بدأت تجربة زراعة السلجم الزيتي، تؤتي ثمارها بولاية برج بوعريريج، بالتزامن مع فترة جني المحصول، حيث حققت بعض المستثمرات الفلاحية النموذجية، محصولا مقبولا قدر بين 11 و 14 قنطارا  في الهكتار، ما اعتبره الفلاحون مشجعا مقارنة بتجربة الموسم الفلاحي الفارط، الذي لم يكن موفقا بسبب الجفاف.

و انخرط العديد من المزارعين و الفلاحين في هذه التجربة الجديدة، بالتنسيق مع مديرية المصالح الفلاحية و المعهد التقني للزراعات الواسعة، ما سمح بتوسيع المساحات المزروعة إلى 308 هكتارات بإقليم الولاية، من بينها 105 هكتارات بالمزارع النموذجية ببلدية بئر قاصد علي و 100 هكتار بالمستثمرة النموذجية بتيكستار، بالإضافة إلى انخراط المستثمرات الخاصة في تكرار التجربة للعام الثاني على التوالي، حيث تحدث بعضهم للنصر عن هذه التجربة و عن إرادتهم في مواصلة الجهود لتطويرها و الاستفادة من تقنياتها، رغم فشلها خلال الموسم الفلاحي الفارط، لغياب السقي وشح المياه، غير أنها عرفت بحسبهم نجاحا في الموسم الجاري، لاسيما على مستوى المستثمرتين النموذجيتين التابعتين للمستثمر عباشي بشير ببلدية الحمادية والثانية لمستثمرة بن حية موسى بقرية عين السلطان ببلدية مجانة.

* بشير العباشي مستثمر فلاحي
تفاجأت بمردودية المنتوج بعد الفشل في التجربة الأولى
أكد العباشي بشير صاحب مستثمرة فلاحية خاصة ببلدية الحمادية، أن الإصرار على تكرار تجربة زراعة السلجم، كان مفيدا و كسر المخاوف من نقص المنتوج، خاصة وأن التجربة في عامها الأول لم تعط النتائج المرغوبة، لكن الإصرار على تكرار التجربة والاستفادة من الخبرة السابقة مكن من الوصول إلى نتائج مشجعة و محفزة على توسيع زراعة السلجم الزيتي في السنوات القادمة، لما له من فوائد تجسدت في نجاحها في الموسم الفلاحي الجاري، بالحصول على مردود 14 قنطارا في الهكتار، فضلا على أهميتها الاقتصادية في تنويع المنتوج و الفلاحية المتمثلة في الحفاظ على الدورة الزراعية التربة.
و أشار إلى أن ما يميز زراعة السلجم الزيتي، زيادة على العائدات المادية، أين يبلغ سعر القنطار الواحد حوالي مليون سنتيم، هو الاطلاع على تقنيات جديدة ومتنوعة في مجال الزراعة والفلاحة، لما تتطلبه من اتباع للمسار التقني، فضلا عن تنويع التجارب للفلاحين، مشيرا إلى أنها غير سهلة لكنها ليست مستحيلة، والدليل عزوف بعض الفلاحين عنها بعد خيبتهم في العام الأول، مضيفا أن فشل تجربته خلال العام الفارط زاده إصرارا على إعادة الكرة وتوسيع المساحة لهكتارين، مع الحرص على توفير جميع الظروف المساعدة على نجاحها، بداية بعملية البذر في شهر نوفمبر من العام الفارط، بعد استلامه لحصته من البذور مباشرة، ومتابعتها فيما بعد من خلال الالتزام بالمسار التقني وإتباع أهم الخطوات لتحقيق النمو الجيد للبذرة، بالاستفادة من المرافقة الدائمة لإطارات المعهد التقني لتوسيع الزراعة ومديرية المصالح الفلاحية، وعدم إغفال ضرورة سقي المساحات المزروعة في حال شح معدلات التساقط، لما تحققه من ردة فعل سريعة في نمو البذرة، مشيرا إلى سقيها على مرتين خلال شهر جانفي ومع بداية شهر فيفري، ليسجل بعدها ارتفاع في معدلات تساقط الأمطار، ما جعلها تنمو بشكل سريع، زاد من حظوظ تحصيل منتوج بلغ 14 قنطارا في الهكتار و هو محصول مقبول في المراحل الأولى، ومشجع على توسيع المساحات المزروعة خلال السنوات القادمة، منبها إلى أن نجاح أي تجربة في المجال الفلاحي والزراعة، مرتبط بالإرادة و تجنب الخوف من فشلها، مع المتابعة الجيدة بداية بتقليب التربة والاختيار الأمثل لنوعية البذور و إتباع تقنيات البذر والكميات المنصوح بها، بالإضافة إلى تسميد التربة و القضاء على الأعشاب الضارة خلال مرحلة النمو، وعدم إهمال حتمية سقي المحاصيل في حال شح معدلات التساقط.
و جرت عملية الحصاد بحر الأسبوع الفارط، على مستوى المستثمرة الفلاحية، بتحقيق منتوج قدره 28 قنطارا، بحضور مزارعين وفلاحين بالمنطقة وصاحب المستثمرة، الذي أكد على تفاجئه بكمية المنتوج، خاصة وأن جهوده لم تذهب في مهب الريح، كما كان يروج له، بزرع المخاوف بين الفلاحين من فشل التجربة وعدم مقاومة النبتة للظروف المناخية بالمنطقة، لاسيما بعدما كثر الحديث حول عدم نجاح صنف البذور، وتكبد فلاحين لخسائر بولايات أخرى، مشيرا إلى أنه استعمل نفس الصنف من البذور وقد كللت تجربته بالنجاح .
و أوضح محدثنا، بخصوص فوائد هذه الزراعة، أنه وزيادة على أن سعر القنطار الواحد مشجع،  فإنها تمنح الفلاح إمكانية استغلال مساحات واسعة من الأراضي خلال فترة إراحتها، فكما هو معلوم وسط المزارعين، أن زراعة الحبوب القمح والشعير تحتاج إلى إراحة التربة، والتداول في عملية زراعتها عام في عامين، غير أن نبتة السلجم الزيتي تمنح إمكانية زراعته لتعويض فترة الفراغ بين موسمين من زراعة الحبوب، بالإضافة لما لها من فوائد في مد التربة بالمواد العضوية من مخلفات عمليات الحصاد، التي تبقى في التربة لصلابة جذوعها ومتانتها ومقاومتها للرياح خلافا للتبن الذي يتطاير، حيث تتحول إلى دوبال، زيادة على توغل جذورها بعمق يزيد عن المتر الواحد في التربة، ما يساعد على إنجاح الدورة الزراعية.

* موسى بن حية مستثمر فلاحي
حقّقنا نتائج مقبولة ونطمح لتطوير التجربة
من جانبه أشار موسى بن حية، صاحب المستثمرة الفلاحية النموذجية بعين السلطان في بلدية مجانة، في حديثه للنصر، أن التجربة الجديدة لزراعة السلجم الزيتي كانت ناجحة وحققت نتائج مقبولة، بالحصول على منتوج قارب 25 قنطارا في هكتارين، بعد المخاوف من الفشل في العام الثاني على التوالي.و أوضح أن مخاوفه بدأت تتلاشى بمجرد تساقط الأمطار في نهاية شهر فيفري من العام الجاري، أين تفاجأ بالنمو السريع للنبتة، بعدما تأخرت قبلها لمدة ثلاثة أشهر، ما جعله يفكر في تقليب التربة وتخضيرها للموسم الفلاحي القادم، غير أن نمو المحصول دفعه إلى تغيير موقفه وحفزه على اكتساب خبرات و تقنيات جديدة في زراعة السلجم، مشيرا إلى إتباع المسار التقني، بداية بعملية البذر التي يتم فيها مراعاة غرس حوالي 70 إلى 80 نبتة في المتر المربع، وتحقيق حوالي 400 خردلة في كل سنبلة حوالي 25 حبة من النوى و هو ما تم تحقيقه نسبيا بالمستثمرة، مع تسجيل اختلال بسبب شح الأمطار خلال شهر جانفي الذي يتزامن و مرحلة النمو، ما جعل مردود الإنتاج يتوقف عند عتبة 11 قنطارا في الهكتار، في حين يمكن الوصول لـ 25 قنطارا في الهكتار الواحد في حال توفر المياه.
و أكد محدثنا، ضرورة توفر الإرادة في نجاح أي تجربة في النشاط الفلاحي، على أن تتبع بالعمل الجاد والمتابعة الدقيقة، لأن زراعة السلجم صعبة وبحاجة إلى التحضير الجيد للتربة وإتباع المسار التقني، مشيرا إلى متابعة عملية البذر المباشر من قبل إطارات المعهد التقني، بزراعة حوالي 3 كيلوغرامات و300 غرام في الهكتار الواحد، و توزيعها بانتظام، مضيفا أن الفلاح بحاجة إلى الانتباه لضرورة إجراء تحاليل على التربة، لتحديد النقائص ومعالجتها، باستعمال الأسمدة والأزوت والمواد العضوية، والمبيدات اللازمة لتفادي الأمراض والقضاء على الأعشاب الضارة، معتبرا أن المميز في زراعة السلجم الزيتي، هو مقاومة البذور للجفاف لمدة طويلة، لكنها تبقى بحاجة إلى المياه في فترة النمو.
تشجيع على تطوير الشعبة ومرافقة الفلاحين

و تجدر الإشارة، إلى تشجيع الفلاحين على زراعة السلجم الزيتي، و اعتماد تحفيزات ودعم في الأسعار، لتطوير هذه الشعبة، من خلال المتابعة والمرافق الدائمة من قبل المهندسين وإطارات المعهد الوطني الفلاحي ومصالح مديرية الفلاحة، مع وضع إستراتيجية على مستوى الوزارة الوصية لتوسيع المساحات المزروعة، لتشمل مستثمرات فلاحية أخرى عبر إقليم الولاية.و سبق لمديرية المصالح الفلاحية، إطلاق حملة تحسيسية لفائدة الفلاحين، أكدت فيها على مرافقتهم  بداية من تحضير التربة إلى غاية عملية البذر، بتجنيد إطارات من المعهد التقني للزراعات الواسعة، للإشراف على عملية تهيئة التربة والتمهيد لعملية البذر بضبط الآلات المخصصة للعملية، والتشجيع على الانخراط والاندماج في المخطط الوطني لزراعة السلجم، دعما لبرنامج وزارة الفلاحة التي تهدف إلى تطوير هذا النوع من النباتات لما يحتويه من فوائد عديدة ومتنوعة، في هذه المرحلة التجريبية التي من بين ما تهدف إليه في مراحلها الأولى هو تكثيف البذور، باستقطاب أصحاب المستثمرات النموذجية الخاصة وتنبيه الفلاحين إلى أهمية هذا المنتوج، الذي يختلف في عملية البذر والحرث عن زراعة الحبوب من قمح وشعير، خاصة في ما يتعلق بطرق التحضير للتربة وتهيئة مهد البذرة التي تعتمد على معايير خاصة، ما يسمح بالتهيئة الجيدة للتربة و إراحتها من خلال تنويع المحاصيل، سيما و أن السلجم الزيتي يتوفر على مزايا بيولوجية تسمح بتنظيم الدورة الزراعية، وتحسين نوعية التربة لتزويدها بالمواد العضوية والقضاء على الأمراض الفطرية، كما يمكن أن يساعد في استصلاح أراضي البور وتحسين نوعية التربة لما يتميز به من جذور عميقة. و يعتبر السلجم الزيتي  من أهم المحاصيل التي تتوفر على مزايا ومواد هامة تستعمل في صناعة الزيوت الغنية بالأحماض الدهنية المضادة للأكسدة، بالإضافة إلى تعدد استعمالاته وفوائده، حيث يمكن أن يقدم  مع الأعلاف لتغذية الأنعام والمواشي، واستغلال حقوله في تنمية نشاط تربية النحل التي يتغذى على أزهاره.
ع/بوعبدالله

الرجوع إلى الأعلى