نســــاء يقتحمـن عــالـم البنـــاء والصناعــة

نجوى لطرش، فيروز غوقالي و لامية لوصيف، سيّدات تحدين الصعاب، ليلجن مجال صناعة الأثاث و البناء و التعمير، فتمكن من تسيير كبرى الشركات الصناعية، و إقامة مشاريع استثمارية، و بناء مئات الوحدات السكنية و ترميم وتهيئة إرث عمراني ضارب جذوره في عمق التاريخ، تحمّلن الصعاب و المضايقات، التي بلغت بالنسبة لإحداهن، حد القذف و الادعاء الكاذب، ما تسبب في انفصالها عن زوجها.
استطلاع / أسماء بوقرن
رافقت النصر، سيّدات من ذهب، شعارهن العمل و وقودهن العزيمة، في عملهن الميداني، و عادت بقصص تروي كفاحهن المستميت، في سبيل فرض مكانتهن في مجتمع يدعي، حسبهن، تقديره للمرأة، و تشجيعه لتفوّقها، غير أنه لا يزال، يعاني ضمنيا، من عقدة إزاءها ، و يسعى لتحطيمها بكل ما أوتي من قوة، حسبهن.

نجوى لطرش رئيسة شركة صناعة الأثاث المعدني
امرأة طوعت الحديد لتزود السوق الوطني بالأثاث
تحدت كل العراقيل، و تدرجت في سلم النجاح، لتعتليه و تصبح المسؤولة الأولى عن كبرى شركات صناعة الأثاث المنزلي، المدرسي، الطبي و الخدماتي في الشرق الجزائري، لتغطي احتياجات السوق الوطني، و تعرض قطع أثاث صنعت من الحديد
و غيره من المعادن، و كذا الخشب ذي النوعية الجيدة، هي السيدة نجوى لطرش، حرم شين، مسيّرة شركة شين لصناعة الأثاث المعدني بالمنطقة الصناعية الهرية، التي طرقت باب الصناعة الحديدية للأثاث، و ساهمت في كل مراحلها، و نهلت و هي في ربيع عمرها الكثير من زوجها في هذا المجال، ثم سلمها مشعل الشركة، و انتقل إلى مأواه الأخير، تاركا على عاتقها مسؤولية مهنية عائلية ضخمة، أثبتت خلال 18 سنة، أنها جديرة بها.

إن ثقل المسؤولية لم يهزم المرأة الحديدية، كما تلقب، بعد أن التزمت ، كما قالت، بما جاء في وصية زوجها الذي أمنها على ممتلكاته، و طلب منها أن تواصل مساره و تحقق أمنيته بإنجاح الشركة، و توسيع فروعها، فسارت على دربه، متسلحة بالإرادة و العزيمة و شغفها بالعمل،  شقت طريقها، منتهجة أسلوبه و إستراتيجيته المهنية، التي تعتبر بمثابة الشراع الذي يوجهها لتجنب الوقوع في فخ الفشل و الإفلاس، و لم تستسلم للعراقيل و لم تأبه للاستفزازات، التي كانت بمثابة الوقود الذي يحركها، و يجعلها في تقدم دائم.      
أنزع قبعة المسؤولية و أرتدي مئزر العامل بالورشات

