استراتيجية أمنية خاصة لتأمين أكبر مدينة في قسنطينة

وضعت مصالح أمن ولاية قسنطينة إستراتيجية أمنية خاصة لتأمين المدن الجديدة الواقعة داخل إقليم الولاية، حيث تسعى من خلالها إلى مسايرة التطور السكاني والعمراني لهذه الأقطاب الحضرية، وذلك بتأمين المواطنين وممتلكاتهم وكذا مختلف المرافق العمومية والخاصة، ما مكن من التحكم الأمثل في هذا النمو الكبير لمختلف المجمعات المنجزة حديثا، وأكبرها مدينة علي منجلي التي وصل عدد قاطنيها إلى أزيد من نصف مليون نسمة.
روبورتاج: حاتم بن كحول

ورافقت النصر، شرطة قسنطينة، في خرجة ميدانية أمس الأول، شملت عدة محاور بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، لإبراز الإستراتيجية المعمول بها من أجل التحكم أمنيا في أكبر قطب سكني في الولاية، حيث أنشئ بتاريخ 28 فيفري 1998 ليتطور بمرور السنوات وتتشكل اليوم من 20 وحدة جوارية، تضم حوالي 100 مؤسسة تربوية، وقطبين جامعيين و4 مدارس وطنية، و19 حيا جامعيا، دون إغفال المرافق الإدارية الأخرى والفروع البلدية والمؤسسات المصرفية والبنكية والإدارات العمومية، بالإضافة إلى نزل وفنادق مصنفة، كما أنها فضاء تجاري بامتياز حيث تضم عدة مراكز تجارية ومحلات عصرية، وتعد قبلة من الزبائن من داخل وخارج الولاية.
وأكد رئيس أمن دائرة علي منجلي بأمن ولاية قسنطينة، عميد الشرطة إلياس سعيدي، للنصر، أنه وأمام كل هذا الزخم الإداري والسكاني، وضعت المديرية العامة للأمن الوطني 12 مقر أمن حضري داخلي حيز الخدمة بالإضافة إلى مقر أمن خارجي، وفرقة متنقلة للشرطة القضائية.
مئات كاميرات المراقبة
وقد كانت بداية الخرجة الميدانية بزيارة مركز المراقبة بالفيديو الواقع في حي بوالصوف، والذي يعمل بالتنسيق مع قاعة الفيديو الواقعة في مقر أمن دائرة علي منجلي، الذي وجدنا لدى التنقل إليه أنه يتوفر على قاعة حماية عن طريق الفيديو مزودة بعدد معتبر من كاميرات المراقبة، تستغل من أجل المساهمة ميدانيا في كشف الجرائم المختلفة سواء المتعلقة بالمخدرات أو السرقة أو الاعتداء وكذا حوادث المرور، حيث تعمل بالتنسيق مع الفرق العملياتية في الميدان سواء كانت راكبة أو الراجلة ما يجعل التدخلات سريعة وناجعة.
وأكد رئيس أمن دائرة علي منجلي، أن الكاميرات منتشرة عبر كامل إقليم الاختصاص، وعددها في تزايد مستمر، معتبرا إياها همزة وصل تستغل أساسا في حماية الأشخاص والممتلكات، قبل أن تكون للمراقبة، إذ أنها تساهم بشكل فعلي في ضمان تأمين القطاع وليس فقط في التصدي للظواهر السلبية، وتضمن مثلا سلاسة مرورية وتتيح التوظيف الأمثل للعامل البشري والمادي للشرطة.
الشرطة العامة لردع التجار المخالفين
وقمنا بعدها بالتحول إلى مصلحة فصيلة الشرطة العامة والتنظيم بأمن الدائرة، والتي تختص في التحقيقات الإدارية المتعلقة بالحماية الاجتماعية، والتنظيمات المنظمة التي تقتضي الرخص الولائية ومن بينها التحقيقات المتعلقة بالمقاهي والمطاعم ونوادي الأنترنت وقاعات اللعب، وكذا التحقيقات حول التجهيزات الحسّاسة مثل كاميرات المراقبة والمواد الكيمائية الخطيرة، وكذا أسلحة الصيد من مختلفة الأصناف، حيث تتكفل بالتحقيق بشأن الأشخاص طالبي الاستفادة من رخصة استعمال الأسلحة، حسب ما أكده رئيس فصيلة الشرطة العامة بأمن دائرة علي منجلي، ضابط الشرطة الرئيسي بوكفوس باديس.
