تُخرّج المدرسة العليا للأستاذة «آسيا جبار» بقسنطينة كل عام مئات الطلبة الذين يُوجهون لتلبية احتياجات قطاع التعليم في الأطوار الثلاثة بشرق وجنوب البلاد، ويؤكد القائمون على هذه المؤسسة الجامعية التي يزيد عمرها عن 40 سنة، السهر على ضمان تكوين ذي نوعية في مختلف التخصصات العلمية والإنسانية، موازاة مع استقبال «نخبة» الطلبة، ويترافق ذلك مع انفتاح على المحيط الخارجي، وتشجيع الأنشطة العلمية.

  روبورتاج: لينة دلول

تم استحداث المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة في بداية الثمانينيات، وقد كوّنت على مدار العقود الماضية الآلاف من المعلمين والأساتذة، وفي السنوات الأخيرة، صارت تستقبل كل عام ما معدله حوالي 1500 طالب جامعي جديد من 24 ولاية في شرق وجنوب الجزائر، فيما تخرج منها العام الماضي 1300 طالب ويتوقع تخرج 900 آخرين هذه السنة.
هذه المدرسة التي كانت تقع لسنوات عديدة بسطح المنصورة، تم تحويلها قبل بضعة أعوام إلى المدينة الجامعية بعلي منجلي، مع افتتاح مجالات تكوين جديدة في علوم الكمبيوتر، الفيزياء، الكيمياء، والعلوم الطبيعية، وغيرها، حيث تضم اليوم، قاعة محاضرات كبرى، عشرات قاعات التدريس و 15 مدرجا، إضافة إلى 18 مخبرا، وقاعة للنشاطات الثقافية، وأخرى لمطالعة الكتب. وتتوفر المؤسسة الجامعية على 4 مخابر بحث، في اللغة الفرنسية، التعليمية واللسانيات، الرياضيات، ديناميكية الأقاليم وتكوين الجماعات.
ويتم تكوين أساتذة في أطوار التعليم الابتدائي، المتوسط والثانوي، وفي 8 تخصصات مختلفة بأقسام اللّغة والأدب العربي، اللّغة الفرنسية، اللّغة الإنجليزية، التّاريخ والجغرافيا، الإعلام الآلي والرّياضيات، الفلسفة، علوم الطّبيعة، وقسم الفيزياء والكيمياء.
وأكد المدير المساعد المكلف بأنظمة الإعلام والاتصال بالعلاقات الخارجية في المدرسة، الدكتور يخلف بلقاسم، أن 270 أستاذا يؤطر الطلبة الذين وصل عددهم هذا الموسم إلى أكثر من 3850 طالبا، بالإضافة إلى التكوين في طوري الماستر وكذلك الدكتوراه في الفرنسية، الفلسفة والكيمياء.
انضباط وأجواء تعليمية محــــــــــفّزة
قبل دخول المدرسة، قابلنا عددا من الطلبة بالمدخل الرئيسي وهم ينشّطون بحماس واهتمام، معرضا علميا، ما خلق حركية بالمكان، وداخل هذا الصرح، وجدنا العشرات من الطلبة ومعظمهم إناث، في المدرجات والقاعات التي بدت شبه ممتلئة، وسط حالة من الانضباط لاحظناها حتى في الأروقة، بينما توزع آخرون بين قاعة الأنترنت والمكتبة من أجل التحضير للامتحانات، وقد علمنا من الإدارة أن 80 بالمئة من الطلبة إناث.
تحدثنا إلى بعض الطلبة، ومن بينهم شاب التقينا به في النادي العلمي، يدرس في السنة الثانية بتخصص رياضيات،حيث قال إن المدرسة مكنته وزملاءه من القيام بالعديد من النشاطات العلمية التي أثرت رصيدهم المعرفي ولم تقتصر فقط على التعليم.

