الشريعة تنتظر استثمارات صديقة للبيئة
أثرت طبيعة المنطقة الجبلية بالشريعة وإدراجها ضمن المحميات الطبيعية على الاستثمارات السياحية، بحيث بالرغم من كونها وجهة مفضلة لآلاف السياح من كل نواحي الوطن خاصة في فصل الشتاء إلا أن الاستثمارات السياحية تراوح مكانها منذ عقود، ولم تتدعم سوى بفندق واحد جديد، ليترفع عدد الفنادق إلى ثلاثة، كما أنجزت مديرية الشباب والرياضة مخيما وبيتا للشباب تشرف الأشغال به على نهايتها بهما بعد رفع التجميد عليهما، وينتظر أن يدخلا حيز الخدمة الأشهر القادمة، ويكون لهما دور في بعث حركة الوفود السياحية الشبانية نحو المنطقة، في حين مجمل المشاريع السياحية بالشريعة اصطدمت بطبيعة المنطقة وخصوصيات المحمية الطبيعية.

نورالدين ع

وكشف في هذا السياق مصدر مسؤول بمديرية السياحة والصناعات التقليدية لولاية البليدة عن تسجيل طلبات لإنجاز 6 فنادق جديدة بمنطقة الشريعة، إلا أن أصحابها لم يحصلوا على الموافقة بسبب اعتراض إدارة الحظيرة الوطنية للشريعة، باعتبار أن المنطقة محمية طبيعية، ولا يمكن أن يغزوها الاسمنت، وكل الاستثمارات يجب أن تكون مساعدة للبيئة ومتماشية مع الطابع المحلي للمنطقة، وبذلك فكل استثمار بالمنطقة يكون وفق شروط دقيقة تتماشى وخصوصيات المحمية الطبيعية، وفي السياق ذاته شددت مصالح الحظيرة الوطنية للشريعة من القيود حتى على أراضي الخواص، ومنع السكان المحليين من القيام بأي أشغال توسعة لمساكنهم، كما تفتقد المنطقة لأي مشاريع سكنية، وكانت البلدية قد استفادت منذ سنتين من مشروع 60 وحدة سكنية على مستوى بلدية مفتاح شرق عاصمة الولاية، وتندرج كل هذه الإجراءات حسب نفس المصدر في إطار الحفاظ على المحمية الطبيعية بالشريعة، وطابعها العمراني الخاص بها، ومنع أي توسع على مستوى أراضيها التي تعد منطقة غابية وغنية بمختلف الأشجار والنباتات والحيوانات.
تراجع تساقط الثلوج أدى إلى تراجع عدد السياح
تعرف منطقة الشريعة كل موسم حركية سياحية كبيرة في فصل الشتاء ابتداء من شهر نوفمبر مع بداية تساقط الثلوج إلى غاية دخول فصل الربيع، وكانت الشريعة تلبس حلة بيضاء طيلة فصل الشتاء، وتتواصل الثلوج في التواجد إلى غاية فصل الربيع في بعض المواسم، لكن خلال السنوات الأخيرة عرفت تراجعا كبيرا، بحيث في الموسمين الماضيين لم تشهد سوى تساقط كميات قليلة لم تبق سوى لساعات فقط وتطايرت بعد أن كانت تبقى لشهور، ونفس الشيء بالنسبة لهذا الموسم، بحيث تساقطت الثلوج بكميات قليلة في شهر نوفمبر وبداية الشهر الجاري، في حين لم تنتظر وصول السياح وتطايرت بشكل سريع لتساقطها بكميات قليلة، وهذا الواقع الجديد الذي تعرفه الشريعة وتراجع تساقط الثلوج أثر على حركية السياح، بحيث تراجع إقبال الزوار بشكل كبير، خاصة في فصل الشتاء، بحيث تشتهر المنطقة بالإقبال الكبير للعائلات من أجل مداعبة الثلوج، خصوصا من طرف سكان المناطق الداخلية والساحلية الذين لا تصلهم الثلوج، إلا أن تراجع تساقطها بالشريعة جعل العائلات لا تقصد المنطقة إلا في حالات نادرة، ويقل الاقبال في فصل الشتاء مع الانخفاض الكبير في درجة الحرارة وغياب الثلوج.
فنادق شبه فارغة تبحث عن ضيوفها
تشتهر منطقة الشريعة بفندقين هما فندق الأرز الموجود بمدخل الشريعة التابع لأحد الخواص، وفندق النسيم المتواجد على يمين مقر البلدية التابع للقطاع العمومي، كما أنجز أحد الخواص فندقا ثالثا انتهت به الأشغال منذ أشهر، لكن هذه الفنادق التي كانت تعج بزوارها خلال فصل الشتاء تراجع الاقبال عليها، و  أصبحت شبه خالية من الزبائن، مع غياب الثلوج طيلة فصل الشتاء، إلى جانب تأثير الوضع الصحي على توافد الزوار، بحيث أن جائحة كورونا هي الأخرى كان لها دور كبير في تراجع الإقبال والمبيت في الفنادق، ويذكر في هذا السياق مسير الفنادق بأن إقبال الزوار تراجع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب تراجع تساقط الثلوج، وبذلك لم يعد ما يدعو السياح للتواجد بالمنطقة في فصل الشتاء، أما في فصل الصيف فيفضل السياح الشواطئ والمناطق الساحلية على المناطق الجبلية، و في فصل الربيع فتعرف الشريعة بعض الحركية حسب نفس المتحدث لكن ليست كبيرة، وتقتصر الزيارات على أصحاب المناطق المجاورة الذي يقصدونها خلال زيارات يومية دون المبيت.
