مؤسسة الردم التقني تسعى للتصدير وإنشاء مصنع للتحويل

دخلت المؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني بقسنطينة مرحلة جديدة في عملية الفرز الانتقائي من خلال وضع وحدة الكيلومتر الثالث عشر حيز الخدمة، حيث استطاعت الوصول إلى جمع ما يفوق مئة طن من البلاستيك ومواد أخرى قابلة للاسترجاع في غضون أربعة أشهر، رغم أن العملية تعتمد على الفرز اليدوي في الوقت الحالي، في حين تسعى المؤسسة إلى دعم الوحدة من خلال وضع سلسلة أوتوماتيكية، كما تدرس مقترحات مشاريع، من بينها إنشاء مصنع لتحويل البلاستيك إلى مادة قابلة للتسويق مباشرة في السوق خلال العام المقبل.

 روبورتاج: سامي حبّاطي

ولاحظنا خلال تواجدنا في وحدة فرز النفايات التابعة للمؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني بولاية قسنطينة على مستوى الكيلومتر الثالث عشر، حركة دؤوبة للعمال بعد ما يقارب أربعة أشهر من الشروع في النشاط على إثر زيارة وزيرة البيئة السابقة بداية شهر ديسمبر من العام الماضي، حيث تدخل شاحنات المؤسسات العمومية البلدية وشاحنات مؤسسة «ديفاندوس» محملة بالنفايات المستقدمة من بلدية قسنطينة والمقاطعة الإدارية علي منجلي، لتمر على الجسر الميزان، فيقوم العمال بتسجيل الكمية التي تحملها، في حين تتجه الشاحنات بعد ذلك إلى مستودع الفرز، فتفرغ الحمولة فيه ليشرع العمال حينها في عملية الفرز اليدوي بفصل البلاستيك الخاص بالقارورات الغذائية المعروف بتسمية «بولي إيثيلين تيرفثالات» والبلاستيك الصناعي الموجه للاستخدام الصناعي المعروف بتسمية «بولي إيثيلين» ذو الكثافة العالية وغيرهما من المواد القابلة للاسترجاع عن النفايات المنزلية.
الشروع في تسويق المواد المسترجعة
ويعكف موظفو الفرز اليدوي على تحميل كميات البلاستيك في حاوية ضخمة على الجهة السفلى من المستودع، بينما يتم تفريغ النفايات المنزلية الأخرى بعد الفرز في الشاحنات التابعة لمركز الردم التقني، لتنقلها بدورها نحو المفرغات التابعة لها.
وقد انتهجت مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني الطريقة المذكورة للفرز اليدوي بتعليمات من الوزيرة السابقة للبيئة، سامية موالفي ووالي قسنطينة، عبد الخالق صيودة، خلال زيارتها للوحدة، حيث عرضت إدارة المؤسسة خلالها البطاقة التقنية للمشروع، التي ترتقب إنجاز سلسلة أوتوماتيكية للفرز بقيمة مقدرة بأكثر من 20 مليار سنتيم، إلا أن الوزيرة ووالي قسنطينة ارتأيا حينها ضرورة الشروع في النشاط بنظام الفرز اليدوي في المرفق إلى غاية دعم الوحدة بالتجهيزات الأخرى.
والتقينا في المرفق بمتعامل خاص استفاد من صفقة اقتناء البلاستيك، حيث كان يشرف على عملية سحق القارورات البلاستيكية الموجهة للاستعمال الغذائي وتوضيبها في أكياس ضخمة بالاعتماد على آلتي سحق خاصتين به، في حين أوضح لنا أن العملية تتطلب شحذ القطعة الحادة التي تسحق القارورات بشكل دوري خلال الاستعمال، بينما كان عامل آخر يقوم بضغط البلاستيك على آلة ضغط، حيث أوضح لنا المتعامل أن المكعبات المضغوطة تزن ما بين 150 إلى 200 كيلوغرام. وقد لاحظنا وجود كمية معتبرة منها موضبة وجاهزة للتحميل، في حين استطاع القائمون على وحدة الفرز تكديس كمية هائلة من القارورات البلاستيكية ذات الاستعمال الغذائي، وأكد لنا مدير المرفق أن وزنها يتجاوز المئة طن.
أما في الجهة المخصصة للبلاستيك الموجه للاستخدام الصناعي، فقد لاحظنا كمية معتبرة منه، بالإضافة إلى كمية من العبوات المعدنية للطماطم الصناعية وغيرها، حيث أوضح لنا مسؤول الوحدة الذي رافقنا إلى المكان أن الجزء الأكبر منها قد تم تسويقه منذ أيام قليلة، في حين رافقنا إلى مساحة وضعت فيها مجموعة من الحاويات الضخمة التي تحتوي على نفايات التغليف لمصانع المواد الصيدلانية، كما أوضح أن المؤسسة تقوم بوضع الحاويات على مستواها لتسترجعها بعد ذلك، حيث يتم التركيز على ورق التغليف الكرتوني، الذي يكون في حالة نظيفة ما يسمح بتسويقه بسعر جيد.
ويضم الجزء المذكور من الوحدة أيضا النفايات الزجاجية المسترجعة، حيث أوضح لنا القائمون على الوحدة أن الزجاج الأبيض المستعاد يعتبر أغلى سعرا من الزجاج الملون، بينما جمعت المؤسسة منه كمية معتبرة إلى غاية اليوم.   
استقبال 350 طنا من النفايات المنزلية يوميا