السيدة نجوى، التي تحمل شهادة تقني سامي في الموارد البشرية، استقبلتنا بشركتها بالمنطقة الصناعية بن باديس "الهرية"، لتحدثنا، قبل أن تقودنا في جولة عبر شركتها، عن بدايتها في عالم الصناعة الحديدية للأثاث، قائلة بأنها كانت زوجة ماكثة بالبيت، عندما أسس زوجها سنة 1996، شركة لصناعة الأثاث المعدني، و لم تكن تكتفي بالقيام بواجباتها الأسرية، و إنما كانت بمثابة السند و المستشار الأول لزوجها في مهامه.
و غذى زوجها تدريجيا شغفها بتصميم الأثاث و الإشراف على كل مراحل صناعته، فكانت تحرص على معاينة و مراقبة المواد الأولية ، و تشرف على صنع قطع الأثاث، بدقة و إتقان لتوفير منتجات نوعيتها جيدة، و لم تكن تكتفي بتوجيه ملاحظات، بل ترتدي مئزر العمال، لتساعدهم في ما يقومون به، و قد مكنها ذلك من كسب ودهم و تقديرهم، لتشكل معهم فريقا، بمثابة الأسرة الواحدة.
المتحدثة أكدت للنصر، بأن الفضل في اقتحامها هذا الميدان، يعود بالدرجة الأولى لزوجها، الذي عبد الطريق أمامها لتصل إلى بر الأمان، حيث قدم لها كل أساسيات العمل، كما كان حريصا على  اصطحابها في خرجاته داخل و خارج الوطن، و لقاءاته برجال الأعمال، كما أنه يأخذ بعين الاعتبار آراءها و اقتراحاتها، و يعتمد ما تقدمه من تصاميم و يحرص على حضورها أثناء عمليات إبرام الصفقات، قائلة بهذا الخصوص"كنت شريكة حياته في العمل و المهنة و أحضر لقاءات مع رجال أعمال، و أقدم اقتراحات و أحضر إبرام الصفقات"، موضحة بأن ثقة زوجها بها، جعلتها تبذل قصارى جهدها، لتكون إضافة للشركة.     
رافقنا السيدة نجوى في جولة داخل الشركة، و كانت تحرص على مراقبة كل الورشات، بدءا من ورشات تجميع و تقطيع الحديد و باقي المعادن، إلى غاية ورشات تشكيله  و التلحيم و الطلاء و تركيب الأكسسوارات و التغليف، فلم تكن تكتف بمراقبة انضباط العمال و تفانيهم في العمل، و إنما كانت ترتدي مئزر العامل و تساعدهم في تقطيع الحديد و تشكيله، و كذا تغليف الكراسي و العتاد الطبي و غيره، و تقوم بذلك في أوقات فراغها، خاصة عند تلقي عدد كبير من الطلبيات، فهي لا تتردد في مساعدة عمالها، مؤكدة في حديثها مع النصر، بأن حبها لمجال الصناعة الحديدية، جعلها تقتحم الورشات، مفضلة وضع اللمسات الأخيرة على قطع الأثاث و المشاركة في سلسلة الإنتاج، التي تضم مختلف أنواع الأثاث، سواء المتعلق بالمنزل، انطلاقا من الأسرة الفردية و الثنائية، و كذا المركبة، بالإضافة إلى الطاولات، و الكراسي بأنواعها، منها " كرسي ميلودي" و "كرسي ديسيت"، و "كرسي رشا" الذي أطلقت اسمه على ابنتها، بعد أن قامت بوضع تصميمه، و غيرها من الأنواع،  إلى جانب الأرائك المصنوعة من الحديد، و كذا العتاد المدرسي بكل لوازمه.
محدثتنا أكدت بأنها تنتج أكثر من 15 ألف قطعة أثاث في الشهر، توزع على كل ولايات الوطن، في ما تخصص كمية للبيع بالتجزئة، في فضاءات العرض التابعة لها، بحي ماسنيسا ببلدية الخروب، و كذا بحي باردو بوسط مدينة بقسنطينة، و تسعى لرفع كمية الإنتاج التي تراجعت بشكل لافت، خلال جائحة كورونا.

