لجأ فلاحون و أصحاب مزارع نموذجية بولاية جيجل، مؤخرا، لزراعة أشجار زيتون «الأربكينا» و حققوا نجاحا و مردودية كبيرة بعد سنتين من الغرس، فيما قامت مصالح الفلاحة بتوزيع أزيد من 24 ألف شجيرة على الفلاحين خلال السنة الفارطة، تدخل ضمن الزراعة المكثفة.

روبورتاج: كريم طويل

فكرة فلاح تفتح الباب لزراعة شجرة زيتون «الأربكينا»
و عرف نشاط زراعة شجرة زيتون «الأربكينا» نجاحا كبيرا، خصوصا مع وجود تجارب لفلاحين يملكون حقولا نموذجية و يعتبر المستثمر في المجال الفلاحي «محمد ذيب»، من بين الأوائل الذين قاموا بتجريب زراعة شجرة زيتون من نوع «الأربكينا» و قام بإنشاء حقل نموذجي في أعالي منطقة حمزة بالعوانة و جاءته الفكرة سنة 2017، حينما قام بتجربة غرسه وفق بطاقة تقنية قدمت له، حيث وفر مساحة غراسة على قطعة أرضية يملكها، ليقوم بالاعتناء بها و توفير الظروف الملائمة. النصر تنقلت إلى مزرعته النموذجية للفلاح محمد، أين سجلنا توفر العديد من الأشجار النادرة و لمسنا حبه  للنشاط الفلاحي و ثقافته التي جعلته يحرص على زراعة أشجار ذات نوعية من الزيتون و كذا من مختلف الفواكه و عمل على توفير كافة الظروف و التشتيل و قد عرف بانفراده في زراعة أشجار زيتون «الأربكينا» في الجهة الغربية و نجاح تجربته، ما جعل فلاحين يفكرون في تتبع نفس النشاط.
و صلنا إلى حقله أين كان في استقبالنا، لنتوجه برفقته إلى الجهة التي غرس بها كمية من أشجار «الأربكينا» و لدى وصولنا شاهدنا مجموعة من أفراد عائلته يقومون بجني المحصول و الملاحظ قصر الأشجار، بحيث يمكنك قطف الثمار و أنت واقف و هي من بين السمات التي تستطيع التفريق بين شجرة «الأربكينا» و باقي أنواع أشجار الزيتون و كان أفراد عائلة الفلاح يتبعون الطرق السليمة في عملية الجني و وضع المنتوج في صناديق البلاستيك  بدل الأكياس، اقتربنا بعدها قليلا و لاحظنا حجم الإنتاج الوفير في الشجرة صغيرة الحجم، حيث كانت حبات الزيتون تملأ أغصان الشجرة و ذكر الحاضرون، أن منتوج «الأربكينا» وفير و ذو مردودية عالية و أنه من السهل جنيه.
شجرة فلسطينية الأصل
يقول، محمد، أن الموطن الأصلي لشجرة زيتون «الأربكين» هو فلسطين وتسمى كذلك بأربكينا و عربكينا بمعنى ملك العرب و تمت غراستها لاحقا في إسبانيا و أصبحت منتشرة بها بكثرة، حيث لقيت شهرة كبيرة في تلك المنطقة، حسب البطاقة التقنية التي قام بشرائها و في ضواحي جيجل و التراب الوطني قليلة الانتشار و القليل من يعرف أهميتها من الفلاحين و قد جاءته فكرة غراسة هذا النوع من الأشجار، بعدما أخبره صديق مقرب بوجود شخص يقوم ببيع الشجيرات بمنطقة وسارة و معروف عنها المردودية الكبيرة و جل من قام بتجربتها من فلاحين في ولايات مجاورة، أثنى على نجاح تجربته، ما جعله يقوم باقتنائها و تجريبها وفق بطاقة تقنية مقدمة و التي تتضمن شروط الاعتناء بها و حسبه، فإنه و بعد مرور الوقت، حققت المردودية المطلوبة و أن المردود الذي توفره شجرة الأربكينا في 40 سنة، يمثل ما تنتجه شجرة الشملال خلال 100 سنة و من يقوم بالاعتناء بالشجيرة، ستقدم له منتوجا وفيرا. و تمتاز هذه الشجرة، حسب الفلاح، بعدة مميزات من ناحية الذوق و المردودية، سواء من حبات الزيتون أو الزيت المستخلص منها و بعد مرور  5 سنوات من غرسها، تحقق مردودا كبيرا بمعدل قنطار و 80 كيلوغراما من الزيتون و يتم استخلاص ما يقارب 40 لترا في القنطار، و يقول محمد، بأن الزيت يتميز بذوق مقبول، موضحا بأن شجرة «الأربكينا» تحقق كل سنة مردودا أفضل من السنة الفارطة و تأكد من ذلك من خلال تجربته.
خصوصيات متفردة لشجرة «الأربكينا»
