نجح صاحب مستثمرة فلاحية ببلدية بني بشير في ولاية سكيكدة، في تجربة هي الأولى وطنيا بزراعة وإنتاج الفراولة من نوع "مكركبة سكيكدية" داخل البيوت البلاستيكية، ما يفتح المجال واسعا لإعادة توسيع زراعة هذه الفاكهة بالتقنية الجديدة وتمديد فترة جنيها لستة أشهر بدلا من شهرين بالنسبة للفراولة الطبيعية في الجبال، وبالتالي زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء في السوق المحلية وتسويقها بأسعار معقولة، فيما أثنت المصالح الفلاحية على هذه التجربة الجديدة التي تبشر بآفاق واسعة في هذه الشعبة.

روبورتاج: كمال واسطة

النصر زارت المستثمرة الكائنة بمدخل بلدية بني بشير وقد استقبلنا ابن المستثمر عماد، قبل أن يحضر والده جمال طيار الذي تحدث إلينا عن هذه التجربة الجديدة قائلا بأن فكرة تجسيدها كانت تراوده منذ سنوات الثمانينيات، لما شرع في اعتماد البيوت البلاستيكية في المزارع، خاصة أنه متحصل على شهادة تقني في الفلاحة، و ورث الحرفة أبا عن جد منذ الفترة الاستعمارية، أين كان هذا النشاط يمارس في الشاطئ الكبير قرب سطورة.
ويضيف المستثمر أن هذا الأمر ساعده على التحكم جيدا في زراعة فاكهة الفراولة والتحكم في تقنيات غرسها، فقام بتجسد التجربة من خلال قرض بنكي من بنك الفلاحة والتنمية الريفية، لتكلل بالنجاح وتعطي نتائج جد مرضية سواء من حيث مذاق الثمار أو الرائحة أو الشكل وحتى من حيث النقاوة، إذ تعتبر أحسن من تلك التي تزرع في المرتفعات الجبلية بشهادة الكثير من الناس والمختصين، وهذا حسبه، ليس من باب الانتقاد أو الانتقاص من مجهودات الفلاحين أو نوعية الفراولة المغروسة في الجبال.

وقال الفلاح إن الفراولة المكركبة المنتجة داخل البيوت البلاستيكية، تنضج حباتها فوق أنفاق بلاستيكية وسقيها يتم بتقنية التقطير كما لا تتأثر بالعوامل الخارجية مثل الأمطار، وتكون نقية ولا تلتصق بها شوائب أو أتربة، مضيفا بأن الفراولة تحتاج ظروفا مناخية معينة مثل درجات حرارة تتراوح بين 25 و30 درجة مئوية وفي حال كانت أكثر من هذه النسبة، يتم اللجوء لرفع الغطاء البلاستيكي لتكييفها مع الحرارة المناسبة.
وبالنسبة للنوع الذي يغرس في الجبال، فيبرز المتحدث أنه يتأثر بالأمطار ما يؤدي إلى تضرر حباته بالأتربة، داعيا بقية المنتجين في المرتفعات الجبلية إلى تطبيق هذه التقنية عوض الاستمرار في اعتماد وسائل تقليدية، خاصة أن سعر البلاستيك لإنجاز نفق أرضي ليس مكلفا حيث يقدر بحوالي 500 دج.
غير بعيد عن البيت البلاستيكي الذي جسدت فيه التجربة، وقفنا على تجربة أخرى تتمثل في غرس المستثمر لفراولة من نوع "المكركبة" مع فراولة اسمها "فانتانا" وهي من أصل إيطالي تشبه إلى حد بعيد تلك التي تباع في السوق وتنتج في البيوت البلاستيكية و أطلق عليها "فرومبواز"، وكللت هذه التقنية بدورها بالنجاح وأعطت ثمارا تمتاز بمذاق حلو أفضل من تلك الموجودة في السوق وتختلف حتى في الشكل أو اللون.
انعدام مسلك باتجاه المزرعة يعرقل جهود المستثمر
وأوضح المتحدث أنه وجد مشكلا كبيرا في تسويق المنتوج بداية من أواخر جانفي، بسبب انعدام مسالك مناسبة انطلاقا من الطريق المزدوج إلى غاية المزرعة على مسافة تزيد عن 200 متر، وذلك نتيجة وجود شعبة تفصل بينهما، حيث يضطر إلى حمل الأكياس على الأكتاف و المرور وسط الشعبة وكثيرا ما يسقط فيها، مشيرا إلى أنه رفع الانشغال إلى المصالح الفلاحية ولم يتلق الرد بعد، وهنا أبدى هذا الفلاح استعداده لشق مسلك باتجاه المزرعة على عاتقه، لو منحت له رخصة من طرف المصالح المختصة.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث أنه بانجاز مسلك ستسهل عليه عملية تسويق المنتوج وحتى فتح نقاط بيع بالمزرعة، تسمح للمواطنين باقتناء ما يحتاجونه من الخضر والفواكه بأسعار معقولة في إطار البيع من المنتج إلى المستهلك.
طموحات لتوفير الفراولة بأسعار معقولة

كما تحدث صاحب المستثمرة عن ندرة الشتلات الخاصة بهذا النوع من الفراولة خلال السنتين الأخيرتين، حيث تتسبب الحرارة العالية في إتلافها، في حين أن كل ما كان يتوفر عليه تم غرسه هذا الموسم، وبالتالي سيعمل على إعادة تشتيل شتلات أخرى خلال هذا الصيف، تحسبا للموسم الفلاحي المقبل.وعن طموحات وآفاق اقتحام هذه الشعبة، أوضح المتحدث أنه بنجاح هذا النوع من الزراعة، سيعمل على توسيعها الموسم المقبل، بإنجاز بيوت بلاستيكية أخرى من أجل زيادة المنتوج في الأسواق المحلية وبالمرة بيعه للمواطن بأسعار معقولة، رغم أن المساحة الحالية المقدرة بـ 3 هكتارات، غير كافية على حد قوله.
ويعمل صاحب المستثمرة، كما وقفنا عليه، مع ابنه عماد الذي أوضح أنه حائز على شهادة مهندس دولة في الهندسة المدنية، لكنه وجد نفسه مع والده ومعظم وقته يقضيه في المزرعة للعناية بالنباتات والمنتوجات وتجسيد أفكاره البحثية على أرض الواقع، بالتعاون مع عامل دائم برفقتهم، بالإضافة إلى أفراد العائلة من النساء، بحكم أنه نشاط متوارث تعلقت به الأسرة.                             ك/و

الرجوع إلى الأعلى