وأكد المتحدث، أن أكثر التدخلات الخاصة بهذه الفصيلة تتمثل في التنسيق مع مختلف الشركاء بالمحلات التجارية وخاصة تلك التي يقوم أصحابها بمخالفات تتعلق مثلا بعدم القيد في السجل التجاري، وعدم احترام شروط النظافة المتعلقة بالصحة.
في طريقنا إلى مخرج مقر الأمن وقفنا على وضع أزيد من 10 دراجات نارية بساحة المقر، وعلمنا من أنها تخص سائقين مخالفين لقوانين المرور وسيتم تحويلها إلى المحشر، لنتحول بعدها إلى المنطقة التجارية "سكوار" بالوحدة الجوارية 20 من أجل مرافقة الشرطة في خرجة ميدانية لمراقبة المحلات، أين تمت مراقبة بعضها مع تقديم نصائح للتجار في إطار التحسيس والتوعية.
كما تواجدت الفرق الشرطية في متوسطة زويني الطاهر في الوحدة الجوارية 20، في إطار تجسيد حملة تحسيسية في فائدة التلاميذ، تمحورت حول الآفات الاجتماعية ومخاطر استعمال الهاتف النقال والأنترنت، وقد سأل شرطي عن التلاميذ الذين يتوفرون على هاتف ويستعملون الأنترنت واتضح أن 90 بالمئة منهم يستخدمونه، ليشرع في ذكر مخاطر الاستعمال المفرط بهذه الوسيلة الذكية مقترحا استغلالها في فائدتهم على غرار الدراسة.
وتوجه الوفد الشرطي مباشرة إلى الطريق المحاذي للمتوسطة، والمؤدي من الوحدة الجوارية 19 إلى 20 ومنها إلى طريق الوزن الثقيل، من أجل مواصلة حملة التحسيس، ولكن هذه المرة في صالح السائقين، حيث تمحورت حول مخاطر الإفراط في السرعة واحترام ممر الراجلين لإفساح المجال أمامهم لعبور الطريق وخاصة الأطفال.
وأكد رئيس خلية الإعلام والاتصال بأمن الولاية، ضابط الشرطة الرئيسي بلال بن خليفة، أن الشرطة تعمل على توعية سائقي المركبات وحثهم على احترام قوانين المرور، وهي العملية التي مست أيضا مختلف الشرائح على غرار تلاميذ المؤسسات التربوية أين تمت توعيتهم بخطورة الآفات الاجتماعية وخاصة فئة الأطفال حتى لا يكونوا في المستقبل من مستهلكي هذه السموم.
فرقة "بياري".. الصائد الأول لـ"الكوكايين"
توجهنا بعدها إلى مقر فرقة البحث والتدخل بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، وهي التي تعرف بمعالجتها لقضايا نوعية وهامة، وهناك أكد نائب رئيس الفرقة ضابط الشرطة الرئيسي، حبشي محمد العيد، أن "بياري" تعتبر من بين الفرق العملياتية النشطة في الميدان والتي تعنى بمعالجة القضايا الحساسة والهامة وتفكيك شبكات المجرمين أي المنظمة عبر كامل إقليم الولاية، على غرار ما قامت به في الآونة الأخيرة بتفكيك شبكات إجرامية منظمة عديدة وحجز كميات هامة من الكوكايين.
 بالإضافة إلى ذلك تقوم "بياري" بتدعيم المصالح الشرطية النشطة في الميدان، متحدثا عن عدد من المداهمات في مختلف النقاط المشبوهة بعلي منجلي وبقية المناطق، حيث تمت مشاركة فرقة أمن دائرة علي منجلي وكذا الفرقة المتنقلة في خرجة ميدانية خلال نفس اليوم استهدفت النقاط السوداء داخل إقليم علي منجلي.
مخطط مروري خاص في أوقات الذروة   
وتُعرف المقاطعة الإدارية علي منجلي، بالازدحام المروري في أوقات الذروة خلال السنوات الأخيرة، ما جعل مصالح أمن الدائرة تشكل فرق تعمل على تطبيق مخطط مروري خاصة في أوقات الذروة وتحديدا من الساعة الرابعة نهارا إلى السابعة مساء، وذلك عبر مختلف المحاور التي تعرف اختناقا على غرار محاور الدوران ومفترق وملتقى الطرق وخاصة تلك التي تتقاطع مع خط الترامواي، على غرار أحياء الاستقلال، الفيرمة، كوسيدار وجيكو، ومحور دوران بن قادري وبالوحدتين الجواريتين 17 و19.

