"في الجزائــر نعيــش بســلام  و ننســى غربتنـا"

« في الجزائر يتجسد معنى العيش في سلام»
يلتف بالإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد بباتنة، على موائد الإفطار في شهر رمضان 300 طالب من 20 دولة إفريقية وعربية في أجواء رمضانية ممتزجة العادات والتقاليد ببصمة جزائرية تزينها ألوان أطباق الجاري، والبوراك، وأطعمة وحلويات تقليدية، ويُجمع الطلبة بالإقامة الجامعية الوحيدة المخصصة للأجانب على المستوى الوطني، على أن ظروف العيش بالجزائر أنستهم إلى حد كبير   غربة أوطانهم مثلما تحدثوا لـ»النصر» بعد مشاركتنا لهم لإفطار أقيم على شرفهم، مؤكدين بأن الجزائر تعد بلدا نموذجا للعيش في سلام.
روبورتاج وتصوير: يـاسين عبوبو  
شاركت النصر طلبة الدول العربية والإفريقية بالإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد بباتنة إفطار شهر الصيام في سهرة رمضانية عكست شعار مبدأ العيش معا في سلام  الذي رفعته الجزائر، وبادرت من أجل تخصيص يوم له لهيئة الأمم المتحدة بجعل السادس عشر من شهر ماي من كل سنة يوما تحت شعار «العيش معا في سلام»، وهو ما يجسده 300 طالب من 06 دول عربية و14 إفريقية وتتجلى مظاهره في شهر رمضان، الذي دأبت مديرية الخدمات الجامعية باتنة وسط، على تكريس تقليد تنظيم مأدبة إفطار كل شهر رمضان على شرف الطلبة المقيمين وكذا الطالبات المقيمات بإقامات الإناث اللواتي يحضرن لإقامة الشهيد مصطفى بن بولعيد.
ويصنع طلبة الدول الإسلامية، العربية، والإفريقية، أجواء بهيجة وقفت عليها النصر بالإقامة الجامعية مصطفى بن بولعيد، فالابتسامة كانت بادية على وجوه الطلبة الذين كانوا يستعدون للإفطار الجماعي، فبعد أن استقبلنا الطلبة بحفاوة راحوا  يستعدون لأداء صلاة المغرب جماعة لحظات قبل موعد الأذان، وبمجرد أن رُفع صوت أذان المغرب حتى التف الطلبة حول طاولات التمر واللبن التي تم وضعها بساحة الإقامة، ليشرعوا بعدها في أداء الصلاة جماعة في أجواء إيمانية رمضانية، صنعها الطلبة رفقة السلطات المحلية وإدارة الخدمات الجامعية باتنة-وسط- التي أقامت الإفطار على شرفهم.
وبعد أداء الصلاة، توجه الطلبة نحو طاولات الإفطار الذي أُعدت في الهواء الطلق في أجواء امتزجت فيها ثقافات وألوان 20 بلدا، وبرزت فيها البصمة الجزائرية الأوراسية، حيث التفوا  على الأطباق الجزائرية من شربة فريك وبوراك، وطاجين حلو، وأطباق تقليدية متنوعة، وكانت الألوان الإفريقية حاضرة وكأنك في سفارات دولها، أو في معرض دولي ترفرف فيه مختلف الأعلام، حيث جلس الطلبة على طول صفوف ممتدة لطاولات إفطار  وخلفهم الرايات الوطنية لبلدانهم.
طلبة الصحراء الغربية وموريتانيا، صنعوا التميز وشدوا انتباهنا بخيمة قاموا بنصبها في زاوية ساحة الإقامة منحوا من خلالها لكل ضيف السفر إلى الصحراء، خاصة بعد تذوق الشاي الأخضر والجلسة تحت الخيمة التي زاد بهاء ديكورها الألبسة التقليدية التي يرتدونها ، ما جعل سهرتنا تطول بتبادل الحديث في أجواء نوستالجية، حيث يرون في  رفع الجزائر لشعار العيش معا في سلام أمرا  لمسوه واقعيا خلال تواجدهم بها، موجهين الشكر للشعب والحكومة على ما يحظوا به من حفاوة استقبال واهتمام لدرجة لم يشعروا بأنهم خارج بلدانهم مثلما أكده الطالب محمود السالك.
