سماسرة يلهبون سوق السيارات المستعملة بقسنطينة
دخلت سوق السيارات المستعملة في حامة بوزيان بقسنطينة حالة اضطراب يُحمّل الراغبون في الشراء والعارضون مسؤوليتها للسماسرة الذين ألهبوا الأسعار بعروض تتجاوز قيمتها الحقيقية، بعد الركود المسجل قبل شهرين مع دخول المركبات المستوردة من علامة «فيات»، في وقت انتعشت فيه الحركية التجارية بشكل نسبي مع حلول فصل الصيف، رغم أن أغلب الصفقات تقتصر حاليا على المركبات ذات السعر المنخفض، التي تمثل بالنسبة للكثيرين حلا مؤقتا إلى غاية تجاوز مرحلة الترقب فضلا عن أنها تمنع عنهم خسارة مبالغ كبيرة في حال انهيار السوق مجددا.

ولمسنا أمس، لدى متوافدين على سوق حامة للشراء أو من الأشخاص الذين يعرضون مركباتهم للبيع، اضطرابا واستمرارا لحالة الترقب والحذر خصوصا من قاصدي الشراء، رغم الإقبال الكبير الملاحظ في المكان. وقد شرعنا في جولتنا بالمكان، حيث لاحظنا علامات حركية منتعشة، خصوصا في محيط المركبات ذات السعر المنخفض، مثل السيارات التي يتجاوز تاريخ تصنيعها 13 سنة.
استمرار لحالة الترقب
وأوضح لنا شاب أنه قد اشترى مركبة من نوع «شيري كيوكيو»، حيث شرح لنا خياره بكونه قد سئم الانتظار، فوقع اختياره على السيارة المذكورة لأن سعرها منخفض مقارنة بذات المواصفات العالية، كما اعتبر أن ذلك ضمانة له بعدم خسارة مبلغ مالي كبير في حال انهيار الأسعار مجددا مع توفر المركبات الجديدة ودخول علامات أخرى إلى جانب «فيات». وقد اعتبر محدثنا أن خسارته لن تتجاوز ما بين 4 إلى 6 ملايين سنتيم، بينما قد تصل إلى عشرات الملايين في مركبات أخرى.
وقد أكد لنا العديد من عارضي المركبات القريبة من حيث السعر من سيارة «كيوكيو»، على غرار المركبات من ماركة «سوزوكي»، أنها قد بيعت مع اقتراب عقارب الساعة من الحادية عشرة صباحا. وتقربنا من بائع يعرض مركبة من نوع «ماروتي زان» مصنعة في عام 2006، حيث قال إنه تلقى عرضا يفوق 58 مليون سنتيم، مؤكدا أنه تلقى الجمعة الماضية عرضا بـ63 مليون سنتيم.
وشرح لنا العارض أنه قرر بيع السيارة واقتناء مركبة من نوع «فيات تيبو» التي يرتقب الحصول عليها بعد خمسة أشهر بسعر 315 مليون سنتيم، في حين لاحظ إقبالا من المتسوقين على مركبته، خصوصا من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط. توجهنا إلى شخص آخر يعرض مركبة من نوع «نيسان ميكرا» يعود تاريخ تصنيعها إلى عام 2013، حيث أكد لنا أنه تلقى عرضا يصل إلى 112 مليون سنتيم، في حين اتضح أنه سمسار حيث باع مركبتين من قبل في السوق، ودافع عن أن عمليات البيع تسير بوتيرة جيدة.
وقد اعتبر متسوقون تحدثنا إليهم أن السماسرة هم من يقومون برفع الأسعار لإعادة إنعاش سوق المركبات المستعملة بعد الركود الذي شهدته منذ شهرين على إثر الإعلان عن الشروع في استيراد المركبات الجديدة، حيث عبر متسوق بالقول «من الغريب أن جميع العارضين يقولون إنهم قد تلقوا عرضا لكنني طيلة تجولي في المكان لم أقف على حالة واحدة لشخص يقدم عرضا لبائع». وقد أكد محدثنا أن أسعار العروض قد التهبت في المكان مقارنة بفترة ماضية، في حين أجمع آخرون أن الأسعار المتداولة لا تعكس القيمة الحقيقية للمركبات.
ولاحظنا في السوق توافد بائعين من عدة ولايات شرقية، حيث تغلب عليها ولايتا سكيكدة وميلة، بالإضافة إلى باتنة وسطيف. وقد سعينا في جولتنا إلى تقصي أسعار المركبات مقارنة بجولة سابقة قمنا بها في السوق قبل شهرين لمقارنة الأسعار، حيث لاحظنا أن صاحب مركبة «سيمبول» مصنعة في عام 2016 يقول إنه تلقى عرضا يصل إلى 225 مليون سنتيم، بينما وجدنا قبل شهرين مركبة من نفس النوع مصنعة في 2015؛ لم يتلق صاحبها إلا عرضا بـ155 مليون سنتيم مثلما أكده لنا حينها.
وقدر حينها المترددون على السوق من بائعين ومتسوقين التراجع في الأسعار بما بين 30 إلى 50 مليون سنتيم، بينما اعتبر مواطنون أن الزيادة حاليا مقدرة بحوالي 40 مليون سنتيم.
أسعار مرتفعة دون زبائن حقيقيين
و وسم متسوقون تحدثنا إليهم السوق بالغلاء الشديد، حيث قال أحدهم إنه من غير المعقول أن تعرض مركبة بمئتي مليون رغم أن عداد محركها يلامس نصف مليون كيلومتر، مؤكدا أن أسعار منصات التواصل لا تعكس واقع السوق، في حين شرح لنا أنه يبحث عن مركبة منذ أربعة أشهر، كما قال إنه لاحظ وجود مركبة من نوع «بولو» يعود تاريخ صنعها إلى 2012، تجاوز عدادها 400 ألف كيلومتر لكن صاحبها يقول إنه تلقى عرضا بـ160 مليون سنتيم. واعتبر متسوق آخر أن الأسعار قد ارتفعت مجددا بعدما عرفت ركودا خلال الشهرين الماضيين، لكن حركية البيع والشراء عادت إليه مذ حوالي ثلاثة أسابيع.
وأضاف محدثنا أن المشكلة تكمن في عدم قدرة الراغبين في الشراء على الانتظار خصوصا مع حلول فصل الصيف وتزايد الحاجة إلى المركبات من أجل قضاء العطلة، في حين أوضح أنه سيشتري مركبة بعد أن قضى شهرا ونصف منذ أن باع مركبته، مضيفا أنه تقرب من صاحب مركبة «بيكانتو» يعود تاريخ تصنيعها إلى 2016 مع عداد تجاوز 110 آلاف كيلومتر، فأكد له أنه تلقى عرضا بـ225 مليون سنتيم، في حين عاين سيارة أخرى من نوع «بيجو 208» وأكد له صاحبها أنه تلقى عرضا بـ215 مليون سنتيم، بينما يطلب هو أكثر من 225 مليون سنتيم. وقد أكد المتسوق أنه لم يلمس هذه الأسعار ما قبل شهرين، إلا أنه اعتبر في نفس الوقت أن الارتفاع لم يبلغ المستوى الذي كان عليه قبل دخول مركبات «فيات» الجديدة.
وتتقاطع فرضيات المتسوقين الذين تحدثنا إليهم حول الأسعار المرتفعة من طرف السماسرة مع ما أوضحه لنا عارضون من مالكي المركبات، حيث ذكر لنا شاب يعرض مركبة من نوع «بولو» أن الأسعار مرتفعة لكن لا وجود لزبائن حقيقيين، مشيرا إلى أنه تلقى عرضا بمئة وثمانين مليون سنتيم، لكنه أشار إلى أنه اقتنى سيارته من قبل بسعر أعلى من القيمة التي تلقاها في السوق، متوقعا أن تعرف مزيدا من الارتفاع خلال الأيام القادمة.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى