الثلج يُعيد آلاف السواح إلى الشريعة

تشهد الحظيرة الوطنية للشريعة  بأعالي جبال الأطلس البليدي توافدا كبيرا للسياح من مختلف ولايات الوطن مع التساقط الكثيف للثلوج منذ أيام، وذلك بعد غياب دام  سنوات لم تلبس فيه الشريعة هذه الحلة البيضاء مثلما  لبستها هذه الأيام، حيث رسمت الثلوج لوحة فنية تغطي جبال سلسلة الأطلس البليدي يمكن التقاطها من مدينة البليدة ومشارف الجزائر العاصمة.

روبورتاج: نورالدين عراب

 ومع الوهلة الأولى التي تساقطت فيها الثلوج على الشريعة بدأت الحشود البشرية تتوافد على المنطقة للتمتع بجمالها وجمال الطبيعة التي تشكلت في لوحات فنية فريدة لا يمكن التقاطها في مكان آخر  يحمل نفس مواصفات جمال الحظيرة الوطنية للشريعة التي تزداد جمالا ورونقا مع الحلة البيضاء التي لبستها هذا الشتاء مع تساقط الثلوج.
عودة حركة السياحة إلى الشريعة
عدم تساقط الثلوج لسنوات حول منطقة الشريعة إلى ما يشبه القرية المعزولة التي غادرها روادها خصوصا في فصل الشتاء، لكن مع تساقط الكميات الأولى من الثلوج، عادت الحركة للمنطقة التي شهدت إقبال أعداد كبيرة للزوار لم تتمكن من استيعابهم كلهم، وخلقت الثلوج الشغف لدى المواطنين في التنقل إلى الشريعة، ولو بالمخاطرة بحياتهم في ظل عدم استقرار الوضعية الجوية وانقطاع الطريقين المؤدين إلى الشريعة من حين لآخر، وفي هذا الإطار قدر مدير الحظيرة الوطنية للشريعة محمد زيار عدد السياح خلال هذه الأيام مع تساقط الثلوج بما يزيد عن 30 ألف سائح يوميا خصوصا في أيام نهاية الأسبوع، وساهمت الثلوج في انتعاش الحركة السياحية خلال ساعات فقط من تساقط الثلوج، وشرعت وفود السياح في التوافد على الشريعة، وتغيرت صورة هذه المنطقة الجميلة في أيام فقط بعد أن كانت تشبه تلك القرى النائية، والحركة فيها شبه منعدمة ولا تقتصر سوى على سكانها وبعض الوافدين القلائل فقط، أومن السياح الذين يملكون شاليهات، في حين في ظرف أيام فقط تغيرت هذه المنطقة وتحولت إلى قبلة السياح من كل جهات الوطن  خصوصا من الوسط والغرب، بعد أن لبست تلك الحلة البيضاء ورسمت صورة طبيعة بيضاء لا يمكن الحصول عليها في موقع آخر يملك جمال الشريعة بمناظرها الطبيعة وأشجارها المتنوعة وطريقها الذي تغطيه النباتات والأشجار من مدينة البليدة إلى غاية القمة الجبلية بأعالي الشريعة.
طوابير على محطة المصعد الهوائي منذ ساعات الصباح

