مـصـالـح ضـيـقـة وأجـهـزة معطـلــة منـذ سـنـوات بمسـتشـفى عـلي مـنـجـلي!
يشهد مستشفى المقاطعة الإدارية علي منجلي بولاية قسنطينة، نقائص عديدة حدت من الخدمات المقدمة داخل مصالح ضيقة تعمل بأجهزة معطلة وسط نقص في مواد التطبيب، رغم أن الأمر يتعلق بمدينة تقطن بها أزيد من نصف مليون نسمة، فيما تأمل إدارة المؤسسة و الطاقم الطبي، إنجاز توسعة قد تخفف من الضغط وترجع النقائص المسجلة إلى ضعف في الميزانيات المخصصة لهذا المرفق الصحي.
روبورتاج: حاتم بن كحول
أنجِز مستشفى علي منجلي قبل أزيد من 15 سنة، للتكفل حينها بأقل من 40 ألف نسمة، لكن بمرور السنوات ارتفع عدد السكان ليصل حاليا إلى قرابة 700 ألف نسمة، فيما لم يشهد هيكل المؤسسة أي تطور، كما ظلت الإمكانيات المادية التي تسمح بتوفير تجهيزات وآلات طبية ومواد الاستطباب، محدودة.
و يعمل بالمستشفى 580 موظفا، كما يتوفر على أكثر من 10 مصالح تستقبل مئات المرضى يوميا، ليصل عدد الأشخاص الخاضعين للمعاينة العادية و الاستعجالية لأزيد من 500 منذ بداية السنة الجارية.
النصر تجولت بمختلف مصالح المستشفى بمرافقة رئيس مصلحة الاستعجالات قادري أحمد و الدكتور خيري مسعود طبيب رئيس وحدة الاستعجالات، والبداية كانت بالطابق تحت الأرضي، أين يقع مخزن الآلات والتجهيزات. وعلى بعد أمتار منه توجد وحدة نقل الدم وسط رواق ضيق مظلم، أما في الجهة المقابلة فتقع مصلحة كوفيد 19 التي تم الاستنجاد بها مؤقتا بسبب الأزمة الوبائية، لكن قبل الوصول إليها لاحظنا اهتراء في الجدران والأسقف.
دخلنا هذه المصلحة التي كانت شاغرة من المرضى، مع تواجد عدد من أفراد الطاقم الطبي الذين كانوا يرتدون أقنعة خاصة، حيث تتكون من مكتب استقبال وقاعة صغيرة بها سريران وتتوسطها قارورة أكسجين من الحجم الكبير.
وعلمنا من رئيسة المصلحة، أن الإقبال أصبح قليلا جدا في الأسابيع القليلة الماضية، مؤكدة أنها لمست تراجعا كبيرا في عدد الحالات المشتبه في إصابتها بكورونا، مقارنة بالأشهر الماضية، كما أوضحت أن القسم يضمن فقط معاينة وتشخيص حالة المريض مع توجهيه إلى المستشفيات التي تتوفر على مصالح كوفيد 19.
رفوف فارغة من الأدوية و«السكانير» خارج الخدمة
مصلحة حفظ الجثث كانت هي الأخرى صغيرة جدا ولا تستوعب أكثر من 6 جثث، أما في صيدلية المستشفى فوجدنا الرفوف العلوية للمخازن فارغة، فيما كانت بعض الأدوية محفوظة داخل علب كرتونية عددها قليل جدا مقارنة باحتياجات مقاطعة إدارية يقطنها مئات الآلاف من السكان.
توجهنا بعدها إلى الطابق الأرضي أين تقع مصلحة التصوير بالأشعة التي يجرى على مستواها 300 كشف يوميا، وهو معدل تؤكد رئيسة المصلحة أنه يبقى غير كاف لتغطية كل الطلبات، أما قاعة «السكانير»، فوجدناها مغلقة بسبب تعطل هذا الجهاز المهم منذ أشهر، بسبب كثافة استغلاله في فترة تفشي الوباء، حيث وصل عدد مرات استخدامه إلى أكثر من 70 مرة يوميا.
