منح تسيير الملاعب الجوارية للنوادي الرياضيـة  ينهي العشوائية بقسنطينـة

يستحسن عدد من القائمين على النوادي والجمعيات الرياضية الطريقة الجديدة المعتمدة في تسيير الملاعب الجوارية المحولة من البلديات إلى مديرية الشباب والرياضة عبر ولاية قسنطينة، حيث اعتبروها أكثر تحفيزا للنّوادي، رغم تأكيدهم على أنّها تنطوي على بعض النقاط التي يصعب على النوادي التكفل بها في جوانب التسيير، في وقت يلاحظ فيه أن أسلوب التسيير الجديد يجعل الملاعب الجوارية أكثر فاعلية من حيث المحافظة على هذه المرافق، فضلا عن وضوح مسار العائدات المالية الخاصة الحصص الرياضية، كما يرسم في بنود واضحة حق الفئات الأقل من 18 سنة في الاستغلال المجاني للملاعب، حيث ينهي العشوائية التي سجلت في تسييرها في سنوات سابقة.

روبورتاج: سامي حباطي

وتوجهنا إلى الملعب الجواري بحي التوت في الجهة الشرقية من مدينة قسنطينة، حيث لاحظنا أن أرضية الملعب قد أزيلت، في حين التقينا برئيس النادي الرياضي أشبال قسنطينة، عادل بلباز، الذي استفاد من استغلال وتسيير الملعب في إطار الاتفاقية المبرمة بين مديرية الشباب والرياضة والجمعيات الرياضية لتسيير واستغلال الملاعب الجوارية عبر الولاية. وكان رئيس النادي على مستوى ملعب الشهي بورطل بالدقسي يحمل قطع الأرضية الاصطناعية التي طلبها من البلدية من أجل نقلها إلى الملعب الجواري في حي التوت. وأوضح لنا رئيس النادي أن أرضية ملعب التوت في حالة اهتراء ولا يمكن الاعتماد عليها من أجل اللعب أو التدرب، مؤكدا أنه باشر في عملية تغييرها بالوسائل المتاحة في الوقت الحالي حتى يستطيع الشروع في الحصص التدريبية والرياضية لفائدة الجمعيات الرياضية والأفراد.
استغلال مجاني لفائدة الأطفال والمتمدرسين 3 مرات في الأسبوع
واطلعنا على نموذج من الاتفاقية المبرمة بين مديرية الشباب والرياضة والنوادي الرياضية، خاصة بإحدى الجمعيات، حيث تتضمن شروط استغلال مدرجة في اثنتي عشرة مادة تنص على أن تسيير الملعب يكون في إطار برنامج مدروس، حيث تستغل مساحة اللعب في التكوين الرياضي، خصوصا للفئات الشابة كل أيام الأسبوع، في حين تخصص الثلاثاء مساءا وأيام الجمعة والسبت مجانا للشباب المتمدرس أو الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، فضلا عن ضرورة استغلال المرفق في ظل احترام طاقة استيعابه.
وتلزم الاتفاقية الجديدة، التي اعتمدتها مديرية الشباب والرياضة الجمعيات المستفيدة من الاستغلال والتسيير بضمان الصيانة والحراسة والمحافظة على المرفق، الذي يوضع تحت مسؤوليتها، في حين سمحت في مادتها السادسة للنوادي المستفيدة من الاستغلال باعتماد مبلغ مالي معقول وغير مربح مقدر بخمسمئة دينار للحصة خارج التوقيت المخصص للتكوين، على ألا يتجاوز عدد الحصص خمسة في اليوم الواحد، كما لا تتعدى مدة الحصة 60 دقيقة، مع جدول زمني للتدريبات والحصص خارج التوقيت المخصص للتكوين، وينبغي أن يكون مصحوبا بموافقة من طرف مديرية الشباب والرياضة من خلال التأشير عليه، بحسب نص الاتفاقية.  
وتنص الاتّفاقية المبرمة بين المديرية والنوادي الرياضية على أن مدتها مقدرة بسنة قابلة للتجديد، في حين يخضع كل ملعب لعملية التفتيش من طرف مصالح مديرية الشباب والرياضة، كما تتعرض الجمعية أو النادي الرياضي الذي يخل بمحتوى الوثيقة إلى فسخ الاتفاقية. وذكرت الاتفاقية أيضا أن كل رياضي هاوٍ يقل عمره عن 18 سنة يستفيد من مجانية اللعب حسب التوقيت والبرنامج المنصوص في البنود الأخرى. ولا يُسمح بتنظيم أي منافسة أو دورة رياضية إلا بالموافقة المسبقة لمديرية الشباب والرياضة، كما يمكن إجراء تعديلات على الاتفاقية بطلب من أي من الطرفين من خلال اتفاق مكتوب، حيث تصبح هذه التعديلات شروطا إضافية وتشكل جزءا لا يتجزأ منها.
النوادي ملزمة بتقديم تقرير مفصل حول الملعب كل 3 أشهر
وتفرض الاتفاقيات الجديدة التي أبرمت بخصوص الملاعب الجوارية على الجمعيات الرياضية تقديم تقرير مفصل عن حالة الملعب كل ثلاثة أشهر لرئيس المجلس الشعبي البلدي ورئيس الدائرة ومدير الشباب والرياضة، في حين تفرض الاتفاقية أن كل إخلال ببنودها يعرض إلى فسخ الاتفاقية تلقائيا دون سابق إنذار. ونبه رئيس النادي الرياضي أشبال قسنطينة في حديثه معنا، أنه يعتزم وضع برنامج خاص لتنفيذ بنود الاتفاقية، حيث أكد أنه سيضع نظاما داخليا يتم الاتفاق عليه بين الجمعية والمستفيدين من الحصص، ويضم مجموعة من السلوكيات الواجب الالتزام بها من أجل ضمان الحفاظ على المرفق وعدم إتلاف أرضيته.
وأشار نفس المصدر أن تجربته الرياضية لعبت دورا كبيرا في تحديد السلوكيات الواجب الالتزام بها من أجل الحفاظ على الملعب، على غرار منع الدخول بالأحذية الملطخة بالوحل، ومنع اللعب بأحذية كرة القدم ذات القواعد المعدنية التي تتسبب في إتلاف العشب الاصطناعي، فضلا عن منع مضغ العلك وبعض السلوكيات الأخرى، مثمنا منح الملاعب الجوارية للجمعيات، حيث اعتبر أنّ الخبرة في المجال الرياضي التي يتمتع بها الرياضيون القائمون على النوادي تلعب دورا مهما في حسن تسيير الملاعب الجوارية.
من جهة أخرى، شدد محدثنا بأنه يعتزم التقدم باقتراح إلى مدير المدرسة الابتدائية الواقعة بمحاذاة الملعب الجواري في حي التوت من أجل منح التلاميذ الفرصة للاستفادة من الملعب والمدربين، خصوصا وأن المدارس الابتدائية لا تتضمن مدربين، فضلا عن أنه سيسعى مع مصالح البلدية من أجل الاستفادة من مساحة أرضية بجوار الملعب من أجل استغلالها لبناء قاعة لتبديل الملابس، في حين وظف حارسا مؤمنا ويتقاضى أجرا شهريا من أجل الوقوف على سير الملعب.
700 دينار مقابل الحصة في علي منجلي
وتنقلنا إلى ملعب جواري آخر يقع ما بين حي القماص وحي المنى، حيث وجدناه مغلقا، في حين لاحظنا وجود طاولة “بابيفوت” مثبتة إلى الأعمدة المعدنية للملعب الجواري بسلسلة حديدية وقفل حديدي. وقد أخبرنا شبان التقينا بهم في المكان أن الطاولة تستغل من طرف بعض المراهقين للعب، بينما أكدوا أن المقابلات تنظم بالملعب. وقد اعتقد بعض الأطفال أننا نسعى إلى ضبط برنامج مع المشرف على استغلال الملعب، فأخذوا يسألوننا عن إمكانية إدراجهم ضمن برنامجنا، مشددين في حديثهم إلينا أنهم “يرغبون بممارسة كرة القدم بشدة” ضمن فريق أو ناد رياضي.
من جهة أخرى، أوضح لنا سكان من حي وادي الحد أن تسيير الملعبين الجواريين الجديدين اللذين أنجزا في الجهة القريبة من الوادي لم يمنح بعدُ لجمعية رياضية، كما ذكروا أنهما تعرضا لبعض الضرر جراء السيول في وقت سابق، في حين ذكر لنا سليم مصالي، رئيس الجمعية الرياضية المسمّاة الرجاء الرياضي لمدينة قسنطينة، أنه لم يتقدم بطلب استغلال وتسيير الملعبين الجواريين بوادي الحد لأنه وجد أن المكان الذي يقعان فيه غير مناسب، فهو قريب من الوادي وغير مناسب لممارسة الرياضة خلال الساعات الليلية.
وأضاف نفس المصدر أنه لم يتقدم إلى مديرية الشباب والرياضة بطلب لاستغلال الملعب الجواري الواقع بين القماص وحي الرياض أيضا بسبب صغر حجمه ووقوعه هو الآخر في مكان بعيد وغير مناسب للتدريب في الساعات المسائية، منبها أن الجمعية الرياضية التي يرأسها تضم أطفالا من مختلف بلديات قسنطينة، في حين طالب محدثنا بإنجاز ملعب جواري على مستوى وادي الحد في موقع مناسب، وبمساحة مناسبة لاحتضان الدورات الكروية.
وذكر لنا شبان من المقاطعة الإدارية علي منجلي أن بعض الملاعب الجوارية الموجودة على مستوى عدة وحدات ما زالت تسير من طرف نفس الأشخاص، وليس من طرف الجمعيات الرياضية، حيث يفرضون على الشبان دفع 700 دينار مقابل الحصة، على عكس المعمول به في جميع الملاعب الجوارية الأخرى التي يطلب القائمون عليها 500 دينار فقط للحصة. وأضاف محدثونا أن الملاعب الجوارية في علي منجلي تعرف إقبالا كبيرا، حيث لا يكاد يخلو ملعب في أي من الحصص ويتجاوز الخمسة بكثير، مثلما عبروا، مضيفين أن الظفر بحصة لتنظيم مقابلة في كرة القدم يكاد يكون بـ”المعريفة” على حد قولهم، كما أنهم يتقاضون أجرا عن الأطفال.
واتجهنا خلال الفترة المسائية من يوم الثلاثاء إلى الملاعب الجوارية الثلاثة الموجودة في محيط المركب الرياضي برشاش بحي السطوح لاستطلاع المجانية لفائدة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، حيث سألنا بعض المتدربين عن طريقة كراء الحصص فوجهونا إلى المكلف بتنظيم الحصص التدريبية في المكان، وأكد لنا الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يمارسون الرياضة بالمجان، وقد وجدنا العشرات من الأطفال في المكان يلهون ويلعبون كرة القدم في الملاعب. وذكر لنا نفس المصدر أن الملاعب الثلاثة مسيرة من طرف إدارة المركب، في حين نبه أن الشبان والجمعيات الرياضية تستفيد منها في إطار حصص مدفوعة، مع الاستفادة من تخفيضات عندما يتعلق الأمر بالجمعيات الرياضية.
وقد وجدنا بعض الأطفال يتدربون تحت إشراف مدرب في الملعب، فضلا عن أطفال آخرين يترددون على المكان مع أوليائهم، بينما أكد لنا القائم على كراء الحصص أن المجانية بالنسبة للفئة المذكورة تشمل جميع أيام الأسبوع، وليست محصورة في أيام أو فترات محددة. وقد التقينا بمجموعة مراهقين متجهين إلى مكتب كراء الحصص من أجل تسجيل حصة خاصة بهم، في حين أوضحوا لنا أنهم يرغبون بتنظيم مقابلة في كرة القدم.  