كما أخبرتنا طالبة أخرى وجدناها رفقة زميلاتها في المكتبة، تدرس في السنة الأولى بقسم علوم الطبيعة والحياة،أنها جد سعيدة لأنها اختارت المدرسة العليا للأساتذة لتكمل فيها  مسارها الدراسي، بحيث لم تشعر بأنها بعيدة عن أهلها، كما تعرفت على زملاء جدد  وعلى أساتذة حببوها في التعلم أكثر ولم يبخلوا عليها بالمعلومات. وتتابع زميلتها إيمان التي تدرس معها في نفس الصف، قائلة إن الأجواء التعليمية داخل هذه المؤسسة الجامعية تحفز أكثر على الدراسة بسبب الاندماج المميز بين الأساتذة والطلبة والإدارة.
مساعٍ لترقية العلوم وتقنيات التدريس
وأكد الأستاذ يخلف، أن القبول للدراسة في هذه المدرسة العريقة يكون حسب احتياجات قطاع التربية والتعليم، ومنه فإن عدد المترشحين المقبولين في السنة الأولى يعتمد على عدد المناصب التي تفتحها وزارة التربية الوطنية في الجهة الشرقية للبلاد.
وأضاف المتحدث، أنه يتم اختيار المترشحين الحاصلين على شهادة البكالوريا من العام الحالي بمعدل أكبر من أو يساوي 14 من 20، وإذا سمح الترتيب، تُجري لهم لجنة من الأساتذة، مقابلة لتقييم قدرتهم على تلبية المعايير المحددة.
وتبقى التخصصات الأكثر طلبا في المدرسة غير محددة، لأنها تتغير من سنة إلى سنة ومن شعبة إلى أخرى، حسب المسؤول، الذي أوضح أن اللغة الإنجليزية على سبيل المثال، تخصص يتطلب معدل عال جدا والسبب هو عدد المقاعد القليلة التي تطلبها وزارة التربية  الوطنية وفقا لاحتياجات الولايات.
وتسعى المدرسة إلى ضمان تكوين جيد وتدريب الطالب ليصبح أستاذا دائما للتربية الوطنية، إلى جانب ترقية العلوم وتقنيات التدريس، وتطوير أبحاث الأساتذة، كما لفت الدكتور يخلف إلى أن هذه المؤسسة الجامعية تعرف نشاطات علمية وبيداغوجية مكثفة، حيث احتضنت عدة ملتقيات وندوات حضوريا وعن بعد، منها المشاركة في العديد من النشاطات الوطنية والدولية، وفي كل التظاهرات الثقافية والرياضية للمدينة الجامعية.
وذكر المكلف بأنظمة الإعلام والاتصال بالعلاقات الخارجية، أن المدرسة العليا للأساتذة منفتحة على محيطها الخارجي، ولديها اتفاقيات مع جامعات من خارج الوطن، وذلك من أجل خلق الحركة بين الطلبة والجامعة والعالم الخارجي.
«نُخرج أكفأ الأساتذة  وهذا مصير المُعيدين»
من جهته، أكد المدير المساعد المكلف بالتّعليم والشّهادات والتّكوين المتواصل، الدكتور مراد مزعاش، أن فترة تربص الطلبة بالمدرسة لا تتجاوز 3 أشهر، ويتم تقسيمها على 3 مراحل، حيث يقوم الطالب في المرحلة الأولى باستكشاف المحيط المدرسي ومشاهدة الأنشطة والأحداث والعناصر التي تشكل النشاط التعليمي الذي يحدث داخل المؤسسة والفصول الدراسية، أما الثانية، فتشمل تحضير الدروس والمشاركة تدريجياً في مختلف المهام التعليمية، وأخيرا ممارسة مهنة التعليم تحت مراقبة الأستاذ والمشرف.

وأشار المتحدث، إلى أن مصير الطلبة المعيدين هو إعادة توجيهم إلى كليات أخرى، وتتم هذه العملية بطريقتين، إما بأن يختار المعني التخصص الذي يريده أو تتدخل المدرسة لتقيم اتصالات مع جامعات أخرى لتسجيله، مضيفا أن جودة التعليم تقود إلى الحديث عن نوعية الطلبة الذين يلتحقون بالمدرسة، وهم بحسبه، من الممتازين لأنهم يتحصلون على شهادة البكالوريا بمعدلات عالية.
ولفت مزعاش، إلى أن المكوَّنين بالمدرسة من أكفأ الأساتذة في الجامعات الجزائرية، حيث يتكونون في الجوانب، الأكاديمية والمنهجية والبيداغوجية والعلمية، بما يعطيهم القدرة على القيام بعملهم على أكمل وجه.
ل.د

الرجوع إلى الأعلى