مواطنون يستقبلون عودة الحجر بحمى التسوق في قسنطينة
• حوالي 6500 شخص استفادوا من التلقيح بالولاية
استقبل سكان قسنطينة أول ليلة من عودة الحجر الجزئي بالتهافت على اقتناء الملابس والتسوق في وسط المدينة في الفترة المتاحة قبل حظر التجول، فقد تزامن الأمر مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان واقتراب عيد الفطر، لكن ذلك ليس مصحوبا باحترام للإجراءات الوقائية من الإصابة بفيروس «كوفيد-19»، فواضعو الأقنعة الواقية والمحافظون على مسافة التباعد ما يزالون فئة قليلة مقارنة بالبقية، رغم ارتفاع عدد حالات الإصابة المسجلة بصفة يومية على المستوى الوطني والولائي والمخاوف من السلالات المتحورة، في وقت استفاد فيه ما يقارب الستة آلاف وخمسمئة شخص من اللقاح المضاد لـ»كوفيد-19» من ثلاث علامات مختلفة.
روبورتاج: سامي حباطي
الحجر يخرج العائلات مبكرا بعد الإفطار
وقضينا الساعات الأخيرة لما بعد الإفطار من ليلة أمس الأول على مستوى وسط مدينة قسنطينة، حيث انطلقنا في جولتنا من الرصيف المحاذي لحديقة ابن ناصر، أين نُصبت العشرات من الخيام منذ أقل من أسبوع، وتحول المكان إلى سوق مفتوحة لبيع الملابس الرجالية والنسائية والموجهة للأطفال، فضلا عن بيع لوازم تحضير الحلويات والأواني والأغراض المنزلية، في حين لم يتح نصب الخيام من الجهتين إلا رواقا ضيقا يتوسطها لعبور المارة، لكننا لاحظنا أن الأمر صعب بسبب التزاحم الكبير المسجل على الموقع، خصوصا وأن الكثيرين يقصدونه في مجموعات تنتمي لنفس الأسر. وسجل نفس اليوم خروجا مبكرا للعائلات؛ مباشرة بعد أقل من ساعة من الإفطار، حيث خشي كثيرون ألا يستطيعوا إتمام التسوق قبل توقيت بداية الحجر الجزئي كما اضطر آخرون إلى تفويت صلاة التراويح، مثلما أوضح بعض من تحدثنا إليهم.
و واصلنا سيرنا إلى غاية شارع ديدوش مراد، فوجدنا أنه قد اكتظ بالباعة الفوضويين ما قلص من المساحة المتاحة لعبور المارة أيضا، وتسبب في تسجيل تزاحم بين المتسوقين، خصوصا وأن الكثيرين يسيرون ببطء ويتوقفون عند الطاولات من أجل معاينة البضائع المعروضة. وقد لاحظنا أن الشارع مكتظ إلى غاية بداية شارع 19 جوان، بينما نُصبت على مستوى ساحة أحمد باي المعروفة باسم «دنيا الطرائف»، ألعاب للأطفال ومساحة للترفيه. وقد عرف الموقع الأخير إقبالا كبيرا من الأسر مرفقين بأطفالهم، ما يسبب تزاحما كبيرا وعدم احترام لمسافة التباعد.
 وعرفت الشوارع الرئيسية لوسط مدينة قسنطينة نفس الوضعية خلال الليلة المذكورة، فأغلب المحلات قد فتحت أبوابها، خصوصا محلات بيع الملابس والمقاهي وبعض محلّات بيع الأطعمة، فيما توافدَ الكَثيرون أيضًا على شوارع مسعود بوجريو وبلوزداد وعبّان رمضان، كما لاحظنا أن البعض من الشُبّان يتجوّلون مرفقين بالكِلاب. وأخذت حركة المواطنين تتراجع مع اقتراب منتصف الليل؛ موعد بداية الحجر الجزئي، فيما تسجل بوسط المدينة وفرة في سيارات الأجرة ومركبات النقل، من بينها عدد معتبر من مركبات الناقلين غير الشرعيين، خصوصا على خط المقاطعة الإدارية علي منجلي.
استمرار التراخي في الالتزام بالإجراءات الوقائية
أما بخصوص احترام إجراءات الوقاية، فلاحظنا أن نسبة قليلة من المارة يضعون الأقنعة الواقية، بينما يكتفي الآخرون بالتجوال دون كمامات وفي مجموعات لا تحترم أي مسافة، ناهيك عن المصافحة والتسليم الذين صارا سلوكا عاديا مثلما كان عليه الوضع قبل الجائحة، فضلا عن أننا وجدنا في بعض المقاهي مجموعات من الأشخاص يتحلقون حول الطاولات لارتشاف مشروبات أو للعب الدومينو والورق، دون وضع الكمامات، في مقابل تهاون أصحاب المقاهي والمحلات التجارية في فرضها على زبائنهم. وذكر لنا صاحب مقهى أن إجراءات الحجر الجزئي ستدفعه إلى غلق محله مبكرا، لكنه نبه أنه «سئم من وضع القناع الواقي ومحاولة فرضه على الزبائن، فأغلبهم أصبحوا يرفضون الانصياع للأمر»، بينما اعتبر أن موقفه نابع من كون «أغلبية المواطنين قد أصيبوا به من قبل وصاروا يتمتعون بالمناعة»؛ مثلما يعتقد.

 وقد غادرنا مع اقتراب منتصف الليل على متن سيارة أجرة، حيث لم يطلب منا أو من الراكب الثاني وضع القناع الواقي، رغم أن بعض السائقين صاروا يفرضونها على الزبائن منذ الإعلان عن عودة الحجر، في حين  عبر الراكب الثاني الذي كان يرافقنا عن امتعاضه من الحجر الجزئي، واعتبر أن «فيروس كورونا غير موجود !»، قبل أن يعبر سائق الأجرة عن اختلافه معه، لكنه قال إن «الفيروس فقد عِدائيّته مقارنة بالعام الماضي».  وتنّقلنا صبيحةَ يومِ أمسٍ إلى وسط المدينة من أجل مواصلة الروبورتاج، حيث لاحظنا في الحافلة التي استقللناها أن سبعة أشخاص فقط؛ من بينهم 5 من كبار السن، من أصل 32 راكبا يضعون الكمامات، فيما لم يضعها القابض والسائق ولم يكلفا نفسيهما عناء طلب وضع القناع الواقي من المواطنين الذين يستوقفون المركبة، كما أن مسافة التباعد الجسدي داخل الحافلة منعدمة، فالركاب يجلسون على المقاعد متلاصقين ويقفون على مسافة قريبة جدا من بعضهم البعض.
من جهة أخرى، لاحظنا في الفترة الصباحية نسبة التزام أكبر بوضع الأقنعة الواقية على مستوى شوارع المدينة مقارنة بالفترة الليلية، خصوصا من كبار السن، بينما وجدنا أن معدل الالتزام بالإجراءات يقل على مستوى أسواق المدينة، مثل سوق بومزو، رغم اكتظاظها والعدد الكبير من المواطنين الذين يترددون عليها.
مديرية الصحة تشرع في حملة تحسيس
وأوضح مدير الصحة والسكان لولاية قسنطينة، عبد الحميد بوشلوش، في تصريح للنصر، أن المديرية ستشرع في عملية تحسيس للمواطنين بضرورة الالتزام بالبروتوكول الصحي الوقائي ضد الفيروس بداية من اليوم، مشيرا إلى أنها تأتي في إطار نفس العمليات التي أطلقت من قبل مع قطاعات الشؤون الدينية في المساجد وأماكن العبادة والتجارة في الأسواق والمساحات العامة والنقل، كما ذكر أن حالة من التراخي قد سجلت بين المواطنين خلال الفترة الماضية بعد أن لُمِس تراجع محسوس في عدد حالات الإصابة، لكنه أكد على ضرورة العودة إلى الإجراءات الوقائية نظرا للارتفاع المسجل مؤخرا على المستوى الوطني، وليس في ولاية قسنطينة فقط.
وأضاف نفس المصدر أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة هم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، حيث أشار إلى خطورة انتقال العدوى، خصوصا من طرف حاملي الفيروس الذين لا تظهر عليهم الأعراض؛ مثل الأطفال والمراهقين والشباب الذين يتمتعون بمناعة قوية. وقدم لنا مدير الصحة حصيلة بعملية التلقيح الجارية على مستوى الولاية إلى غاية يوم الخميس الماضي، حيث أوضح أن الولاية استفادت من 16902 جرعة لقاح، موجهة لتلقيح 8451 فردا، لأن العملية تتطلب استفادة كل شخص من جرعتين.
استعمال لقاحات «سبوتنيك 5» و«سينوفارم» و«أسترازينيكا»
واستفادت الولاية من ثلاث علامات من اللقاح، أولها لقاح «سبوتنيك 5» الروسي الذي جُلبت منه 1980 وحدة مخصصة للحقن مرتين، بتاريخ الثاني من شهر فيفري الماضي، واستفاد 1759 شخصا من الجرعة الأولى منه، بينما حصل 1249 آخرين على الجرعة الثانية، إلى جانب 2426 وحدة من لقاح «سينوفارم» الصيني التي جلبت منتصف شهر مارس، وحصل منها 1981 شخصا على الجرعة الأولى، فيما حقنت الجرعة الثانية منه لفائدة 1121 شخصا. أما لقاح «أسترازينيكا» فقد جلبت منه 4045 وحدة، وانطلقت عملية التلقيح به في 18 أفريل الجاري،  حيث استفاد 2735 شخصا من الجرعة الأولى منه، بينما لم تبلغ العملية آجال الجرعات الثانية بعد، مثلما أكد لنا مدير الصحة.
وذكر نفس المصدر أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين استفادوا من التلقيح بالجرعة الأولى يقدر بـ 6475 شخصا، بينما تلقى 2370 شخصا الجرعة الثانية، في حين أوضح أن كميات جديدة ستجلب مستقبلا بعد استنفاد الكميات الموجودة حاليا، كما شرح أن لقاح «أسترازينيكا» موجه للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمسين سنة أو أكثر بحسب ما ينص عليه البروتوكول الخاص به. وقال مدير الصحة أن التحسيس بضرورة تلقي اللقاح أمر واجب، حيث سُجّل بعض الإقبال المحتشم عليه، بسبب عدم اطلاع البعض على المعلومات الخاصة به، بينما أشار إلى أن نفس البروتوكول الصحي المتبع للوقاية من السلالة الأصلية لفيروس كورونا، يتبع للوقاية من السلالات المتحورة، ويتمثل، مثلما أكد، في السلوكيات الأساسية؛ على رأسها وضع الكمامة والتباعد الجسدي.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى