* صوامع جديدة تمكّن من تخزين مليوني قنطار

تتواصل حملة الحصاد والدرس بولاية قسنطينة، وإيداع محصول القمح بتعاونية الحبوب والبقول الجافة، وبعد 15 يوما من انطلاق العملية تم تجميع 61 ألف قنطار من الحبوب، فيما ينتظر إنجاز صوامع جديدة من شأنها رفع قدرة التخزين إلى مليوني قنطار بولاية عُرفت بالمردود الكبير الذي تحققه هذه الشعبة سنويا، رغم أن الموسم الحالي شهد انخفاضا نسبيا بسبب تأثيرات الجفاف. وقد رافقت النصر، الفلاحين في عملية الحصاد المضنية تحت درجات الحرارة المرتفعة، وقضت يوما في تعاونية الحبوب التي باتت تعتمد وسائل تكنولوجية لوزن المحاصيل بالتوازي مع التحضير لعملية البذر.

روبورتاج: حاتم بن كحول

توجهنا إلى منطقة صالح دراجي التي تعرف بكثرة المستثمرات الفلاحية والأراضي الزراعية، أين كان عشرات الفلاحين منهمكين في الحصاد والدرس تحت أشعة الشمس الحارقة، ولاحظنا أن جلهم شباب، فيما كانت العملية تتم ببطء بسبب خلو السنابل من حبات القمح، كما أنها نمت على مسافات متباعدة.
أخبرنا فلاح شاب أن محصول هذا الموسم انخفض إلى أزيد من النصف مقارنة بالموسم الماضي، موضحا أن المناخ أثر كثيرا على المردودية، ليحمل حبة قمح ويشرع في وصف شكلها غير المتعود عليه، قائلا إن حجمها صغير كما أن لونها تغير بسبب الجفاف.
كما قال فلاح آخر، إن مؤشرات انخفاض الإنتاج كانت واضحة قبل بداية الحصاد، فبعض المناطق لم تنمُ بها سنابل والبعض الآخر كان عبارة عن حشائش يابسة، حتى أن مزارعين بالمنطقة لم يشرعوا بعد في الحصاد لأن السنابل نبتت فارغة من حبات القمح كما أن لونها كان أسود.
فلاحون يشتكون من تأثيرات الجفاف
وأوضح بعض الفلاحين أن المناطق الأكثر تضررا في ولاية قسنطينة هذه السنة، تتمثل في صالح دراجي وقطار العيش والسوناكوم بالخروب وأولاد رحمون وعين سمارة وابن زياد، وبدرجة أقل بونوارة أين تم حصد الشعير دون القمح الذي لم ينضج بعد، فيما كانت حالة المحاصيل في بلديات زيغود يوسف، ديدوش مراد، بني حميدان، عين عبيد وابن باديس، أفضل حالا، مرجعين ذلك إلى برودة الطقس بتلك المناطق التي عرفت تهاطلا أكبر للأمطار مقارنة بالجهات الأخرى لولاية قسنطينة.
وذكر المزارعون أنهم توقعوا حصد كميات أقل، إلا أن الأمطار التي تهاطلت بقوة قبل أزيد من شهر، أنقذت الموسم، وأوضح أحد الفلاحين أن البرودة المسجلة ليلا في بعض المناطق أثرت أيضا على جودة السنابل، حيث يتأثر كل محصول إن فاق التغير في درجة الحرارة بين النهار والليل 8 درجات.
وقال مزارع آخر إنه يأمل في أن يكون الموسم الفلاحي المقبل أفضل بكثير من الحالي، وذلك لتعويض الخيبة التي يشعر بها عدد كبير من الفلاحين، وأضاف أن زملاءه تكبدوا خسائر مادية بسبب ضعف الإنتاج هذا الموسم، خاصة أن جلهم يعمل بعد الاستفادة من قرض "رفيق"، ما يجعل الديون ترتفع دون التمكن من تسديدها.
جهاز إلكتروني لقياس الأوزان

