عمارات في ثوب السكن الهش بقسنطينة
تشهد عدة عمارات بأحياء عديدة، منها حي الدقسي عبد السلام و علي منجلي و الخروب بولاية قسنطينة، خاصة القديمة منها وضعا مزريا، نتيجة غياب الصيانة و التهيئة، حيث وقفنا على سلالم و شرفات مهترئة، و تشققات بالجدران و تعطل المصاعد و اهتراء الكتامة و أنابيب صرف المياه، و  كذا غياب النظافة و انتشار الجرذان بأرجائها، كما شوّه قاطنوها مظهرها الخارجي، بإدخال تغييرات على الشرفات، و تجميع الخردوات بها، فيما تشوّه محيطها الخارجي أكياس القمامة المرمية بشكل عشوائي.
روبورتاج / أسماء بوقرن 
و أوضح مدير ديوان الترقية و التسيير العقاري لولاية قسنطينة، أن عدم التزام نحو 60 بالمئة من السكان بتسديد الإيجار، حال دون تهيئتها، مؤكدا بأن هناك مشاكل عديدة يتسبب في حدوثها سكان العمارات، نتيجة القيام بأشغال داخلية و خارجية عشوائية، كاشفا بأن مديرية السكن ستباشر قريبا عملية تهيئتها، مشيرا إلى أن العملية تتوقف على مدى الالتزام بدفع ضريبة السكن.   
تشهد  السكنات الاجتماعية أو ما يعرف حاليا بالسكنات العمومية الإيجارية، بعدد من  أحياء و بلديات قسنطينة، وضعا مزريا، ، حولها لما يشبه الأحياء القصديرية، نظرا لغياب التهيئة الداخلية و كذا الخارجية، حيث تشهد بعضها تشققات في الجدران الداخلية، و اهتراء السلالم، فيما يشكل عنصر النظافة الغائب الأكبر، عن أرجائها و فضاءاتها الداخلية، و استغلت عديد الشرفات لجمع الخردة، كما  لاحظنا في بعض العمارات .
شرفات آيلة للسقوط تهدّد حياة المارة والسكان

وقفنا خلال زيارتنا لعمارات حي الدقسي عبد السلام بقسنطينة على وضعية عماراتها، خاصة القديمة الواقعة بمحاذاة سوق الدقسي «بودروم»،  التي بنيت سنة 1977، حيث أن بعض شرفاتها بها تشققات خارجية ، كما سقطت بعض الأجزاء الإسمنتية منها، فعرى انهيارها بعض الأعمدة  الحديدية، ما يهدد حياة السكان، الذين يدعون إلى التدخل العاجل للهيئات المعنية، فيما تنتشر في محيطها القمامة و القاذورات، التي تستقطب الجرذان فأصبحت تتجول في مداخلها بكل حرية، فعند ولوجنا مدخل إحدى عمارات الدقسي، تفاجأنا بجرذ خرج من شرفة بالطابق السفلي، و همّ بدخول للعمارة.           
غياب الحس الجمعي وراء تدهور وضعيتها  
قالت لنا سيدة  تسكن في شقة بالطابق الثالث للعمارة، بأنها من السكان القدامى للحي، فقد أقامت هي و عائلتها هناك فور تسليمها لوالدها من قبل السلطات المحلية، و غادرتها إلى بيت الزوجية، ثم عادت للإقامة بها بعد سنوات، رفقة زوجها و أولادها، معتبرة بأن مشكل غياب التهيئة لم يعد يزعجها بقدر ما ينغص حياتها  مشكل انتشار الجرذان، التي لم تعد تتجول في مدخل العمارة فحسب، بل تصعد إلى الطابق الأخير في العمارة، مرجعة سبب انتشارها إلى رمي بقايا الأكل  في السلالم.