وعلى مستوى مصلحة الاستعجالات التي تقع في نفس الطابق، لاحظنا عددا من الأشخاص ينتظرون مرضاهم بقاعة صغيرة تؤدي مباشرة إلى حجرات الفحص والمعاينة، وذلك عبر باب ضيق، أما في الداخل فوجدنا قاعتين مساحة كل منهما لا تتجاوز مترين مربع.
أطباء في مواجهة تهديدات لفظية وجسدية
واشتكى الأطباء في هذه المصلحة من ضيق المكان مقارنة بالإقبال الكبير للمرضى، مطالبين باستغلال مساحة شاغرة محاذية، كما طرحوا ما وصفوه بحالة اللا أمن التي يواجهونها أثناء تأدية مهامهم، حيث أكدوا أن حادثة شجار وقعت قبل 24 ساعة بين منحرفين استعلموا أسلحة بيضاء داخل قاعة الانتظار.
كما أضاف الأطباء، أنهم يعانون من تهديدات لفظية وجسدية من طرف أهالي بعض المرضى، بسبب نقص الدواء ومواد التطبيب، رغم أن الإشكال خارج عن نطاقهم مثلما ذكروا.
واصلنا جولتنا داخل مصلحة الاستعجالات حيث كان عدد من المرضى في قاعة بها 6 أسرة كلها مستغلة، وهنا تدخلت طبيبة أكدت أنها وزملاءها يقعون في حرج من أجل تخصيص أسرة للمصابين وخاصة عند وقوع حوادث مرور لحافلات أو اختناق بالغاز أو تسمم جماعي.
عند استعدادنا لمغادرة القسم، لاحظنا وضع صفائح من الألمنيوم وسط جدار إسمنتي لإخفاء فراغ كبير، ليعلمنا مرافقنا الدكتور خيري مسعود، أنها آثار ترميم الجدار جراء تهديمه من طرف غاضبين كانوا يرافقون مرضاهم والذين قاموا أيضا بتهشيم زجاج الأبواب احتجاجا على الإمكانيات المتواضعة التي يتوفر عليها المستشفى.

مصلحة توليد دون أخصائي منذ 15 سنة
ولم تختلف الأوضاع في الطابق الأول وتحديدا بمصلحة الولادة والرضع، حيث صادفنا هناك رئيسة القسم التي أكدت أنها تغطي كافة الطلبات رغم الضغط والإقبال الكبير جراء السمعة الجيدة التي تتميز بها هذه المصلحة في أوساط العائلات القاطنة بعلي منجلي، إذ تتوفر على 14 سريرا و 18 قابلة.
وأضافت المتحدثة أن أكبر عائق تواجهنه هو غياب طبيب أخصائي في أمراض النساء والتوليد، وهذا منذ أكثر من 15 سنة، حيث يتم تحويل المريضات في حالة حدوث مضاعفات إلى عيادة سيدي مبروك أو المستشفى الجامعي، وقالت رئيسة المصلحة إنها تعيش وبقية زميلاتها رعبا كل ليلة، لإمكانية حدوث مضاعفات مثل النزيف في ظل افتقار المستشفى للأدوية اللازمة.
في الطريق إلى قسم آخر استوقفتنا عاملة نظافة، شرعت تطرح بعض انشغالاتها وكان أبرزها عدم توفر العدد الكافي من العاملات بهذا المجال. انتقلنا بعدها إلى مصلحة تصفية الدم والتي كانت هي الأخرى ضيقة جدا، حيث تضم 8 أسرة وصيدلية صغيرة وقاعة استعجالات، وأخبرنا رئيسها أنه يعاني كثيرا من قدم الآلات المستعملة، والتي تتعطل في كل مرة، ما جعله يطالب بتجهيزات حديثة تتوافق مع الإقبال الكبير للمرضى بعلي منجلي.
