بحلول موسم الصيف، عادت حدائق الزيبان المائية بولاية بسكرة، لتفتح أبوابها بعد عامين من الغلق بسبب جائحة كورونا، وهي التي لم يمض على دخولها حيز الخدمة عام واحد خلال سنة 2017، وقد وجدت إقبالا كبيرا و واسعا من الشباب والعائلات المتعطشين للتنفيس والترفيه، وباتت وجهة قاطني ولايات جنوبية، بعد أن أضحى هذا المرفق بديلا عن شواطئ المدن الساحلية، في انتظار إنجاز استثمارات أخرى، من فنادق ومراكز إقامة و«مول» عملاق ومدينة سينمائية، يتطلع صاحب المشروع مجمع «سراوي» إلى إنجازها على مساحة 52 هكتارا بقيمة 200 مليون دولار.

روبورتاج: ياسين عبوبو

لم يكن أحد من سكان الولايات الجنوبية الشرقية، يتوقع أنه بعد سنة 2017 سيجد مرفقا ضخما للتسلية من الأحواض والمسابح المائية خلال فصل الصيف ببسكرة، التي يقترن اسمها بالحرارة المرتفعة مقارنة بباقي ولايات الوطن صيفا، وخلال تواجدنا بمدينة بسكرة كان يبدو جليا انعكاس الحرارة التي تجاوزت 45 درجة مئوية، على الحركة بالشوارع والأحياء، التي كانت تبدو شبه خالية خاصة خلال أوقات الذروة بعد منتصف النهار.
وشكّلت الحدائق المائية الزيبان للشباب والعائلات، منفذا ومنقذا في آن واحد للوافدين عليها للاستجمام والاستمتاع، حيث وبمجرد فتح أبواب «الأكوا بالم» من العاشرة صباحا حتى توافدت عشرات العائلات، وكذا الحافلات التي أخذت مكانها في الحظيرة التي تتسع لألف سيارة سياحية و86 حافلة، ولقد وجد الأطفال بصفة خاصة ضالتهم في عطلتهم الصيفية بحدائق الزيبان التي انتشروا بها.
بديل عن شواطئ البحر لسكان مناطق الجنوب
بداخل «أكوا بالم» كان الصغار والكبار على حد سواء، يعيشون لحظات من الفرجة في شكل مجموعات منتشرة بالمسابح الصغيرة للأطفال، وأخرى ترقص على إيقاع الموسيقى بالمسبح الكبير الذي يتوسط، الحدائق.
وكان الوافدون على حدائق الزيبان التي تظل أبوابها مفتوحة إلى غاية الساعة السابعة بعد الزوال يتهافتون على ألعاب «الطوبوقون»، التي زادت المنتجع رونقا جماليا، إلى جانب أشجار النخيل الباسقة، وعبرت العائلات التي التقيناها عن سعادتها بإمضاء الأوقات بحدائق الزيبان المائية خلال فصل الصيف، بعد أن باتت تغنيهم عن التنقل إلى ولايات شمالية.

