تسببت الأمطار الغزيرة المتساقطة على بلدية زيغود يوسف بقسنطينة، مساء أمس الأول، في خسائر  مادية معتبرة فقد تضررت العديد من المحلات التجارية فضلا عن 13 مركبة جرفتها المياه، كما غمرت كتل ضخمة من الأوحال طرقات وتجمعات سكنية، فيما وجه الوالي تعليمات لرئيس الدائرة من أجل التكفل بالمواطنين  المتضررين   وأمر رئيس البلدية بإعداد دراسة لحماية المدينة من خطر الفيضانات، في حين تعمل مصالح مديرية الموارد المائية على إعداد بطاقة تقنية للشروع في مشروع استعجالي لإنجاز شبكة التطهير وإزالة خطر الوادي النائم، الذي استيقظ فجأة وكاد يؤدي فيضانه إلى ما لا يحمد عقباه.

روبورتاج: لقمان قوادري

وتنقلت النصر، صبيحة أمس، إلى بلدية زيغود يوسف، أين بدت آثار الأمطار الطوفانية والفيضانات ظاهرة للعيان، إذ كانت الأوحال في كل مكان من مدخل المدينة إلى غاية وسطها، وذلك رغم حملات التنظيف التي استمرت ليلة كاملة من طرف السلطات المحلية والمواطنين، الذين أكدوا لنا أنهم قضوا ليلة بيضاء رفقة الحماية المدنية وأعوان البلدية.
وفور وصولنا إلى شارع معلم محمد الصالح بوسط المدينة، وقفنا على وجود جرافات البلدية ومديرية الأشغال العمومية فضلا عن شاحنات «سياكو»، وهي تعمل على إزالة الكتل الضخمة من الأوحال، وتنقية البالوعة الكبرى بوسط الطريق الرئيسي للمدينة، إذ غمرتها الأوحال هي الأخرى، كما لاحظنا أن القناة ضيقة جدا وممتلئة بالطمي، فضلا عن مختلف أنواع النفايات لاسيما البلاستيكية منها، فيما وقفنا على  أن مسار الفيضان آتى من واد نائم أعلى الطريق، في حين لاحظنا أن تلك الشعبة قريبة جدا من المنازل التي تحيط بها من كل جانب.
وأكد لنا سكان المدينة، أن هذا الوادي النائم سجلت بسببه الكثير من الحوادث المماثلة منذ عقود، والتي استمرت إلى غاية سنة 2014 ثم سجل حادث فيضان مماثل ليلة الخميس الماضي، لكنه أقل حدة وكان يجب على السلطات بحسبهم، أن تنتبه إلى هذا الخطر الكامن، مشيرين إلى أن التكفل بهذه الشعبة المسماة الزميت يتطلب عملية متكاملة لإنجاز قنوات تصريف واسعة تستوعب كميات المياه التي تنزل.
صاحب محل ينجو بأعجوبة

وتوجهنا إلى شارع 24 فيفري مرورا عبر حي الاستقلال، أين تضررت العديد من المحلات وتعرض ملاكها إلى خسائر مادية معتبرة، حيث يروي لنا صاحب محل حلويات كيف داهمت المياه محله عندما كان منهمكا في عمله، ووصل ارتفاعها إلى أزيد من متر ونصف في ظرف قصير جدا، ما تسبب في عطب لثلاجتين والعديد من التجهيزات الأخرى، إذ قال إن الأمر حدث في لمح البصر، لكنه سرعان ما فر بجلده بعد أن انطفأ العداد الكهربائي.
وبدت ملامح الحزن بادية على أصحاب المحلات المتضررين فتاجر الألبسة تكبد خسائر معتبرة مثله مثل حال بائع الصوف وكذا المواد الغذائية والخردوات، لكن جميعهم حمدوا الله على عدم إصابة أي منهم بمكروه، لكنهم أكدوا ضرورة إيجاد حلول نهائية لهذه المشكلة التي أصبحت تهدد سلامة المنشآت والأشخاص.
أحياء قديمة لم تستفد من التهيئة منذ عقود

