“مشاركاتي الفنية تقلصت بعد أن فقدت البصر”  
بالرغم من المرض الذي أصابه منذ أربع سنوات و تسبب في فقدانه البصر ، لم يتخل الفنان القسنطيني محي الدين طبوش عن العزف على  آلة  الناي  و الزرنة، فبعد مسار فني عمره  47عاما، يتكبّد اليوم الفنان عناء البحث الدائم عن فرصة للمشاركة في حفل فني أو إحياء عرس، ليحصل على أجر زهيد، لا يكاد يكفي لتغطية مصاريف أسرته الصغيرة لبضعة أيام، فالعزف هو مصدر رزقه الوحيد، و هو الآن في أمس الحاجة للخضوع لعملية زرع قرنية بالخارج، ليسترجع بصره و يعود لحياته العادية.
47 سنة في العزف مع كبار الشيوخ بقسنطينة
في بيته المتواضع بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، استقبلنا محي الدين طبوش، المعروف في الوسط الفني باسم «فوسكا» ، و حدثنا مطولا عن مشوار فني عمره  47 عاما، قضاه رفقة كبار مشايخ المالوف و العيساوة ، على غرار عبد المؤمن بن طبال ، الشيخ حسونة، براشي و محمد الطاهر الفرقاني و غيرهم،  ممن تربى على سماعهم منذ نعومة أظافره بحي القصبة العتيق بقسنطينة،  و كان له شرف التتلمذ على أيديهم و العمل إلى جانبهم، كما قال للنصر.
 و أضاف المتحدث أنه بدأ حياته الفنية  مبكرا، بعد انتسابه إلى الكشافة الإسلامية و كان يغني في الفرقة الموسيقية للكشافة تحت إشراف شقيق عبد الحميد بن باديس، و من هنا بدأت موهبته الفنية تبرز،  مشيرا إلى أنه رغم جمال صوته، إلا أنه كان يفضل العزف  و الموسيقى، و في سن 13 انضم إلى إحدى فرق العيساوة و بدأ مداعبة الآلات الموسيقية ، كالدربوكة و الطار و الناي و الجواق.
  و منذ ذلك العهد البعيد، لا يزال فوسكا يمارس العزف، فعمل مع كبار الفنانين الشيوخ و الشباب، على غرار الشيخ محمد الطاهر الفرقاني و ابنه سليم و عباس ريغي و توفيق تواتي من قسنطينة ، بن طيار من ولاية قالمة ، مبارك دخلة و ذيب العياشي من عنابة، كما  نال عدة جوائز خلال مشاركاته بعدة مهرجانات  داخل و كذا خارج الوطن، على غرار تونس و المغرب، و رغم مرضه يواصل محي الدين طبوش عمله كعازف، رغم الصعوبات التي يواجهها. تحدث الفنان عن معاناته، خاصة من الناحيتين الاجتماعية و المهنية، بعد أن فقد بصره بسبب ارتفاع ضغط الدم الذي أتلف كليا شبكيتي عينيه، فتقلصت بشكل كبير العروض التي يتلقاها للمشاركة في الحفلات و المهرجانات و مختلف التظاهرات الفنية، و الفضل في مشاركته في بعض الفعاليات يعود إلى بعض أصدقائه الفنانين الذين وقفوا إلى جانبه في محنته.
التهميش الذي يعيشه المتحدث، انعكس سلبا على وضعه الإجتماعي، فهو المعيل الوحيد لأسرته المتكونة من زوجة و أربعة أبناء، و يقضي أياما و أسابيع دون دخل،  ما اضطره إلى العمل بالأعراس و المناسبات العائلية، رفقة بعض فرق «الهدوة « المتكونة من عدد من الشبان، لكن  ما يتقاضاه لا يكاد يغطي أبسط  احتياجات أسرته من الأكل و الشرب، فما بالك بالعلاج الذي يحتاج إليه هو و كذا ابنه المعاق الذي يتطلب رعاية صحية خاصة.
و أشار «فوسكا» إلى أنه و إلى غاية اليوم، لم يتلق أية مساعدة من قبل مديرية الثقافة، فيما اكتفت السلطات الولائية بتكريمه رمزيا في عيد الفنان، دون الأخذ بعين الاعتبار وضعيته بعد سنوات من العطاء الفني.و يحتاج اليوم العازف محي الدين طبوش إلى زرع للقرنية بإحدى الدول الأوروبية، ليسترجع نظره مرة أخرى و يعود إلى حياته العادية، إلا  أن وضعه لا يسمح له بتغطية التكاليف، و رغم الجهود التي بذلها من أجل التوصل إلى جهة تساعده على إجراء العملية، إلا أنها باءت بالفشل، لكنه لا يزال يتسلح بالأمل في الشفاء من أجل العودة بقوة إلى مجاله الفني، و التمكن من تلبية احتياجات أسرته، خاصة ابنه المعاق.
هيبة عزيون   

الرجوع إلى الأعلى