في الطابق الثاني تقع مصلحة الطب الداخلي، التي تضم وحدتين للرجال والنساء، ولكن الملاحظ أنها ضيقة أيضا، حيث ذكرت رئيستها الدكتورة بن نية فاطمة الزهراء، أن هذا النوع من الأقسام يستدعي تشخيص المرض وتحديد نوعه وهو ما يتطلب وقتا طويلا، في المقابل لا يمكن حسبها، السماح بمكوث المريض لمدة معتبرة بسبب قلة الأسرة والتي لا تتجاوز 10 لكل وحدة، ما جعل المصلحة تشهد ضغطا.
تدخلات تقتصر على الجراحات المستعجلة
وصلنا للطابق الثالث أين تقع مصلحة الجراحة، حيث تضم عدة اختصاصات منها الجراحة العامة وجراحة الأطفال وجراحة الوجه وجراحة العظام، كما تتوفر على 24 سريرا و14 طبيبا مختصا، وأكد الدكتور كعبوش العامل بهذا القسم، أنه لم يتم إجراء أي عملية جراحية منذ 21 يوما، إلا للحالات الاستعجالية القصوى، وذلك بسبب نقص فادح في المواد الاستهلاكية اليومية مثل الضمادات و الحقن ومواد التخدير.
وتقع مصلحة العمليات في الطابق الأخير، حيث كانت شاغرة تماما من المرضى، و تضم غرفة جراحة و أخرى للتدخلات الجراحية بقدرة استيعاب تقدر بـ 10 أسرة، و أكدت الطبيبة المسؤولة أن الأجهزة غير كافية مقارنة بعدد العمليات الاستعجالية المنجزة يوميا، والتي يصل عددها إلى 13، خاصة وأنها تتوفر على 17 طبيبا و7 مخدرين.
وعند القيام بجولة قصيرة داخل المصلحة لاحظنا وضع آلات وتجهيزات مع انعدام الحركة نهائيا، لتعلمنا رئيسة المصلحة أن أجهزة طبية مثل المستخدمة في الإنعاش والتنفس الاصطناعي، معطلة منذ 4 سنوات.
زبير قرفي مدير المستشفى   
لا يمكن تغطية احتياجات 700 ألف نسمة
وأكد مدير مستشفى علي منجلي، زبير قرفي، أن مصالحه لا تتوفر على الإمكانيات اللازمة من أجل تغطية حاجيات 700 ألف نسمة، معترفا بوجود نقص في مواد التطبيب وهذا راجع حسبه للطلبات المتزايدة عليها، بعد ارتفاع عدد السكان من سنة لأخرى في ظل سلسلة الترحيلات التي تستوعبها المقاطعة الإدارية ، كاشفا أنه راسل الصيدلية المركزية من أجل رفع الكميات المتحصل عليها، وهو الإجراء الذي يقوم كل شهر مارس.
كما أرجع المدير، سبب تعطل بعض الأجهزة على غرار «السكانير» لاستعمالها المفرط في فترة تفشي كوفيد 19، وسيتم حسبه إصلاح كل الأعطاب بعد حلول المؤسسة المتخصصة في الصيانة والتي لها الحق حصريا في القيام بهذه العملية، وطالب المتحدث، سكان المقاطعة الإدارية، بالتوجه إلى مختلف العيادات والمؤسسات الاستشفائية الأخرى، من أجل تخفيف الضغط على المستشفى، خاصة و أن مصالحه تتكفل   بعلاج المتوافدين من جامعتي صالح بوبنيدر وعبد الحميد مهري، إضافة إلى المصابين في حوادث المرور الواقعة بالطريق السيار.
ويمني المسؤول النفس، في الإسراع في إنجاز توسعات لبعض المصالح وخاصة الاستعجالات، وذلك باستغلال مساحات شاغرة تحيط بالمستشفى، خاصة وأن الوزارة الوصية رفعت التجميد عن مشاريع إعادة ترميم وتهيئة المؤسسات الاستشفائية.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى