تشهد  ولاية قسنطينة أزمة مقابر بعد تشبع المساحات المستغلة حاليا وصعوبة إيجاد بدائل سريعة، ما وضع البلديات في مأزق يبدو أن الخروج منه لن يكون سريعا بسبب مواجهة مشكل الطبيعة القانونية للأراضي، وقد أبانت الجائحة عن عجز كبير اضطر إلى اتخاذ قرارات ترقيعية في انتظار الحسم في مشكل حول الدفن إلى مشقة.
 و قررت ولاية قسنطينة، تكليف لجنة اختيار الأراضي لإجراء مسح شامل عبر الولاية لاقتراح أرضيات صالحة لإنشاء مقابر، بعد رفض جل الاقتراحات المرفوعة من طرف اللجنة الولائية، بخصوص استغلال أوعية عقارية بمختلف البلديات، اتضح أنها عبارة عن أراض فلاحية، فيما تم قبول بعض الاقتراحات على غرار إنشاء توسعة لمقبرة جبل الوحش، مقبرتين في زيغود يوسف وديدوش مراد.
الطابع الفلاحي يحد من المقترحات
ويشكل ملف إيجاد أوعية تستغل كمقابر، صداعا للسلطات الولائية بقسنطينة منذ سنوات، بسبب الطابع الفلاحي الذي يغلب على أراضي الولاية، في ظل اكتظاظ المقابر المتواجدة في مختلف البلديات وخاصة ببلدية قسنطينة، فيما تفتقر مناطق تعرف تطورا سكانيا هائلا لأرضية يدفن فيها الموتى على غرار المقاطعة الإدارية علي منجلي والتي يقطنها أزيد من نصف مليون ساكن.
وأكد الأمين العام لولاية قسنطينة، سعيد أخروف، خلال رد الإدارة على توصيات المنتخبين المقدمة في دورة المجلس الشعبي الولائي لسنة 2020، أن ملف إنشاء المقابر كان موضوع اجتماعات عديدة، حيث تلقت حسبه مديرية الإدارة المحلية، جملة من الاقتراحات لاختيار أرضيات تستغل كمقابر، بعد خرجات ميدانية قام بها أعضاء اللجنة الولائية.
كما تم خلال هذه الاجتماعات دراسة وتقييم الاقتراحات المقدمة من طرف البلديات خلال آخر اجتماع انعقد بتاريخ 15 فيفري 2021، والذي تم من خلاله تحديد مجموع 8 اقتراحات موزعة حسب الوضعية، لكن رفضت جلها بسبب الطابع الفلاحي للأراضي.
ووافقت المديريات المعنية، على اقتراح اللجنة الولائية، بخصوص إنشاء مقبرة ببلدية زيغود يوسف، تقع بالمدخل الرئيسي للبلدية مساحتها 2.8 هكتارات، وعرضت الإجراءات اللازمة لإنشاء هذه المقبرة على اللجنة التقنية للولاية وحصلت على الموافقة، وما تبقى حسب المتحدث إلا قرار إنشاء هذه المقبرة.
مشاريع توسعة ومحسنون يشاركون في الحل
كما تم الموافقة على إنشاء توسعة بمقبرة جبل الوحش بمساحة 10.2 هكتار بعد استكمال إجراءات الهبة من أحد المحسنين وكذلك حظيت بموافقة اللجنة التقنية للولاية مؤخرا، إلا أن رئيس المجلس الشعبي الولائي، أكد أن الإشكال الأساسي يكمن في مصادفة سكان الجهة الغربية لمدينة قسنطينة  لصعوبات في الوصول لمقابر لدفن موتاهم، على غرار سكان حي بوصوف، خاصة وأن نقل الميت من هذا الحي باتجاه جبل الوحش يأخذ حيزا زمنيا معتبرا بسبب بعد المسافة بين المنطقتين. ورفضت مصالح «سونلغاز» مقترح إنشاء مقبرة بحي «سوطراكو» ببوذراع صالح، مساحتها 6 هكتارات، فيما برمجت اللجنة التقنية الولائية خرجة ثانية للنظر في القرار، كما رفضت المصالح الفلاحية، اقتراح إنشاء مقبرة بالمنطقة الفلاحية قادري براهيم بعين الباي، بسبب الطابع الفلاحي للوعاء العقاري، لتبرمج اللجنة خرجة ثانية للنظر في القرار.
كما تسبب عدم اتضاح حدود قطعة أرضية مقترحة من طرف اللجنة بحي الزاوش، في تجميد أمر استغلالها وذلك خلال أول خرجة ميدانية للجنة، أما فيما يخص بلدية بن باديس فقد أجل أيضا البت في مقترح لإنشاء مقبرة بمساحة تقارب 13 ألف متر مربع، تقع بالتجمع الرئيسي للبلدية على مستوى الطريق الولائي رقم 133 السوق الأسبوعي سابقا، إلى غاية إجراء معاينة ميدانية أخرى، وذلك بسبب طابعها الفلاحي.
وفيما يخص بلدية حامة بوزيان تم تأجيل البت كذلك في طلب بالنسبة للأرضية المقترحة لتوسعة المقبرة الموجودة بمساحة تقارب 13 ألف متر مربع، والواقعة في منطقة «برغلي» وهي تابعة لمستثمرة فلاحية جماعية رقم 10 و11 إلى غاية إجراء معاينة ميدانية أخرى.
تحفظات حول إنشاء مقبرة خلف المطار

 وببلدية الخروب، قبلت اللجنة التقنية للولاية،  إنشاء مقبرة بعين فجر، وهي منطقة تقع خلف مطار محمد بوضياف مساحتها تقدر ب27.80 ألف متر مربع، حيث تم التحفظ بخصوص إبداء الرأي بالموافقة من طرف مؤسسة تسيير مصالح مطار محمد بوضياف ومصالح مؤسسة الملاحة الجوية واستكمال إجراءات الهبة، لأنها قطعة تبرع بها أحد المحسنين حسب الأمين العام للولاية.
وأجل في المقال  البت في الطلب بالنسبة لقطعة أرضية تقع في مفترق الطرق الأربعة المقابلة لثكنة الدرك الوطني بمساحة 30 هكتارا إلى غاية إجراء معاينة ميدانية أخرى، لإمكانية تصنيفها كأوعية فلاحية، كما هو الحال بالنسبة لبلدية عين سمارة، حيث تم تأجيل البت بالنسبة للأرضية المقترحة لإنشاء توسعة للمقبرة الموجودة لغاية إجراء معاينة ميدانية أخرى.
وأكد الأمين العام لولاية قسنطينة، أن اللجنة التقنية بالولاية، في اجتماعها الأخير، صادقت على بعض المقابر على غرار توسعة جبل الوحش، مقبرة ديدوش مراد وزيغود يوسف، أما باقي الأراضي المقترحة في مختلف البلديات، فقد قررت ذات اللجنة، في اجتماعها الأخير، تكليف لجنة اختيار الأراضي لإجراء مسح شامل عبر الولاية لتحديد أرضيات صالحة لإنشاء مقابر.
وأضاف المتحدث، أنه طالب لجنة اختيار الأراضي بالتوجه إلى الأراضي غير الفلاحية، إلا  عند الضرورة الملحة، ممثلا باختيار أراض فلاحية تكون ذات مردودية ضعيفة في طابعها الفلاحي، بغية عرضها على اللجنة الوزارية المشتركة.
وكشف سعيد أخروف، أنه تم الاتفاق خلال آخر اجتماع على مستوى مديرية الإدارة المحلية، على الموافقة على إنشاء هذه المقابر، مؤكدا أنه سيتم تخصيص مبالغ مالية في إطار الغلاف المالي الذي تم تخصيصه بطلب من أعضاء المجلس على مستوى ميزانية الولاية، للشروع في تهيئة المقابر الجديدة أو إعادة ترميم وتهيئة القديمة منها.
الطبيعة الوقفية تخلق مشكلا في التسيير
وبخصوص اقتراح المنتخبين،  إنشاء مؤسسات عمومية لتسيير المقابر، ذكر أن إنشاء أي مؤسسة عمومية خاضع لموافقة من طرف وزارة الداخلية، إلا أن السلطات العمومية غير متحمسة لإنشاء مؤسسات عمومية جديدة حسبه.
فيما أوضح بخصوص تحويل كل الأرضيات والمقابر إلى أملاك وقف، أن الدراسة جارية إلا أنها تطرح إشكالا قانونيا، يتمثل في عدم إمكانية تسيير البلديات للمقابر، إذا ما حولت للأوقاف، لأنها تخصص مبالغ مالية لتسييرها وتتعرض لرقابة مالية، في وقت يبقى الوقف غير قادر على تسيير هذه المساحات.
وقال رئيس المجلس الشعبي الولائي، أنه يتلقى عشرات الاحتجاجات من طرف مواطنين بخصوص نقص المقابر، خاصا بالذكر بلدية قسنطينة، موضحا أن المقبرتين المركزية والواقعة بزواغي سليمان مكتظتان، مطالبا اللجنة المكلفة بمتابعة هذا الملف «الاستعجالي» بمواصلة الخرجات والقيام بإحصاء شامل من أجل إيجاد أرضيات مناسبة لدفن الموتى وخاصة بالنسبة لسكان الجهة الغربية للبلدية.
الوالي: سندافع عن الملف لاسترجاع بعض المساحات
ورد والي قسنطينة، أحمد ساسي عبد الحفيظ، بخصوص استفسار من طرف أحد الأعضاء حول عدم جاهزية مقبرة زيغود يوسف، بالقول أنها تعرف جملة من النقائص، متمثلة أساسا في التهيئة، وأكد المسؤول أن المشروع لم يستلم بعد ويمكن معالجة هذه النقائص من طرف المصالح التقنية. وأضاف الوالي، أن ملف المقابر بقسنطينة، متابع  من طرف اللجنة الولائية، والمعضلة حسبه، تكمن في طبيعة الأراضي بالولاية والتي يغلب عليها الطابع الفلاحي، مؤكدا أن استغلالها ممنوع إلا بقرار صادر من طرف مجلس الحكومة وليس وزارتي الفلاحة أو الداخلية، مضيفا أن مصالحه جاهزة للدفاع عن هذا الملف ومصممة على استرجاع بعض الأراضي، موضحا أن ذلك لا يعني غلق الباب أمام الاقتراحات التي من شأنها المساهمة في حل هذه الإشكالية.
حاتم/ب

الرجوع إلى الأعلى