جــــــزارون يفضــــلون «الذبــــح غيـــر الشـــرعـــي» على المركّـــب العــــصري
يعدّ المركب الجهوي للحوم الحمراء بعين مليلة بولاية أم البواقي، الثالث على المستوى الوطني بعد مركبي بوقطب في البيض و حاسي بحبح بالجلفة، و رغم التجهيزات العصرية والتكنولوجيا المتطوّرة التي يحتوي عليها والخدمات الصحية التي يقدمها، لا يُولي جزّارو مختلف الولايات الشرقية من أصحاب القصابات أهمية كبيرة لهذا المكسب الهام الذي يحتوي إلى جانب غرف للتبريد، على مخبر علمي يشرف عليه بياطرة مؤهلون، إضافة إلى توفره على تجهيزات تسمح بتقطيع اللحم وتوضيبه ليسوّق وفق معايير دوليّة.

 روبورتاج: أحمد ذيب

المذبح الذي دخل حيّز الخدمة في السابع
و العشرين من شهر جانفي من سنة 2018، رصد لإنجازه غلاف مالي معتبر تجاوز 200 مليار سنتيم، حيث شيّد على مساحة إجمالية تقارب 15 هكتارا و يتواجد بموقع محوري بإقليم قرية الفزقية عند مفترق الطرق المؤدي لمدينة أولاد قاسم وكذا على الوطني رقم 100 الرابط بين مدينتي عين مليلة و عين كرشة.
وتصب المعطيات التقنية لصالح المرفق العمومي الذي يعتبر مكسبا لأم البواقي ولسكان مختلف الولايات الشرقية، إلا أن الملاحظ هو عزوف الجزارين وأصحاب القصابات عن الاستفادة من الخدمات المتطورة التي يقدمها بأسعار معقولة، في ظل الغلق الذي مسّ عديد المذابح ببلديات الولاية على غرار مذبحي عين البيضاء وأم البواقي، ما دفعنا للتقرب من القائمين على تسيير المركب والاطلاع على الخدمات التي يقدمها ومعرفة أسباب العزوف.
10 غرف تبريد و إسطبلات تسع 1200 رأس ماشية

مدير المركب الجهوي للحوم الحمراء بعين مليلة، لوابدية زوهير، الذي طاف بنا عبر جميع مرافق المذبح، قال إن المرفق يتربع على مساحة 15 هكتارا، غير أن المساحة المبنية منها والمستغلة هي 6250 مترا مربعا تشمل الجناح الإداري والسكنات الوظيفية.
ويضم المركب سلسلتين للذبح الصناعي، الأولى للخرفان والثانية للأبقار، إضافة إلى 10 غرف تبريد منها 5 غرف بمساحة 103 أمتار مربعة للواحدة و5 أخرى بمساحة تصل إلى 118 مترا مربعا للغرفة، كما يحتوي على نفقين للتجميد بدرجة حرارة تصل 40 درجة مئوية تحت الصفر، ويحتوي المرفق كذلك على إسطبلين يتسع الأول لأزيد من ألف خروف والثاني لأكثر من 200 عجل، إضافة إلى محطة لتصفية المياه المستعملة ذات سعة 800 متر مكعب يوميا.
ويضم المركب محطة لتحلية المياه المستخرجة من البئر المتواجد بالمركب، وتبلغ سعتها 240 مترا مكعبا، كما يتوفر المذبح على محرقة اصطناعية موجهة للتخلص الصحي من كل الأعضاء التي يؤكد الطاقم البيطري أنها غير صالحة للاستهلاك، وكذا للتخلص من بقايا الجلود والأحشاء الفاسدة. ويوجد أيضا مذبح استعجالات يضم غرفة تبريد خاصة به بمساحة 140 مترا مربعا، موجه للحالات المستعجلة التي عادة ما تكون مرتبطة بعمل المفتشية الولائية للبيطرية، وتشمل الحالات المرضية التي تعزل تفاديا لتفشي العدوى. 
يضيف مدير المركب الجهوي للحوم الحمراء، بأن المرفق يشغّل اليوم 49 عاملا، بينهم 27 عاملا مهنيا يقومون بالذبح و التقطيع و4 بياطرة مهمتهم المتابعة البيطرية اليومية، و5 مسؤولين على عمليات التسويق والاستغلال والإنتاج والمخزن والتبريد، وإلى جانب الذبح يقوم المركب بعملية تحضير اللحوم المجمدة وفقا للمقاييس الدولية مع احترام طريقة تحسين نوعية اللحم لضمان جودته حتى يصل للمستهلك بنوعية غذائية وصحية.

ويعمل الطاقم الطبي البيطري على مراقبة طريقة الذبح المعتمدة دوليا وتعرف اختصارا باسم «haccp»، كما يتوفر المركب على مخبر يشرف عليه بياطرة خضعوا لتكوين في مجالهم على مستوى المخبر الجهوي بالخروب بقسنطينة، أين أبرم المركب بحسب مديره اتفاقية مع المخبر الجهوي للمرافقة والإشراف على التحاليل، مع ضمان التكوين المتواصل للبياطرة ومرافقة المركب في مختلف العمليات، حيث تصل طاقته يوميا إلى ذبح 1200 خروف و80 عجلا، وبقدرة إنتاج سنوية بلغت 12 ألف طن من اللحوم الحمراء.
اتفاقية لضمان أسعار معقولة في السوق
ويشير لوابدية إلى أن المركب الذي يتولى تسييره، شرع في تجسيد الاتفاقية الثلاثية التي أبرمت شهر نوفمبر من السنة الماضية، والتي تجمع بين الشركة الجزائرية للحوم الحمراء والديوان الوطني للأعلاف والأغنام والمربين، وتهدف بحسب المتحدث إلى تحديد الترتيبات العملية للتموين بالخرفان المفطومة الموجهة للتسمين والخرفان الجاهزة للذبح.
وتعمل هذه الاتفاقية على تسهيل استفادة المربين المنظمين تحت غطائها من الأعلاف بسعر مدعم من الدولة يصل لـ2600 دينار للقنطار، وبأم البواقي أبرم 14 مربيا من بلديات مختلفة الاتفاقية و وافقوا على بنودها.
وشرع المذبح في وقت سابق في ذبح 151 رأس خروف في إطار الاتفاقية، وحولت اللحوم لنقاط البيع المعتمدة من طرف الإدارة العامة للشركة الجزائرية للحوم الحمراء، أين تطرح بأسعار معقولة، وبيّن التحدث بأن المربين بولايات باتنة وبسكرة وقسنطينة وميلة وسوق أهراس وخنشلة، بإمكانهم الاستفادة من الاتفاقية وحتى الجزارون وأصحاب القصابات بهذه الولايات بإمكانهم الاستفادة من خدمات المذبح.
عزوف سببه الذبح غير الشرعي
يرى مدير المركب الجهوي، بأن عزوف الجزارين عن الاستفادة من خدمات المركب، هو أبرز مشكل تواجهه إدارته، رغم أن أسعار النحر في متناول الجميع، حيث تقدر بالنسبة للخروف الواحد بـ350 دينارا و للعجل بـ2100 دينار، زيادة على الاستفادة من خدمات مختلفة، أبرزها أن الأحشاء تقدم نظيفة وجاهزة للبيع، مع ضمان مرافقة بيطرية، كما أن المذبح يعتمد على طرق حديثة في التقطيع و التنظيف والتوضيب، إلى جانب مراعاته للشروط الصحية اللازمة في كل مراحل النحر.
ويكشف المدير، أن عزوف الجزارين عن الاستفادة من خدمات المركب، يعود إلى توجه العديد منهم للذبح غير الشرعي، أين فضلوا التوجه لنحر الأنثى من الخرفان، وهو ما يمنعه القانون حفاظا على الثروة الحيوانية، ويستقبل المرفق في المقابل كل الرؤوس التي يجيزها ويسمح بها القانون والتي تستوجب في حالات معينة، شهادة توجيه الذبح من الطبيب البيطري.
وأضاف المتحدث بأن اللحوم التي يوفرها المركب مراقبة بيطريا وعليها التأشيرة التي تؤكد ذلك، على عكس اللحوم المعروضة للبيع في العديد من المناطق، وفي هذا الشأن أكد بأن السلطات الولائية راسلت رؤساء البلديات بالولاية لدعوة الجزارين وأصحاب القصابات للتوجه للمركب والاستفادة من خدماته.
وفي المقابل اقترحت إدارة المرفق أن يكون التوصيل مجانا للجزارين القادمين للمركب تحت غطاء البلديات، إذ يتوفر على 3 شاحنات تبريد يسخرها لخدمة زبائنه من مختلف بلديات الولاية، وأشار المتحدث إلى أن المركب وخلال عيد الأضحى من السنة الماضية فتح أبوابه استثناء للمواطنين ومجانا، بقرار الشركة الأم، حتى يكون الذبح صحيا وتحت مراقبة البياطرة، مضيفا بأن كل رؤوس الماشية والأبقار لا تمر لمرحلة الذبح حتى تعاين من طرف الطاقم البيطري وكذلك عند انتهاء مرحلة النحر.

و أشار مدير المركب في معرض حديثنا إليه، إلى أن المرفق العمومي المفتوح أمام الجميع بمن فيهم طلبة البيطرة بمختلف جامعات الوطن لإجراء تربصات تكوينية، يعاني نتيجة غلق المسلك الوحيد على الطريق الوطني رقم 100، مناشدا السلطات الولائية بضرورة التدخل لفتحه وتسهيل ولوج المركبات التي تصل للمرفق، مع إرفاق عملية الفتح بممهلات تفاديا لأي حوادث قد تقع، والتمس المتحدث الترخيص لإدارته بوضع لافتات توجيهية عبر عديد النقاط لتسهيل وصول الزبائن، مؤكدا بأنه يدرس مقترحا لفتح نقاط لبيع اللحوم الحمراء بالولاية بأسعار معقولة في الأفق القريب.
* المفتش الولائي البيطري الدكتور شيحة نبيل
المركب يضمن الذبح الصّحي و مساعٍ للحدّ من ظاهرة الذبح السّري
قال المفتش الولائي البيطري بمديرية المصالح الفلاحية بأم البواقي الدكتور شيحة نبيل، بأن المركب الجهوي للحوم الحمراء بعين مليلة، وبفضل التجهيزات التي يتوفر عليها والآليات التي يعتمدها، من شأنه أن يضمن الذبح الصحي وفقا لمواصفات عصرية دولية، مشيرا إلى أن المفتشية البيطرية تسعى بكل الآليات القانونية لوضع حد لظاهرة الذبح السري التي تفشت في عديد البلديات نتيجة للغلق الذي مس المذابح العمومية بها، ودعا المتحدث رؤساء البلديات للعمل على إيجاد فضاءات لتنظيم عملية الذبح تتوفر على المعايير التقنية والصحية المطلوبة.
الدكتور شيحة أكد بأن المركب الجهوي بعين مليلة يحتوي على تجهيزات متطورة تضمن الذبح الصحي وفق تقنيات عالمية، كونه يقوم كذلك بعمليات التقطيع والتوضيب والتجميد وغيرها.
وأكد المفتش الولائي البيطري، أن المصالح البيطرية بمديرية المصالح الفلاحية بأم البواقي، تسعى جاهدة لمتابعة مسار اللحوم المعروضة للبيع في القصابات ضمن عمل اللجنة المختلطة للرقابة، وقبلها متابعة ظروف عملية الذبح التي تتم على مستوى المذابح المعتمدة بالولاية.        
أ.ذ

الرجوع إلى الأعلى