تفصلنا 3 أسابيع عن انطلاق أكبر حدث رياضي تشهده الجزائر منذ 47 سنة، باحتضان الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران في الفترة الممتدة بين 25 جوان إلى 6 جويلية، وهي الدورة التي ستتزامن والذكرى 60 لعيدي الاستقلال والشباب. وتعكف لجنة التنظيم على وضع الروتوشات الأخيرة لاستقبال ضيوف «الباهية» والجزائر في أحسن الظروف وإنجاح الدورة، حيث تم توفير عدة مرافق ومنشآت كانت محل معاينة وتفقد دوري من طرف اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط والتي أبدت ارتياحها وثمنت التحضيرات.

روبورتاج: خيرة بن ودان

تعيش وهران هذه الأيام حركية متسارعة لإلباس المدينة حلة أجمل تزيدها بهاء استعدادا لاستقبال ضيوفها بعد أيام قليلة، قادمين من الحوض المتوسطي، ومن أجل هذا يتم تجسيد عدة برامج للتهيئة والتزيين عبر مختلف أنحاء الولاية. وتزامنت هذه العمليات مع توقيع والي وهران، سعيد سعيود، 9 اتفاقيات مع فروع لشركة سوناطراك لدعم تحضير «الباهية» للعرس المتوسطي، وهذا من خلال التكفل المالي لتمويل المشاريع وأيضا تسخير الإمكانيات.
200 مليار سنتيم لتهيئة «الباهية»
واستفادت وهران من مبلغ 200 مليار سنتيم لتزيين المدينة وتجسيد مشاريع التهيئة، وكانت الانطلاقة من محور دوران «الباهية» وهو البوابة الجنوب شرقية للولاية عبر الطريق السيار، حيث تتواصل بها عمليات التزيين بالورود والتهيئة والطلاء وأيضا وضع رايات الدول 26 المشاركة، حيث أن الوافدين لوهران عبر المطار يعبرون هذا المسار الذي تغيرت ملامحه في ظرف قصير، على غرار باقي مناطق الولاية وخاصة محيط المركب الأولمبي ببلقايد والذي تغيرت كل ملامحه حيث يوجد بقطب عمراني جديد يضم جامعة وهران 2 وإقامات جامعية محاذية لمنشآت الألعاب المتوسطية.
ومن أجل استقطاب الدعم المالي لاستكمال عمليات التحضير لإنجاح الألعاب المتوسطية، أبرمت لجنة التنظيم عدة اتفاقيات مع مؤسسات وشركات وطنية ستتكفل بعدة جوانب من التظاهرة. وكانت أول اتفاقية مع الكونفديرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين «كابسي»، وبالمناسبة قال محافظ الطبعة 19 للتظاهرة محمد عزيز درواز، أنه على المتعاملين الاقتصاديين اغتنام فرصة التظاهرة لإبراز الإمكانيات الاقتصادية للبلاد بشقيها والسعي للانخراط في مشاريع مستقبلية، لأن صورة الألعاب المتوسطية تسمح لرجال الأعمال الجزائريين بأن تكون لديهم نظرة عن إمكانيات الاستثمار في بلدان الحوض المتوسطي الذي يجمع ملايين المستهلكين، واستشراف الانتشار وسبل الولوج إلى الأسواق الخارجية، وأيضا إبراز صورة رجال الأعمال وإمكانياتهم الاقتصادية من خلال استغلال التغطية الإعلامية الكبيرة التي سترافق التظاهرة خاصة البث المباشر لعدة وسائل إعلام عالمية منها الأوروبية.
وسيتجند أرباب العمل للقيام ببعض الأنشطة الترويجية التعريفية بالتظاهرة، من خلال تسخير إمكانياتهم المختلفة، ومنها مواقعهم الإلكترونية وحساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
«موبيليس» و»سوناطراك» يرعيان التظاهرة
وكان متعامل الهاتف النقال «موبيليس» أول شركة وطنية أبرمت اتفاقية شراكة للرعاية الذهبية للألعاب، وقد شرعت الشركة في أعمالها ودعمها للتظاهرة قبل ذلك من خلال القيام بأعمال ترتكز على تزويد المرافق والمنشآت التي ستحتضن الألعاب بالتكنولوجيات الحديثة، ومنها القرية المتوسطية، لأن الأجانب سيكونون سفراء عند عودتهم لبلدانهم وسيقدمون صورة الجزائر و وهران.
كما سخرت «موبيليس» كل الوسائل التكنولوجية  التي ستستفيد منها ساكنة وهران سواء خلال الألعاب وحتى بعدها، كون الأشغال مست البنية التحتية التي هي مكسب لوهران، وكل ما كان مبرمجا من أجل الألعاب تم القيام به من خلال تجسيد المخطط الاستثماري الذي مكن من تحسين الخدمات ورفع التدفق باستعمال أحسن تكنولوجيا خاصة الجيل الرابع. وستُوفَّر للوفود الرياضية، الإمكانيات التكنولوجية الضرورية وضمان أحسن استغلال للهاتف النقال بكل أريحية عبر خط «موبيليس».
ولم يتأخر مجمع سوناطراك عن دعم التظاهرة المتوسطية التي رافقها منذ أشهر وسيستمر لغاية نهايتها، وذلك لتجسيد مشاريع تم الاتفاق عليها نهاية الأسبوع المنصرم خلال الإبرام الرسمي لعقد الشراكة والذي تعد سوناطراك بموجبه راعيا ذهبيا للألعاب المتوسطية، حيث ستساهم  الشركة وكل فروعها في جميع المجالات الاجتماعية والرياضية التي ستقام بمختلف جهات الوطن، وقال محافظ الألعاب أن سوناطراك استجابت لكل الطلبات التي تقدمت بها لجنة التنظيم، وأن مشاركتها في إنجاح الألعاب أمر طبيعي ينبع من تقاليدها في هذا المجال وطبيعتها المواطنة، فيما ينتظر أن يتم هذه الأيام التوقيع على عقد الشراكة مع مجمع الحديد والصلب للشركة التركية «توسيالي» بوهران والتي ستكون رعايتها للألعاب ذهبية.
قرية أولمبية متوسطية أبهرت اللجنة الدولية
القرية المتوسطية المخصصة لإيواء الضيوف والتي تم إنجازها بغلاف مالي قدر بـ 17 مليار دينار وتتربع على مساحة 40 هكتارا، كانت أبرز مرفق أثار إعجاب أعضاء اللجنة الدولية، بالنظر لطرازها المعماري الجميل وتجهيزاتها الموافقة للمعايير الدولية، وقد عُيِّن العداء الدولي السابق عيسى جبير سعيد قرني عمدة لها. ويوفر هذا المرفق 2969 غرفة بطاقة استيعاب تصل إلى 4300 سرير، منها 48 غرفة لرؤساء الوفود.
وتوفر القرية المتوسطية خدمات إطعام عبر 5 مطاعم بطاقة تقدر بـ 2500 وجبة في وقت واحد، كما تضم عددا من المرافق الرياضية، منها 3 ملاعب للتدريب و5 قاعات متعددة الرياضات، بالإضافة لمركز صحي وفضاءات للأنشطة التجارية ومسرح للهواء الطلق.
وينتظر تصنيف القرية المتوسطية بـ 3 نجوم، بفضل مميزاتها التي أثنى عليها رئيس لجنة التنسيق باللجنة الدولية للألعاب المتوسطية برنارد أمسلام، والذي قال في ندوة صحفية الأسبوع الماضي، إنه يفكر من الآن في إمكانية اختيار الجزائر لتنظيم هذه البطولة مستقبلا بوهران، وأضاف أنه يمكن للجزائر أيضا الترشح لاحتضان الألعاب الدولية الشاطئية في 2028، حيث تضم حاليا 15 تخصصا رياضيا ويجري التفكير في رفع العدد بإدراج رياضات أخرى مستقبلا .
من جانب آخر، تعتبر القرية المتوسطية مكسبا مهما جدا بالنسبة لولاية وهران، خاصة أن السلطات المحلية قامت بإجراءات إدارية وقانونية لإنشاء مؤسسة عمومية اقتصادية محلية، ستتكفل لاحقا بتسييرها واستغلالها في ترقية النشاط السياحي بالولاية، لاسيما في مجال سياحة المجموعات الكبيرة بالنظر إلى حاجة وهران إلى مثل هذه المرافق السياحية التي يزداد الإقبال عليها خاصة في موسم الاصطياف، علما أنه تم اختيار ما يقارب 55 مؤسسة فندقية من صنف 3 و4 و5 نجوم لإيواء مسؤولي اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية ولجنة التنظيم، منها 21 فندقا للإعلاميين.
الملعب الجديد.. تحفة رياضية بتكنولوجيات عصرية


ويأتي الملعب الأولمبي الجديد بوهران في نفس درجة أهمية القرية المتوسطية، لكنه أسال الكثير من الحبر على مدار السنوات الماضية، ابتداء من فكرة إنجازه في الثمانينيات ثم توقف المشروع قبل انطلاقته، إلى غاية إعادة بعث إنجازه تزامنا وفوز وهران باحتضان الألعاب المتوسطية.
وشهد مشروع الملعب في السابق، تعثرا في الأشغال التي أشرفت عليها شركة صينية، واستمر الوضع إلى غاية أكتوبر 2021 حين أشرف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان على تنصيب محمد عزيز درواز محافظا للألعاب وأسدى أوامر بضرورة تسريع أشغال كل المنشآت التي ستحتضن التظاهرة المتوسطية وتذليل العراقيل والحرص على المتابعة المستمرة والتنسيق مع الحكومة، وجاء هذا بناء على توصيات رئيس الجمهورية الذي يتابع التحضيرات باستمرار.
الملعب الجديد مزود بأحدث التكنولوجيات، وسيستقبل بعض المباريات في كرة القدم وأيضا المباراة النهائية للدورة التي تخص فئة أقل من 18 سنة، بينما ستحتضن ملاعب أخرى باقي المباريات، وهي ملعب أحمد زبانة بوهران الذي يتسع لـ 40 ألف متفرج وتمت إعادة تهيئته بمبلغ 180 مليون دينار، وملعب مرسي الحجاج شرق وهران الذي يتسع ل 5400 مقعد، ملعب سيق التابعة لمعسكر والذي يتسع لـ 20000 مقعد وتمت إعادة تهيئته وتأهيله لاستقبال ضيوف الجزائر.
حوض مائي من الطراز العالي


ويعد الملعب الجديد منشأة مهمة ضمن هياكل المركب الأولمبي ويتسع لـ 40 ألف مناصر، وفضلا عن مباريات كرة القدم، يستقبل منافسات ألعاب القوى، لاسيما أنه تم تجهيزه بمضمار عصري وثلاثة أروقة، على أن تقام الإحماءات بالملعب الملحق المجاور الذي تم الانتهاء من أشغال إنجازه بعد تزويده هو الآخر بمضمار لألعاب القوى يعد الأول من نوعه في الجزائر، علما أن الرفق الجديد مزوّد بكاميرات للمراقبة و 4 مراكز للحراسة ومرآب للسيارات يتسع لـ 1500 سيارة.
وسيكون هذا الصرح الرياضي مكسبا هاما لشباب وهران والجزائر عموما، حيث من شأنه أن يحتضن المباريات الكروية الوطنية والدولية، ويساعد فرق وهران على إيجاد فضاء مكتمل المقاييس لإجراء التدريبات أو المقابلات، وهذا لتخفيف الضغط عن ملعبي أحمد زبانة وملعب الحبيب بوعقل الذي يحتاج لصيانة وترميم.
وإلى جانب الملعب الجديد، يضم المركب الأولمبي الواقع بمنطقة بلقايد شرق وهران، قاعة متعددة الرياضات عصرية تتسع لـ 6 آلاف مقعد وستحتضن جزءا من منافسات كرة اليد رجال إلى جانب منافسات الجمباز، كما تضم مرافق أخرى مخصصة لرياضات مختلفة، وأبرز منشأة فيها هي الحوض المائي الذي يتسع لـ 2000 مقعد بالإضافة لمسبحين للتدريبات.                             خ ب

الرجوع إلى الأعلى