نحو توسيع زراعة الموز و خلق قطب لإنعاش السوق بجيجل
شهدت ولاية جيجل خلال، السنتين الفارطتين، تطورا ملحوظا في شعبة زراعة الموز، إذ سمحت تجارب بعض الشباب الفلاحين بزراعتها داخل البيوت البلاستكية متعددة القبب، باقتحام آخرين للميدان و قد وصل عدد المشاريع إلى 14 استثمارا تتفاوت في نسب الإنجاز، مع وجود طلبات عبر أجهزة الدعم و المصالح الفلاحية، لإنجاز مشاريع مماثلة و بالرغم من قلة الإنتاج في الوقت الراهن، إلا أنه يعتبر من بين الشعب التي ستضخ كميات من الموز تفوق 2800 قنطار خلال الثلاث سنوات المقبلة.

كـ.طويل

و قد راهن فلاحون شباب على قطاع الفلاحة بالولاية و بتمويل من أجهزة الدعم، على النهوض بالشعبة، حيث تم عرض نماذج ناجحة و مرافقتها حسب الإمكانيات المتاحة، مع تقديم تسهيلات عديدة، خصوصا المتعلقة بصعوبة إيجاد الأوعية العقارية و التي تبقى هاجسا كبيرا أمام فلاحين راغبين في اقتحام الشعبة.
14 مشروعا لزراعة الموز عبر عدة مناطق
و ذكر رئيس غرفة الفلاحة بجيجل، باقة توفيق، أن مساحة زراعة الموز بدأت تتوسع داخل البيوت البلاستكية متعددة القبب، بمساحة تقارب أربعة هكتارات و قد وصلت إلى 14 مشروعا، من بينهم مشروعان في طور الإنجاز، بما فيها مشاريع دخلت مرحلة الإنتاج و أخرى غرست بها شتلات الموز و من المتوقع أن تدخل الإنتاج السنة المقبلة.
مضيفا بأن الفلاحين أشاروا إلى أن المردودية تصل إلى حوالي 30 كلغ في العرجون الواحد و هو معدل مشجع جدا حسبه و توقعات الإنتاج بكل مشروع يصل إلى حوالي 210 كلغ، مشيرا إلى أن هناك طلبات عديدة من قبل الشباب، ستمس العديد من المناطق بالشقفة، جيمار، الجمعة بني حبيبي، بازول، قاوس و سمح هذا الإقبال بفتح فروع لثلاث شركات لتركيب البيوت البلاستيكية متعددة القبب، من أجل تجسيد المشاريع المنتظرة.
و قد لجأ فلاحون للشعبة بسبب نجاحها و سهولة تجسيدها، مع وجود طلبات على المنتوج من قبل تجار الجملة و موردي المؤسسات التعليمية بالفاكهة، كما عملت الغرفة بالتنسيق مع المصالح الفلاحية و الفلاحين، على تأسيس جمعية لمنتجي الموز و التفكير في إنشاء تعاونية فلاحية مختصة للاستفادة من المزايا الموجودة.
التجارب الناجحة و الدعم فتح الأبواب أمام الشباب
و قال، باقة توفيق،إن تطوير الشعبة يتم تدريجيا و قد ساهمت التجارب الناجحة و دعم الدولة في جلب الفلاحين، خصوصا الشباب منهم، لاقتحام الميدان و تعتبر زراعة الموز من بين الشعب التي ستحول المنطقة إلى قطب لإنتاج هذا النوع من الفاكهة، في حالة تجسيد جميع المشاريع ميدانيا خلال السنوات القليلة المقبلة.
و سبق للنصر أن رافقت أصحاب مشاريع ناجحة و سلطت الضوء عليها في ميدان زراعة الموز داخل البيوت البلاستكية متعددة القبب و من بين الشباب الذين اقتحموا الميدان، شاب جامعي متحصل على شهادة الماستر في العلوم السياسية، طموحه في النجاح جعله يقتحم ميدان الفلاحة و ينجح في بناء مشروعه.
متخرج من كلية العلوم السياسية يقتحم زراعة الموز
يعد الشاب، مروان رويبح، من بين الذين رفعوا التحدي بعد تخرجهم من الجامعة و بعد بحث سنوات عن وظيفة مستقرة تتوافق مع شهادة الماستر في العلوم السياسية، لم يجد الملاذ، ليقتحم بعدها عالم الفلاحة و التكوين في القطاع، حيث فكر في اقتحام نشاط زراعة الموز.
و يقول مروان، « زاولت دراستي الجامعية كأي شاب يطمح في مستقبل زاهر بعد التخرج، درست ماستر في العلوم السياسية و بعد البحث عن عمل ملائم حسب شهادتي الجامعية، لم أجد الفرصة، إلا أن ذلك لم يمنعني من التفكير في طريقة أخرى للعمل و بعد البحث في اقتحام عالم الاستثمار، جاءت فكرة اقتحام عالم الفلاحة و البداية في مشروع صغير، حيث توجهت للتكوين لدى الخواص و غرفة الفلاحة، فتبلور التفكير في اقتحام زراعة الخضر و الفواكة و بعدها ظهرت فكرة زراعة الموز».
و قد لجأ الشاب للبحث عن طريقة يجسد بها مشروعه و التي تجلت في الزراعة تحت البيوت البلاستيكية متعددة القبب، في وقت كان من الصعب أن يقتحم مجالا جديدا، كونه لم يسبق له أن مارس النشاط الفلاحي و قال، بأن التكوينات التي اكتسبها مع الغرفة الفلاحية و الاحتكاك مع فلاحين شباب، أعطاه القوة لمباشرة مشروعه الفلاحي و البحث في المواقع المختصة لدى الدول الرائدة في مجال الزراعة تحت البيوت متعددة القبب.
و بعد أشهر من البحث و التكوين، أتيحت له الفرصة، في إطار دعم من قبل أجهزة الدولة للشباب الراغبين في اقتحام عالم الفلاحة، ليحصل على دعم من وكالة « أونساج» في شكل قرض لإنجاز بيت بلاستيكي متعدد القبب و قام بعدها بكراء قطعة أرض فلاحية بمنطقة جيمار، أين قام تدريجيا ببناء مشروعه الحلم، تحت متابعة مصالح الفلاحة و الغرفة و عمل على توفير فرص الشغل، حيث قام بتوظيف ستة فلاحين شباب و في وقت زراعة الشتلات، وصل عدد العاملين إلى حوالي 12 عاملا، إذ قام بغراسة قرابة 900 شجيرة.

