* فلاحـــــــــون: زيادة التكاليف و جشع التجار  وراء ارتفاع الاسعار

تشهد أسعار الخضر والفواكه بولاية جيجل خلال الآونة الأخيرة، ارتفاعا كبيرا يربطه فلاحون بالمنطقة بزيادة تكاليف الإنتاج وجشع التجار بغرض رفع هامش الربح، إلى جانب مشاكل الجني التي دفعت بالعديد من أصحاب المزارع إلى الاستعانة بنسوة يعملن منذ الساعات الأولى للصباح، والتقت النصر بفلاحين يتحملون مشقة الصيام في الحقول المنتشرة عبر بلديات القنار نشفي، الطاهير وبلغيموز،
و رافقتهم في يومياتهم خلال  رمضان.

روبورتاج: كـ. طويل

بدأنا جولتنا من منطقة جيمار، أين كان لنا لقاء مع الفلاح عبد السلام في الصباح الباكر، حيث وجدناه رفقة العمال وكلهم حيوية و نشاط، فيما شاهدنا عشرات المزارعين يتجهون إلى حقولهم بعد التسحر والصلاة، لينتظروا بضع دقائق إلى غاية بداية بزوغ سهام الشمس، ومن بينهم العديد من الشباب.
وقال عبد السلام إنه «خلال رمضان  يزيد نشاطنا منذ الصباح الباكر وبعد التسحر والصلاة، نتجه للحقول من أجل القيام بنشاطنا المعتاد، من سقي للمزروعات وجني المحاصيل المختلفة، ولكوني من منتجي الفراولة، أحاول باكرا قطف الفاكهة بمساعدة العمال».
ويبدأ فلاحو المنطقة نشاطهم باكرا، من أجل تقديم المنتوج في وقته وضخه للسوق في الساعات الأولى من النهار، حيث تنقلنا عبر البيوت البلاستيكية المنتشرة، و وقفنا على شباب منهمكين في جني الفراولة، ومن بينهم شاب قال لنا إنه لم ينم منذ السحور، ليتابع «العمل في شهر رمضان متعب لكنه ممتع. يومياتنا تكون متشابهة في الغالب، إذ ننهض في الصباح الباكر بعد التسحر، ثم نتجه للحقول ونحاول جاهدين الانتهاء من بعض الأعمال الشاقة قبل بزوغ أشعة الشمس، وتقديم المنتوج قبل الساعة السابعة صباحا. تقريبا، ننهي جل أعمالنا من سقي وجني وتنظيف قبل العاشرة صباحا، خصوصا جني الفراولة داخل البيت البلاستيكي، وبعدها نكمل باقي النشاطات في الحقل، كما طرح شاب آخر قلة اليد العاملة التي تتجنب العمل خلال رمضان.
تنقلنا في اليوم الموالي لمنطقة بلغيموز، أين كان في استقبالنا الفلاحان عبد المالك وبوجمعة، حيث أخبرانا بأنهما وصلا للحقل في حدود الساعة الخامسة و النصف صباحا، من أجل ضمان مرافقة النسوة اللواتي يعملن في جني الفراولة، إذ يمثلن نسبة كبيرة من اليد العاملة التي تقوم بهذه المهمة على اعتبار أن هذا النشاط يتطلب الصبر والدقة، يقول عبد المالك، ثم يردف «نجد في الصباح الباكر العشرات من النسوة متجهات للحقل، منهن من يتكفل ملاك المزارع بنقلهن، فيما تتنقل أخريات بمفردهن وسط الحقول، وفي حدود الساعة السادسة صباحا يكن قد بدأن العمل وينهينه حوالي التاسعة صباحا، من أجل العودة باكرا لمنازلهن و إكمال الأشغال بالبيت».
عزوف من الشباب وعمال يطلبون أجرة مضاعفة

