الإعلانات العشوائية تشوه الفضاءات العمومية
تشوه الإعلانات العشوائية المنشورة على جدران و واجهات المحلات و  الصيدلانيات و المتعلقة في مجملها ببيع و كراء الشقق و فتح عيادات طبية خاصة و تقديم دروس خصوصية، الفضاءات العمومية، في ظل غياب سلطة رقابية متخصصة تحد من انتشارها و تضع آلية لتقنينها ، مما أثر بشكل كبير على جمالية المدينة، و أعطى صورة سلبية عنها، حسبما وقفت عليه النصر، في ربورتاج أعدته على هذه الظاهرة غير المقننة بقسنطينة.
ربورتـــاج / أسماء بوقـرن
أخطاء إملائية و لغوية في صياغة الإعلانات العشوائية
خلال جولة استطلاعية وسط مدينة قسنطينة و بالمدينة الجديدة علي منجلي ، لاحظنا انتشارا واسعا للإعلانات المدونة على أوراق صغيرة، تلصق على جدران و أعمدة و واجهات المحلات بمختلف الشوارع التي تشهد حركية واسعة على مدار اليوم، و أصبحت فضاء لكل راغب في نشر إعلان ما بالمجان، للترويج لنشاط ما، كالدروس الخصوصية، أو عقار للبيع أو الكراء في أسرع وقت ممكن، و إعلانات الرحلات السياحية و الحفلات الفنية و البحث في فائدة العائلات و كذا الوفيات.
  وجدنا في بداية جولتنا بوسط المدينة، إعلانات بالبنط العريض ملصقة بشريط أو غراء لاصق ، فوق  أعمدة و جدران نهج عبان رمضان، للفت انتباه المارة، منها ما تعلق ببيع شقة من ثلاث غرف بحي بوالصوف و عليها رقم هاتف صاحبها، و أخرى للبحث عن عاملات في مجال الخياطة أو الأكل السريع، و أخرى تتعلق بدورات تكوينية و فتح عيادات طبية ، هذا المشهد  أخذ بالاتساع مع  تزايد المنافسة التجارية في مختلف المجلات، كالتعليم الخاص و غيره ،من أجل جذب الزبون، و الملفت أن هذه الإعلانات تشوه المدينة، لأنها لا تراعي الجانب الجمالي و قواعد التسويق و اللغة و غيرها.
مداخل العمارات الجديدة فضاء لإعلانات تركيب الألمنيوم و الهوائيات المقعرة
الظاهرة نفسها وقفنا عليها بالمدينة الجديدة علي منجلي، لكنها تنتشر بالأخص في مداخل العمارات التي انتقل إليها أصحابها حديثا ، و تتعلق بتركيب زجاج النوافذ و الشرفات و ضبط و تركيب الهوائيات المقعرة، حيث يحرص على وضعها عمال ينشطون بشكل حر لاستقطاب الزبائن، ما يجعل واجهات العمارات، تبدو و كأنها واجهات لإدارات عمومية.
و قد تحدثنا لأحد السكان ، فقال لنا بأن الإعلانات تشوه العمارة التي يقطن بها، خاصة و أنها بنيت حديثا، لكنها تساعد السكان الجدد في العثور على عمال مختصين في تركيب الهوائيات و ضبطها و وضع سياج الشرفات و غيرها، و هو ما يخفف عنهم عناء البحث في حي لا يعرفونه، مشيرا إلى أن ذلك يتوجب  التنظيم ، عن طريق تخصيص في كل وحدة سكنية مثلا مساحة لنشر الإعلانات.  
الأكشاك و الصيدلايات فضاء الأطباء المفضل
ما لفت انتباهنا خلال جولتنا الاستطلاعية أن الصيدليات تعتبر المكان المفضل للأطباء، باعتبارها مقصد المرضى، حيث ينشرون بها عشرات الإعلانات حول العيادات الطبية الجديدة في مختلف التخصصات كأمراض المفاصل و الأعصاب و جراحة الأنف و الحنجرة، بالإضافة للإعلان عن مكتب الاستشارات النفسية و الأسرية، و نفس الإعلانات تقريبا تعلق بالأكشاك.
صاحب صيدلية إيدري بنهج عبان رمضان ، بوسط مدينة قستطينة، قال للنصر بأنه لا يعترض على تعليق إعلانات بصيدليته، معتبرا ذلك خدمة إنسانية للمواطن أكثر منها ترويجا لنشاط طبيب ، أما الصيدلي يوسف يخلف فقال لنا  بأنه يوافق فقط على نشر الإعلانات المتعلقة بالمجال الطبي، لأنه مرتبط ببيع الأدوية، و يرى بأنها خدمة إنسانية واجب عليه القيام بها.

في حين قال صاحب كشك بالمدينة الجديدة علي منجلي ، بأنه يوافق على نشر الإعلانات بمحله ، لأنه لا يرى في ذلك خدمة في سبيل الله، موضحا بأنها واجه مشكلا مؤخرا بخصوص إعلان نُشر في باب محله يتعلق بفتح عيادة طبية في تخصص الطب الداخلي، و ذلك لكون صاحبة الإعلان، لم تضع الختم و كذا الطابع البريدي فوق الإعلان، ما أوقعه في مأزق مع مصالح الرقابة التابعة لمديرية التجارة التي حررت مخالفة في حقه .
موقف الحافلات مساحة للبحث عن خياطات
محطات الحافلات بدورها ، لا تخلو من نشر الإعلانات العشوائية ، حيث وقفنا على ذلك بمختلف النقاط، من بينها موقف للحافلات بالمدينة الجديدة علي منجلي ، الذي استغله صاحب ورشة للخياطة بحي زواغي لنشر إعلان بخصوص البحث عن خياطات و مساعدات لهن، مرفقا برقم هاتفه ، فيما يغيب في الإعلان عديد العناصر المهمة، كاسم صاحب الورشة و عنوانها ، مع غياب للطابع البريدي،  و هو حال أغلب الإعلانات المنتشرة، في المقاهي و غيرها من الفضاءات العمومية ، كما تنتشر بها و بكثرة إعلانات الدروس الخصوصية في مختلف التخصصات، و كذا إعلانات المدارس المختصة في تعليم اللغات،و غيرها.
مواطنون يشتكون من احتيال أصحاب الإعلانات
بعض واضعي الإعلانات الخاصة بالأسفار و كذا تهيئة المنازل، يروجون  لنشاط ليس من تخصصهم فيقع المواطن ضحية لهم ، وهذا ما حدث للعديد من المواطنين ، على غرار السيدة إيمان القاطنة بالمدينة الجديدة علي منجلي ،  التي تدعو للحد من هذه الظاهرة لأن سلبياتها تفوق إيجابياتها، مطالبة بتنظيمها من قبل المصالح المعنية، لكي لا يقع المواطن ضحية لإعلانات مزيفة، مضيفة بأنها وقعت ضحية لصاحب إعلان ادعى بأنه مختص في تصليح قنوات المياه و توصيلها، ليتضح لها لاحقا بأنه يمارس «البريكولاج» و لم يتلق تكوينا في هذا المجال، ما جعلها تبحث عن مختص ليصلح ما أفسده العامل الأول، كما أن العديد من الإعلانات المتعلقة بالرحلات السياحة مجهولة المصدر .
الرقابة على سوق الإعلانات غائبة و مواطنون يدعون لتقنينها
انتشار ظاهرة الإعلانات العشوائية يؤكد غياب الرقابة، و كذا غض المسؤولين الطرف على مثل هاته التجاوزات، التي تطرح تساؤلا عن الأسباب التي تجعل بلدية قسنطينة و البلديات الأخرى المعنية ، لا تضع حدا لمن يستغلون الشارع لعرض إعلاناتهم ، دون المرور على المسطرة القانونية المعمول بها، و هو ما يضيع مبالغ مالية كبيرة يمكن أن تنعش ميزانية البلدية.
بعض أبناء المدينة الذين تحدثنا إليهم قالوا بأن الفوضى الإعلانية  غيرت ملامح المدينة و شوهتها، بعد أن اجتاحت بناياتها الممتدة على طول الشوارع الرئيسية المعروفة بحركيتها التجارية، مشيرين إلى أن الإعلان يعتبر  ثقافة و كذا وسيلة إعلامية مؤثرة ، يجب التعامل معها باهتمام و احترافية، مع الحرص على تقديمها بلغة راقية ، كما دعوا إلى وضع ضوابط و تعليمات صارمة من قبل الجهات المسؤولة، و تخصيص مساحات مناسبة للإعلانات بكافة أنواعها، حيث أشار أحد المواطنين إلى أن بعض الفضاءات العمومية قد حجبت الرؤيا على المواطن، بسبب الأعداد الهائلة من الإعلانات المنتشرة دون رقيب.
حاولت النصر الاتصال برئيس بلدية قسنطينة لمرات عديدة، ليقدم لنا توضيحا بهذا الخصوص، غير أنه لم يرد، كما اتصلنا بالمكلف بالاتصال على مستوى المجلس الشعبي البلدي ، فتعذر علينا ذلك.
علما بأنه سبق لمسؤول ببلدية الخروب أن صرح للنصر، بأن البلدية شرعت في تنظيم سوق الإعلانات، و تسعى لوضع حد لظاهرة الإعلانات العشوائية و تخصيص فضاء خاص ينشر فيه كل حائز على ترخيص من البلدية إعلانه .
أ.ب

الرجوع إلى الأعلى