مصدر رزق  وفوائد صحيّة مُذهلة
تنتعش بوسط مدينة قسنطينة مع بداية فصل الخريف، تجارة الفواكه البرية المتمثلة في الزعرور، النبق (ثمار السدر)،العناب و التوت البري و غيرها، و يمارس هذا النشاط شباب، وكذا كهول، متخذين من الأرصفة و  حواف الطرقات أمكنة لعرضها لتحقيق دخل موسمي، في المقابل يحرص الكثير من المواطنين على اقتنائها لأسباب تختلف بين الرغبة في تناولها بسبب مذاقها اللذيذ، و بين الوعي بقيمتها الغذائية، كما قالت مختصة التغذية سعاد بوشعير للنصر، مؤكدة بأن فوائدها مذهلة، كتقوية المناعة و وظائف الدماغ، كما تساعد على تخليص الجسم من الرطوبة، و تقيه من تأثيرات التغيرات المناخية، منوهة بفوائدها الصحية بالنسبة للمتمدرسين.

روبورتاج / أسماء بوقرن

يستغل باعة الفواكه البرية، نقاطا مختلفة بوسط المدينة، فيفترش بعضهم قطعة قماش أو كيس بلاستيكي على أرصفة جسر باب القنطرة لعرض هذه الثمار، كما يستغل البعض الآخر أرصفة شارع العربي بن مهيدي و ساحة الثورة، و يختار آخرون مداخل سوقي بومزو و الإخوة بطو، لعرض كميات من توت العليق و الزعرور و النبق و العناب، بسعر  يتراوح بين 50 و 100 دينار،  مقابل 150 غراما منها، مستعملين القارورات البلاستيكية المخصصة للمياه بعد قطعها إلى نصفين، من أجل قياس الكمية المطلوبة للزبون.
و لاحظنا بأن هناك باعة يملأون قارورات المياه صغيرة الحجم بالنبق و يبيعونها مقابل 100 دينار، فيما يستعمل آخرون القارورات ذات سعة لتر و نصف، بعد قطعها، لتحديد كمية الفواكه البرية التي يطلبها الزبون.
أكواب توت العليق و الزعرور مقابل 50 و 100 دينار

عند مدخل جسر باب القنطرة، التقينا بكهل ينحدر من ولاية سكيكدة، يعرض كميات من الزعرور و النبق بسعر يتراوح بين 50 و 100 دينار، إلى جانب أعشاب برية كإكليل الجبل و الريحان و أوراق الزيتون،و   قال للنصر، بأنه يستغل سنويا نضج الثمار البرية في بداية فصل الخريف، لتحقيق دخل اعتبره وفيرا، نظرا للإقبال الكبير عليها، و المدة المحدودة التي تتوفر خلالها، باعتبارها موسمية.
و أضاف البائع بأنه يفضل عرض الثمار و الأعشاب البرية بجسر باب القنطرة لأنه أحد المداخل الرئيسية بوسط المدينة، كما أنه محور هام يربطها بباقي الأحياء، و لا يبعد سوى بأمتار قليلة عن إحدى نقاط توقف حافلة الحروش، ما يخفف عنه عناء النقل.
و تابع المتحدث بأنه أصبح منذ بداية موسم نضج هذه الثمار، يقصد قسنطينة حاملا معه سلال الأعشاب و الفواكه البرية في الصباح الباكر، قبل التحاق الموظفين و التلاميذ بمؤسساتهم، لعرضها للبيع، معتبرا تلاميذ المدارس و الثانويات، زبائنه الأوفياء، موضحا بأنه يعتمد على أحد باعة الجملة ببلدية الحروش لاقتنائها، مؤكدا بأن الاقبال عليها لا يزال معتبرا، لكنه أقل من السنتين الماضيتين، فقد كان يبيع كل الكمية التي يحضرها قبيل الساعة الرابعة مساء.
التقينا أيضا بشاب يعرض ثمار توت العليق بشارع العربي بن مهيدي، بمحاذاة مقهى النجمة، مستعملا علبا صغيرة لبيعها مقابل 100 دينار، و أكد بأنه يشتريها من باعة ينحدرون من ولاية سكيكدة، يقومون بقطفها من جبال و قرى المنطقة التي تزخر بها.
جدير بالذكر أن كافة الباعة الذين تحدثت إليهم النصر، يلجأون إلى بلدية الحروش أو التجار الذين ينتمون إليها لاقتناء هذه الثمار.
و قال لنا شابان، كانا بصدد بيع سلعتهما بمحاذاة سوقي الإخوة بطو و بومزو، بأن هناك شبابا و كهولا من ولاية سكيكدة يقصدون وسط المدينة صباحا، محملين بسلال مملوءة بالثمار البرية الموسمية لبيعها بالجملة .و أشار البائعان بأن الإقبال على شراء النبق و الزعرور ينتعش أكثر عند خروج التلاميذ من المؤسسات التربوية، و بخصوص الأسعار قال أحد الشابين أن العناب أغلى سعرا من بقية هذه الثمار، حيث يبلغ سعر الكليوغرام الواحد منه 1400 دينار.
و بخصوص الكمية التي يبيعها للتلاميذ و بقية الزبائن، قال بأنه لا يستعمل عيارا لتحديدها، بل يستعمل الجزء السفلي لقارورة المياه ذات سعة لتر و نصف، بعد قطعها في بيع كمية قدر وزنها بـ150 غراما مقابل 50 و 100 دينار.
و أكدت لنا سيدة في الخمسينات من عمرها، بأنها تحب تناول الزعرور و العناب و النبق و تعتبر فصل الخريف من فصولها المفضلة، لأنه الموسم الذي يشهد نضجها، مؤكدة بأنها تقتنيها بشكل يومي تقريبا، لأن فترة توفرها محدودة جدا مقارنة بالفواكه الموسمية الأخرى، و تتناولها بمفردها، فلا أحد من أبنائها يحبها، موضحة بأنها تعودت منذ نعومة أظافرها على استهلاكها ، حيث كان والداها يواظبان على اقتنائها في كل موسم.    

* أخصائية التغذية سعاد بوالشعير
إدراج الثمار البرية في غذائنا ضرورة صحية
 قالت مختصة التغذية سعاد بوالشعير للنصر، بأن الفواكه البرية الخريفية، مفيدة جدا، حيث تتميز  بقوة مقاومة عالية، للتغيرات المناخية و قسوة الأرض و غيرها، و بقدر ما تكون النبتة مقاومة للعوامل الطبيعية، بقدر ما تمنح جسم الإنسان القوة و تعزز جهازه المناعي لمقاومة الأمراض.
و من بين هذه الفواكه المقاومة، النبق و الزعرور و توت العليق و العناب، و هي غنية جدا بالمعادن، و الفيتامينات و الألياف، و مفيدة جدا للجهاز التنفسي و الرئتين و الكبد و الطحال و المعدة و الكليتين و الأمعاء، كما تمنح هذه الأعضاء، طاقة أكبر لأداء وظائفها على أكمل وجه، كما أنها مفيدة لوظائف الدماغ، خاصة توت العليق الذي  يقي من مرض الزهايمر و يؤخر ظهور أعراض الشيخوخة.
و أضافت الأخصائية في حديثها للنصر، بأن هذه الفترة من السنة، تتميز بتقلبات المناخ الذي يكون أحيانا حارا و أحيانا أخرى باردا، و هي تغيرات قالت بأنها تؤثر على مناعة الجسم و على الجهاز التنفسي، لكن هذه الفواكه البرية، إلى جانب الفواكه الموسمية الأخرى التي تنضج في هذا الفصل، كالسفرجل و الرمان والإجاص، تقي من برودة الجو، كما تعمل على تحضير الجسم و تقوية جهازه المناعي، لمجابهة الظروف المناخية، موضحة  بأن مناعة الجسم لا ترتبط بالجهاز التنفسي فحسب، بل حتى بالجهاز الهضمي بما فيه الأمعاء التي تعتبر بوابة لرفع المناعة أو خفضها، فيجب أن تكون البكتيريا الحميدة المقوية و التي تسمى « فلورا الأمعاء» قوية في الأمعاء لتقوي المناعة، و كلما انخفضت «فلورا الأمعاء « التي تتغذى عن طريق الألياف المستخلصة من هذه الثمار، انخفضت مناعة الجسم، كما تساعد في التخلص من رطوبة الجسم التي ترتفع في أواخر فصل الصيف، ناهيك عن فوائدها الجمالية،  فالثمار البرية تحمي البشرة من آثار تقلبات الجو، لكونها غنية بمواد تمكنها من مقاومتها، كما تعطي بريقا للعينين و البشرة، لاحتوائها على معادن نادرة.

و شددت المتحدثة على ضرورة إدراج الفواكة البرية، خاصة الخريفية، في نظامنا الغذائي اليومي، و  الابتعاد عن العادات الغذائية السيئة، كتعويض تناول رقائق البطاطا «الشيبس» و العصائر الاصطناعية، بالنبق و الزعرور، مشيرة إلى أن فوائدها مذهلة ، خاصة بالنسبة للمتمدرسين، حيث تساعد على بلوغ النضج الفكري و تنمية الذكاء لديهم و كذا مساعدتهم على التركيز، مؤكدة بأن الفواكه البرية الخريفية عمرها قصير جدا،  لهذا تنصح بتناولها حاليا و تحث الأمهات على إدراجها ضمن علبة لمجة الأطفال. كما تدعو الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية بتناولها،  لكونها تجعل من يأكلها يشعر بالشبع لأنها غنية بالألياف، فتساعد على إنقاص الوزن، إلى جانب منحها للجسم طاقة كبيرة و تقيه من مختلف أمراض هذا الموسم، لغناها بالفيتامينات و مضادات الأكسدة، و الحديد.
و أشارت إلى أن توت العليق جد غني بمضادات الأكسدة و السكريات و المعادن، خاصة النادرة التي تدخل في تركيبة الدم.
أ. ب

الرجوع إلى الأعلى