* إقبال متزايد للشباب و النسوة على ممارسة النشاط

توسعت المساحات المزروعة بفاكهة الفراولة في ولاية جيجل خلال، السنوات الأخيرة، إلى 420 هكتارا، موازاة مع توفر عدة عوامل أدت إلى إقبال الشباب على النشاط في هذه الشعبة، ما سمح بامتصاص جزء من البطالة في العديد من البلديات الفلاحية، على غرار القنار و سيدي عبد العزيز.

روبورتاج: كريم طويل

كما سمح التشتيل المحلي بتمديد فترة الجني إلى 10 أشهر و استقطاب فلاحين جدد، بدل النشاط الموسمي الذي كان يقتصر على فترة زمنية قصيرة في السنوات الأخيرة.
زراعة الفراولة من نشاط موسمي إلى نشاط قار
يشاهد الزائر للأسواق، وفرة فاكهة الفراولة على طول أيام السنة ، حيث تم كسر التقليد المتوارث منذ سنوات لدى تجار الخضر و الفواكه و أرجع متحدثون ذلك، إلى وفرة الإنتاج المحلي و جهود فلاحين أصروا على توسيع هذه الشعبة.

توجهنا إلى بلدية القنار نشفي شرق الولاية، أين كان لنا لقاء مع فلاحين أكدوا لنا أن نشاط زراعة الفراولة أضحى قارا و لم يبق مجرد نشاط موسمي مقارنة بالسنوات الفارطة، فجل العائلات انخرطت في الشعبة و يقول محمد "في بلدية القنار، الجميع انخرط في شعبة الفراولة، فتقريبا كل عائلة تمارس النشاط الفلاحي، تجدها أنجزت بيوتا بلاستكية لزراعة الفراولة، كونها من الزراعات الأكثر طلبا".
و أضاف المتحدثون، أن الشباب أضحوا يمارسون نشاط زراعة الفراولة و يتحصلون على مصروفهم أو قوت يومهم من العمل في مزارع الفراولة، ويقول فيصل " على حد علمي و من واقعنا المعيش، فإن جل الشباب ببلدية القنار نشفي، صاروا يمارسون نشاط زراعة الفراولة و يعمل بالحقول و البيوت البلاستيكية، فقد سمح النشاط بتوفير مدخول لهم".
و حسب المعنيين، فإن شبابا متخرجا من الجامعة، توجه للعمل بالساعات ضمن حقول الفراولة و قد سمح النشاط بتوفير مدخول مؤقت لهم، حيث قال عبد الله " تقريبا في الصباح الباكر، تجد الشباب متجها للحقول، أغلبهم قرر العودة لممارسة النشاط الفلاحي و العمل بالساعات في الحقول، فمنذ الساعة السادسة صباحا، يبدأ عملهم داخل البيوت البلاستيكية، حيث تجدهم منغمسين في عملية الجني".
فيما ذكر أحد الشباب، أنه تخرج من الجامعة و لم يجد فرصة للتوظيف، فقرر رفقة صديقه العمل مؤقتا في جني ثمار الفراولة من الحقول، مؤكدا أنها سمحت له بتوفير مدخول لا بأس به.
التشتيل المحلي يمدد فترة الإنتاج إلى 10 أشهر
و قال آخرون، إنه و خلال جائحة كورونا في السنتين الماضيتين و مع تقلص فرص التشغيل و نقص النشاط التجاري بسبب مخاوف المواطنين، لجأ العديد من أبناء المنطقة و مناطق مجاورة لشعبة زراعة الفراولة و العمل في الحقول، هذا العامل ساهم في توفير اليد العاملة التي كانت عبءا كبيرا على أصحاب الحقول الذين وجدوا صعوبات في جني الفراولة بسبب نفور الشباب من العمل الشاق تحت البيوت البلاستيكية، حيث ذكر أحد الفلاحين، أن الشباب توجهوا لممارسة هذا النشاط و طلب فرص للتشغيل بالحقول، فيما كان جني الفراولة من بين النشاطات التي تواجه نقص اليد العاملة.

