سجلت أسعار تمور دقلة نور انخفاضا محسوسا  بأسواق الجملة في ولاية بسكرة هذه الأيام، قدر من 150 إلى 250 دج  في الكيلوغرام، وذلك بفضل الوفرة الكبيرة كما ونوعا، الأمر الذي بعث الارتياح لدى المستهلكين في ظل عرض متنوع بلغ 4 ملايين قنطار، بعد تفعيل التدابير الوقائية لحماية المحصول ضد الأمراض المختلفة لاسيما بوفروة وسوس التمر، مقابل التزام الفلاحين بالإرشادات المتعلقة بالمسار التقني أثناء فترة النضوج ومنها احترام مواعيد السقي زيادة على المناخ الملائم.

روبورتاج: ع.بوسنة

ساهمت حملة مكافحة آفة البوفروة في حماية المنتوج من التلف بعد اعتماد المصالح المختصة على مواد طبيعية  تتمثل في خليط من مادتي الكبريت والجير، وهي تركيبة بيولوجية لمختصين من معهد وقاية النباتات، حيث تمت معالجة البؤر لتفادي انتشار العدوى الأمر الذي حال دون حدوث خسائر.
كما تمت مرافقة المنتجين طيلة أيام السنة عن طريق حملات التوعية وتقديم الإرشادات اللازمة في الرفع من نسبة الإنتاج بكافة المستثمرات الفلاحية الخاصة بشعبة التمور والتي يزيد عددها عن 32 ألفا تمثل 50 بالمائة من مجموع المستثمرات التي تحصيها ولاية بسكرة في مختلف الشعب.
وبحسب مديرية المصالح الفلاحية، فإن شعبة التمور بالولاية تمثل تقريبا 40 في المائة من الإنتاج الوطني، وقد انعكست وفرة الإنتاج بالإيجاب على الأسعار التي انخفضت ما بين 150 دج و 250 دج للكيلوغرام وهو ما شهده أغلب أسواق الولاية ونقاط البيع الأخرى.  
وفي هذا الصدد استحسن الكثير من المواطنين، الذين اعتادوا على شراء التمور ذات القيمة الغذائية والصحية الكبيرة بحوالي 800 دج، هذا التراجع الذي يصل أحيانا إلى عتبة 300 دج بأسواق الجملة.
دقلة نور ابتداء من 300 دينار
وتراوحت أمس، أسعار تمور دقلة نور ذات النوعية الجيدة بمعظم نقاط البيع بالتجزئة في أغلب مدن ولاية بسكرة، بين 300 و650 دج للكيلوغرام بانخفاض تجاوز 20 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية التي تأرجحت فيها بين 450 و 800 دج حسب النوعية.
الانخفاض المسجل أرجعه الكثير من الباعة إلى العوامل الطبيعية الملائمة خلال مرحلة النضج، زيادة على تراجع دور الوسطاء في العملية وهم الذين تعودوا على  رفع الأسعار مع دخول الشهر الفضيل، زيادة على وفرة الكميات ذات الجودة العالية، وقد توقع بعض الباعة تراجعا أكبر في الأسعار مع مرور الأيام في ظل نقص الطلب وكثرة الكميات المعروضة، خاصة مع تقلص عملية التصدير من قبل المتعاملين ما جعل مخزون النوعية الممتازة المعروفة بدقلة طولقة يبقى مكدسا لدى الكثير من المنتجين ومكيفي التمور.
وقال منتجون إن البيع يعرف ركودا كبيرا، الأمر الذي أدى إلى تدني سقف الأسعار جراء اختلال التوازن بين العرض والطلب، كما رشح بعض العارفين بخبايا السوق استمرار الانخفاض اعتبارا من ارتفاع الكميات المخزنة، ما جعل كبار المنتجين يلجأون إلى تسويقها خوفا من تدني أكبر.
و وصف المستهلكون هذه الأسعار بالمعقولة، بالنظر لطبيعة المنطقة التي يعد النشاط الفلاحي بها العمود الفقري لاقتصاد الولاية، خاصة زراعة النخيل المنتجة لدقلة نور والمتمركزة بالجهة الغربية على غرار مناطق  طولقة، لغروس وفوغالة، المنتجة لأحسن الأنواع التي بيعت منها كميات معتبرة في السوق الداخلية خلال مرحلة الجني.
ارتياح لدى المتسوقين
وأعرب مواطنون التقينا بهم في بعض محلات البيع عن ارتياحهم للانخفاض المسجل في أسعار التمور ذات النوعية الممتازة، والتي قالوا إنها ضرورية في ظل فوائدها الصحية كما تعودوا على استهلاكها في شهر رمضان، فيما أكد بعضهم أنهم اختاروا شراء أصناف أخرى على غرار الغرس، بعد أن عرفت أسعاره هو الأخر تراجعا، حيث وصلت إلى 150 دج بعدما كانت تتأرجح بين 200 إلى 250 دج قبل أسابيع، إضافة إلى أنواع أخرى تعرف باليابسة وفي مقدمتها «مش دقلة».
وتنقلت النصر لسوق الجملة للتمور بمدينة طولقة والذي يعد قبلة التجار و«باروماتر» للأسعار، كونه الممون الرئيسي لتجار الجملة من مختلف ولايات الوطن بأنواع التمور خاصة دقلة نور. وخلال معاينتنا للسلع المعروضة، سجلنا وفرة في التمور ووجود كميات من أنواع دقلة نور، حيث يتنافس المنتجون على عرض أجود ما تأتي به غابات النخيل الواقعة في إقليم البلدية وما جاورها.
وقد أظهرت لوحات ترقيم المركبات قدوم تجار من ولايات شمالية ومنهم من جاء من غرب وشرق البلاد للتزود بمختلف التمور التي تنتج في المنطقة وفي مقدمتها دقلة نور، حيث يضمن وفرة في المنتجات وبأسعار تنافسية.
وأكد بعض تجار ولايات، سكيكدة المدية وميلة في حديثهم للنصر، أن الوفرة والجودة والأسعار المعقولة، دفعتهم إلى القدوم من مختلف جهات الوطن حيث تتوفر دقلة نور بأنواعها من عرجون، شمروخ، ومنزوعة العراجين، إلى جانب أصناف أخرى، ما يعني أن التاجر لديه حرية الاختيار لشراء النوعية التي يحتاجها وبالكمية المطلوبة.