ويجمع سكان زيغود يوسف، على أن المدينة بشكل عام والأحياء المتضررة بشكل خاص، لم تستفد من أي عملية تهيئة أو إعادة توسعة أو إنجاز شبكات جديدة للتطهير، فجل الشبكات المنجزة قديمة جدا وأضحت غير قادرة على استيعاب التغيرات العمرانية، كما أكد أعضاء المجلس الشعبي الولائي سداح حمزة وبوالسميد أحمد وهما من سكان البلدية، أن البنى التحتية متدهورة جدا إذ تم طرح كل الانشغالات في دورات مختلفة ووجب على السلطات أن تنتبه إلى هذا الأمر.
ولاحظنا أن الأوحال قد أحاطت بعمارتين أسفل شارع معلم محمد الصالح، حيث قال لنا قاطنون أنهم ظلوا محاصرين بهما طيلة ليلة كاملة، كما لم يتمكن عدد من السكان الولوج إليهما فمستوى المياه وصل إلى نصف متر ما جعل الدخول إليهما أمرا صعبا، كما وقفنا يوم أمس على صعوبة الدخول أو الخروج منهما لاسيما لدى الأطفال، في حين تم رفع قناطير من الأوحال من طرف العمال الذين كانوا يسابقون الزمن لامتصاص المياه أو إزالة الوحل الذي غمر المكان.
نجاة سيدة وابنتيها من موت محقق
وتنقلنا إلى الوادي إذ وصلنا إليه بصعوبة كبيرة لتحوّل المسار إلى كتلة من الطين وهو حال جل الطرقات المتضررة، إذ لاحظنا أن قناة الصرف ضيقة جدا كما أنها كانت مسدودة بأغصان وأحجار كبيرة الحجم، وهو ما تسبب في غلقها وتحول مسار المياه إلى العراء بدل دخولها إلى القناة، إضافة إلى ضيق المجرى، فضلا عن مسار صرف مياه الأمطار الذي لا يتجاوز طوله نصف متر.
وقد تضرر بالمكان منزلان، حيث أن سيدة رفقة ابنتيها نجت من موت محقق بعد أن غمرت الأوحال والمياه مدخل منزلها، إذ سرعان ما أنقذها أحد الجيران بعد أن منحها سلما صعدت فوقه رفقة ابنتيها، وأكد أقاربها أن وجود السكن بمجرى الوادي النائم يهدد حياة السيدة وعائلتها، مؤكدين أنها أودعت ملف الاستفادة من السكن وهي تنتظر استفادتها منذ سنوات.
أما بالمنزل الثاني، فقد اختفت ملامح مدخله بشكل كلي، وأضحى الدخول إليه أمرا مستحيلا إذ أن جدرانه عبارة عن لبنات من الطين ويعود تاريخ بنيانه إلى سنوات الاستعمار، غير أن الغريب بالمكان وجود منازل بمحاذاة المجرى، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية بنائها في هذا المكان، رغم علم أهل المنطقة بأنها قد تشكل خطرا في أي لحظة.
ووجدنا أفراد العائليتين جالسين في العراء ينظرون إلى منازلهم من مكان عال وكلهم تأسف على الحال الذي وصلوا إليه، ويؤكد سكان البلدية وأعضاء المجتمع المدني ضرورة تسجيل عملية استعجالية للتكفل بالوديان النائمة مع استفادة الأحياء القديمة من عمليات تهيئة شاملة، فضلا عن توسيع مجاري الصرف الصحي والقنوات مع تنظيف البالوعات.
حملات تنظيف انطلقت منذ الخميس الماضي

وذكر رئيس لجنة الصحة والنظافة وحماية البيئة بالمجلس الشعبي البلدي، نيني أنيس، أن حملات النظافة المكثفة انطلقت منذ الخميس الماضية واستمرت إلى غاية أمس، إذ تم تسخير كل الإمكانيات للقضاء على النقاط السوداء، مشيرا إلى أن مشكلة «شعبة زميت» تعد من بين أكبر النقاط السوداء التي تعاني منها زيغود يوسف، رغم العمل على تنظفيها يوم الأحد صباحا لكن الأمطار الطوفانية كانت أقوى من المجهودات المبذولة.
ووجب بحسب المتحدث، أن يتم التكفل بالمشكلة بشكل تام وهو ما وعد به الوالي، وفق المنتخب، كما  أشار إلى تضرر 13 سيارة فضلا عن ضحيتين بينهما امرأة ،فضلا عن شيخ تم إنقاذه من سيارته التي جرفتها المياه خلال تهاطل الأمطار.
وقد تنقل والوالي عبد الخالق صيودة، قصد معاينة مخلفات الأمطار الغزيرة، حيث ذكرت الصفحة الرسمية للولاية عبر منصتها على فيسبوك،  أن المسؤول عاين رفقة أعضاء  من اللجنة الأمنية سير عملية التدخل لإزالة مخلفات الأمطار والأضرار المادية الناجمة عنها، حيث تعمل الفرق التابعة لمديرية الأشغال العمومية بالمنطقة المتضررة منذ ليلة أمس مدعمة بفرق «سياكو»، البلدية والحماية المدنية.
و وجه  الوالي، وفق ذات المصدر، تعليمات لرئيس الدائرة من أجل التكفل ببعض المواطنين المتضررين من دخول المياه إلى منازلهم من خلال تزويدهم بالأفرشة،  بالتنسيق مع الهلال الأحمر الجزائري ،كما استمع إلى انشغالات السكان وطمأنهم أن  الدولة مجندة لحماية المواطنين و التكفل بانشغالاتهم، في حين أمر رئيس البلدية بإعداد دراسة لحماية المدينة من خطر الفيضانات، بالموازاة مع عملية التنظيف بمختلف المناطق والنقاط السوداء بدائرة زيغود يوسف.
وأوضح رئيس الدائرة، للنصر، أن كل الإمكانيات مسخرة لإزالة المخلفات والأوحال، كما أشار إلى أن مديرية الموارد المائية وعبر مندوبيها بالدائرة، تعمل على إعداد بطاقة تقنية من أجل تسجيل عملية استعجالية للتكفل بالوادي النائم وإعادة تهيئته من خلال إنجاز شبكة جديدة، مؤكدا أنه سيتم التكفل بالعائلات المتضررة بشكل مستعجل، كما ذكر أن مصالح الأشغال العمومية والموارد المائية و«سياكو» وكذا البلدية مسخرة إلى غاية التكفل النهائي بالاختلالات المسجلة.                     
ل.ق

الرجوع إلى الأعلى