تركنا عبد المالك، وهو منهمك في عملية الحرث لإتمامها قبل منتصف النهار والاتجاه إلى عمل آخر، ثم توجهنا إلى بوجمعة الذي أخبرنا بأنه يتم التركيز كثيرا خلال الشهر الفضيل، على النسوة بسبب جديتهن ومثابرتهن على عكس العنصر الذكوري، الذي ينقص حسبه، مردود عمله في رمضان وتفضل نسبة كبيرة منه الراحة، مما يصعب الحصول على اليد العاملة التي تطلب في هذه الفترة أجرا مضاعفا، لاسيما في ظل عزوف العديد من الشباب، مع ما ينتج عن ذلك من مشاكل في الجني وبالتالي التأثير على المردودية و ارتفاع الأسعار، أما بعد رمضان فإن أغلب العمال يعودون للنشاط.وأوضحت السيدة مليكة التي وجدناها منهمكة في الجني، بأن حاجتها للعمل  وظروفها المعيشية، دفعتها للنشاط في الحقول، وأضافت أنه ومع مرور الوقت وتعلمها للنشاط الفلاحي، فضلت الاستمرار في هذا المجال، إذ تتنقل يوميا إلى الحقل رفقة صديقاتها لجني الفراولة و خلال شهر رمضان يضاعفن العمل و يبذلن مجهودات كبيرة، لمحاولة التوفيق بين العمل و إعداد الفطور و إكمال العمل المنزلي. اتجهنا إلى بلدية الطاهير لزيارة عبد العزيز وهو من منتجي الحليب، حيث وجدناه يقوم بتنظيف الأبقار قبل بداية الحلب، و قال الفلاح «بالنسبة لنا، نفس الروتين اليومي يتكرر لكن خلال شهر رمضان يزداد التعب كثيرا، فعملنا يتطلب الصبر و احترام الوقت. يوميا و قبل الساعة السابعة صباحا، يتوجب علي حلب الأبقار، وبيع الحليب لأحد المنتجين الذي يقوم بنقله باكرا وإيصاله للمستهلك في موعده».وذكر عبد العزيز أن طبيعة عمله توجب السرعة والمواظبة، لأن إنتاج الحليب يتطلب الدقة ومتابعة وضعية الأبقار والاعتناء بها يوميا، مع التواجد طيلة اليوم بالمزرعة، حتى أنه يذهب للمنزل لساعات قليلة لشراء المستلزمات للعائلة.
«نبيع الخضر والفواكه بهامش ربح بسيط»
وذكر منتجو الفراولة، بأن العديد من العوامل أدت إلى رفع تكلفة الإنتاج، على غرار أسعار البلاستيك الذي تضاعف، بالإضافة إلى غلاء الشتلات وباقي المدخلات الفلاحية، مضيفين بأنه وبالرغم من الزيادة إلا أن الفلاح يحاول البيع بأقل الأسعار وإضافة هامش ربح بسيط، إذ يتراوح سعر البيع لتجار الجملة، بين 150 و 250 دينارا للكيلوغرام، لكن التجار يقومون بزيادة الثمن و هامش ربح خيالي.كما قال منتجون آخرون بأن سعر الخيار هو 80 إلى 100 دينار، والخس 80 دج إلى 100 دج، و الكوسة 100 دينار، و هي أسعار أضيف إليها هامش ربح بسيط على عكس ما يقوم به التجار، حسبهم، مضيفين بأن أغلب المحاصيل دخلت مرحلة الإنتاج، و خلال الأيام القليلة المقبلة ستعرف انخفاضا بعد الزيادة في الكميات المنتجة. و يشير بعض الفلاحين إلى أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار بجيجل ومضاعفتها، غياب سوق الجملة للخضر والفواكه، ما يحتم عليهم نقل المنتوج إلى خارج الولاية، ثم إعادة بيعه و ضخه في أسواق جيجل مجددا بأسعار مرتفعة تضاف إليها أتعاب النقل وهوامش الربح.

كـ. ط

الرجوع إلى الأعلى