يسجل عبر ولاية قسنطينة تفاوت في احترام البروتوكول الصحي الوقائي من فيروس كورونا في وسائل النقل الجماعية، حيث نظمت مديرية الأمن الولائي صباح أمس عملية تحسيس عبر محطة المسافرين «بالما» والسد الأمني الثابت بمدخل بوالصوف من أجل تذكير أصحاب المركبات بضرورة احترام قوانين المرور والتدابير الوقائية من كوفيد- 19، بعد التزايد الكبير لحالات الإصابة خلال الأيام الأخيرة، ما استدعى العودة إلى الصرامة في تطبيق الإجراءات الردعية على المخالفين.

روبورتاج: سامي حباطي

وصلنا إلى النقطة الأولى المستهدفة بعملية التحسيس قبل وصول قافلة مديرية الأمن الولائي، حيث لاحظنا عند دخولنا محطة المسافرين بمطلع المنطقة الصناعية «بالما» أنها مكتظة رغم الحرارة المرتفعة، فضلا عن أن العديد من سوّاق المركبات والحافلات والركاب لا يضعون الكمامات، لكنهم بمجرد أن شاهدوا وصول القافلة حتى قاموا بوضعها اتقاء لشر الوقوع تحت طائلة العقوبات القانونية. وانطلقت عملية التحسيس بتذكير أصحاب الحافلات بضرورة وضع الكمامات وحمل الركاب على وضعها أيضا، فضلا عن التقيد بإجراءات الوقاية من خلال احترام استغلال نسبة خمسين بالمئة فقط من مقاعد الحافلات وسيارات الأجرة.
ودعا المكلف بالاتصال على مستوى المديرية، الملازم الأول بلال بن خليفة، في حديث مع سائق حافلة تنشط على خط جيجل – قسنطينة إلى ضرورة التقيد بالوقاية فيما يتعلق بالجائحة، مشيرا إلى أنه سيتم تصعيد جانب الصرامة في التعامل مع المخالفين، فضلا عن ضرورة التقيد بالإجراءات الاحترازية للوقاية من حوادث المرور، خصوصا بعد المجزرة المرورية التي أدت إلى مقتل 19 شخصا في حافلة لنقل المسافرين على الخط المذكور.
وشدد نفس المصدر على ضرورة تقيد الركاب أيضا باحترام الإجراءات الوقائية، في حين لاحظنا خلال مرافقتنا لمصالح الأمن الوطني داخل المحطة أن الحافلات ملتزمة بتعليمة الخمسين بالمئة، في مقابل بعض التراخي في وضع الكمامات.
ركاب يرفضون وضع الكمامات متحججين بالحر
وشملت العملية مجموعة من الحافلات، لننتقل بعد ذلك إلى الجهة المخصصة للناقلين الجماعيين بسيارات الأجرة ما بين الولايات، حيث أخذ البعض منهم يضعون الكمامات بمجرد رؤيتنا، ثم اكتفوا بالترقب، بينما تحدث المكلف بالاتصال ومرافقوه من عناصر الأمن مع مجموعة من السائقين، قبل أن يقترب شاب يحمل في يده كيسا من الكمّامات المعروضة للبيع ويشرع أصحاب المركبات وبعض الركاب في اقتناء أقنعة واقية لوضعها.
وتجاذبنا أطراف الحديث مع سائق سيارة أجرة حول سبب عدم احترام الإجراءات الوقائية، فأكد لنا أن المشكلة في رفض العديد من الركاب لوضع الكمامات متحججين بالحرارة المرتفعة وعدم قدرتهم على التنفس من خلالها، مشيرا إلى أنه وجد نفسه في موقف محرج خلال الأسبوع الماضي بسبب بعض الركاب الذين رفضوا وضع الأقنعة الواقية بعد أن أوقفه شرطي مرور وكان على وشك سحب وثائقه منه لتحرير مخالفة ضده.
وأضاف نفس المصدر أنه لم يتوقف عن وضع الكمامة، حتى في الفترة التي انحسر فيها الفيروس، قبل أن يشتكي سائق آخر من نفس المشكلة التي تواجهه مع الركاب المتمردين على إجراءات الوقاية، إلا أن عون الشرطة الذي كان معنا أكد له على ضرورة تبليغ مصالح الأمن عن الركاب الذين يرفضون وضع القناع الواقي قبل انطلاق المركبة من أجل اتخاذ الإجراءات معهم أو إنزالهم. ولاحظنا خلال تواجدنا في المكان أن بعض سيارات الأجرة تحمل أربعة ركاب فقط بينما يحمل سائقون آخرون خمسة، و هو ما برره بعض السائقين بأن القانون لا يمنع حسبهم، حمل خمسة ركاب في المركبات الواسعة.