ويقوم هؤلاء الفلاحون إلى جانب العشرات بولاية قسنطينة، بإيداع محاصيلهم لدى تعاونية الحبوب والبقول الجافة بمدينة الخروب، والتي قمنا بزيارتها في اليوم نفسه و وجدنا قرب مدخلها 6 شاحنات فقط كان أصحابها ينتظرون دورهم من أجل إفراغ المحاصيل، عكس المواسم الفلاحية السابقة أين كانت الطوابير تمتد لعشرات الكيلومترات.
 التقينا بمدير التعاونية علاوة زوراغي الذي رافقنا خلال جولتنا داخل هذا المرفق الممتد على مساحة واسعة تتوزع بها عدة منشآت، ويكسر هدوء المكان، ضجيج الآلات المستعملة في الطحن وتفريغ الشاحنات.
في مركز وزن الكميات المحصودة، وهو عبارة عن منشأة صغيرة، تمر الشاحنات المحملة بالحبوب بعد تقديم الفلاح كل الوثائق الضرورية التي تثبت هويته، حيث يتجه صوب طريق صغير معبد على ارتفاع طفيف مقارنة بالأرضية المزودة بميزان موضوع أسفلها، كما توجد شاشة إلكترونية معلقة تتيح له معرفة الوزن في الحين.
داخل المركز، يتكفل بالعملية فريق يتكون من 4 أشخاص، يقوم أحدهم بالتأكد من هوية الفلاح وبطاقة تثبت نشاطه، وكذا رقم تسجيل الجرار أو الشاحنة، وآخر يقوم بالعمل على جهاز متصل بالميزان للتأكد من الوزن الحقيقي، فيما يتكفل آخر بالعمل على الحاسوب، من أجل طبع كل المعلومات الخاصة بالفلاح من الهوية والكمية المحصودة و وزن الشاحنة وهي محملة بالمحاصيل. ويتوجه بعدها الفلاح لتفريغ القمح على مستوى المخزن الواقع داخل التعاونية، على أن يعود للقيام بنفس الإجراء المتمثل في وزن الشاحنة وهي فارغة، لمعرفة الوزن الحقيقي للمحاصيل، ويتم حينها منحه وثيقة و وصل عليهما كل المعلومات اللازمة.تحدثنا إلى بعض الفلاحين الذين كانوا بصدد بيع الكميات المحصودة، أين أعبروا عن ارتياحهم الشديد لظروف التسليم، خاصة وأنها عرفت تنظيما بعيدا عن الطوابير التي عانوا منها في السنوات الماضية.
إقبال من مطاحن الشرق والجنوب
وجدنا مركزا به شاحنات مركونة في شكل منظم، ينتظر أصحابها دورهم، وقد كانت تحمل ترقيم ولايات أخرى، على غرار بسكرة، وادي سوف، سكيكدة وباتنة، وقد علمنا أنها تابعة لمطاحن خاصة وعمومية يقوم أصحابها بشحنها بالقمح الصلب أو طحينه، كما شاهدنا شاحنات قدمت من الموانئ وهي بصدد إفراغ حمولات القمح المستورد.
وأوضح المدير أن التعاونية تستقبل القمح القادم من الموانئ وتعيد بيعه للمطاحن، حسب برنامج منظم و وفق الكميات المسموح بها، ووفق ملف وترخيص بنقل الحمولة، مضيفا أن قدوم شاحنات من ولايات أخرى أغلبها من الشرق والجنوب، راجع لقدرة التعاونية على تخزين كميات معتبرة.

وقال سائق شاحنة مطحنة خاصة، إنه يأتي يوميا لنقل كميات معتبرة من القمح، وفق برنامج مسبق، حيث ينقل 1200 قنطار يوميا لإحدى المطاحن بقسنطينة، فيما تتوجه بقية الشاحنات إلى مختلف الولايات الشرقية والجنوبية.
ولاحظنا وجود شاحنات في المركز الثاني لقياس الوزن، والذي يتوفر على ثلاثة مسالك عبارة عن أجهزة أولها مخصص للجرارات المحملة بالحبوب والتي يقوم أصحابها بوزن الكميات المحملة، والثاني لشاحنات المطاحن ويتم وزنها فارغة قبل الشحن، و الثالث خاص بالشاحنات القادمة من الموانئ ، و يتم تحويل الكميات إلى صومعة التعاونية، حيث تُخزّن.
مخابر لتكييف البذور تحضيرا لحملة الحرث والبذر
كما تتوفر التعاونية على محطة تكييف البذور، حيث توضع في مستودع كبير بعد استقبالها. وأوضح مدير التعاونية أن عملية الحصاد والدرس تتم بالموازاة مع التحضير للبذر وذلك باستقبال البذور ووضعها في أكياس بوزن 50 كلغ، وتوجه مباشرة إلى مركز مراقبة وتصديق الشتائل أين يتم أخذ عينات منها، تنقل إلى مخبر وتخضع للتحاليل، على أن تمنح وثيقة تتمثل في شهادة مطابقة.