تشهد محطة المصعد الهوائي الذي يربط مدينة البليدة بالشريعة طوابير منذ ساعات الصباح منذ أيام بعد أن كانت شبه خالية من حركة التنقل ، قبل أن تنشط بشكل كثيف ، ولم يقتصر التوافد على نهاية الأسبوع فقط، بل أصبح يعرف طوابيرا طيلة أيام الأسبوع، مما اضطر إدارة محطة المصعد الهوائي إلى الاستعانة بمصالح الأمن لتنظيم العملية وجعل حركة تنقل السياح تتم في شكل منظم، كما استغل بعض المواطنين خاصة الشباب من هواة المناطق الباردة غلق الطريقين المؤديان نحو الشريعة من البليدة وبوينان بسبب تراكم الثلوج للتنقل عبر المصعد الهوائي وعدم تفويت فرصة التمتع بجمال الثلوج، لاسيما وهي تتساقط في صورة جميلة رغم برودة الطقس والأحول الجوية السيئة، وفي نفس الوقت تشهد مدينة البليدة هذه الأيام إقبالا لطواقم الرحلات السياحية عن طريق الحافلات من مختلف ولايات الوطن خاصة الساحلية والداخلية منها كوهران، تيبازة، عين الدفلى، الشلف، غليزان،  ونظرا لصعوبة مسالك طريق الشريعة هذه الأيام بسبب تشكل الجليد، يفضل السياح القادمين عبر هذه الرحلات التنقل إلى الشريعة عبر المصعد الهوائي والتمتع بتلك المناظر الطبيعة على الشطر الرابط بين مدينة البليدة ثم بني علي، وبعدها من محطة بني علي إلى الشريعة، ثم النزول بهذه المحطة الأخيرة، والتمتع بأوقات جميلة وسط الثلوج التي تغطي كل المنطقة، ووجد السياح في هذه اللوحة البيضاء المتعة والجمال الذي قلما يجدوه في أماكن أخرى.
طاقة المصعد تتسع لنقل 20 ألف شخص يوميا
يقول في هذا الإطار مدير الحظيرة الوطنية للشريعة محمد زيار بأن طاقة المصعد الهوائي هي نقل 900 شخص في الساعة، وهو ما يعادل نقل حوالي 20 ألفا في اليوم من مدينة البليدة نحو الشريعة، لكن رغم طاقة النقل الكبيرة للمصعد الهوائي لم يتمكن من استيعاب كل الحشود البشرية التي تتوافد هذه الأيام على المنطقة، ويضاف إلى ذلك الأشخاص الذين يتنقلون عبر الطريق البري بالمركبات والحافلات، وقدر مدير الحظيرة الوطنية للشريعة عدد السياح الوافدين في اليوم الواحد  خلال هذه الأيام مع تساقط الثلوج  بعشرات الآلاف، في حين رئيس بلدية الشريعة قدر عدد الوافدين سنويا بلميوني زائر، وتكون الذروة في فصل الشتاء خاصة أثناء تساقط الثلوج.
وأشار في هذا الإطار مدير الحظيرة إلى أن توافد السياح في شكل أمواج بشرية في وقت واحد نحو مكان واحد  خلق صعوبات نوعا ما لدى السلطات الولائية والمحلية، خصوصا لما تكون الظروف المناخية تميزها عواصف ثلجية، ويكون في هذه الحالة التنقل نحو الشريعة صعبا بسبب الطريق الوعرة، مما يؤدي ذلك إلى خلق اختناقات مرورية، مشيرا إلى أن الحظيرة الوطنية للشريعة تقوم بتوعية السياح بضرورة التحلي باليقظة والحفاظ على التوازن البيئي والأصناف الحيوانية والنباتية التي تزخر بها الحظيرة الوطنية للشريعة، كما نصح نفس المسؤول المواطنين خاصة العائلات وكبار السن بعدم التنقل إلى الشريعة في الظروف المناخية الصعبة التي تميزها برودة في الطقس، مشيرا إلى أن هذه الظروف يمكن أن تشكل خطرا على صحة الإنسان من خلال الإصابة بنزلات برد وانخفاض في درجة حرارة الجسم، وتحدث عن تسجيل ما بين 50 إلى 100 حالة تدخل لمصالح الحماية المدنية يوميا خلال الأيام الماضية بسبب عدم تقيد المواطنين بتدابير الحيطة والحذر في ظل الظروف الجوية التي تكون مصحوبة ببرودة في الطقس، أو عدم الحذر بموقع التزلج.

وفي نفس السياق نبه مدير الحظيرة الوطنية للشريعة السياح إلى عدم التوغل داخل المسالك الغابية، مما قد يتعرضون إلى التيهان، وتحدث على ضرورة إتباع الدروب والطرقات المهيأة والتي تشهد توافد  للجمهور، مؤكدا بأن هدفهم هو سياحة آمنة وسلامة الزوار تعد من أولوياتهم، مضيفا بأن اهتمامهم انصب خلال هذه الأيام التي تميزت بتساقط كثيف للثلوج بفتح مسالك الطرقات وفضاءات ركن السيارات من أجل تفادي الركن العشوائي، وعدم خلق انسداد في الطريق الذي يؤدي إلى صعوبة في التنقل خصوصا أثناء العودة
موقع التزلج قبلة الشباب والأطفال
من بين أكثر المواقع إقبالا بالشريعة، نجد موقع التزلج الذي يستهوي الشباب و الأطفال حيث تتوفر الحظيرة على منطقة شاسعة بمحاذاة محطة المصعد الهوائي تستقطب يوميا عشرات الشباب الذي يمارسون رياضة التزلج، ويستغلون فترة تواجد الثلوج بهذا الموقع للتمتع تجربة مختلفة، ونبه في هذا الإطار مدير الحظيرة، إلى ضرورة  التحلي بالحيطة والحذر أثناء التزلج، وتحدث عن تسجيل بعض حالات  السقوط  في هذا الموقع.
من جانبه، كشف رئيس بلدية الشريعة، عن مشروع لتعبيد الطريق الرابط بين الشريعة وحي دريوش مرورا ببوعرفة، وميزة هذا الطريق حسبه، هو أنه يربط الشريعة بالطريق السيار شرق – غرب، ولهذا سيكون له دور كبير في فك الخناق عن الطريق الوطني رقم 37 الذي يربط مدينة البليدة بالمنطقة الغابية، والذي يشهد كثافة مروية عالية خلال نهايات الأسبوع، بسب التوافد الكبير على الشريعة.
 يذكر أيضا، أنه تم فتح طريق آخر يؤدي إلى الشريعة من الجهة الشرقية للولاية، على مستوى تباينت بيونان و قد ساعد هذا الطريق سكان العاصمة الوافدين إلى الشريعة في التنقل، إلا أنه لم يخفف الضغط على الطريق الوطني رقم 37، الذي يمر على وسط مدينة البليدة.
و يتوقع أن يسهم مشروع الطريق الجديد الذي خصص له مبلغ 35 مليار سنتيم حسب رئيس البلدية، في تسهيل حركة السير عبر المركبات باتجاه الحظيرة، وفي السياق ذاته، كشف المسؤول عن مشاريع أخرى بهذه المنطقة، تتعلق  باستحداث فضاءات للراحة و تهيئة مساحات خضراء من أجل توفير الراحة والطمأنينة للسياح الوافدين على الشريعة.                    
 ن-ع

الرجوع إلى الأعلى