أما عن أسعارالفنادق فهي في متناول الزوار حسب نفس المتحدث، بحيث تتراوح ما بين 3000 إلى 7000 دينار للغرفة الواحدة مع توفير وجبات الإفطار صباحا.
من جهة أخرى يتوقع أن يساهما المخيم الصيفي وبيت الشباببالشريعة بعد فتحهما في دفع حركية إقبال الشباب على منطقة الشريعة، خاصة الرحلات المنظمة، من طرف الجمعيات الشبانية، بحيث ما يشكو منه زوار المنطقة من الشباب غياب مرافق شباينة للمبيت لقضاء عدة أيام وتنظيم زيارات لمختلف المواقع والمعالم بالشريعة، وكذا تنظيم الندوات التكوينية والعلمية التي تستمر لأيام، ويجمعون في ذلك بين السياحة والتكوين والعلم.
شاليهات للإيــجار
تتميز الشريعة بتواجد عشرات الشاليهات بنمط عمراني وهندسي جميل يتماشى والمنطقة، بحيث جل هذه الشاليهات التي تنشر بمداخل المنطقة ووسط الأشجار، وأنجزت بالخشب، وبطريقة هندسية جميلة تشبه شجر الأرز،  وزادت هذه الشاليهات في جمال المنطقة وسحرها، كما أن جل هذه الشاليهات تابعة لخواص استفادوا منها في سنوات السبعينات والثمانيات عن طريق البلدية، كما قام آخرون بشرائها، ويلجأ بعض مالكي هذه الشاليهات بتأجيرها خلال فصل الشتاء بأسعار تتراوح ما بين 2000 إلى 3000 دينار لليلة الواحدة، في حين الطلبات قليلة حسب مصدر من المنطقة، ونادرا ما تجد عائلات تطلب تأجير شاليهات، وذلك بسبب تراجع الثلوج في فصل الشتاء، كما يفضل بعض العرسان الجدد بمدينة البليدة والمناطق المجاورة قضاء شهر العسل في الشريعة بعد تأجير شاليهات، كما أن بعض مالكي هذه الشاليهات المقيمة بمدينة البليدة يفضلون التنقل للشريعة والمبيت فيها مع نهاية الأسبوع خصوصا لما تكون الثلوج متواجدة.
قريـة سياحيـة وفضاءات لـراحة السيـاح
كشف مصدر من مديرية السياحة والصناعات التقليدية بولاية البليدة عن مشروع لإنجاز قرية سياحية بالشريعة ضمن مشاريع التوسع السياحي بولاية البليدة، بحيث تضم هذه المشاريع ثلاثة أقطاب منها قطب الشريعة، الشفة، وحمام ملوان، ويتضمن مشروع القرية السياحية بالشريعة الذي يعود إلى سنة 2018 إنجاز قرية سياحية بالشريعة تتربع على مساحة 10 آلاف هكتار، وتتوفر هذه القرية على فضاءات للترفيه والراحة مخصصة للعائلات والأطفال، وذلك في ظل نقص هذا المرافق حاليا بالشريعة، بحيث لا تتوفر سوى على نادي التزحلق الذي يقتصر استعماله على فترة تواجد الثلوج، أوبعض الفضاءات الصغيرة المتواجدة على أطراف مركز البلدية، في حين تفتقد هذه الفضاءات للمرافق الضرورية، بما فيها دورات المياه، بحيث تتوفر الشريعة على دورة مياه واحدة تتواجد بمدخل المنطقة، وتشهد في فترات توافد السياح بأعداد كبيرة طوابير طويلة للمواطنين، وعلى الرغم من النداءات المتكررة لإنجاز دورات مياه أخرى بمواقع مختلفة خاصة تلك التي تستقطب العائلات، في حين هذا المشروع البسيط وغير المكلف لم ير النور.
والأمر لايختلف بالنسبة للمطاعم، بحيث لا تتوفر الشريعة على مطاعم راقية تليق بمقام السياح، بحيث تتوفر على مطعم واحد بمدخل المنطقة، يوفر أكلات طبيعية وتقليدية، إلى جانب محلين للأكل الخفيف، ولهذا أغلب الزوار يفضلون إحضار مأكولاتهم معهم من منازلهم أو شرائها بمدينة البليدة قبل الصعود نحو الشريعة.
ويأمل في الأخير سكان المنطقة والسياح أن تعود الثلوج لسابق عهدها وتتدعم الشريعة بمرافق سياحية ملائمة وفضاءات لراحة العائلات من أجل أن  تنتعش السياحة بهذه المنطقة الجميلة  والساحرة.                                 نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى