* قدرة إنتاج تصل 18 ألف جهاز سنويا بشراكة جزائرية - ألمانية

تبحث الشركة الجزائرية الألمانية "بيكا لوب الجزائر" المتخصصة في التشحيم الآلي، والواقعة في منطقة عين سمارة بقسنطينة، عن توسيع نشاطها داخل القارة الإفريقية، بعد شروعها في التصدير نحو تونس، فيما أبرمت عقودا مع شركات أجنبية تنشط في الجزائر، خاصة و أنها تنفرد في هذا التخصص داخل الوطن أو في شمال إفريقيا، حيث تصل قدرة الإنتاج إلى 18 ألف جهاز سنويا.

روبورتاج: حاتم بن كحول

ويعتبر نظام التشحيم الآلي، تكنولوجيا جديدة في الجزائر، ويتمثل في مضخة ذكية تبرمج عبر جهاز حاسوب من أجل تشحيم أجزاء من الماكينات والآلات بشكل آلي أو أوتوماتيكي مهما اختلف حجمها أو وظيفتها، وتستعمل على مختلف أنواع العتاد. ويعود تاريخ الشراكة الجزائرية الألمانية بمؤسسة "بيكا لوب الجزائر" إلى سنة 2014، أين أبرمت "شركة جات سيرفيس" الجزائرية والتي تأسست سنة 1997 الاتفاقية مع "بيكا" الألمانية، حيث تحوز الجهة الجزائرية 51 بالمئة من الملكية فيما تعود للألمان النسبة المتبقية.
وقد أسس شركة "جات سيرفيس" نصر الدين حنّاش وهو مهندس سابق بمؤسسة "سوناكوم"، وقبل ذلك استحدث شركة متخصصة في صنع الخراطيم المرنة "فليكسيبل"، وبعد سنوات من تراكم الخبرة أصبح الموزع الرسمي لمركبات هيدروليكية ومضخات الآليات التي تستعمل في صنع نظام التشحيم الآلي.
والتقت النصر في مقر المصنع الواقع بمنطقة النشاطات بعين سمارة، بالسيد حنّاش، أين وجدنا العمال منهمكين في تركيب قطع الأجهزة فيما يقوم آخرون بتجريبها داخل ورشات كانت ببعضها أجهزة الكترونية حديثة مخصصة للاختبار النهائي للمنتج.

حيث أخبرنا أنه وفي 2005 أصبح صاحب أول شركة مختصة في بيع أنظمة التشحيم، التي يتم جلبها من شركة ألمانية أمريكية، وبعد اكتساب الخبرة اللازمة، قرر المهندس الجزائري سنة 2012 طلب إبرام شراكة وصنع هذا البرنامج في الجزائر، وهو ما رفضته المؤسسة الأجنبية، ليتوقف عن العمل معها و يتوجه مباشرة إلى منافسها المباشر في ألمانيا والذي كان يبحث في نفس الوقت عن شريك جزائري.
مساع لتوسيع دائرة  التصدير نحو ليبيا ومصر

ويضيف محدثنا أنه تمكن من إقناع الشريك الألماني مستعملا عدة حجج منها نقص تكلفة اليد العاملة والمادة الأولية، إضافة إلى الكهرباء، كما بين له أن السوق المحلية منتعشة كثيرا مع برمجة آلاف المشاريع السكنية في قسنطينة والولايات المجاورة لها، ومع قيام المسؤولين الألمان بزيارات للجزائر تفاجأوا، مثلما يؤكد المهندس، من عدد المصانع والشركات والمشاريع السكنية و تأكدوا أنها بيئة خصبة لتسويق نظامهم الآلي.ويضيف السيد حناش أن الشريك الألماني كان يعول منذ البداية على أن تكون "بيكا لوب الجزائر" بوابة التصدير نحو إفريقيا، وبالتالي الهيمنة على السوق الإفريقية في هذا المجال، و هو ما يعود على الجزائر بالفائدة، خاصة أنها تعتبر شريكا و صاحبة أغلبية الأسهم.
و تمكنت هذه الشركة المختلطة من صنع الحدث وكانت استثناء، بعد دخولها عالم التصدير رغم أنها تعتمد على عدد صغير من العمال لا يتجاوز 15. و تصدر "بيكا لوب الجزائر" اليوم عددا من أنظمة التشحيم الآلي نحو الجارة تونس، وتتكفل بكل ماكينات و آلات شركات "فولفو" بهذا البلد الجار، حيث تهدف حسب مالكها إلى توسيع دائرة التصدير نحو بلدان أخرى على غرار ليبيا ومصر، خاصة أنها تعتبر الوحيدة العاملة في هذا المجال على مستوى بلدان شمال إفريقيا.
طلب كبير من المؤسسات الخاصة
وتمكنت هذه الشركة الناشئة من تصنيع عدد معتبر من الأنظمة خلال الثلاث سنوات التي سبقت فترة تفشي وباء كورونا، وما تم تسويقه في 3 سنوات يعادل، حسب حناش، تسويق حجم ما تسوقه شركة أخرى لمدة 10 سنوات، وهو ما يعتبره نجاحا باهرا، خاصة بعد إيجاد أسواق جديدة ما سيرفع من معدل التصنيع مستقبلا.
و يؤكد السيد حكيم حناش، مسير ومسؤول عن التسويق و المالية في الشركة، أنه تم تحقيق نجاح في الثلاث سنوات الأخيرة، رغم تأثيرات فيروس كورونا على الإنتاج والتسويق، وقال بهذا الخصوص "الأزمة الصحية أثرت علينا كثيرا. يمكننا صنع 50 نظاما آليا يوميا أي 18 ألف نظام تشحيم سنويا، إلا أننا طيلة الفترة الماضية لم نصنع سوى 20 بالمئة من هذا العدد".
و أكد المسير الشاب، أن شركته تهدف إلى اقتحام أسواق جديدة تمكن من ترويج الآلة،  موضحا أن المؤسسات الخاصة تبقى أكثر طلبا على اقتناء النظام مقارنة بالعمومية، مع بعض الاستثناءات على غرار شركات الاسمنت التابعة للمجمع الصناعي لاسمنت الجزائر "جيكا".

و رغم صعوبة التسويق في فترة تفشي الوباء، إلا أن ثقافة اقتناء نظام التشحيم المبتكر، بدأت تنتشر وسط أصحاب الشركات وتحديدا الخاصة، حسب المسير، الذي أكد أنه في بادئ الأمر كان يُرى إليها على أنها مجرد هدر للأموال، ولكن مباشرة بعد تجريبها على مستوى ماكينة واحدة فإن الزبائن يسارعون لطلب أنظمة أخرى، بعد التأكد من الفوائد التي تقدمها.
و تحاول "بيكا لوب الجزائر" الاستثمار في كونها الجهة الأولى و الوحيدة التي تصنع هذا النظام في شمال إفريقيا، ما جعل مسؤوليها يبرمون عقودا معنوية مع شركات أجنبية نشطة في الجزائر، وهو ما وصفه المسير حكيم حناش بالتصدير غير المباشر، لأن مؤسسات أجنبية كثيرة تدفع بالعملة الصعبة، وهو ما يكون في فائدة الاقتصاد الوطني.و قد نجحت "بيكا لوب" في رهانها على الشركات الأجنبية الواقعة في الجزائر، بعد أن تحولت إلى سوق حيوي لترويج أنظمة التشحيم، ولكن هذا النجاح له أسبابه حسب المسير، الذي أوضح أن نفس المؤسسات الأجنبية كانت تقتني مختلف الآلات والماكينات الضخمة من الخارج وكذلك نظام التشحيم الآلي، ولكن شركته توفرها محليا وبأسعار أقل، كما تضمن خدمة ما بعد البيع، إضافة إلى قطع الغيار ومختلف الأجزاء في حالة حدوث أعطاب، وهو ما لا يتوفر عند استيراد نظام التشحيم من الخارج.
وأضاف المتحدث أن توقف الشركات الأجنبية عن اقتناء الأنظمة الآلية من الخارج يكون في صالح الاقتصاد الوطني أيضا، لأن ذلك يجنب إخراج العملة الصعبة، وينعش في نفس الوقت الاقتصاد المحلي.
"خلفنا كوريا وبلجيكا في التصدير نحو تونس"
و ذكر المسير أنه يتم تصدير أنظمة التشحيم الآلي إلى تونس وتركيبها هناك، بعدما كانت الشركات الأجنبية تركبها في كوريا الجنوبية وبلجيكا قبل نقلها لهذا البلد، و قد قامت "بيكا لوب" بتكوين عدد من التقنيين العاملين في شركة "فولفو" من أجل التكفل بتركيب النظام بمفردهم و إصلاح الأعطاب الخفيفة.
و أوضح السيد حكيم حناش، أن كل أجزاء أو قطع تتلاحم في آلة ما، تحتاج للتشحيم، ولو يتم تشحيمها مرة في اليوم، وهو أفضل رقم يمكن أن يقوم به العاملون، سيبقى ذلك غير كاف، إذ وبعد مرور نصف ساعة أو ساعة على الأكثر تجف تلك الأجزاء، إلا أن آلة التشحيم الذاتي تُبرمج على العمل في أوقات معينة حين تتطلب الآلة ذلك.
و يمكن تشحيم العتاد يدويا إلا أن فوائد النظام الآلي تتمثل في اقتصاد 70 بالمئة من كميات الشحم والحصول على نتيجة أفضل وبلوغ أجزاء يستحيل على العامل الوصول إليها، كما نوه المتحدث بأن مادة الشحم تستورد من الخارج و بالتالي يمكن تقليص فاتورة الاستيراد بفضل آلة التشحيم الذاتي.
تكنولوجيا صديقة للبيئة تخفّض فاتورة الاستيراد

و من المزايا الأخرى لهذه التقنية، زيادة إنتاجية الماكينة، كما أنها تجعل من تعرض الماكينة لأضرار أمرا مستبعدا وحتى قطع الغيار تبقى صالحة لأطول مدة ممكنة، إضافة إلى رفع المردودية، حيث لن يكون صاحب الورشة مجبرا على توقيف الأشغال ليوم أو اثنين من أجل تشحيم أجزاء الآليات. و يتابع المتحدث بأنه يمكن بفضل النظام الآلي، تشحيم مختلف أنواع الأجهزة حتى أثناء تشغيلها، وهي كلها مزايا تساهم في تخفيض فاتورة الاستيراد بما أن المحافظة على قطع الغيار يجنب استيرادها بالعملة الصعبة من الخارج.
و قال المسير، إن النظام الآلي يحافظ كذلك على المحيط والبيئة، ويجنب تراكم الشحم على الجدران والأرضيات جراء التشحيم اليدوي، كما يجنب تعريض حياة العمال للخطر، بما أنهم يكونون أمام تهديد أثناء قيامهم بالتشحيم اليدوي الذي يتطلب التواجد أسفل ماكنيات ضخمة تزن عشرات الأطنان، أو الصعود لارتفاع كبير.
و أثبتت الدراسات حسب المتحدث، أن استعمال نظام التشحيم الآلي، يمكّن من زيادة مدة اشتغال الماكينات بأربع مرات مقارنة بتلك التي تعمل بالتشحيم اليدوي، كما يخفض استهلاك الوقود، لأن تآكل الأجزاء يؤدي إلى صعوبة في اشتغالها وبالتالي إجهاد المحرك بما يؤدي مباشرة إلى استغلال كميات أكبر من الوقود.
ح/ب

الرجوع إلى الأعلى