قوبلت بالرفض لكوني امرأة و عفويتي كلفتني سرقة تصاميمي
عن العراقيل التي صادفتها في مسارها، خاصة لكونها امرأة تتعامل مع عمال أغلبهم رجال، قالت بأنها لم تلق القبول في البداية، حيث رفض الرجال أن تقودهم امرأة و تسدي لهم التعليمات و الأوامر، كان ذلك في البداية، لكن سرعان ما تم تقبلها على رأس الشركة، بعد أن حرصت على أن يسود جو أسري، و مرافقة العمال  داخل الورشات و العمل إلى جانبهم، ما مكنها من توطيد علاقاتها معهم،  لكن عموما لم تصطدم بعراقيل كثيرة، لكونها ابنة المجال، فيما صادفت مشاكل بسبب عفويتها في التعامل مع الشركاء الاقتصاديين، و زملائها في القطاع، حيث أنها، كما قالت، لم تكن تملك الدهاء الكافي الذي يجنبها مكر الكثيرين، لكن بعد تعرض تصاميمها و التصورات التي تضعها للمنتوجات الجديدة للسرقة من قبل مقربين منها و تجسيدهم لها و طرحها في السوق بسرعة، قررت أن تصبح أكثر فطنة و تكتما على كل ما تقوم به، مشيرة في هذا السياق ،إلى أن محاولات التحايل و المراوغة، أكثر ما تتعرض له المرأة في هذا الميدان، لاعتقاد الجنس الخشن، حسبها، بأن المرأة لا تملك القدر الكافي من الذكاء الذي يجنبها مكائده، غير أنها أثبتت عكس ذلك و أًصبح يهابها الكثيرون لدرجة تلقيبها بالمرأة الحديدية.  
أحرص على نقل خبراتي لأبنائي لضمان سيرورة و توسّع الشركة
عن  مدى توفيقها بين مسؤوليتها الأسرية و المهنية، لكونها المسؤولة الوحيدة عن البيت و الشركة، قالت بأن البداية كانت صعبة، خاصة لكونها أم لأربعة أبناء، حيث كانت مقسمة بين حرصها على شؤون الشركة و ضمان سيرورة إنتاجها من جهة، و حرصها من جهة أخرى على تربية و متابعة أبنائها وتعليمهم، تعليما جيدا، لضمان مستقبلهم المهني.
و قالت لنا بأنها و بمجرد أن تلتحق بالبيت تغير ملابسها و تلتحق مباشرة بالمطبخ، لتطهو لأبنائها الطعام، و تقوم بالتوازي بأشغال منزلية أخرى، و تتابع في نفس الوقت دراسة أبنائها، فيما تحرص دائما على تحضير أطباق إضافية و وضعها في الثلاجة، لضمان الأكل لهم خلال تنقلاتها لولايات أخرى، أو في حال تأخرها في العمل، حيث تبقى أحيانا بالشركة إلى ما بعد منتصف الليل، خاصة خلال فترات تحميل و توزيع الأثاث عبر الولايات .
كما تحرص السيدة نجوى اليوم على تعليم أبنائها أسرار المهنة، التي تتطلب كثيرا من الصبر و العزيمة، و كذا التضحية، في سبيل بلوغ أعلى قمم النجاح. 

فيروز عوقالي أول مرقية عقارية بقسنطينة
المرأة الناجحة في مجتمعنا عرضة للتشهير و القذف
تعتبر السيدة فيروز غوقالي، أول مرقية عقارية بقسنطينة، فقد اقتحمت ميدانا كان في قبضة الرجال، فنافستهم في مجال البناء و التعمير، و شيدت عديد السكنات و المؤسسات التربوية، و رممت و هيأت إرثا عمراني تجاوز عمره القرن بوسط مدينة قسنطينة، كبنايات شارع العربي بن مهيدي و زاوية سيدي راشد، فخبرتها في مجال البناء، مكنتها من الإشراف على عدة مشاريع، لكن ذلك لم يشفع لها في مجتمع، قالت بأنه يقلل من شأن المرأة الناجحة، و يقابل انجازاتها بالقذف و التشهير، ما تسبب في وقوعها في خلافات زوجية لا تزال تدفع ثمنها اليوم.