وتهدف مبادرة الإفطار الذي تنظمه الإقامة على شرف طلبة الدولة العربية والإفريقية الذين يزاولون دراستهم بجامعتي باتنة 01 و02 إلى ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتآخي التي تكنها الجزائر لهم، مثلما أكده مدير الإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد لـ»النصر» مباركي رزيق، الذي أكد أيضا تسخير إمكانيات لضمان راحة الطلبة حتى يزاولوا دراستهم في أحسن الظروف، ولجعل الطلبة لا يشعرون بالغربة أيضا.   
طلبة فلسطين .. الروح بالجزائر والقلب على الوطن
يمثل الطلبة الفلسطينيون الجالية الأكثر عددا بالإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد بباتنة، ويجد طلبة فلسطين أنفسهم في بلدهم الأول مكرر وليس الثاني على حد تعبير علي النجار الذي قضى 09 سنوات في دراسة الطب بالجزائر، وهو يشتغل حاليا طبيبا جراحا في اختصاص العيون بالمستشفى الجامعي بن فليس التهامي بباتنة، وقد فاجأنا علي بمجرد حديثنا إليه بمخاطبته لنا باللغة الأمازيغية، مؤكدا بخفة روحه بأنه اندمج بين أهل الأوراس الذين يعتبرهم أهله، مشيرا لقيامه في إطار عمله بخرجات للمداشر والقرى لتقديم فحوصات للمواطنين جعلته يتعرف أكثر على الثقافة المحلية، وقد أدهشه حب الجزائريين لإخوانهم الفلسطينيين، ويقول علي الذي ينحدر من غزة بأنه ومنذ مجيئه للجزائر لم يشعر يوما بالغربة رغم شوقه الفطري لوطنه الأم الذي لم يزره منذ ست سنوات .
ويضيف محدثنا، بأن حضن الجزائر وفضلها خففا من عمق الاشتياق لفلسطين خاصة وأن جرحه عميق بفقدان شقيقه الذي استشهد في اعتداء إسرائيلي، ويرى علي بأنه وباقي طلبة بلده محظوظون بتواجدهم بالجزائر ووسط شعبها الذي يُسمع عن محبته الكبيرة لفلسطين، لكنه رفقة باقي طلبة بلده المتواجدين بالجزائر، كان لهم الشرف والحظ بتواجدهم ببلد المليون ونصف مليون شهيد، وأراد علي أن يوجه كل الشكر للجزائر حكومة وشعبا، مؤكدا بأن الجزائر تستحق وسام بلد العيش بأمان وسلام.
وعلى غرار علي النجار الذي درس وتخرج طبيبا جراحا بولاية باتنة، فإن شادي البطاط وهو ابن فلسطين أيضا وتحديدا مدينة الخليل، أكد لـ»النصر» بأن الجزائر بلد العيش بأمان وسلام بامتياز، وقال بأنه وباقي أبناء الجالية الفلسطينية المتمدرسين بجامعتي باتنة لا يجدون أنفسهم بالغربة  هنا، وبدا شادي متحسرا كونه يستعد هذه السنة للعودة لبلده بعد أن أنهى دراسته في تخصص الحقوق لخمس سنوات، حيث سيشرف بعد أيام على التخرج لنيل شهادة الماستر من كلية الحقوق بجامعة باتنة 01 الحاج لخضر.
«اندمجنا بسرعة والأجواء الحميمية أنستنا الغربة»

أجمع طلبة بلاد الشام، من الأردن واليمن، على غرار طلبة فلسطين الذين التقيناهم خلال السهرة الرمضانية التي أقيمت على شرف طلبة الإقامة الجامعية مصطفى بن بولعيد، على أن الجزائر تعد بلد العيش بأمان متسائلين كيف لا يمكن أن تكون بلد العيش بأمان وهي التي احتضنتهم ووفرت لهم كافة الظروف الملائمة للدراسة. وباختلاف المدة التي قضاها الطلبة فقد عبَروا لنا عن اندماجهم وسط المجتمع الجزائري بسهولة وقد بات الفراق عليهم صعبا بعد أن وجدوا كل المحبة من الجزائريين.
ومن بين الطلبة الذين لم يستطيعوا فراق الجزائر، الدكتور عزيز السريحي ممثل طلبة الجالية اليمنية الذي قضى 13 سنة بالجزائر، منها خمس سنوات بالعاصمة درس خلالها ليسانس أدب وإخراج مسرحي، وثماني سنوات بباتنة واصل خلالها الماجيستر والدكتوراه، ويقول عزيز بأنه وخلال طول فترة تواجده بالجزائر زار وجاب كل الولايات، وقد وجد فيها الترحاب وكوَن علاقات صداقة، وأن تلك الأجواء التي عاشها لم تجعله يشعر يوما بالغربة، وقال عزيز بأن اشتياقه لليمن أمر فطري  عوضته له الجزائر إلى حد كبير، فهي بالنسبة له باتت تعني الروح، وبات الأوراس محفورا في قلبه يسكنه بثورته وتاريخه المجيد، وأكد الدكتور عزيز بأن الجزائر حكومة وشعبا برهنت بأنها بلد للعيش في تآخي وسلام وأنها حضن لأبناء الدول العربية والإفريقية.
