شباب يطلقون مشروعا لتجفيف الطماطم تحت أشعة الشمس
بدأت مجموعة من الشباب المستثمر بقالمة، تجربة جديدة في مجال إنتاج الغذاء الطبيعي الخالي من كل المواد الكيماوية، و ذلك بتجفيف الطماطم الصناعية في الهواء الطلق، تحت أشعة الشمس، و تصديرها إلى الدول الأوروبية، و في مقدمتها إيطاليا، المعروفة بمطابخها الشهيرة و أطباقها المتفردة.

التجربة الرائدة يقودها الشاب أيمن رقام، بمساعدة شباب آخرين، و منتجين للطماطم الصناعية من ولاية عنابة، قرروا بيع أجود أنواع الطماطم الصناعية إلى أيمن و أصدقائه، للمساهمة في هذا المشروع الاقتصادي الهام و الداعم لخزينة البلاد بالعملة الصعبة.  
النصر زارت موقع التجفيف، ببلدية مجاز عمار غربي قالمة، أول أمس الجمعة، و تابعت أيادي الخير و هي تبدع في إنتاج أجود أنواع الطماطم المجففة، التي ستدخل المطاعم الإيطالية قريبا، لتحضير أطباق شهيرة  و ثمينة.
يقول أيمن رقام و نورالدين مهيرة، بأن تجربة تجفيف الطماطم الصناعية مستنبطة من تقاليد و عادات الأجداد و الجدات، الذين كانوا يجففون المنتجات الزراعية و يخزنوها لوقت الحاجة، على مدار العام ، و يعدون منها أشهى الأطباق الصحية، و تعد الطماطم من أشهر المنتجات الزراعية التي جففها الأجداد منذ عقود طويلة، لكن هذا التقليد، يضيف أيمن، اندثر مع مرور الزمن متأثرا بالتحولات الاجتماعية و الاقتصادية التي تعرفها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث تخلت الأسرة الجزائرية عن الكثير من التقاليد الغذائية الصحية التي تعمل بها أشهر المطابخ العالمية.
في حقل للحصيدة ، قرب مدينة مجاز عمار، اختار أيمن رقام و مساعدوه الموقع المناسب لبداية تجربة التجفيف، و خوض مغامرة جديدة في التصدير،  بعد مغامرة الحلزون و البصل البري، هذه المرة كانت الطماطم الصناعية الخيار الجديد الذي يعول عليه هؤلاء الشباب كثيرا لتحقيق الأرباح، و فتح مجال جديد لتصدير المنتجات الزراعية الغذائية إلى دول العالم، بفضل التحفيزات الهامة التي أقرتها الدولة لتشجيع الاستثمار، و التصدير خارج قطاع النفط المعرض لهزات عنيفة و تقلبات الأسواق الدولية.
عندما وصلنا إلى موقع التجفيف، كانت شحنة من أجود أنواع الطماطم الصناعية قد وصلت من ولاية عنابة، بعد مراقبة النوعية من طرف أيمن و مساعديه يتم الوزن و التفاوض على السعر، بعدها يبدأ فريق التقطيع في العمل ببراعة و دقة، حيث يتم تشريح حبات الطماطم و وضعها على شبابيك بلاستيكية رفيعة،  تمتد على عشرات الأمتار و بشكل متوازي، و عندما تشاهد الموقع من بعيد، يبدو باللون الأحمر و هندسة متقنة.
يعد فريق التشريح، العمود الفقري لعملية التجفيف، فكلما كان العمل متقنا و بمردود يومي جيد، تكون كمية الطماطم المجففة أكبر، و تترك الطماطم المقطعة لمدة ثلاثة أيام تحت أشعة الشمس، بعد أن يضاف إيلها الملح بكميات محددة، و تحت تأثير الشمس و الهواء يتبخر الماء الموجود في حبات الطماطم، و تبقى الكنلة اللاحمة محتفظة بكل مكوناتها الغذائية الطبيعية.
بعد نهاية مدة التجفيف يأتي دور التعليب، وفق مقاييس عالمية، فتحمل اسم مصدر المنتوج و نوعيته، و اسم الشركة المصدرة، و في هذا الإطار يقول أيمن رقام، متحدثا للنصر، بأن التصدير هذه المرة سيكون عن طريق شركة تصدير معتمدة، مضيفا بأنه يعمل على إنشاء شركة تصدير خاصة به، متمنيا تلقي المساعدة من الهيئات الوطنية المشرفة على الاستثمار و التصدير و التجارة.
و يستعد مجففو الطماطم الصناعية بقالمة ،إلى تصدير أول شحنة إلى إيطاليا في غضون الأيام القليلة القادمة، عن طريق الخطوط البحرية، باعتبارها الأقل كلفة، مقارنة بخطوط الشحن الجوي.
و يرى هؤلاء الشباب بأن الاستثمار مغامرة كبيرة، خاصة في مجال الصناعات الغذائية، معتقدين بأنهم سينجحون و يفتحون آفاقا جديدة لتطوير المنتجات الغذائية الوطنية، و اقتحام الأسواق الدولية.
سيستمر العمل بموقع التجفيف إلى غاية انتهاء عملية جني الطماطم الصناعية بقالمة و الولايات المجاورة لها، لكن أيمن يواجه مشكلة كبيرة لتوسيع مساحة التجفيف، مؤكدا بأن مشكل العقار يتعبه كثيرا، و هو مضطر لكراء الحقول الزراعية بأسعار مرتفعة، لتشكيل المزيد من خطوط التجفيف، و تكثيف الإنتاج، و توفير أكبر كمية ممكنة، لتلبية طلب الزبون الإيطالي الذي سيتولى مهمة توزيع الطماطم الجزائرية المجففة على المطاعم الإيطالية الشهيرة.  و يعد مشروع تجفيف الطماطم الصناعية، مشروعا صديقا للبيئة و الإنسان، فهو يعتمد على الطبيعة في كل شيء، الشمس و الهواء و الملح.
و ترتفع خطوط التجفيف مسافة متر واحد تقريبا عن سطح الأرض، و تشكل بينها ممرات تسمح بتحرك العمال، و يتم رفع الشبابيك بواسطة أعمدة، وفق هندسة تسمح بانسياب الهواء، و دخول أشعة الشمس التي تعد المصدر الرئيسي للطاقة المجففة. لا تؤثر الأمطار على شرائح الطماطم بموقع التجفيف، حيث يكفي إضافة الملح فقط، للمحافظة على مكونات الشريحة و مذاقها الطبيعي المفيد للصحة، و تعد الحرارة القوية التي تمر بها ولاية قالمة هذه الأيام، عاملا مساعدا لفريق العمل، حيث لا تتعدى مدة التجفيف 3 أيام، يتم بعدها جمع الطماطم المجففة و إرسالها إلى موقع التعليب، و وضع العلامة التجارية المميزة و منشأ المنتوج.
و تعد ولاية قالمة موطنا للطماطم الصناعية و هي تشكل رفقة ولايات عنابة و الطارف و سكيكدة، قطبا وطنيا يمد مصانع التحويل بالمادة الأولية كل صيف، و يفتح آفاقا جديدة لتطوير صناعة الطماطم الصناعية، من خلال مشاريع التجفيف و التصدير إلى الأسواق العالمية.   
فريد.غ      

الرجوع إلى الأعلى