وذكر مدير المؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني بقسنطينة، لطفي فاس، أن مركز الفرز للكيلومتر الثالث عشر يستقبل في الوقت الحالي ما يقارب 350 طنا من النفايات المنزلية، حيث تصل عملية الفرز إلى استرجاع ما يقارب الثلاثة أطنان من مختلف المواد القابلة للرسكلة في اليوم، في حين يمثل البلاستيك نسبة 80 بالمئة منها، فيما تتوزع باقي النفايات على المعدن والورق الكرتوني للتغليف.
من جهة أخرى، نبه محدثنا أن عملية البيع قد انطلقت بعد جمع مخزون معتبر في غضون ما يقارب الشهرين، مؤكدا أن المتعاملين يفضلون اقتناء كميات كبيرة، حيث أطلقت المؤسسة مزايدتين؛ رستا على متعاملين من بسكرة والمسيلة.
وتصل كمية النفايات المنزلية المنتجة على مستوى ولاية قسنطينة إلى ما بين 850 و1000 طن يوميا، بحسب ما تحصيه المؤسسة انطلاقا مما تستقبله على مستوى المفرغات العمومية التي تشرف عليها، حيث أكد المسؤول أن إحصائيات مختلف الوكالات الوصية تؤكد أن كمية المواد القابلة للرسكلة فيها لا تقل عن 20 طنا يوميا لكن بشرط التحكم في النفايات، كما ترتفع وتنخفض بحسب المواسم، على غرار شهر رمضان وفصل الصيف الذي يرتقب فيه أن تتضاعف في مجال البلاستيك بسبب الاستهلاك المتزايد للسوائل من طرف الأفراد، بينما شدد نفس المصدر على أن المؤسسة ستتكفل بجميع الكميات التي تستقبلها على مستوى الوحدة.
وأوضح محدثنا أن البلاستيك الموجه للاستخدام الصناعي يعاد تحويله إلى كراسي بلاستيكية أو أغراض من طرف المتعاملين المختصين في ذلك، في حين نبه أن بلاستيك «بوليكلورير الفينيل» الموجه لصناعة الأنابيب يتم استرجاعه أيضا على مستوى الوحدة، لكن لم يشرع بعدُ في تسويقه بسبب عدم تراكم كمية كبيرة منه إلى غاية اليوم، لكن المسؤول أكد لنا أن المؤسسة ستشرع في تسويقه بمجرد الحصول على كميات معتبرة منه.
وأضاف محدثنا أن المؤسسة قد سوقت أيضا الألمنيوم المسترجع، بعد فرز كمية معتبرة منه. وتشمل وحدة الفرز بالكيلومتر الثالث عشر حظيرة شاحنات المؤسسة أيضا، في حين أكد المدير أن عدد العمال المكلفين بالفرز فقط مقدر بخمسة وعشرين عاملا يستخرجون 3 أطنان يوميا ويعملون بنظام الدوام المتواصل لأربع وعشرين ساعة.
متعاملون يصدرون البلاستيك المسترجع بالوحدة
وقد اقترحت المؤسسة بعث مشروع إنشاء وحدة لحرق النفايات، حيث شرع في الإجراءات الإدارية الخاصة به منذ حوالي أربع سنوات مثلما أكد محدثنا، وتم الحصول على الاعتماد الخاص به، في حين أكد المدير أن المؤسسة تسعى إلى الحصول على تمويل للمشروع لما يحمله من فائدة على المؤسسة والبيئة.
وأضاف نفس المصدر أن المؤسسة لم تقتن في الوقت الحالي آلات جديدة للقيام بعملية الفرز على مستوى الوحدة المذكورة، لكنه أكد أنها تعتزم توفير آلات جديدة العام المقبل من أجل تسهيل العملية والرفع من سرعتها، على غرار آلات ضغط صناعية سريعة حتى لا يتجاوز المخزون القدرة على التوضيب.
ويسوق المتعاملون المستفيدون من منتج وحدة الفرز الكميات التي يحصلون عليها وطنيا، حيث أوضح لنا المدير أن أحدهما يقوم بالتصدير لتركيا، رغم توقفه مؤقتا خلال الفترة الحالية بسبب زلزال تركيا، بينما كشف أن المؤسسة تسعى إلى التحول إلى مصدِّرة للبلاستيك والمواد المسترجعة خلال العام القادم، حيث وضعت إستراتيجية تضم مقترحات ودراسات لعدة مشاريع من أجل تطوير نشاط الوحدة. وأوضح نفس المصدر أن المؤسسة تسعى إلى إنشاء مصنع يتكفل بإنتاج مادة محولة نهائية وجاهزة للتسويق انطلاقا من البلاستيك المسترجع.
وأعادت المؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني بقسنطينة فتح مركز التثمين في منطقة القاهرة ببوذراع صالح، حيث دعا مدير المؤسسة المواطنين إلى التقرب من المكان من أجل التخلص من الأغراض الضخمة، مؤكدا أن الاستفادة من الخدمة مجاني، في حين زود المركز بحاويات من مختلف الأحجام وجميع الأدوات اللازمة.
وتتم عملية الفرز تلقائيا من خلال وضع الأغراض في الحاويات المخصصة لكل نوع من النفايات، حتى لا تكلف المؤسسة عمالا للقيام بعملية الفرز مرة ثانية، لكن المتحدث شدد على أن المركز لا يستقبل النفايات المنزلية أو النفايات الصيدلانية والاستشفائية أو الردوم.
ويؤكد محدثنا أن مركز التثمين ببوذراع صالح بقسنطينة يقتصر على استقبال النوع المذكور فقط من النفايات لوقوعه في حي سكني، حيث راعت المؤسسة ضرورة ألا تنبعث منه أي روائح قد تزعج المواطنين.              س.ح

الرجوع إلى الأعلى