وقال منتج وبائع بالجملة إن العرض وفير والأسعار منخفضة وتتجه نحو الانخفاض أكثر في قادم الأيام، مشيرا إلى أن نشاط المضاربين هذا الموسم تراجع بشكل محسوس على مستوى سوق الجملة بعد أن تقلص عدد الوسطاء في تخزين التمور بكميات كبيرة وإعادة تسويقها بأسعار مضاعفة مع تراجع التصدير، الأمر كبد المنتجين خسائر مادية في ظل ارتفاع التكاليف الخاصة بزراعة النخيل.
ويتوقع المنتجون أن تعرف الأسعار انخفاضا في قادم الأيام بالنظر للكميات الكبيرة التي لازالت مخزنة داخل غرف التبريد، كما أن ذروة الطلب انتهت بعد انقضاء  النصف الأول من شهر رمضان الحالي، زيادة على أنهم مضطرون لبيع التمور بسبب دخول النخيل مرحلة الإنتاج وقيام أصحابها بعملية تلقيحها بحبوب الطلع.
وذكر محدثونا أن الأسعار المسجلة هذه الأيام لم تسجل منذ سنوات بفضل الوفرة الكبيرة حيث تراوح ثمن الكيلوغرام من النوعية الجيدة بين 200 إلى 350 دينارا، وتأرجح في العرجون والشمروخ بين300 و350 دينارا، بعد أن فاق العام الماضي 800 دينار، فيما تراوح كيلوغرام النوعية المعروفة بالبث المنزوعة من العراجين بين 120 و200  دينار، أما البلح فبيع بما بين 60 و100 دينار.
زيادة في الإنتاج بـ 200 قنطار
أكد مدير المصالح الفلاحية بولاية بسكرة، محمد أمين حوحو للنصر، أنه سُجل ارتفاع في إنتاج التمور خلال الخريف الماضي حيث بلغ سقف 4 ملايين قنطار بزيادة حوالي 200 ألف قنطار عن الموسم الذي سبقه، إضافة إلى النوعية الجيدة نتيجة لعوامل طبيعية مع تخزين كميات معتبرة داخل غرف التبريد، كما أن حجم التخزين بالولاية يتراوح بين 100 إلى 150 ألف متر مكعب، وهي عوامل ساعدت على زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار مقارنة بالسنوات الماضية.
مدير القطاع أبرز أنه يرتقب أن يتضاعف الإنتاج خلال المواسم الفلاحية المقبلة في ظل دعم الدولة لوسائل الإنتاج، من ذلك شعبة التمور، لما لها من مردود اقتصادي معتبر خاصة بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لزراعة النخيل وتوفير المعلومات الفنية المتعلقة بعمليات الزراعة والخدمة، مقابل إعادة الاعتبار للواحات من خلال تجديد غراسة النخيل والتوسع  وفتح المسالك الفلاحية .
وكشف المتحدث أنه تم في هذا الإطار فتح 80 كلم من المسالك لتسهيل تنقل المنتجين وربط الغابات بالكهرباء، في إطار مشروع يتضمن 400 كلم بمختلف المناطق الغابية بالولاية، بالإضافة إلى الحماية البيولوجية للنخيل والقيام سنويا بتكوين حوالي 60 شابا في مجال تسلق النخيل بالتنسيق مع الجهات المختصة للحفاظ على المهنة، مشيرا إلى أن حملة مكافحة الأمراض التي تؤثر على المنتوج حققت النتائج المرجوة على أرض الواقع، الأمر الذي انعكس بالإيجاب على النوعية الجيدة لمختلف أنواع التمور وفي مقدمتها دقلة نور.
مدير الغرفة الفلاحية، مسعود غماري، ربط من جهته تراجع الأسعار بوفرة العرض خلال مرحلة الجني في الخريف الماضي مقارنة بسنوات ماضية، زيادة على النوعية الجيدة لصنف دقلة نور المتوفرة بكثرة هذا الموسم وعبر مختلف نقاط البيع، مشيرا إلى أن الكميات الموجهة للتصدير خارج الوطن قليلة نوعا ما هذه السنة في ظل وجود بعض المشاكل خاصة ما تعلق بجانب النقل، الأمر الذي ساهم برأيه في وفرة العرض محليا وبأسعار تنافسية في ظل الكميات الكبيرة المخزنة داخل غرف التبريد وبوحدات التكييف.
ويتوقع غماري أن يكون الموسم القادم أفضل بسبب دعم ومرافقة الدولة، زيادة على السبل المنتهجة في تقوية القدرات الإنتاجية والسعي الجاد لتطوير شعبة النخيل، إضافة إلى دخول آلاف فسائل النخيل بمعظم المناطق الغابية بالولاية مرحلة الإنتاج واعتماد معظم الفلاحين على تقنيات حديثة خاصة ما تعلق بصنف دقلة نور ذات الجودة العالمية.                   ع.ب

الرجوع إلى الأعلى