و قال مروان، إنه من بين الشباب الأوائل بجيجل الذين اقتحموا ميدان زراعة الموز في السنتين الفارطتين، خصوصا تحت البيوت متعددة القبب و استطاعوا أن يجسدوا المشروع ميدانيا بالتنسيق بينهم، حيث أشار إلى أن المشروع يتطلب الدقة في إعداده و عبر مراحل و حسن اختيار الأرضية و المساحة.
و ذكر محدثنا، أن زراعة الموز كانت موجودة في الثمانينيات بجيجل، حيث كانت تتم داخل البيوت البلاستيكية العادية و التركيز على الموز صغير الحجم و نجاحها لم يكن ينافس الموز المستورد من الخارج ذو الحجم الكبير، حيث لجأ الشباب الفلاحون لزراعة الموز من الحجم الكبير و بتقنية زراعة حديثة، إذ يوفر البيت متعدد القبب المناخ الملائم، خصوصا الموز، كونه ينمو تحت شروط معينة على غرار الحرارة المرتفعة و الرطوبة العالية بولاية جيجل، أما الحرارة فتتوفر في البيت البلاستيكي الخاص.
و لزراعة الموز، لابد أن تفوق حرارة الجو 15 درجة و لا تتعدى 35 درجة، مع الاعتناء اليومي به، بتوفير الظروف الملائمة، قائلا « البداية كانت بتركيب البيت متعدد القبب و الحرث، قبل المرور إلى مرحلة غرس الشتلات وفق معايير معينة و ترك مسافة متر و نصف بين شجيرة و أخرى و كذا مساحة لمرور الضوء الذي يعتبر من بين المتطلبات و العمل اليومي عبر السقي بتقنية الري بالتقطير و إزالة الأعشاب الضارة و الطفيليات و الحفاظ على جذور الشجيرة.
و أضاف محدثنا، إن مشكل المياه بجيجل غير مطروح و هو متوفر بكثرة و أن الاعتناء يتم عبر المراحل و بوقت زمني مضبوط بثمانية أشهر، حيث تنمو أوراق شجرة الموز و بداية ظهور عرجون الموز، ليتم انتظار فترة أربعة أشهر لإعطاء الثمار و تأخذ مدة 14 شهرا ككل من أجل الشروع في قطف و جني الثمار، ليتم بعدها المرور إلى مرحلة التوظيب و التسويق.
ضخ ما يقارب 200 قنطار في السوق
يقول الشاب إنه قام خلال السنة الفارطة، بضخ كمية قاربت 200 قنطار في السوق المحلي، بسعر يفوق 160 دج للكيلوغرام الواحد و في السنة الحالية، يتوقع أن يسوق نفس الكمية على مراحل، حيث يصل سعر البيع إلى حدود 180 دج للكيلوغرام الواحد، موضحا بأن مرحلة التسويق سهلة للغاية، كون الفاكهة مطلوبة في السوق بكثرة، مشيرا إلى أن سعر البيع لدى تجار التجزئة خارج عن نطاقهم.
و يعمل، مروان، في الوقت الحالي، على توسيع مشروعه عبر توفير شتلات الموز للبيع، حيث يطمح لإدماج تربية المائيات مع الفلاحة في أحواض السقي، لضمان تسميد طبيعي و هي من بين التقنيات الحديثة و ستسمح له بضمان توفير منتوج طبيعي مائة بالمائة، مع توفير مبالغ مالية و تقليص التكلفة.

الرجوع إلى الأعلى