فتحت المرقية فيروز قلبها للنصر، لتتحدث عن مسارها التعليمي و المهني، قأكدت أنها منذ أن كانت صبية،كانت تحلم كغيرها بالنجاح و التفوق، فاجتهدت و ثابرت إلى أن حصلت على البكالوريا و التحقت بكلية الهندسة المعمارية بجامعة منتوري قسنطينة، فتلقت تكوينا، أهلها بعد الحصول على شهادة في التخصص، على اقتحام ميدان الشغل بسهولة، حيث اشتغلت لدى الخواص لمدة 5 سنوات، قبل أن تفتح مكتب دراسات خاص بها، و ذلك سنة 1998، فأصبحت المسؤولة الأولى عن المشاريع التي تسند إليها، و كانت تحرص على أن تكون على قدر المسؤولية، فكانت تقضي ساعات طويلة بمكتبها، لضبط  مخططاتها و إتمام أعمالها.  
هيأت إرثا عمرانيا تجاوز عمره القرن  و صممت سكنات جديدة
إتقانها لعملها جعلها مطلوبة أكثر، فعرضت عليها عدة مشاريع تنموية،  حيث أنجزت عدة مشاريع سكنية و تعليمية بولايات الشرق الجزائري، كعنابة و الطارف و جيجل و أم البواقي،  فأشرفت على مشروع 300 مسكن بالوحدة الجوارية 1 بعلي منجلي، و 80 مسكن بحي  1600 مسكن بالخروب، و 200 مسكن في عين عبيد، 100 مسكن في حريشة عمار بعين سمارة.
ومكنها انضباطها و تفانيها في العمل ، من الاستفادة من كبرى المشاريع، حيث قامت بترميم و تهيئة بنايات كولونيالية، بشارع العربي بن مهيدي، و مسالك رئيسية بوسط المدينة كشارع عبان رمضان و غيره، و كذا تهيئة زواية أسفل جسر سيدي راشد.
محدثتنا قالت بأنها تركز أكثر على ضبط تصور صحيح و دقيق و وضع مخططات تراعى فيها خصوصيات المجتمع الجزائري، كما أنها شديدة الحرص على العمل الميداني، حيث تحرص على تواجدها الدائم في الميدان لمتابعة الأشغال عن كثب، لتفادي أي خطأ قد تكون عواقبه وخيمة، كما تحث على مرافقة تقنيين لمعاينة مواد البناء و الوسائل العتاد المستعمل و التأكد من صلاحيتها و مدى مطابقتها لما جاء في الاتفاقية المبرمة مع الأطراف الفاعلة في العملية، لضمان عمل ذي جودة عالية و سلامة العمال، فدخولها الورشة يجعل تركيزها منصبا على العمل و المراقبة الدقيقة.

في سنة 2005، أصبحت فيروز غوقالي مرقية عقارية، و أول مشروع أنجزته ، هو تشييد 56 مسكنا  في الوحدة الجوارية 4 ، تم توزيعها قي 2011، بعدها تحصلت على مشروع 250 مسكن في ديدوش مراد، و تستعد  لمباشرة مشروع 50 مسكن ترقوي، مشيرة إلى أنها مهندسة و مرقية في نفس الوقت، تتابع كل مراحل المشروع، فكونها مهندسة يجعلها تشرف على الدراسة و وضع التصور و تحديد المقاولة إلى غاية تجسيد المشروع و المتابعة، مضيفة بأنها تفضل وضع لمستها الهندسية على كافة مشاريعها السكنية.
أتعرض للقذف و التشهير لكوني امرأة ناجحة
محدثتنا قالت بأنه و بالرغم من التطور الذي بلغته بلادنا و تحرر عديد الذهنيات ظاهريا من المعتقدات الخاطئة و النظرة الدونية للمرأة، و بالأخص القوية التي لا تخشى خوض تجارب حكرا على رجال، إلا أن مجتمعنا في الواقع لا يزال يحتقر المرأة و يمارس عليها الظلم و البهتان، و لا يريد نجاحها، حيث يسعى لتحطيمها و التقليل من شأنها، و حتى تعريضها للقذف و التشهير بها ، ، قائلة بأنها تعرضت مؤخرا لادعاء كاذب، و بلغت قضيتها قبة البرلمان، فقد اتهمت بكونها تتحدى الإدارة و السلطات العليا في البلاد، بخصوص المشروع السكني الذي تشرف عليه بديدوش مراد، ما اضطرها إلى توجيه مراسلات لرئاسة الجمهورية، و الجهات المعنية، و رفع قضية أمام العدالة، كما أنها تتعرض للمضايقات و التشهير غبر مواقع التواصل، ما تسبب في تعرضها لمشاكل زوجية معقدة، تهدد كيان أسرتها.
و أضافت المتحدثة أن التضييق الذي تتعرض له المرأة في المجال لا يتعلق بالقذف فقط، بل أن هناك بعض الأشخاص يحاولون الحصول على تنازلات من سيدات الأعمال و المقاولات، كتلبية دعوات العشاء و غيرها، لتحصلن على تسهيلات في عملهن، و هو ما لا يمكن، أن تقبل به السيدة المتخلقة و الأصيلة، فتتعرض لعدة ضغوط.