و عرج، محمد للحديث عن بعض فوائد غرس شجرة«الأربكينا»، مؤكدا أنها ليست مثل باقي أنواع أشجار الزيتون و لا تستهلك مساحة كبيرة من الأرضية المخصصة،  حيث تقدر مسافة الغرس بين شجيرة و أخرى بحوالي 2 متر، ما يسمح بغرس ما يقارب 1200 شجيرة في الهكتار على عكس شجرة الشملال أو باقي الأشجار و التي يمكن غرس ما يقارب 400 شجيرة في الهكتار كون المسافة بين شجيرة و أخرى تقدر بسبعة أمتار على أقل التقدير. و من ناحية عملية الجني، قال محدثنا بأن قطف حبات الزيتون يتم بأريحية نظرا لقصر طول الشجرة، بحيث يمكن للجاني قطف المنتوج و هو في مكانه، على عكس باقي الأشجار التي تتطلب تسلقها و استعمال وسائل للوصول إلى حبات الزيتون و يمكن للمسنين و أي شخص أن يجني ثمارها بكل أريحية و من دون تعب أو خطورة السقوط، بسبب ارتفاعها و علوها الذي لا يتجاوز ثلاثة أمتار». و يأمل الفلاح في الحصول على قطعة أرضية أخرى، ليقوم بتوسيع نشاطه في شعبة زراعة الزيتون من نوع «الأربكينا»، ما سيسمح له بتوفير كميات من المنتوج لا بأس به.
* رئيس الغرفة الفلاحية
غرس أشجار « الأربكينا» يدخل ضمن الزراعة المكثفة
اعتبر رئيس الغرفة الفلاحية، باقة توفيق، أن غراسة أشجار الزيتون من نوع « الأربكينا» يدخل ضمن الزراعة المكثفة و من الأصناف الجديدة التي بدأ بعض الفلاحين و العائلات في زراعتها و من بين الأشجار التي تقدم مردودا في وقت قصير مقارنة بمدة غرسها، حيث يمكن للفلاح جني المنتوج خلال السنة الثانية من الزراعة و يرجع إقبال بعض العائلات و الفلاحين عليها، إلى إمكانية غرس عدد كبير في مساحة صغيرة في ظل نقص العقار الفلاحي، حيث يحاول بعض الفلاحين اغتنام الفرصة حتى يكون لهم منتوج كبير.و أضاف المتحدث، أن هذا النوع من الأشجار يقدم مردودية لا بأس بها من ناحية حبات الزيتون و قد عملت المصالح الفلاحية خلال سنة 2020، على توزيع 24 ألف شجيرة من نوع «الأربكينا»، في إطار الدعم للفلاحين و محاولة المساهمة في التعريف بها.
و عرج المتحدث للحديث عن بعض المزايا المتمثلة في كثافة الإنتاج من ناحية حبات الزيتون و ارتفاع المردودية من سنة إلى أخرى، حيث يتم الحصول على المنتوج خلال السنة الثانية و من سنة إلى أخرى يزداد المردود وصولا إلى السنة الخامسة من تاريخ الغرس، كما أنه يمكن غرس كمية كبيرة من الأشجار في مساحة صغيرة و يتطلب الاعتناء بها جيدا و توفير مياه السقي بكميات كبيرة.
أما فيما يتعلق بنوعية الزيت، فقال المتحدث بأن الزيت يعتبر من الفئة المتوسطة مقارنة بباقي الزيوت، على عكس أشجار الزيت المحلية       «الشملال» و «الحمراء» التي تعتبر من بين أجود الزيوت، فزيت        «الأربكينا» يتوجب استهلاكه في فترة قصيرة، كونه لا يحوز على بكتيريا «بوليفينول» و التي تمنع أكسدة الزيت، ما يتوجب على المستهلك استهلاكها في وقت قصير، مشيرا إلى أن التنويع في أشجار الزيتون جد مهم من أجل ضمان توفير المنتوج بكثافة في السوق.
* الدكتور «الطيب يدوي» من جامعة جيجل
جودة الزيت متوسطة و لكن المردود جيد
اعتبر الدكتور «الطيب يدوي»، أستاذ بقسم الميكروبيولوجيا التطبيقية و علوم التغذية بجامعة جيجل، أن أشجار الزيتون من نوع «الأربكينا» تقدم مردودية جيدة من ناحية حبات الزيتون و كثافة عالية، فيما يعتبر الزيت المستخلص من الزيوت المتوسطة، مشيرا إلى أنه يتوفر على جملة من الخصائص الحسية و له طعم حلو و نكهة فاكهية و سبب نقص الطعم المر  يرجع لنقص بعض المركبات المسؤولة عن الطعم المر و لونه فاتح مثل لون الثمار و يمكن له أن يتأكسد بسرعة بسبب نقص تركيبة «الفينولات» و اعتبر ذلك نقطة سلبية، حيث تصعب عملية التخزين لفترة طويلة و على عكس باقي الأصناف الأخرى، يوجد ارتفاع في نسبة الأحماض الدهنية متعددة الروابط المزدوجة، كحمض «اللينوليك» و انخفاض نسبة الحمض المعروف باسم حمض «الأوليك» و هي خصائص تجعله في مستوى متوسط من ناحية الجودة مقارنة ببعض الزيوت المحلية، لكن أهمية زراعته من ناحية الزراعة المكثفة و السرعة في تحصيل المنتوج مقارنة بباقي الأنواع و يمكن استغلاله من أجل توفير المنتوج، مع ضرورة التنبيه إلى وجوب الاعتناء به جيدا، لأنه في حالة استعمال الطرق التقليدية الخاطئة في الجني، ستؤدي لا محالة إلى تقديم منتوج رديء و من مميزات شجرة «الأربكينا» أنها تتحمل الصقيع و مقاومة للأمراض التي تصيب الأشجار و تتطلب من جهة الاعتناء بها و السقي المكثف، مضيفا أنه و في الوقت الراهن، يجب محاربة الطرق التقليدية في جني الزيتون و العمل على تنويع المنتوج الفلاحي.                  
 ك.ط

الرجوع إلى الأعلى