وأصبحت حدائق الزيبان المائية، بديلا لسكان ولايات جنوبية عن التنقل إلى شواطئ الساحل حيث يتوافد عليها زوار من الولايات المجاورة منها باتنة، وتقرت، و ورقلة، وأولاد جلال، والمسيلة، ناهيك عن العائلات المغتربة بالخارج التي رصدنا تواجدها، حيث اغتنمت الفرصة لقضاء العطلة بالتنقل إلى أحواض الزيبان المائية وبات يحج إليها أيضا شباب وعائلات من الشمال، وهو ما رصدناه من لوحات ترقيم السيارات على غرار الجزائر العاصمة وتيبازة.
وحسبما أوضحه لنا مسير المنتجع حكيم سراوي خلال جولتنا معه، لا يقتصر منتجع حدائق الزيبان على الأحواض المائية، وإنما أخذت دراسة المشروع بعين الاعتبار المساحات الخضراء، مشيرا إلى غرس شجرة زيتون في قلب المنتجع يعود عمرها إلى ثلاثة قرون خلت، حيث تم نقلها من الشمال لإعادة غرسها بالمكان، بالإضافة لغرس العشب الطبيعي والاعتناء به حول المسابح.
وخلال جولتنا بالحدائق المائية، رصدنا إطلاق تسمية على المسابح وكل جزء من المنتجع فعلى سبيل المثال أطلق على أكبر مسبح «بحيرة طنقة» المتواجدة بولاية الطارف، وبمداخل الألعاب نجد «جبل طاهات» الموجود بتمنراست، و»جسر سيدي زرزور» و»جسر القنطرة» ببسكرة، و»جبل لالة خديجة» المتواجد بالبويرة، كما وقفنا على مجسمات لمعالم عالمية كالأهرامات، وهنا أوضح مسير الحدائق، بأن مكتب الدراسات الألماني أخذ بعين الاعتبار البعد الثقافي، سواء الوطني أو العالمي بتعليم وتثقيف الأطفال والوافدين، بتسمية معالم تاريخية وأثرية على مجسمات بداخلها.   
فنادق وفيلات للإيجار ومدينة سينمائية في الأفق

خلال تواجدنا بحدائق الزيبان المائية ببسكرة، كشف لنا مسير الحدائق حكيم سراوي في جولتنا معه عن التطلع لتوسيع الاستثمار في القطاع السياحي والثقافي بمشاريع عملاقة بولاية بسكرة، بحيث تكون على امتداد منتجع الحدائق المائية، وأكد الإرادة على مواصلة الاستثمار على الرغم من اصطدام المجمع بعراقيل، خاصة بعد إنجاز الحدائق التي اعتبرها الخطوة الأولى.
ويضيف المتحدث أن فكرة المنتجع جاءت من كون بسكرة بوابة الصحراء الجزائرية بالجهة الشرقية، ولطالما كان سكانها وسكان الولايات الجنوبية المجاورة بحاجة إلى أماكن التسلية والترفيه، وهو ما يجعلهم خاصة في فصل الصيف، يضطرون إلى قطع مئات الكيلومترات نحو الولايات الداخلية أو الساحلية أين تتواجد مراكز الترفيه والتسلية وللتنقل إلى الاصطياف في البحر، ومن هنا كان منطلق إنجاز مجمع بحيرات مائية أطلقت عليها تسمية حدائق الزيبان المائية نسبة إلى منطقة بسكرة عاصمة الزيبان. وانطلقت الأشغال بـ «أكوا بالم» أو حدائق الزيبان المائية سنة 2012 واستغرقت حوالي ثلاث سنوات قبل أن تدخل حيز الخدمة في 2017، وتضم مجموعة أحواض مائية مزودة بألعاب «الطوبوقون» أنجزت من طرف مكتب دراسات ألماني مختص، بالإضافة إلى خبرة تركية أخذت بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة الصحراوية.

وأنجزت حدائق الزيبان على مساحة 11 هكتارا من أصل 52 هكتارا مخصصة لمشاريع استثمارية أخرى مستقبلا، ويضم 10 مسابح بحيث كل منها يختلف عن الآخر، فنجد مسبح الأمواج ونهرا اصطناعيا على ضفافه تم غرس الأشجار والنخيل والمساحات الخضراء، وفي وسط المنتجع يوجد مسبح كبير يتربع على حوالي 600 متر مربع، فيما المسابح المتبقية مخصصة للأطفال وهي تتوفر على ألعاب «الطوبوقون».ويضيف سراوي أنه ومنذ دخول المشروع حيز الخدمة، راح يستقطب المئات من الشباب والعائلات التي تبحث عن متنفس لها دون عناء قطع مسافة كيلومترات نحو الشمال، ليتابع قائلا «لكن للأسف دخل المشروع حيز الخدمة لمدة سنة قبل أن يتزامن وجائحة كورونا التي كنا على غرار العديد من المتعاملين، من المتضررين منها لاضطرارنا للغلق لمدة سنتين، لكن وبعد تلاشي الجائحة عادت العائلات هذه الصائفة للتوافد بكثرة هروبا من حرارة الصيف للاستجمام في حدائق الزيبان المائية التي تتوفر إلى جانب المسابح على مطاعم فاست فود وكافيتيريا، ومحلات خدماتية بالإضافة لتخصيص فضاءات للعروض و وكالة سياحية وقاعتين للحفلات».   
تطلع لاستحداث 3000 منصب شغل
وعن الأثر الاقتصادي المتوقع، قال المسيّر إن المشروع وقبل إنجازه أخذ بعين الاعتبار الجانب الاقتصادي وبالخصوص توفير اليد العاملة، مضيفا أن المشروع الذي يفتح أبوابه كل فصل صيف إلى غاية منتصف فصل الخريف، يوفر حاليا 300 منصب عمل مباشر وغير مباشر، مع السعي إلى مضاعفته خاصة في حال إنجاز المشاريع الأربعة المسجلة كامتداد للحدائق المائية، كاستمرارية لإنشاء قطب أو مدينة سياحية تتوفر على جميع المتطلبات، وهو التحدي الذي يعمل مجمع سراوي على رفعه وسيمكن، بحسب محدثنا، من توفير 3000 منصب عمل مستقبلا.

وأوضح مسير «أكوا بالم» بأن مجمع سراوي أنهى دراسة المشاريع الاستثمارية بذات الموقع بخبرات ألمانية وتركية تمت الاستعانة بها من أجل الإسراع وربح الوقت في الإنجاز، حيث أكد بأن مشروع الحدائق أخذت دراسته بعين الاعتبار كل الجزئيات بما فيها مواد البناء والتجهيزات المستعملة بمعايير عالمية، وقال المتحدث بأن المجمع خطى خطوة أولى لمواصلة باقي المشاريع التي أكد عدم التراجع عنها ورفع التحدي لتخطي كافة العقبات. وتتمثل المشاريع الاستثمارية التي وضعت تصاميمها عند بهو مدخل «أكوا بالم» حتى يتعرف عليها الزائر، في حظيرة كبيرة للتسلية بجوار الحدائق المائية، ومركز تجاري عبارة عن «مول» عملاق يتضمن محلات وفضاءات للكراء، وأخذت الدراسة بعين الاعتبار توفير الإيواء من خلال إنجاز مائة «فيلا» ذات طابع صحراوي مخصصة أيضا للإيجار للسياحة وقضاء العطل، وأيضا ثلاثة فنادق من الطراز العالي منها اثنان من ثلاث نجوم وفندق من خمس نجوم.ومن أبرز المشاريع الاستثمارية، التي أعدت دراستها من طرف مكتب الدراسات الألماني المعتمد، والذي تتواجد به كفاءات جزائرية معروفة سبق لها أن نالت جوائز عالمية عن تصاميمها، إنجاز مدينة سينمائية بمعايير عالمية، وأوضح مسير «أكوا بالم» بأن القيمة المالية، لهذه المشاريع المالية تصل 200 مليون دولار وسيكون لها الأثر الاقتصادي على سكان المنطقة، مؤكدا عزم مجمع سراوي على تحقيقها.    وتابع المسير بأن مشاريع أنجزت دراستها وتنتظر التجسيد لكن اعترضتها، بحسبه، عراقيل أبرزها انتظار الضوء الأخضر من الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار التي يجب المرور عبرها وفق قانون الاستثمار لما تقره من مزايا وإعفاءات ضريبية، كما اعترضته «عراقيل بيروقراطية» حالت دون الحصول على رخص البناء، وفور تجاوزها ستتم، مثلما قال، مواصلة مشروع المنتجع السياحي.
ي.ع 

الرجوع إلى الأعلى