تهاون في احترام الإجراءات الوقائية في الترامواي
وتنقلنا مع وفد مديرية الأمن الولائي إلى موقف الترامواي أعلى محطة المسافرين «بالما»، حيث وجدنا أن عددا من الركاب لا يضعون الكمامات في إحدى العربات، فضلا عن عدم احترام مسافة التباعد الاجتماعي داخلها. وقد قدم أعوان الأمن أقنعة واقية لفائدة مجموعة من الركاب، في حين تحدث المكلف بالاتصال على مستوى المديرية إلى مراقبي الترامواي عن ضرورة إلزام الركاب باحترام مسافة التباعد واحترام القائمين على العربات لنسبة الخمسين بالمئة من قدرة استيعاب المقاعد، بالإضافة إلى ضرورة وضع الأقنعة الواقية، بينما قدمت الكمامات لمواطنين كانوا في الموقف ينتظرون وصول عربة الترامواي، ولم يحوزوا على الكمامات إلا مجموعة صغيرة منهم.
وسجلت وسائل النقل تراخيا تاما في احترام إجراءات الوقاية من انتشار فيروس كوفيد-19 خلال الأشهر الماضية، حتى أصبح الكثير من الركاب لا يبذلون عناء حمل الكمامة معهم سواء في عربات الترامواي أو في الحافلات وسيارات الأجرة، مثلما كان عليه الأمر من قبل خصوصا في السنة الماضية، رغم أن أغلب الذين تحدثنا إليهم ذكروا لنا أنهم يتمنون زوال الجائحة والعودة إلى الحياة الطبيعية لما قبل كورونا، بينما أصبح المعقم الكحولي غائبا تماما من وسائل النقل على اختلاف أنواعها.
احترام نسبي للبروتوكول الصحي في الحافلات
أما الجانب الثاني من عملية التحسيس، فقد مس السد الأمني عند مدخل المدينة بحي بوالصوف، حيث اشتمل بدرجة أكبر على دعوة السائقين إلى احترام قانون المرور للتقليل من الحوادث. واستوقف أعوان الأمن في المكان مجموعة من أصحاب الحافلات، من بينها حافلة قادمة من ولاية سطيف، لاحظنا أن صاحبها احترم نسبة الخمسين بالمئة وكان أغلب الركاب فيها يضعون الكمامات، في حين صعد المكلف بالاتصال إلى حافلة للنقل الحضري تعمل على خط عين سمارة – بوالصوف واكتشف وضعية متناقضة مع ما تقتضيه تدابير الوقاية. ورغم أن السائق والقابض قد احترما الحد الأقصى من عدد الركاب الذين يسمح بحملهم، إلا أن الكثير منهم كانوا دون أقنعة واقية.
وغابت في الحافلة المذكورة مسافة التباعد بين الركاب، فضلا عن أنهم استغلوا جميع المقاعد، رغم أن تدابير الوقاية تنص على استغلال خمسين بالمئة منها فقط. وقد حاول السائق التهرب من المسؤولية بالقول إن بعض الركاب يرفضون وضع الكمامة وأنه لا يمكنه إجبارهم على وضعها، ليشير إلى سيدة تضم إليها طفلا؛ على أساس أنه لا يستطيع إقناعها بإبعاد طفلها عنها، لكن المكلف بالاتصال قاطع كلامه وطلب منه ألا يغير الموضوع، مؤكدا أن المشكلة ليست في السيدة أبدا، وإنما في عدم التزامه بإجراءات الوقاية داخل الحافلة، مضيفا أن الحفاظ على مسافة التباعد من مسؤولية القابض. وبدا أن أغلب سائقي الشاحنات والحافلات الآخرين الذين تم استيقافهم في السد الأمني قد احترموا البروتوكول الصحي في مركباتهم، مثلما لاحظنا.
* المكلف بالإعلام بأمن الولاية
نفس الإجراءات القانونية ما تزال سارية المفعول
 وصرح لنا رئيس خلية الاتصال والعلاقات العامة لمديرية الأمن الولائي، الملازم الأول بلال بن خليفة، أن عملية التحسيس تندرج ضمن العمل التوعوي للوقاية من انتشار جائحة كوفيد-19 وحوادث المرور، خصوصا في محطات النقل العمومي، حيث ذكر أن خرجات أخرى ستعقبها مستقبلا، في حين ذكّر بالتزايد في حوادث المرور وعدد الضحايا الذي تشهده الولاية مؤخرا. وأكد نفس المصدر أن نفس الإجراءات القانونية المتخذة ضد المخالفين لتدابير الوقاية ما تزال سارية المفعول إلى اليوم، لكنه أشار إلى أنه تم التنسيق مع مختلف الجهات المختصة من أجل التعامل بصرامة أكبر مع التراخي الذي سجل مؤخرا في احترام هذه التدابير.
أما عن عدد الحوادث المرورية المسجلة عبر الإقليم الحضري التابع لمديرية الأمن الوطني لولاية قسنطينة فقد عرف ارتفاعا كبيرا مقارنة بالعام الماضي، بعد أن سجلت المديرية 260 حادث مرور خلف تسعة قتلى في السداسي الأول من العام الجاري، مقارنة بـ321 حادثا خلال السنة الماضية، ما ينذر بأن العدد سيرتفع كثيرا خلال الأشهر القادمة في حال استمرار الوضع على هذا الشكل. وتجدر الإشارة إلى أن عملية التحسيس قد اشتملت على توزيع مطويات على المواطنين، بينما لم يحرر أعوان الأمن أي مخالفة في حق السائقين خلال تواجدنا معهم.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى