخزن لتقدم بعد ذلك إلى الحيوانات. وذكر مدير المزرعة أن الأبقار وحدها تستهلك حوالي 300 قنطار من الأعلاف شهريا، في حين تصل الكمية الإجمالية المُقدّمة على مختلف الحيوانات إلى حوالي 500 قنطار.
وأضاف محدثنا أن المشكلة الأساسية تتمثل في غلاء أسعار الأعلاف بسبب استيرادها من الخارج، ما جعل المزرعة تتجه إلى خوض تجربة زراعة 50 هكتارا من الذرة لصناعة الأعلاف خلال الموسم الجاري؛ وستنطلق العملية نهاية شهر مارس ليكون حصادها في شهر سبتمبر المقبل، منبها أن المزرعة ستوسع المساحة في الموسم القادم في حال نجاح العملية.  وأكد نفس المصدر أن زراعة الذُرّة في الجزائر تقتصر على أماكن محدودة من الولايات الجنوبية وبعض النقاط من الشرق، لكنها شبه منعدمة في قسنطينة، بينما أشار إلى أن الدراسة الأولية تؤكد نجاحها في مزرعة البعراوية لأنها تعتمد على وفرة المياه، وهو ما يمكن ضمانه بفضل وجود ثلاثة أنقاب.                                                 
س.ح

الرجوع إلى الأعلى