و بخصوص مشكل تضرر بعض أجزاء البناية، سواء الداخلية أو الخارجية، قالت إن السكان يخشون القيام بأشغال ترميم و تهيئة، خاصة المتعلقة بدعم أساسات الشرفات، لأن ذلك من مهام ديوان الترقية و التسيير العقاري، الذي من المفروض أن يتكفل بالصيانة الدورية للأجزاء المشتركة، و طلاء الواجهات و العناية بالمساحات الخضراء، لكنه لا يقوم، حسبها، بدوره في متابعة وضعية هذه العمارات، فيقوم ، كما قالت، أحيانا الجيران بطلاء السلالم و إصلاح مشاكل التسربات و انسداد البالوعات و هي من أبرز المشاكل في العمارة، غير أن غياب الحس الجمعي لدى قاطنيها، جعل العديد منهم يرفضون المساهمة في إصلاحها أو في تهيئة المرافق المشتركة، بحجة أنهم مستأجرون للشقق و ليسوا ملاكا لها، و هو ما يثبط عزيمة بقية الجيران الذين يرفضون تحمل أعباء التهيئة بمفردهم، خاصة في ظل غياب الالتزام بالحفاظ عليها و على نظافتها.
 تدهور الكتامة و انتشار الجرذان
لاحظنا خلال جولتنا بالفضاءات المشتركة للعمارات و مساحات اللعب و العبور أنها مليئة  بالأكياس البلاستيكية التي ألقي بها بشكل عشوائي و كذا علب العصير و أكياس الشيبس التي التصقت بالوحل، و تشوه أرصفتها و بعض فضاءاتها الخضراء، و تغطي البالوعات، و هو ما يحول دون تصريف المياه عند تساقط الأمطار.  
و أكد شيخ يعد من الأوائل الذين سكنوا عمارات الدقسي عبد السلام، بأن عملية التهيئة لم تشمل هذه البنايات منذ تسليمها سنة 1977، موضحا بأن أبرز المشاكل التي يواجهها سكان العمارات، و بالأخص سكان الطوابق العليا، هو مشكل الكتامة، الذي يؤرقهم، و يحول حياتهم إلى جحيم عند تساقط الأمطار، مؤكدا بأن تسرب المياه نجم عنه عديد المشاكل، منها حدوث شرارات كهربائية في العدادات و كذا تشققات داخل و خارج البناية، خاصة على مستوى الشرفات، محملا المسؤولية إلى ديوان الترقية و التسيير العقاري الذي لا يتابع وضعيتها، و لا يستجيب ، كما قال، لشكاويهم.
 رمي عشوائي للردوم بالمساحات الخضراء  

انتقلنا إلى مجمع سكني آخر ببلدية الخروب التي تضم كثافة سكانية عالية، فزرنا حي 1600 مسكن، أين وقفنا على وضعية بعض عماراتها المبنية منذ 37 سنة، و التي كان وضعها أفضل نسبيا من عمارات حي الدقسي عبد السلام، فقد لاحظنا نظافة فضاءاتها المشتركة، لكن يطرح بها أيضا مشكل تشقق جدران الشرفات لدرجة بروز الأعمدة الحديدية، و هو مشكل أرجعه السكان الذين تحدثت إليهم النصر، إلى التسربات المائية الناجمة عن اهتراء الكتامة و أنابيب تصريف مياه الأمطار.
و قال لنا أحد السكان و هو يقطن بالطابق الأخير من إحدى العمارات  بنفس  الحي، بأن في هذه الحالة تقع مسؤولية تصليحها في الغالب على قاطني الطوابق الأخيرة، بالرغم من بلوغ التسربات الشقق السفلى للعمارة، موضحا بأنه اضطر لتصليحها بمبلغ تجاوز 15 مليون سنتيم،  بعد رفض الجيران تسديد الأقساط، بحجة أنهم غير متضررين.  
كما تشوه نقاط تجميع القمامة فضاءات عمارات الحي، نتيجة عدم الالتزام برميها داخل الحاويات، و وضعها بشكل عشوائي على الرصيف، دون الالتزام بالتوقيت الذي حددته مصالح النظافة بالبلدية، فيتم إخراجها بعد مرور شاحنات تجميع القمامة، ما يتسبب في انتشار البعوض، و كذا الفئران، و لا ينحصر انعدام احترام الفضاءات المشتركة على هذه المظاهر، حيث يطرح مشكل الرمي العشوائي للردوم، حيث لاحظنا أن عديد الأكياس ملقاة  بشكل عشوائي في مساحات خضراء، إذ تم التخلص منها بعد الانتهاء من أشغال التهيئة الداخلية للشقق.  