لامية لوصيف صاحبة مكتب دراسات
 وضعت بصمتي على أقطاب جامعية بالشرق الجزائري
 لامية لوصيف، مهندسة سابقة و مسؤولة مكتب دراسات، و مرقية عقارية، خبرتها في المجال تفوق 30 سنة، تنقلت خلالها بين ولايات الشرق، بدءا من ولاية بومرداس، إلى غاية ولاية الطارف، لتساهم في تجسيد كبرى المشاريع التنموية و التعليمية، فساهمت في إنارة شعلة العلم ، بتصميم و انجاز أقطاب جامعية هي اليوم حيز الخدمة، و كذا مؤسسات تعليمية و وحدات سكنية بعلي منجلي،  و تسعى من خلال مخططاتها الجديدة لتدارك كل الأخطاء و العيوب الهندسية المسجلة سابقا، كما تهدف لإضفاء لمسة فنية جمالية تتماشى و خصوصية العمران العربي.

تحدثت السيدة لامية لوصيف، خلال استقبالها للنصر بمكتبها بحي 5 جويلية بقسنطينة، عن مشوارها التعليمي قائلة، بأنها تحصلت على شهادة جامعية في الهندسة المعمارية من جامعة قسنطينة، سنة 1991، ثم اتجهت بعدها مباشرة إلى عالم الشغل، لتفتح مكتب دراسات بالطابق السفلي لبيتها العائلي بحي المحاربين، وسط مدينة قسنطينة.
و أضافت بأنها كانت تقضي ساعات متأخرة من الليل بمكتبها، لتصمم مخططات دقيقة ذات لمسة جمالية، و كانت تحظى بكل المرافقة و الدعم من أسرتها و بالأخص والدها، ما ساهم في تحفيزها و جعلها تبذل أقصى جهدها لتقديم عمل في المستوى، مؤكدة بأن الدعم الأسري إلى جانب التسهيلات الإدارية التي كانت تتلقاها من الإدارات المعنية آنذاك، خاصة بالنسبة للمبتدئين، ساهمت  بشكل كبير جدا في صقل خبراتها.
و عن المشاريع التنموية التي وضعت مخططاتها و أنجزتها، قالت بأنها أشرفت باعتبارها مهندسة و صاحبة مكتب دراسات على عدة مشاريع، وحدات سكنية و مؤسسات تعليمية و كذا جامعات في الشرق الجزائري ، و أطلعتنا على عديد المخططات التي قامت بهندستها، حيث ساهمت مع  ديوان الترقية و التسيير العقاري سنة 2009، في بناء 80 سكن  ثم 100 مسكن،و 200 مسكن بمحاذاة المركز التجاري رتاج مول، و أخرى أمام مقر وكالة عدل بعلي منجلي، بالإضافة إلى مؤسسات تعليمية، هي اليوم حيز الخدمة، كثانوية ساقية بوخميس بالوحدة الجوارية 18  بالمدينة الجديدة علي منجلي،  حيث قامت بدراسة و متابعة الأشغال، بالإضافة إلى ثانوية  بحي الضريح بماسنيسا، و كذا متوسطتين محاذيتين لها.
كما أشرفت على انجاز كلية الحقوق  في ولاية الطارف سنة 2010، بالإضافة إلى تشييد متوسطات و ثانويات بجيجل،  و قالمة و التي تعد من الولايات التي عملت بها كثيرا، حيث أنجزت بها 6 آلاف مقعد بيداغوجي، و كذا مشاريع سكنية، كما انجزت عديد المشاريع  بولاية برج بوعريريج.
العراقيل البيروقراطية وراء تأخر المشاريع السكنية  
فضلت السيدة لامية لوصيف، صاحبة مكتب دراسات و مهندسة معمارية و مرقية عقارية، ارتداء قبعة المرقي العقاري بعد سنوات عديدة في مجال الهندسة و دراسة المشاريع و متابعتها، باعتبار الترقية العقارية مكمل لتخصصها و بمثابة اللبنة الأساسية التي تمكنها من الإلمام بكافة الجوانب، لتقديم عمل في المستوى، و هي تسعى دوما إلى أن تضفي لمستها الهندسية و الجمالية على مشاريعها السكنية، كما تحرص على تدارك كل العيوب و الأخطاء التي وقع في فخها مرقين آخرين، كما ترافع من أجل عدم تركيز إقامة مدن جديدة بالشمال الجزائري، و إنما توسيعها لتشمل الجنوب الجزائري، حيث ترغب في الإشراف على مشاريع سكنية بمعايير مدروسة تتضمن كل المرافق، من بينها  قاعات الرياضة التي لم تؤخذ في الحسبان في مخططات العمران الحالي، مشيرة إلى أن العراقيل البيروقراطية تسببت في تأخر ركب التطور بولاية قسنطينة و الجزائر عموما، و أصبحت هاجس كل المرقين.   
و أرجعت ذات المتحدثة في السياق ذاته، سبب تأخر مرقين في تجسيد المشاريع في الآجال المحددة، إلى العراقيل الإدارية، التي تصادفهم على مستوى مختلف الهيئات، متحدثة عن المشروع السكني الذي سلم لها على مستوى دائرة زيغود يوسف، و الذي لم ينطلق منذ سنتين، لسبب يتعلق بعدم الفصل في مشكل ملكية الأرض، التي أصبحت  تابعة لمديرية أملاك الدولة، غير أنها لا تزال مقيدة على البلدية، ما أخر انطلاق المشروع ، و لم يحل الإشكال لحد الساعة، مؤكدة بأن سبب التأخر يعود بنسبة 90 بالمئة للعراقيل الإدارية و ليس المرقي العقاري، لأن هذا الأخير ليس في صالحه، تأخر انطلاق المشروع و تأخر مدة انجازه، لكون ذلك يكبده خسائر مادية معتبرة، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء ، في حين أن الميزانية المحددة للمشروع غير قابلة للتغيير، إلى جانب مشكل تأخر صب الميزانية الذي اضطرها في سنة  ،2017 إلى بيع كل ممتلكاتها و أخذ قرض من البنك لتسديد رواتب العمال.

