إقبال كبير على خط الترامواي الجديد
*   ساعة للوصول من المدينة القديمة إلى الجديدة
سجل ترامواي قسنطينة في اليوم الأول من الاستغلال التجاري للخط الرابط بين وسط مدينة قسنطينة والمقاطعة الإدارية علي منجلي، إقبالا كبيرا من طرف المسافرين، الذين أبدوا غبطة واستحسانا كبيرا لإطلاق هذا المسار الذي انتظروه بفارغ الصبر منذ 5 سنوات، فقد تشكلت طوابير لأول مرة أمام أكشاك بيع التذاكر لهذه الوسيلة الاقتصادية، التي ستنهي عناء القسنطينيين وتخفف من تكاليف تنقلهم من مدينتهم القديمة إلى القطب  العمراني الجديد.

روبورتاج: لقمان قوادري

ورغم تدشين الشطر الأول الرابط بين مدخل المقاطعة الإدارية علي منجلي على مستوى حي قادري إبراهيم ومحطة بن عبد المالك بوسط مدينة قسنطينة شهر جوان من عام 2019، إلا أن فرحة القسنطينيين بوصول الترامواي إلى جامعة عبد الحميد مهري بالوحدة الجوارية رقم 2 ، كانت كبيرة ومغايرة لما كان عليه الأمر قبل عامين، إذ يعد هذا الإنجاز بمثابة قطيعة مع أزمة النقل، التي تعرفها علي منجلي منذ بدايات إنشائها مطلع الألفية الثالثة.
6 محطات جديدة بنقاط حيوية وسط علي منجلي
ويمتد طول خط الترامواي الجديد بوسط علي منجلي على مسافة 3.6 كيلومتر، كما تم إنجاز 6 محطات توقف، ويتعلق الأمر بمحطة حي الشهداء والتي خصصت لفائدة سكان العمارات الأولى لحي الاستقلال بالوحدة الجوارية  9 ، فضلا عن قاطني تحصيص الوحدة الجوارية 7 ، بالإضافة إلى العاملين في منطقة النشاطات من مدخلها الشمالي.
وسميت المحطة الثانية باسم الاستقلال، حيث أنجزت بالقرب من الحي المعروف باسم الفيرمة والذي يتميز بحركية ونشاط تجاري كبير طيلة اليوم كما تتميز بقربها من المستشفى العسكري الذي يقصده المواطنون من مختلف ولايات الوطن.
وأطلقت تسمية المجاهد علي منجلي على المحطة الثالثة بحي كوسيدار، الذي يعد القلب النابض للمدينة الجديدة إذ توجد به أهم محطات النقل التي تؤدي إلى كل أحياء المدينة، فضلا عن المحطة الكبرى لسيارات الأجرة المتجهة إلى وسط مدينة قسنطينة ومدينتي الخروب وعين سمارة، كما يجد المواطنون أنفسهم على بعد أمتار قليلة من الحي الإداري الكبير ومستشفى عبد القادر بن شريف.
أما المحطة الرابعة فهي محطة نهج التحرير الوطني وهي محطة تقع بمحاذاة أحياء عدل 1 وسط أكبر وحدتين جواريتين ويتعلق الأمر بالسابعة والأولى، التي يقطنها قرابة 40 ألف نسمة والتي توجد مقرات إدارية وخدماتية مهمة على غرار مديرية الموارد المائية والبريد المركزي، فضلا عن المقر الرئيسي لشركة سونلغاز.
 وسميت المحطة الخامسة بمحطة النصر والتي أنجزت بمحاذاة محطة نقل المسافرين لما بين الولايات والإقامات الجامعية للبنات فاطمة نسومر، كما أنها قريبة من الوحدات الجوارية 1 و 17 و 10 و 2 لتكون نهاية الخط بمحطة جامعة عبد الحميد مهري، التي تقع مقابل البوابة الرئيسية لها.
« الحمد لله تخلصنا من ابتزازات بعض سائقي سيارات الأجرة والحافلات»
وقد تنقلت النصر أول أمس الخميس، في رحلة الذهاب من علي منجلي إلى وسط مدينة قسنطينة بعد ساعات من بداية استغلاله التجاري، حيث صعدنا الترامواي من محطة النصر وهي المحطة الثانية بعد جامعة عبد الحميد مهري، بعد أن انتظرنا مع عدد معتبر من المواطنين من مختلف الفئات لمدة لا  تزيد عن الدقيقة الواحدة.
وعند انطلاق العربة كان جميع من بداخلها يعلق قائلا « الحمد لله» سنتخلص من مشكلة النقل وابتزازات بعض سائقي سيارات الأجرة و الحافلات، حيث قالت إحدى السيدات لقد انتظرنا طويلا وصول الترامواي، فيما عبر كهل  جلس بجانبنا بأنه يعمل في مدرسة ابتدائية مجاورة للمحطة حيث أنه يضطر يوميا إلى ركوب الحافلة من حي جنان الزيتون لعدم قدرته على تحمل تكاليف سيارة الأجرة ، كما أنه يتحمل يوميا عناء التنقل واقفا وسط اكتظاظ كبير وعدم احترام للركاب وتوقف بشكل فوضوي بالعديد من النقاط، لكن الأمر سيختلف بحسبه اليوم إذ سيتنقل في ظروف جيدة ذهابا وإيابا بملغ 1200 دينار فقط، وهو ثمن الاشتراك الشهري.
وتنقل الترامواي ببطء نحو محطة نهج التحرير الوطني، ليلتحق بالعربة عدد من الركاب لكن العدد تضاعف بشكل كبير عند محطة المجاهد الراحل علي منجلي بحي كوسيدار، في حين نزل عدد من المواطنين بنفس المحطة، كما بدت لنا محطة سيارات الأجرة على مستوى الحي خالية من المسافرين، خلافا لما كان عليه الأمر، إذ اصطفت سيارات الأجرة على طول الرصيف.
وذكر مواطن يقطن بحي الأستاذة بالوحدة الجوارية 9 ، أنه عانى منذ جائحة كورونا من مشكلة النقل، حيث ارتفعت تسعيرة النقل في سيارات الأجرة من 100 إلى 200 دينار للمكان الواحد إثر تحديد عدد الأماكن باثنين فقط، مقسما بأغلظ الإيمان بأنه لن يركب سيارة أجرى مرة أخرى حتى لو عادت التسعيرة إلى سابق عهدها، مشيرا إلى أن الترامواي وسيلة اقتصادية وعائلية بامتياز.
وتطابقت أقوال كل من ركبوا الترامواي في يومه الأول من الاستغلال التجاري على مستوى الخط، حيث كان الجميع يعبر عن فرحته واستحسانه بصوت عال ودون أن يسأله أحد، وخلافا لما كان متوقعا فإن العربة لم تكن مكتظة عن آخرها، حيث أن توفير عدد معتبر منها حال دون تسجيل أي اكتظاظ.
عدد العربات كاف لمنع أي اكتظاظ بالمدينة الجديدة

وذكر أحد أعوان مراقبة التذاكر الذين كانوا منتشرين بكثرة عبر مختلف المحطات، أنه قد سجل احتراما كبيرا من طرف الركاب للقوانين الداخلية للاستغلال، إذ لم تسجل أي تجاوزات باعتبار أن هذه الوسيلة ليست جديدة بالنسبة للكثيرين، لكنه لاحظ أن عددا من المواطنين يركبونه لأول مرة حيث تم تقديم توجيهات لهم كما أكد أن الانتشار الواسع للأعوان على مستوى علي منجلي هو من أجل تقديم توجيهات وتلقين المواطنين لكيفية المصادقة على التذاكر وغيرها من التدابير الداخلية.
وتابع ذات المتحدث، أن مدة الانتظار لن تزيد عن 6 دقائق كأقصى حد، حيث تم توفير عدد معتبر من عربات لضمان تنقل مريح على مدار اليوم، كما تجدر الإشارة إلى أن العدد الإجمالي للعربات قد تجاوز 50 على مستوى ترامواي قسنطينة.
طابور طويل لأول مرة لاقتناء التذاكر بمحطة بن عبد المالك
وعند وصولنا إلى محطة بن عبد المالك بوسط مدينة قسنطينة بعد 58 دقيقة من السير، لفت انتباهنا وجود عدد كبير من المواطنين وهم ينتظرون في طابور طويل أمام كشك اقتناء التذاكر، حيث وقفنا في ذلك الطابور المزدحم لمدة قصيرة، لكن المسافرين أكدوا على ضرورة فتح نقطة بيع أخرى وذلك لتحسين الخدمات، فيما أكد لنا عون أمن أنهم لم يتوقعوا مستوى هذا الإقبال في اليوم الأول.وانطلقت العربة في الساعة الواحدة و 32 دقيقة وهي مكتظة نسبيا، حيث أن جميع الكراسي كانت مشغولة فيما كان عدد من الركاب واقفا، كما كان عدد الركاب يرتفع في كل محطة ولا ينقص إذ كان جلهم متجها إلى المدينة الجديدة علي منجلي، خلافا لما كان عليه الأمر في السابق أين كان نصف عدد الركاب يغادر تباعا عبر مختلف المحطات لاسيما نقطة التوقف بزواغي سليمان.
ووجدنا سيدة صعدت من محطة فضيلة سعدان تبدو في الستين من العمر وهي تتحدث إلى أخرى جلست أمامها، حيث قالت إن ابنها اتصل بها ودعاها إلى زيارته كون منزله يقع أمام الجامعة مباشرة، حيث عبرت لمرافقتها عن استحاسنها لوصوله إلى تلك النقطة المجاورة لمنزل أحفادها، فيما كان جميع من كان أمامنا يتحدث عن معاناته مع سيارات الأجرة والنقل عبر الحافلات بشكل عام، حيث أكدوا أنهم لن يركبوا الحافلات مجددا نظرا لسعر تذكرة الترامواي المنخفضة المحددة بـ40 دينارا فقط والخدمات المتوفرة بداخله.
بُطء الترامواي.. الانتقاد الوحيد
واستغرقت رحلة العودة إلى علي منجلي ساعة ودقيقتين، حيث وصلنا إلى محطة جامعة عبد الحميد مهري في الساعة الثانية و 34 دقيقة، حيث كان طول المدة هو الانتقاد الوحيد الذي وجهه الركاب لهذا الخط، علما أن مدة التوقف في المحطات لا تتجاوز 30 ثانية، كما لاحظنا أن العربة تسير بسرعة بطيئة جدا على مستوى المقطع الرابط بين محطتي الأمير عبد القادر وفضيلة سعدان نظرا لوجود أشغال فضلا عن مقطع زواغي والعيفور كما يتم تخفيض السرعة على مستوى نفقي علي منجلي والتقاطعات المشتركة مع المركبات سواء بقسنطينة أو علي منجلي.
وقد عدنا إلى الترامواي في الفترة المسائية، حيث كان يعج بالركاب لاسيما على مستوى محطة النصر المجاورة لأحد أكبر المراكز التجارية الكبرى، حيث ذكر لنا أحد الأعوان أن عددا كبيرا من المواطنين لاسيما من فئة النساء قد تنقل عبر هذه الوسيلة في الفترة المسائية قبل أن نركب العربة إلى غاية محطة المجاهد علي منجلي بكوسيدار، أين رافقنا في هذه الرحلة القصيرة عدد كبير من الركاب الذين نزل جلهم بها.
وخلافا لما كان متوقعا، لم يسجل بعلي منجلي أي ازدحام مروري بالتقاطعات المشتركة مع المركبات، حيث أن إشارات المرور الموضوعة حديثا قد ساهمت في تنظيم حركة السير، لاسيما وأن فترة مرور الترامواي لا تتعدى 30 ثانية، سواء على مستوى تقاطعي الفيرمة أو كوسيدار لتبقى النقطة السوداء الوحيدة على مستوى محور دوران محطة المسافرين أين تتشكل طوابير طويلة أمام مفترق الطرق نظرا لضيقه ووقوعه بمكان يسجل حركية مرورية طيلة اليوم
وتجدر الإشارة، إلى أن الخط الإجمالي لترامواي قسنطينة يتجاوز 18 كيلومترا وهو ثاني أطول خط على المستوى الوطني بعد العاصمة، كما أن الشطر الأخير بوسط علي منجلي قد تم تدشينه من طرف الوزير الأول الأربعاء الماضي، كما تسعى السلطات إلى تسجيل توسعة جديدة نحو التوسعة الغربية بأعالي المدينة.             
 ل. ق

الرجوع إلى الأعلى