وأضاف المتحدث أن التعاونية تقوم فيها بعد بمعالجة تلك البذور باستعمال بعض المستحضرات وأدوية، وتحتفظ بها التعاونية وتحضرها إلى غاية اقتراب موسم البذر والحرث أين تباع للفلاحين مجددا، موضحا أن ولاية قسنطينة تتوفر على 6 محطات منها اثنتان داخل التعاونية بقدرة تخزين 30 ألف طن للأولى، وثانية أنجزت سنة 2018 بقدرة 50 ألف طن، فيما تتوزع بقية المحطات على عدة مناطق مثل شعبة الرصاص وزيغود يوسف.
ووقفنا في المستودع الكبيرعلى عملية وضع البذور في أكياس ذات 50 كلغ، فيما كانت عملية تخزين البذور داخل الأكياس تقام في الجهة المقابلة باستعمال قنوات بلاستيكية تسهل من أداء العمل.
ولاحظنا أن الضغط لم يكن كبيرا على التعاونية عكس ما كانت عليه في السنوات الماضية، وهو ما فسره المدير بكون عملية الحصاد انطلقت قبل 15 يوما فقط، و ستستمر إلى غاية 31 أوت.

تجميع 61 ألف قنطار من الحبوب في أسبوعين
وأوضح المتحدث، أن الكميات المجمعة بعد 15 يوما من الحصاد إلى غاية يوم الإثنين الماضي، وصلت إلى 61 ألف قنطار، متوقعا أن تنتهي عملية الحصاد مبكرا هذه السنة، خاصة وأن الفلاحين أصبحوا يتزودون بآلات متطورة وإمكانيات كبيرة، متوقع انتهاء العملية بعد شهر على الأكثر.
كما تتوفر التعاونية على سكة حديد تسهل عملية شحن المقطورات، وصادفنا قطارا متوجها إلى جيجل بصدد شحن حوالي 9 مقطورات من الحجم المتوسط، عبر سكة محاذية للمحطة ولا تبعد إلا بمترين على الأكثر، ما يسهل عملية تحويل الحبوب ومشتقاتها نحو المقطورات.

وأكد مدير التعاونية، أن بعض المطاحن في الولايات الشرقية تعتمد في نقل الحبوب ومشتقاتها على القطار، كما تعتمد جل المطاحن الواقعة في ولايات عنابة وسكيكدة وباتنة وبسكرة على السكة الحديدية في نقل الكميات، مضيفا أن الطريقة المعمول بها أثناء عملية الشحن هي نفسها الخاصة بالشاحنات والجرارات، أي وزن المقطورات وهي شاغرة ثم وهي محملة ويتم احتساب الفارق لمعرفة الوزن الحقيقي للقمح.
مخبر لتحليل المحاصيل وسعر الاقتناء حسب الجودة
توجهنا إلى مخبر التعاونية، أين وقفنا على عملية معاينة المحاصيل، والتي أشرفت عليها مهندسة في الزراعة الغذائية، تقوم بأخذ عينات عشوائية من المحصول وسط كيس بلاستيكي صغير، تقوم بنقله إلى المخبر، من أجل تحليله وتحديد مدى جودته.
وأكدت المسؤولة عن قسم مصلحة الجودة والنوعية بالتعاونية، أن اختبارات الجودة تشمل عدة معايير منها إن كان المحصول صافيا أو مختلطا بالشوائب، وأول عملية معاينة تكون بالعين المجردة والتي تمكن من تمييز إن كان المنتوج مطابقا للمعايير، وإن كان من النوعية الرفيعة وذلك حسب حجم الحبة الواحدة ولونها، ثم تنتقل لعملية اللمس إن كان لينا أو صلبا.
كما تعتمد المختصة على الرائحة في تحديد الجودة، موضحة أن الرائحة توضح إن كان صاحب المنتوج قد احتفظ به داخل مخزن، وكذا درجة حرارته التي تثبت إن تم حصده حديثا أو قبل فترة طويلة، موضحة أن حبة القمح الساخنة تؤكد أن عملية الحصاد تمت مباشرة قبل التواجد في التعاونية، مضيفة أنها في نهاية العملية تقوم بالإمضاء وختم وصل يحدد النوعية والقيمة المالية، ويتم منح نسخة للفلاح ويتم الاحتفاظ بأخرى.وأضاف مدير التعاونية، أن سعر اقتناء المحاصيل يختلف من فلاح لآخر وذلك حسب معايير الجودة والنوعية، رغم أنه تم وضع سعر مرجعي إلا أن سعرالمحصول ذو النوعية الرديئة لا يعادل سعر المنتوج الجيد، مضيفا أن هذه المعايير تعمل بها التعاونية أثناء بيع القمح أيضا للمطاحن، حيث يختلف سعر البيع حسب الجودة.
صوامع جديدة لإنهاء مشكلة التخزين
أكد مدير تعاونية الحبوب والبقول الجافة لولاية قسنطينة، علاوة زوراغي، أن التعاونية قامت بالتحضيرات اللازمة لإنجاح حملة الحصاد والدرس، كما هو الحال مع التحضيرات لموسم الحرث والبذر والتي تتزامن حاليا مع موسم الحصاد والدرس، حيث تم الشروع في استقبال البذور من الفلاحين من أجل معالجتها على أن تباع لهم عند اقتراب العملية.وأوضح المتحدث أن التعاونية سخرت كل الإمكانيات المادية والبشرية، لإنجاح الحدثين، موضحا أن توفر العتاد اللازم لإنجاح العملية من آلات حصاد وكذا فرق مؤطرة جيدا تسهر على تنظيم العملية، والتي تسير حاليا في ظروف مواتية جدا، خاصة وأنه لا توجد طوابير أمام مدخل التعاونية، رغم أن الحملة مازالت في بدايتها، واعدا بالتكفل بكل فلاح بداية من وصول أول شاحنة أو جرار إلى آخر مغادر لأبواب التعاونية.

