زار آلاف السياح القادمين من مختلف مناطق الوطن، المنتجعات الحموية بقالمة، في آخر يومين من عطلة الشتاء و كان للمدينة السياحية حمام دباغ، النصيب الأكبر من هؤلاء الزوار، الذين قطعوا مسافات طويلة لاستكشاف جمال المنطقة و التمتع بالمناظر الطبيعية المتفردة التي تزداد جمالا في فصلي الشتاء و الربيع.

فريد.غ

و تجاوز عدد السياح الذين دخلوا مدينة حمام دباغ و القرية السياحية حمام أولاد علي العشرين ألف سائح حسب تقديرات غير رسمية، حيث امتلأت كل الفضاءات عن آخرها يوم الجمعة في ذروة الإقبال المكثف للسائح الجزائري الذي بدأ ينعش السياحة الداخلية و يعطيها بعدا اقتصاديا و اجتماعيا طال انتظاره.
و قد جندت السلطات المدنية و الأمنية بالمنتجعات السياحية كل إمكاناتها لاستقبال هؤلاء الزوار و تنظيم حركة السير و تقديم المساعدة و التوجيه للحشود الغفيرة التي أعادت أمجاد السياحة الحموية من جديد، بعد ركود استمر عدة سنوات و زادته جائحة كورونا ترديا كاد أن يلحق خسائر كبيرة بالعاملين في هذا القطاع الحيوي الذي تراهن عليه البلاد لتنويع مصادر الدخل و الانتقال التدريجي إلى الاقتصاد البديل لثروة النفط المعرضة لتقلبات السوق الدولية.
و منذ ساعات الصباح الأولى من يومي الجمعة و السبت ظلت المئات من السيارات و الحافلات تتدفق على مدينة حمام دباغ عبر طريقها المزدوج الجديد، الذي أنجز قبل سنتين تقريبا في إطار مشاريع تطوير البنية التحتية للمدينة حتى تكون قادرة على أن تصبح قطبا سياحيا وطنيا مدعومة بعدة مشاريع حيوية بينها منتجعات و فنادق جديدة يتوقع دخولها مرحلة النشاط قبل نهاية 2023، و عندها سينتهي مشكل العجز في مجال الإيواء.
الشلال سحر و جمال متجدد و ذكرى لا تنسى

بالرغم من وجود العديد من المواقع السياحية بمدينة حمام دباغ و قرية حمام أولاد علي الواقعة ببلدية هليوبوليس شمالي قالمة، فإن الشلال الشهير مازال بمثابة القلب النابض للسياحة بالمنطقة، خاصة بعد خضوعه لعملية تطوير كبرى حولته إلى فضاء نظيف جميل و متفرد يجتمع فيه سحر الطبيعة و إبداع الخالق، بالثقافة و المسرح و التجارة و الاستكشاف العلمي المفيد، فيه ساحة كبرى للتجوال و فضاء للعب الأطفال و حدائق جميلة و مسرح في الهواء الطلق، و أروقة لبيع التحف و الهدايا للزوار، و مقاهي و مطاعم للأكل السريع، و فوق كل هذا منابع ساخنة و شلالات صغيرة لا تتوقف عن التكاثر على جانبي أبيها الذي يكبر هو الآخر باستمرار تغذيه منابع ساخنة تتدفق على واجهته الرئيسية بانتظام مشكلة صواعد و نوازل متعددة الألوان و الأشكال.
و يتم تنظيم عملية الدخول إلى هذا الموقع السياحي الطبيعي المميز من بوابتين رئيسيتين بأسعار في متناول الجميع و تخفيضات للأطفال و بالمجان للعاجزين و المرضى و ذوي الاحتياجات الخاصة.
و عندما تحصل على تذكرة دخول يمكنك التجوال عبر مختلف الفضاءات كالمسرح و الفضاء التجاري و الحدائق و فضاء الألعاب و المنابع الحارة أين يتجمع هواة البيض المسلوق الذي يعد من أهم التقاليد السياحية العريقة بالمنطقة، إلى جانب الصور التذكارية التي تؤخذ أمام الواجهة الكلسية الجميلة و المنابع الساخنة و العرائس الأسطورية المتواجدة داخل الشلال.  و قصد أغلب الزوار معلم الشلال من البوابة الرئيسية، التي تجعلك في قلب الساحة الكبرى مقابلا للشلال و في قلب الفضاء التجاري و غير بعيد عن الحدائق و المسرح و لعب الأطفال.
و من الساحة الواسعة يمكن للزائر عبور مجرى وادي السخون فوق جسر صغير يعد بمثابة تحفة هندسية و منه إلى منطقة المنابع الساخنة عبر سلم طويل يسمح بإطلالة بانورامية لهذا المعلم الطبيعي المميز.
محمية العرائس فضاء مفتوح للنزهة و الاستكشاف