تنظيف الفضاءات المشتركة .. نزاع لا يتوقف

و إن تعددت المشاكل، فهي نفسها مطروحة بباقي التجمعات السكنية بالمدينة الجديدة علي منجلي، و من بين التجمعات التي قمنا بزيارتها هناك سكنات حي  نيويورك و الوحدة الجوارية 7، و هما من أقدم الأحياء بالمدينة الجديدة، و يظل عنصر النظافة الغائب الأكبر عن فضاءاتها ، و تحجج السكان في حديثهم للنصر، بعدم قيام الجهات المعنية بدورها في التنظيف و اكتفائها بجمع أكياس القمامة، أما غياب النظافة عن مداخل السكنات و السلالم، فبرره  السكان الذين تحدثنا إليهم،  برفض بعض جيرانهم دفع أجر عاملة النظافة، بالرغم من أنه مبلغ رمزي لا يتعدى 150 دينارا عن كل شقة.
و ما لفت انتباهنا هو قيام أحد السكان باستغلال فضاء مشتركا في أحد الأحياء المذكورة، لجمع كمية كبيرة من الخبز الذي يرميه السكان في أكياس، و وجدناه يقوم بفرزها، في صورة تشوه المدينة التي حولتها هذه المظاهر لما يشبه الأحياء القصديرية.     
شرفات لجمع الخردة تشوّه المنظر العام
في حي بكيرة السفلى، يوجد تجمع سكاني كبير، و لاحظنا أن سكانه حولوا شرفات شققهم إلى مساحة لجمع الخردة، غطوها بصفائح القصدير، فيما لجأ البعض الآخر إلى إدخال تعديلات بها،  بشكل يشوه المنظر العام لهذه البنايات، التي تفتقر كليا لكل صور التحضر، فهناك غياب كلي للنظافة في مختلف فضاءاتها المشتركة و مساحتها الخضراء، و لا يكلف السكان أنفسهم عناء النزول عبر السلالم لرمي القمامة، بل يقومون برميها عبر نوافذ بيوتهم، ما حول محيط الحي لما يشبه المفرغة العمومية، بالرغم من المحاولات  المتكررة لمصالح البلدية لتنظيفها.
* فاضل عصادي مدير ديوان الترقية و التسيير العقاري بقسنطينة
إدخال تغييرات على الشقق يضر بالفضاءات المشتركة
أكد مدير ديوان الترقية و التسيير العقاري فاضل عصادي للنصر ، بأن عدم التزام حوالي 60 بالمئة من سكان الولاية بتسديد مستحقات الإيجار،  حال دون القيام بعمليات تهيئة دورية و طلاء الواجهات الخارجية و إصلاح الكتامة و قنوات الصرف و غيرها من الخدمات المذكورة في العقود المبرمة مع السكان.
و أضاف بأن هناك مشاكل عديدة، على غرار المتعلقة بقنوات الصرف و غيرها، يتسبب فيها السكان نتيجة قيامهم بأشغال داخلية و إدخال تغييرات جذرية على شققهم، كتحويل غرفة إلى مطبخ أو العكس، و هي من أبرز المشاكل المطروحة على مستوى الديوان و التي تحدث أضرارا على مستوى الفضاءات المشتركة، كما تؤدي عند تغيير قنوات مياه الصرف، إلى تسربها بشكل عشوائي فيجد عمال مصالحه صعوبة في إصلاحها، و منهم من أصيبوا بأمراض مزمنة لهذه الأسباب. كما طرح المسؤول مشكل كراء الشقق لأشخاص يرفضون تحمل المسؤولية الجماعية، بحجة أنهم ليسوا أصحابها ، مؤكدا بأنه لا يمكن مراقبة كل الوحدات السكنية الموجودة في الولاية و الذي يتجاوز عددها أكثر من 100 ألف وحدة سكنية،  مشددا على ضرورة تحلي  المواطن بالوعي و التزامه ببنود العقود المبرمة مع «أوبيجي».
و أضاف بأنه تمت برمجة عملية تهيئة ستباشرها مديرية السكن،  وفق برنامج مضبوط، يشمل مختلف السكنات العمومية الإيجارية، و تخضع العملية لمدى التزام المواطن بدفع ضريبة السكن.     
أ ب

الرجوع إلى الأعلى