أما بخصوص الكميات القليلة التي وصلت إلى المخازن لحد الآن، أكد المتحدث أنه لا يمكن الجزم حاليا بالكميات ومقارنتها بالموسم الماضي، لأن الوقت لا يزال مبكرا، إلا أن التوقعات تشير إلى أنها قد تكون أقل من سابقتها، وذلك بسبب شح الأمطار في شهري مارس وأفريل، ما أثر سلبا على المردودية، إلا أن وضعية كل منطقة مختلفة حسبه، فتوجد من عانت من الجفاف وأخرى أفضل حالا، مؤكدا أنه مهما كان حجم المحاصيل فإن التعاونية جاهزة لتخزينها.
وبخصوص التخزين، أوضح المتحدث أن التعاونية لها إمكانيات تسمح لها باستيعاب مليون و700 ألف قنطار من الحبوب، وأوضح أن ولاية قسنطينة أفضل حالا من الولايات الأخرى، بصفته عمل في ولايات أخرى ووقف على فوارق التخزين، مؤكدا أن قدرة التخزين تصل لتغطية نسبة 90 بالمئة من المحاصيل، ولا توجد أي مشاكل بهذا الخصوص، إلا أن مصالحه تعمل على تجسيد مشاريع من شأنها رفع القدرة إلى مئة بالمئة.وتحدث المسؤول عن التعاونية، عن مشروع إنجاز صوامع التخزين بالمادة المعدنية، مبرمج إنجازه بمنطقة المالحة ببلدية بن زياد، وننتظر تجسيده، خاصة وأن قدرة التخزين تبلغ 300 ألف قنطار، ما يرفع قدرة التخزين إلى مليوني قنطار، وهو أفضل رقم حققته قسنطينة سنة 2019 حيث بلغ الإنتاج حينها مليون و935 ألف قنطار، وهو ما يؤكد أن هذا المشروع سيمكن من تغطية التخزين بنسبة مئة بالمئة.
وأضاف أن التعاونية تتوفر على 6 محطات معالجة وتكييف البذور في قسنطينة، وهو عدد كاف حسبه خاصة وأنها تقوم بتكييف قرابة 300 ألف قنطار سنويا، حيث يتم استعمال ثلث واحد محليا ومنح ثلثين لبقية الولايات، مضيفا أن هذه الوحدات تقوم بتوجيه البذور لنقلها إلى الصوامع وتنظف قبل الطحن، مضيفا أنها موزعة على عدة بلديات منها عين عبيد وشعبة الرصاص ببلدية قسنطينة وفي زيغود يوسف وغيرها، فيما تتكفل بلدية الخروب بتخزين مليون قنطار تقريبا حسبه.
حاتم / ب

الرجوع إلى الأعلى