و يقضي السياح ساعات طويلة داخل الشلال قبل التوجه إلى محمية العرائس التي تعد ثاني أهم معلم سياحي بمدينة حمام دباغ نظرا لموقعها المفتوح وسط المدينة، و سهولة الوصول إليها دون دليل، و كثرة منصات الألعاب فيها و توفرها على عدد كبير من الصخور الأسطورية المتعددة الأشكال، إلى جانب المنابع الساخنة و فضاءات بيع التحف و الهدايا، و غير بعيد عنها فضاء المطاعم و المقاهي التي تقدم خدماتها للزوار على مدار الساعة تقريبا.
و انتشر زوار الجوهرة السياحية على امتداد المحمية الجميلة صانعين مشاهد نادرة لم تعرفها المنطقة منذ عدة سنوات، بعضهم يعرف المكان و البعض يكتشفه لأول مرة و لا يريد تفويت الفرصة لملامسة الصخور المسننة و جداول المياه الساخنة و التقاط صور تذكارية أمامها.
و غالبا ما يتناول الزوار وجبات الغذاء و العشاء بين الصخور التي حيكت حولها الأساطير، و هنا ينام الأطفال بعد أن ينال منهم التعب بمنصات الألعاب و التجوال عبر مختلف الفضاءات.
و يمكن لمحمية العرائس أن تستوعب آلاف الزوار نظرا لاتساع رقعتها و خلوها من السيارات و الطرقات و زحمة السير التي تعاني منها فضاءات سياحية أخرى بالمدينة.
و تواجه بلدية حمام دباغ متاعب كبيرة للمحافظة على نظافة المحمية و تطهيرها من النفايات التي يتركها الزوار حيث تعاني فرق النظافة من نقص التعداد و القدرة على مواصلة العمل دون انقطاع يومي الجمعة و السبت عندما يبلغ إقبال السياح ذروته، و هذه إحدى مشكلات المدينة السياحية.
مواقف غير كافية و زحمة سير في ساعات الذروة
حسب ما وقفنا عليه يوم الجمعة على وجه الخصوص، فإن المواقع السياحية بمدينة حمام دباغ مازالت تعاني من ضعف الفضاءات المخصصة لركن السيارات و الحافلات، كما تعاني من زحمة السير في ساعات الذروة عندما يحتشد آلاف الزوار باحثين عن منافذ مرور و مساحات للتوقف.

و يعد مقطع الطريق المحاذي لمعلم الشلال و محمية العرائس، و تقاطع طريق البياضة و طريق المركب السياحي الشلالة و مركب جيهان من بين النقاط السوداء التي مازالت تبحث عن حلول هندسية في إطار الجهود الرامية إلى تطوير المدينة و جعلها أكثر أريحية و قدرة على الاستيعاب، و على قدر كبير من مرونة الحركة خلال الذروة التي تبدأ عادة من منتصف النهار إلى مغيب الشمس عندما تبدأ الحشود الغفيرة في المغادرة، محدثة زحمة سير كبيرة قرب حاجز الدرك الوطني عند تقاطع الطريق الوطني 20 و الولائي 122 و في كل مرة يتشكل طابور طويل يمتد حتى مدينة مجاز عمار المجاورة.  
و يتوقع أن تنفرج أزمة المرور بهذا المقطع عندما يكتمل مشروع ازدواجية الطريق الوطني 20 و محول مجاز عمار.
ارتفاع الأسعار و نقص دورات المياه مشكلة مستمرة
يشتكي زوار المدينة السياحية حمام دباغ بقالمة، من ارتفاع أسعار المطاعم و الفنادق خلال عطلتي الشتاء و الربيع، و أثناء العطل الأسبوعية، معتقدين بأنه بإمكان أصحاب المطاعم و المقاهي و الحظائر المحروسة خفض الأسعار و تفادي ما وصف بالابتزاز أحيانا لتشجيع السياحة و استقطاب المزيد من الزوار من داخل الوطن و من الخارج.
و قال صاحب مطعم للنصر، بأن ارتفاع أسعار اللحوم و حتى الخضر و الفواكه أحيانا هو السبب الرئيسي لما يراه الزوار مبالغة في ثمن الأطباق التي يطلبونها.  
و ليس كل الزوار يقصدون مطاعم المدينة فهناك أعداد كبيرة منهم يجلبون معهم وجبات الغذاء ليتناولونها وسط الطبيعة و هذا هو مبتغاهم كما يقولون، فهم هاربون من جحيم المدن المزدحمة و الجدران الخرسانية المغلقة إلى حيث الطبيعة المفتوحة و الهواء العليل.

و يعد النقص الكبير في دورات المياه العمومية أيضا مشكلة كبيرة بالفضاءات السياحية، و لم يتوقف الزوار و سكان المدينة منذ عدة سنوات، عن المطالبة ببناء مرافق جديدة و تسليمها للشباب العاطل عن العمل خلال المواسم السياحية، كي يقدموا خدماتهم للزوار بأكثر المواقع استقطابا كالشلال و محمية العرائس.   
 ف.غ

الرجوع إلى الأعلى