وخلال تواجدنا بالإقامة الجامعية مصطفى بن بولعيد لمشاركة طلبة الدول العربية والإفريقية الإفطار، اقتسمنا طاولة الإفطار مع طلبة بلدان الشام، حيث كان بجوارنا طالبان بشوشان كانا ضمن لجنة الاستقبال وبخفة ظلهما ونحن نتحدث معهما عن أجواء رمضان والدراسة، كشفا لنا بأنهما من الأردن وكليهما يدرسان الطب بجامعة باتنة 02، وأكدا بأنهما يعيشان أجواء رائعة في رمضان رفقة باقي الطلبة بالإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد.
وعن كيفية التحاقهما  بالجزائر لمواصلة الدراسة الجامعية بالجزائر، فأوضح أحدهما وهو طالب يدعى عبد الله القُط بأنه تحصل ببلاده الأردن على منحة لاختيار الدراسة في الخارج فكان اختياره الجزائر، حيث تم توجيهه نحو كلية الطب لجامعة باتنة 02، وهو يقضي عامه الأول بالجزائر في أجواء جديدة أعجبته وسط طلبة من مختلف الدول العربية والإفريقية، مثنيا على الاهتمام الذي توليه الدولة الجزائرية للطلبة الأجانب، وأما الثاني وهو الطالب أنس السيايدة الذي يدرس الطب أيضا، فقد اعتاد على الأجواء بالجزائر واندمج وسط المجتمع الباتني بعد أن قضى خمس سنوات في الجامعة، ويقول أنس بأنه يشعر أحيانا بالاشتياق لبلده لكن الأجواء التي يعيشها خاصة في رمضان بالجزائر تنسيه حرقة البعد عن الوطن الأم.     
طلبة من 14 دولة إفريقية بصوت واحد
الجزائر جمعتنا ولن ننسى فضلها
على غرار طلبة الدول العربية المتواجدين بالإقامة الجامعية الشهيد مصطفى بن بولعيد الذين أجمعوا على أن الجزائر التي احتضنتهم ووجدوا فيها بلد العيش في سلام، فقد ضمَ طلبة 14 دولة إفريقية صوتهم أيضا إلى نظرائهم الطلبة العرب بالإقامة، حيث أكدوا لنا بأنهم وبغض النظر عن اختلاف الثقافات واللغات إلا أن التقاءهم بالجزائر وتحديدا بولاية باتنة وإقامتهم بالإقامة الجامعية مصطفى بن بولعيد جعلهم يصنعون صداقات جديدة ويكتشفون ثقافات جديدة، وهو ما ذهب إليه الطالب عيسى سانتارا من مالي، الذي قال لنا بأنه سرعان ما اندمج بالجزائر رغم أنه يمضي عامه الأول بها، حيث يدرس تخصص تكنولوجيا بجامعة فسديس باتنة 02 الشهيد مصطفى بن بولعيد وقال عيسى بأنه تعرف على أصدقاء جدد من بلده ومن بلدان مختلفة، وأضاف بأنه يود أن يشكر الجزائر شعبا وحكومة لما تبذله من مجهودات لفائدة الطلبة الأفارقة.
ومن بين الطلبة الذين تحدثنا إليهم، طالب يدعى كابيكا من دولة التشاد الذي يمضي عامه الثاني بالجزائر تخصص طب، وبروح إفريقية مرحة أخبرنا بأنه لا يفوت الشربة فريك خلال رمضان التي تمثل طبقه المفضل، وبالنسبة لكابيكا فإن الجزائر بلد له دور ريادي في إفريقيا، وقد وجد فيه كل الظروف المواتية لمزاولة دراسته، وأما عن ظروف الإقامة فأكد بأن الجزائر بلد العيش بسلام بامتياز، وهو ما أكده أيضا محمد حمو من دولة النيجر الذي يدرس تخصص إنجليزية وهو مقبل على نيل الماستر من جامعة باتنة 02.
ي.ع

الرجوع إلى الأعلى