وتواجدنا في حدود الساعة الخامسة والنصف مساء بمحور دوران بن قادري المؤدي إلى المركز التجاري "رتاج مول"، أين وجدنا شرطيين يقومون بتنظيم حركة المرور، ما ساهم في تخفيف حدة الازدحام رغم العدد الهائل من المركبات المارة على هذا الطريق الرئيسي، ليؤكد ضابط الشرطة الرئيسي فارس زلاغي، أن شرطة المرور تعمل على تأمين المحاور وخاصة في أوقات الذروة، أين تعرف مختلف المسالك كثافة مرورية، موضحا أن الانتشار المدروس لرجال الأمن في الميدان يسمح بضمان سيولة وانسيابية لحركة المرور عبر المحاور التي تعرف اختناقا.
فرقة الترامواي تضع حدا للصوص
توجهنا بعدها للمحطة النهائية للترامواي بمحاذاة جامعة عبد الحميد مهري بالوحدة الجوارية 2، للوقوف على عمل فرقة الترامواي، أين صرح ضابط الشرطة الرئيسي بلال بن خليفة، أنه وفي إطار مسايرة التطورات الحاصلة في علي منجلي، بعد فتح الشطر الثاني من خط الترامواي وصولا إلى جامعة عبد الحميد مهري، بادرت مصالح أمن ولاية قسنطينة متمثلة في أمن دائرة الخروب، باستحداث فرقة خاصة تدعى "فرقة الترامواي"، حيث تتماشى مع هذه الوسيلة لتأمين المواطنين الذين يستقلونها، وكذا لتأمين محيطها.
كما تنظم الفرقة دوريات عادة ما تكون بمحيط هذه الوسيلة العصرية التي يستعملها العديد من الأشخاص، ما يجعلها مقصدا ومكانا يستهدفه المجرمون من أجل السرقة بالنشل وسط الاكتظاظ الكبير داخل العربات وبالمحطات، وأوضح بن خليفة أن أغلب القضايا يتعلق بسرقة الهواتف النقالة.
كما أوضح محافظ الشرطة لزهر طالبي، أن مصالحه تتدخل أيضا عند رشق الترامواي بالحجارة أو عند تسبب مركبات في سد طريق هذه الوسيلة، متحدثا عن جهاز اتصال موحد يربط الفرقة بأعوان الأمن داخل العربات من أجل التبليغ عن أي خروقات أو اعتداءات لفظية أو جسدية، ليتم التدخل السريع، كما أوضح أن أغلب القضايا يتمثل في الاعتداء على المراقبين داخل العربات.
وعقب ذلك، نظمت فرقة البحث والتدخل والفرقة المتنقلة للشرطة القضائية، عمليات مداهمة شملت حديقة عمومية تقع بالمساحة الفاصلة بين الطريق الرئيسي المؤدي من المقاطعة الإدارية باتجاه محور الدوران بن قادري، أين تم استهداف أماكن مشبوهة تتواجد بها مجموعة من الشباب الذين تم تفتيشهم والقيام بالإجراءات القانونية، كما تمت مداهمة قاعة "شيشة" وتفتيشها بدقة للتأكد من خلوها من أي ممنوعات.
وأكد رئيس أمن دائرة علي منجلي عميد الشرطة إلياس سعيدي، أن الهدف الأول من الدعم الأمني بالمقاطعة الإدارية، هو ضمان مرافقة أمنية للتطور الحاصل في علي منجلي، موضحا أن مصالحه تعمل وفق إستراتجية ترتكز على ثلاثة أبعاد متمثلة في التوعية والتحسيس ثم الوقاية فالردع، وهذا من خلال برمجة جملة من البرامج التوعوية التحسيسية، ثم الوقاية والتي تعتبر عملا هاما من خلال ما تتم برمجته من دوريات روتينية للمراقبة سواء راكبة أو راجلة، مضيفا أن آخر إجراء هو الردع الذي يكون في بعض الأحيان الأول حسب طبيعة الجرم المرتكب.
"الإستراتيجية متكاملة وساهمت في توفير الأمن"
وذكر رئيس خلية الاتصال بمديرية أمن الولاية، ضابط الشرطة الرئيسي بلال بن خليفة، أن الإستراتيجية المعتمدة متكاملة وساهمت في توفير الأمن، بداية من المركز الولائي للمراقبة بالفيديو المتوفر على قاعة عمليات لمتابعة كل ما يحدث بمدينة الخروب وعلي منجلي ومدينة قسنطينة وملعب الشهيد حملاوي.كما تتوفر علي منجلي على قاعة عمليات مصغرة، ولديها دورها الخاص في التدخلات الفعالة، تضاف إليها الفرق العاملة في أمن دائرة علي منجلي، على غرار فرقة الأمن العمومي والشرطة القضائية والشرطة العامة، والتي تقوم بخرجات ميدانية في كل مرة، وتطرق بن خليفة إلى دور فرقة البحث والتدخل والفرقة المتنقلة للشرطة القضائية، في تأمين المواطنين من خلال تكثيف دوريات في الفترات الليلية، زيادة على فرقة الأمن العمومي التي تسهر على تسهيل حركة المرور.          
ح.ب

 

الرجوع إلى الأعلى