رؤساء جمعيات يثنون على الصيغة الجديدة لتسيير الملاعب
أما في الملعب الجواري الموجود على مستوى حي السيلوك، فلم نستطع التواصل مع القائمين على كراء الحصص واستغلال المرفق، في حين لاحظنا انتشارا للقمامة والأكياس البلاستيكية الملتصقة بالحاجز المعدني للملعب، فضلا عن انتشار القمامة والقارورات البلاستيكية في الأرضية. وقد تزامن تواجدنا في المكان مع هطول أمطار رعدية والرياح، في حين أوضح لنا بعض شبان الحي أن مصدر القمامة من الجهة الخلفية للعمارات، مؤكدين أنها عادت للانتشار رغم أن مصالح البلدية قامت مؤخرا بعملية كبرى لرفعها. وأضاف محدثونا أنهم يضطرون في بعض الأحيان إلى التوقف عن اللعب بسبب المشكلة المذكورة، بعدما تنتشر القمامة في الملعب بشكل كبير عند هبوب الرياح، لكنهم أكدوا أن ملعب السيلوك يعتبر مثاليا بالنسبة إليهم بسبب موقعه، فضلا عن الشبان القادمين من أحياء أخرى، بفضل قربه من مواقف الترامواي ووسط المدينة.
وأثنى رؤساء جمعيات على الصيغة الجديدة في تسيير الملاعب الجوارية، حيث اعتبر رئيس النادي الرياضي سريع بوالصوف، فارس بولغليمات، في حديثه إلينا، أن البنود الواردة في الاتفاقية محفزة للجمعيات الناشطة في المجال الرياضي، في حين اعتبر أن جانب التسيير مثقل بعض الشيء، خصوصا وأن بعض المتدربين يرفضون دفع أجرة استغلال الحصة. وذكر محدثنا أن جمعيته كانت تستغل الملعب الجواري الواقع في الشطر الثالث من حي بوالصوف في إطار اتفاقية مبرمة مع البلدية، قبل اعتماد التسيير من طرف مديرية الشباب والرياضة، لكن وضعية الملعب قد تدهورت مثلما أكد وصار غير قابل للعب. وأشار محدثنا إلى أنه تقدم بطلب للإشراف على استغلال ملعب آخر إلى المديرية المعنية وينتظر الاستجابة لمطلبه.
وانتقد القائمون على بعض النوادي الرياضية، الذين تحدثنا إليهم، منح ملاعب جوارية لفائدة بعض النوادي القليلة النشاط في المجال الرياضي مقارنة بغيرها، حيث اعتبروا أن المفترض في العملية أن تمس الجمعيات ذات الأقدمية في النشاط، فضلا عن حضورها القوي ميدانيا.
وتوجهنا إلى مديرية الشباب والرياضة من أجل الحصول على مزيد من المعلومات حول سير العملية بعد أكثر من شهر من منح تسيير الملاعب الجوارية لفائدة النوادي الرياضية، لكن المدير بالنيابة على مستواها اعتذر عن تقديم معطيات لكون المدير الولائي في عطلة، في حين سبق للنصر وأن تطرقت إلى الموضوع خلال التحضيرات لإبرام الاتفاقيات مع الجمعيات الرياضية، حيث صرح مدير الشباب والرياضة لولاية قسنطينة لنا حينها أن عدد الملاعب الجوارية التي حولت من البلديات عبر الولاية إلى مديرية الشباب والرياضة يفوق المئتين، كما نبه أن الملحقين البلديين المكلفين بالرياضة والمندوبين المحليين للشباب سيتكفلون بمراقبة عملية تسييرها.                                              
س.ح

الرجوع إلى الأعلى