و هناك عراقيل تصادف المرأة على وجه الخصوص، حسبها، حيث لا يجوز لها القيام بأمور معينة أصبحت أساسية في العلاقات المهنية، بين كل المساهمين في المشروع،  كدعوات العشاء و ارتشاف القهوة،  و هو ما لا يمكن للمرأة القيام به، خاصة و أننا في مجتمع محافظ يرفض ذلك، لهذا على المرأة التسلح بالقوة والإرادة اللازمة لتخطي كل العقبات.  محدثتنا أضافت بأنها تفضل العمل بمفردها و ترفض الاتكال على الغير، حتى في تنقلاتها المهنية عبر ولايات الشرق، اذ أحيانا تفضل اصطحاب أحد المهندسين أو التقنيين المكلفين، خشية أي طارئ عند عودتها في ساعات متأخرة من الليل.
و تحرص دائما على القيام بواجبها على أكمل وجه، و التنقل بين الورشات، و لحسن الحظ لم تتعرض لأي مكروه، كما تحظى بالتقدير و الاحترام من الفريق العامل بالورشة و كذا على مستوى المكتب، مشيرة إلى أن مرحلة التسعينات، كانت الأصعب،  حيث كانت تغادر بيتها عند الساعة الخامسة صباحا، لتعود على الثامنة ليلا، غير أنها و بفضل الله لم تتعرض لأي مكروه.
و تعتبر العمل في مجال البناء و متابعة الأشغال، من الميادين التي يصعب اقتحامها من قبل المرأة، خاصة المتزوجة، لأن القيام بواجبين أسري و مهني ليس بالأمر الهين، خاصة بالنسبة للسيدات اللائي يحرصن على القيام بواجباتهن على أكمل وجه، سواء المنزلية أو المهنية، مشيرة إلى أنها بمجرد أن تصل للبيت بعد يوم عمل شاق، و في أحيان كثيرة في وقت متأخر،  تتوجه مباشرة إلى المطبخ ، لتحضير العشاء لأسرتها، ثم تقوم بتدريس ابنها، فلا تعرف طعم الراحة الا عند خلودها إلى النوم ليلا، مؤكدة بأن ذلك أثر سلبا  على وضعها الصحي و هي تعاني اليوم من عدة تعقيدات صحية.

 

الرجوع إلى الأعلى