محلات التعبئة تزيح المقلدة و تكتسح سوق العطور

انتشرت تجارة العطور المعبأة بقسنطينة، حيث زاد عدد محلات بيعها بشكل ملفت، خاصة على مستوى وسط المدينة و المدينة الجديدة علي منجلي، نتيجة ارتفاع معدل الطلب عليها لما توفره من مركزات أصلية لماركات عالمية بأسعار منخفضة تناسب حتى أصحاب الدخل الضعيف، حيث يبدأ سعر العبوة من 300 دينار، و هو ما تجده سيدات بديلا للعطور الأصلية التي تباع، كما قالوا، بأسعار خيالية، تتجاوز 12 ألف دينار، حيث لاحظنا خلال جولتنا بوسط المدينة إقبالا على اقتناء زجاجات العطر المعبأ، أرجعه تجار لأسباب عدة منها ما تتعلق بحيل ترويجية، كحيلة التخفيضات و توفير بطاقة «الوفاء».  

روبورتاج / لينة دلول

و في جولة بوسط المدينة و المدينة الجديدة علي منجلي، لاحظنا  تزايد عدد محلات بيع العطور، حيث تم فتح محلات جديدة على مستوى ساحة «لابريش» و رحبة الصوف و 19 جوان و عبان رمضان في أقل من سنة،  فيما عرف النشاط توسعا أكبر على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي أين لاحظنا  تغيير تجار    لنشاطهم من بيع الألبسة النسائية إلى التخصص في العطور المعبأة، حيث تشهد المحلات حركية على مدار اليوم، ينشطها باعة لا يكتفون بالجلوس داخل المحل لاستقبال الزبون و تلبية طلبه، و إنما يقفون في الخارج و بيدهم قصاصات ورقية معطرة بأشهر مركزات الماركات التي يعرضها المحل، وعطرها يفوح بالمكان، و هي طريقة يراها تجار بأنها ناجعة مكنت من زيادة عدد الزبائن، الذي منهم  من أصبح وفيا بعد أن كان لا يستعمل العطور إطلاقا.
تصميم و ديكور شبه موحد
و لعل ما مكن من استقطاب زبائن كثر هو التوفيق في اختيار تصميم عصري للمحل بلمسة هندسية تقليدية تتجلى في ديكور خشبي يبرز طابع الأرابيسك، و بواجهة زجاجية تظهر جمالية الديكور الداخلي و تظهر الرفوف المزينة بعدد معتبر من القارورات الزجاجية عليها قصاصات تحمل ماركة العطر، فيما تعد الإضاءة من العناصر المهمة المعتمدة في جذب الزبون،  لدورها في إبراز الديكور و مختلف أنواع قارورات العطور المعروضة، و الملفت أن المحلات اعتمدت ديكورا موحدا، يوحي بأنها سلسلة تجارية يسيرها شخص واحد.    
و توفر هذه المحلات مختلف الماركات العالمية، حيث يجد الزبون ما يلبي ذوقه، و قد لاحظنا خلال تواجدنا بهذه المحلات و حديثنا لتجار أن أكثر العلامات طلبا هي «جيفنشي» و «شنال»، و «أوغوبوس»، و «لانوي تريزور»، و «سي»، و «لاكوست»، و «غوتشي»، و «لويس فيتون»  وغيرها، و التي تلقى حسبهم رواجا قياسيا حيث تنفذ الكمية بعد وقت قصير من عرضها بالمحل، و وجدنا على مستوى محل بشارع العربي بن مهيدي رجالا و كذا نساء يتبادلون الحديث مع البائع بخصوص العطر المفضل لهذا الموسم، حيث منهم من أخذ برأي البائع و منهم من تمسك بالنوع الذي اعتاد استعماله.
 الزجاجات من مفاتيح الرواج
و تشكل قارورات التعبئة التي توفرها المحلات عاملا مهما في رواج هذه التجارة، و دفعت البعض إلى عدم الاكتفاء باقتنائها للاستعمال الشخصي و إنما حتى لتقديمها كهدية للأقارب أو الأصدقاء، حيث تم تصميمها بطريقة عصرية مستلهمة من تصميم قارورات عطور لماركات عالمية، حيث قال تاجر بأنها مصممة بدقة تقنية مع مراعاة شروط الحفظ، بحيث تحافظ العبوة على جودة العطر و تبرز لونه، كما أنها عبوات معقمة لضمان سلامة مستعملها.
سعر القارورة ابتداء من 300 دينار
و بخصوص السعر، قال تاجر، بأنه يختلف باختلاف سعة القارورة المراد شرائها، و كذا باختلاف نوع و شكل القارورة المستعملة، حيث هناك قارورات بسيطة ذات لون شفاف و بتصميم كلاسيكي، تعد الأقل كلفة، فضلا على نوعية المواد المعتمدة في التركيبة كنوعية الزيت العطري و الكحول المستخدم في التخفيف والتثبيت، و كذا نسبة تركيز العطر في المحلول، حيث يبدأ سعر العبوة عموما من 300 و 500 دينار و ألفين دينار، و هي أسعار أجمع زبائن بكونها مغرية و تناسب الجميع، كما أنها تلبي رغبة الكثير و بالأخص الشابات المولوعات باستخدام العطور خاصة العالمية، حيث قالت سيدة في حديث جمعها بالنصر بالمحل، بأنها قاطعت استخدام العطور الباهظة ذات الماركات العالمية في سنوات مضت، بعد أن كانت مواظبة على اقتناء عطور عالمية، و هذا راجع للارتفاع الفاحش لأسعارها  ، غير أنها عادت لاستخدام عطرها المفضل «شنال» و «لافي أي بال»، اذ تقتني قارورة صغيرة بـ 500 دينار، و الذي كان سعرها السنة الماضية 300 دينار فقط، مثنية على نوعية العطر المستعمل، قائلة بأنه مركز و يدوم لفترة طويلة، فيما أردفت صديقتها قائلة بأنها لا تكتفي باستعمال ماركة واحدة، و إنما تريد في كل مرة  أن تجرب ماركة معينة، حيث تقتني في الغالب قارورتين لماركتين مختلفين، قائلة بأنها اقتنت عطر بعلامة «راد كيس» و «زارا وندروز» مقابل ألف دينار، مشيرة إلى أن مدة استعمال القارورة الواحد تدوم إلى ثلاثة أشهر.  
و عن مصدر استيراد مختلف أنواع العلامات المعروضة، أجمع تجار بأنهم  يعتمدون على تجار الجملة و الذين يقومون باستيرادها من دول أجنبية ، كفرنسا وسويسرا و اسبانيا و ألمانيا و تركيا، مشيرا إلى أن هناك أيضا دول عربية أصبحت رائدة في إنتاج هذه العطور كدبي لكن بأسعار باهظة، و أضاف أحدهم بأن سعر الجملة ارتفع بنسبة قليلة في الفترة الأخيرة ما أثر على أسعار التجزئة، موضحا بخصوص كيفية ملء عبوات العطر و تركيبتها بالقول، بأنه يستخدم محلول كحولي و تركيز الزيت العطري المستورد، و نسبة من الكحول الممزوجة بالمثبت العطري و الذي يضمن بقاء مفعول العطر لمدة أطول، حيث أجمع زبائن تحدثت إليهم النصر، أن عطور التعبئة بديل مفضل للعطور المقلدة، التي وصفوا نوعيتها بالسيئة لكونها تفقد رائحتها بعد دقائق قليلة من استعمالها.     
 تضاعف الطلب في فترة الأعراس و الأعياد
و عن الفترة التي تشهد رواجا أكبرا للعطور المعبأة، قال مراد صاحب محل «ألبيام» بشارع 19 جوان « رود فرانس»  ذو خبرة في المجال تجاوزت 14 سنة،  للنصر، بأن موسم الصيف، هو الفترة التي يزيد فيها الطلب على اقتناء العطور، لأسباب كثيرة، في مقدمتها أن هناك شريحة واسعة تستعمل العطر في فترة الصيف فقط للتخلص من رائحة التعرق، كذلك لكون  هذا الفصل هو موسم للأفراح، حيث تفضل النساء و كذا الرجال شراء عطر لاستخدامه عند حضور فرح عائلي، فضلا عن الطلب المسجل من قبل المقبلين على الزواج، حيث تفضل عرائس اقتناء قارورات ذات تصاميم عصرية و جميلة و تعبئتها بمركز الماركات التي تفضلها لتضعها ضمن تشكيلة مواد التجميل في جهازها، و قد صادفنا عروسا على مستوى محل بساحة «لابراش»، قالت بأنها لم تفكر حتى في شراء عطور ذات ماركة مشهورة لأسعارها الخيالية، و انتقت تشكيلة من عطور التعبئة، حيث وجدنا التاجر يقوم بتعبئة قارورة لعطر «زارا»، و كان يمسك بيده اليسرى عبوة زجاجية، وفي يده اليمنى حقنة كبيرة معبأة بـ «الزيت العطري» عالي التركيز، يضع بعضا منه في القارورة ثم يقوم بملء الحقنة بنسبة من «الكحول « الممزوجة بـ «المثبت العطري»، ليقوم برجها مرارا، ثم يرش بعد ملئها، ما تبقى في الحقنة على ملابس الزبونة طالبا رأيها في رائحة العطر، حيث قال للنصر، عند سؤاله عن سر الحصول على عبوة عطر بتركيز عال بالقول بأنه يعتمد بشكل أساسي على الزيوت العطرية، والكحول المثبتة، و مزجها بنسب مدروسة، وأشار إلى أن هناك نوعان من العطور المعبئة، الأولى التي تخلط مع الكحول، والثانية هي دون مواد كحولية تعد مباشرة  للاستعمال، وهي ذات جودة وبسعر لا يختلف عن  الأولى، وهي  بحسبه نوع جديد تم استيراده  من البرتغال.
 «بطاقة الوفاء» وتخفيضات للاستقطاب  
و قد توقفنا عند محل على مستوى المركز التجاري « سون فيزا» يعتمد على   أسلوب ترويجي جديد، لكسب أكبر عدد من الزبائن و ضمان وفائه  ، حيث يوفر «بطاقة وفاء» لزبائنه للحصول على العروض التخفيضية، و يعرض على كل من يقتني   قارورة تلك البطاقة و يسجل ما اقتناه، بحيث يحصل صاحبها بعد استعماله سبع مرات للبطاقة على هدية تتمثل في عطر مجاني، و هي حيلة تجارية يضمن من خلالها التاجر وفاء زبائن لمنتوجه، و هو ما قالت بشأنه الطالبة أميرة، الحاصلة على بطاقة «وفاء» من ذات المحل،   بأنها أصبحت تحرص على اقتناء العطر من هذا المحل، لتحصل على هدية،  مشيرة  بأنها تقتني عطرها المفضل « لا في إي بال» بسعر 500 دينار حيث تستعمله لمدة شهرين، فيما كانت تقتني   هذه العلامة الأصلية بمبلغ مليون سنتيم، فيما يعتمد تجار آخرون حيلة أخرى تتمثل في حصول كل زبون اقتنى قرورتين على تخفيض بقيمة تبدأ من 100 دينار .  
و لاحظنا خلال زيارتنا لعدد من المحلات، بأن الرجال أصبحوا يزاحمون النساء في اقتناء هذه   العطور  ، بعد أن كانت هذه المحلات حكرا، حسب ما أكده تجار، على الشابات و النساء فقط، و ذلك بعد أن وجدوا ما يفضلونه من عطور و بنوعية جيدة تلبي أذواقهم، حيث هناك ماركات رائجة، منها «سوفاش» و «لاكوست»، حيث قال محمد، زبون وجدناه بالمحل،  يقصد هذه المحلات، لأنها توفر ما يريده من عطور،  و رائحتها لا تختلف عن الأصلية التي تباع بأسعار باهظة.
تحذيرات من  عطور  طاولات الأرصفة
و لفت انتباهنا خلال إعدادنا لهذا الربورتاج، أن هناك باعة وجدوا في رواج هذا النشاط فرصة لبعث نشاط موازي، و ذلك بوضع طاولات على الأرصفة، و ممارسة هذا النشاط، و هو ما حذر منه تجار مختصون في خلط تركيبة العطور،  من أنها مجهولة المصدر و قد تكون منتهية  الصلاحية، مشيرا إلى أن تجارة الزيوت العطرية تخضع لمعايير ومقاييس محددة حتى لا تفقد قيمتها  التي تعود بالسلب على المستهلك بالدرجة الأولى، فضلا عن كونها معرضة لأشعة الشمس والرطوبة  فتتغير رائحتها و تفقد مفعولها.

الرجوع إلى الأعلى