و أوضح أحد منتجي فاكهة الفراولة، عبد السلام بوسطيل، بأن النشاط في الآونة الأخيرة يعرف إقبالا غير مسبوق للشباب و ذلك لعدة أسباب، أبرزها التشتيل المحلي، قائلا: " التشتيل المحلي للفراولة و إنتاج شتلات محلية، ساهم في تمديد أشهر إنتاج الفراولة و الذي يستمر طيلة عشرة أشهر، بعدما كان يقتصر على فترة لا تتجاوز ستة أشهر كأقصى حد، فبظهور التشتيل، ظهرت نشاطات أخرى تفرض تواجد اليد العاملة، بداية من مرحلة التشتيل انطلاقا من شهر أوت و صولا إلى آخر مرحلة للإنتاج شهر جوان، هاته المدة سمحت للشباب بالعمل و الاستقرار داخل الحقول، كونهم يتحصلون على مدخول يغطي السنة تقريبا".
و الملاحظ حسب فلاحين، أن التشتيل المحلي ساهم في توفير فرص للتشغيل طوال فترة طويلة و تقليص التكاليف على الفلاحين الذين كانوا يقدمونها من أجل شراء الشتلات من الخارج و تحويلها لتسديد أجور العمال، كما أن العملية سمحت بالمرور إلى مرحلة الغرس المبكر للفراولة و التي تكون خلال شهر أكتوبر، بدل أواخر شهر نوفمبر، هاته المرحلة هي الأخرى توفر فرصا لتشغيل اليد العاملة.
و مع ظهور التشتيل المحلي و انتشار كورنا التي أضحت نعمة للبعض، تحول عمال بالحقول إلى مستثمرين و فلاحين يملكون حقولهم الخاصة ، كون تكلفة البيت البلاستيكي لم تعد مكلفة مقارنة بالسنوات الفارطة، إذ يقول أحد الفلاحين، أنه و قبل أربع سنوات، كان يعمل في حقول أحد جيرانه لإنتاج فاكهة الفراولة و لكنه بعد انتشار تجربة التشتيل المحلي و توفر الشتلات المحلية، قرر أن يستقل و ينشئ حقلا خاصا به، قائلا: " العملية سمحت لي بتوفير مناصب عمل أخرى جديدة، إذ أصبحت صاحب المشروع و قمت بتوظيف أزيد من ستة شباب كعمال مباشرين و 9 شباب كعمال غير مباشرين، خصوصا في مرحلة الجني و ما أستطيع قوله، فإن العديد من الشباب اقتحم المجال في السنوات الأخيرة و تجربة التشتيل المحلي سمحت بتحقيق ذلك".
العنصر النسوي يقتحم المجال و التكاليف هاجس المنتجين
و ذكر متحدثون، أن العنصر النسوي اقتحم المجال و جل أصحاب المزارع لجأوا للنسوة اللواتي يبحثن عن مدخول لعائلاتهن، حيث وجدت العديد منهن ضالتهن في هذا العمل، ويلاحظ توجه العشرات منهن في الصباح الباكر إلى حقول الفراولة المنتشرة عبر بلديات سيدي عبد العزيز، بني بلعيد، القنار نشفي، من أجل جني المنتوج.
و يقول، عمر، بأنه يوظف ما يقارب 10 نسوة ضمن لهن مدخولا ثابتا خلال ثمانية أشهر متتالية، نتيجة لنشاطهن المتمثل في جني الفراولة و يتكرر المشهد، حسبه، عند العديد من الفلاحين مالكي الحقول.
و ذكر المتحدثون، أن شعبة الفراولة أقحمت الشباب في عالم الشغل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و أبرزت تجارا لبيع المنتوج عبر الطرقات و الأسواق الجوارية.
و قال المنتج و رئيس الغرفة الفلاحية السابق، باقة توفيق، إن مساحات زراعة الفراولة توسعت في الفترة الأخيرة، لتصل إلى ما يقارب 420 هكتارا من المساحة المزروعة من الفراولة و ساهمت في تشغيل اليد العاملة بالآلاف و من جميع أرجاء بلديات الولاية، حيث تحولت الشعبة من زراعة موسمية إلى زراعة دائمة طوال السنة و امتصت حجما كبيرا من البطالة، و رغم تطورها و تحقيق إنتاج كبير، إلا أن الشعبة تعرف مشاكل عديدة أثقلت كاهل الفلاحين، من بينها عدم وجود سوق قار للجملة بالولاية و كذا غلاء المداخلات الفلاحية.

و أكد رئيس جمعية منتجي الفراولة، ميشاري الطاهر، أن نشاط زراعة الفراولة عرف انتعاشا كبيرا في الآونة الأخيرة و ساهم في توفير اليد العاملة المباشرة و غير المباشرة، إذ عرفت الشعبة إقبالا كبيرا من مختلف الفئات، ما ساهم في امتصاص البطالة، مع وجود عمال سابقين أضحوا ملاكا للحقول هاته السنة و ذلك ناجم عن أسباب عديدة من بينها التشتيل المحلي و الخبرة، رغم الصعوبات و العراقيل التي تواجه الفلاحين، على غرار غلاء المدخلات الفلاحية من مادة البلاستيك التي ارتفعت إلى الضعف في السنوات الأخيرة، مع غلاء المبيدات، حيث وجه نداء للسلطات المعنية بتقديم يد العون.                     ك.ط

الرجوع إلى الأعلى