خشبة المسرح هي المدرسة الأولى للفنان و محك نجاحه
اعتبرت الممثلة سميرة صحراوي، أنّ خشبة المسرح هي المدرسة التي تضمن للممثل التكوين الأول،  و  يمكنه أن يبرز فوقها طاقاته و يصقل موهبته أكثر و «يشحن بطاريته « ليكون أكثر حيوية و عطاء،  كما أن الخشبة هي التي تقيم الفنان ، مؤكدة أن المسرح سيبقى «أبا الفنون»،  ، فالممثل الذي يؤدي دوره جيدا على الخشبة، يكون قادرا على التمثيل في التلفزيون والسينما.
و شددت الفنانة أن المسرح هو الأصعب دائما وسيبقى الركيزة الأساسية لأي فنان، فحتى الممثلين المعروفين في هوليوود وغيرها، مروا في بداية مسارهم الفني من على خشبة المسرح،  ولا يزالوا بها.
وقالت سميرة صحراوي في لقائها مع النصر،  خلال مشاركتها نهاية الأسبوع في مسرحية «خاطيني»، رفقة مجموعة من الممثلين على ركح مسرح كاتب ياسين بمدينة تيزي وزو ، أنّ المسرح سيبقى عشقها الأول و الأخير، و تفضله على التلفزيون، لأنها تقف قبالة الجمهور، تُعطي وتستقبل على المباشر، وبالتالي تتوطد العلاقة بينهما أكثر، ولا يتحقق وجود أحدهما إلا بوجود الآخر.
المسرح مانع للغش و الخداع و الخطأ
وفي ذات السياق قالت المتحدثة « في المسرح لا يمكننا أن نغش الجمهور أو نخطئ ، مهما كانت مدة عرض المسرحية، وعلينا أن نكون حذرين أكثر من الجمهور، هذا الأخير يشعرنا على المباشر بمستوانا في الأداء، سواء كان جيدا أو سيئا ، وهذا الشعور يكون تلقائيا. أما في التلفزيون فنصحح أخطاءنا ونعيد اللقطات عدة مرات، بعيدا عن الجمهور و لا نحس كثيرا بالدور الذي نتقمصه، عكس خشبة المسرح، التي نبدع فيها ونمثل ونتحرك بكل حيوية، ونؤثر على نفوس المتفرجين أمامنا ، فالمسرح  يكشف جوهر الظواهر وطبيعة الشخصيات وأفكارها دون خداع أو غش».
و أشارت الممثلة إلى أن العمل الأخير الذي شاركت فيه و هو مسرحية «خاطيني»، جسدت فيه الفكاهة و الألم في آن واحد من خلال دورها، لا سيما وأن النص يروي الأحداث الأخيرة التي شهدتها الجزائر، والألم الذي يخلفه الأبناء في نفوس الأولياء، لاسيما الأمهات عندما يهاجرون على متن قوارب الموت، مع الأمل في البقاء في الوطن والتغلب على كل الصعوبات. و عندما جسّدت سميرة دورها على الخشبة، صفق لها الجمهور.
و أكدت لنا أنّها حضّرت نفسها جيدا لهذا العرض المسرحي، رفقة الممثلين الآخرين، وتدرّبت لمدة شهر و نصف تقريبا، فكل واحد من الممثلين تعلّم دوره جيدا  و أحس به وعاشه، وعرف ما هي مهمته على الخشبة، مضيفة أن كل هذا الشعور و الإحساس غير موجودين في التمثيل التلفزيوني.
كل أدواري أقدمها عن حب و اقتناع

سميرة صحراوي التي قدّمت الكثير  من الأعمال المميزة خلال مسارها  الفني الذي يزيد عن 32 سنة، أكّدت أن كل الأدوار التي تقمصتها مهمة بالنسبة إليها سواء في التلفزيون أو المسرح، وكل دور أدته  كان عن قناعة وحب ، كما يهمها أيضا موضوع العمل الذي تشارك فيه وما تعرضه على الجمهور و النتيجة التي تتوصل إليها والرسالة التي يذهب بها المتفرج ، موضحة "يمكن أن أؤدي دورا ثانويا في مسرحية ما، لكن المحتوى يكون هادفا، حتى لو كان العمل في قالب فكاهي، علينا أن نبذل جهدا ونتوغل في عمق هذه المسرحية، حتى يستفيد منها الجمهور، ونحقق اتصالا و تواصلا معه ونرى ردود أفعاله، فالمتفرج في كل الأحوال يبحث عن المسرح الجيد و الهادف ".
عن جديدها للسنة الجديدة2020   و لشهر رمضان المقبل، قالت سميرة أن الأعمال التلفزيونية التي تُعرض عليها حاليا غير مهمة بالنسبة إليها و لم تقتنع بها، خاصة و أن المنتجين والمخرجين مجهولون وبعيدون تماما عن الميدان الفني، عكس الذين كانت تتعامل معهم في أعمالها السابقة، مؤكدة أنها لن تقبل أي عمل لم تقتنع به، ولا تتعامل مع المتطفلين الذين لا علاقة لهم بالفن، لأنها لا تثق بهم.
أرفض التعامل مع المتطفلين على الإخراج و الإنتاج

وأشارت في ذات السياق، إلى أنها تحب التعامل مع المنتجين المحترفين الذين تعوّدت عليهم وتكون مرتاحة معهم، لأنهم يقدمون أعمالا في المستوى، ويركزون على النوعية وليس الكمية، أما الدخلاء على الفن فهم يبحثون فقط عن ربح الأموال بأي طريقة ،  أما النوعية فلا تهمهم، مؤكدة أنها تفضل أن تقدم عملا واحدا في السنة، ويكون هادفا وله معنى، على أن تمثل في عشرة أفلام مستواها في الحضيض ومضمونها لا يعجب المشاهد.
و أضافت أنه عندما يتمتع كاتب السيناريو و المخرج بمستوى جيد و يحترمان مهنتهما، لأنهما من الميدان، فسيقدمان عملا جيدا وناجحا، لهذا على المخرج ألا يغامر باسمه، و على الممثل أن ينتبه لما يقوم به، ولا يشارك في أي عمل كان، إذا لم يتعود على التعامل مع المخرج، لأن الجمهور سيحاسبه في النهاية وكل اللوم يقع عليه.
جديدي بعد «خاطيني» قد يكون مسرحيا
وأشارت من جهة أخرى، أن جديدها هذا الموسم يمكن أن يكون على خشبة المسرح خلال شهر رمضان المقبل، لكن لحد الآن لم يتبين نوع العمل الذي ستشارك فيه مع المخرج أحمد رزاق الذي يحوز على العديد من النصوص المسرحية، و لم يتمكن بعد من اختيار واحد منها، كما قالت، مؤكدة أن أحمد رزاق الذي تعاملت معه في مسرحية «طرشاقة» وغيرها، يتقن عمله جيدا و يعلم ما يطلبه الجمهور، وماذا ينتظر منه، كما ذكرت أن مسرحية «خاطيني» سيشاهدها عشاق المسرح عبر الوطن لأن طاقمها سيقوم بجولة فنية يمكن أن تصل إلى الصحراء الجزائرية، إذا توفرت الظروف.
و أردفت الفنانة أنها ترفض أن يختزل المخرجون مشوارها الفني في دور واحد ألفه الجمهور وتعود عليه، وهو دور الأم الذي ارتبط بالكثير من أعمالها التلفزيونية ،  وأرجعت السبب إلى نقص تكوين الذين يحصرونها  في هذا الدور الوحيد الذي يسند إليها في كل مرة ، رغم أنها قادرة على تقمص عدة أدوار مختلفة وشخصيات تؤثر بها على الجمهور، مثلما قالت، فهي فنانة تبدع وتحب التنويع، ومن غير المعقول أن تجسد طيلة حياتها دور واحد يفرضه عليها المخرج الذي يركز على  ملامحها الطيبة.
بدايتي الحقيقية في التليفزيون عبر سلسلة «جحا»

وعادت سميرة إلى بداياتها مع الفن ، خاصة المسرح، حيث قالت أنها خريجة المعهد الوطني للفنون الدرامية ، وخطواتها الأولى كانت مع الفرقة المسرحية لولاية باتنة، وهي لا تزال طالبة في السنة الثانية بالمعهد سنة 1988، ثم تنقلت إلى عنابة وتخصصت في مسرح الطفل لمدة سبع سنوات، مع فرقة بوبكر مخوخ رحمه الله ، ثم شاركت في مسرحية «السوسة» التي كتبها أحمد رزاق وأخرجها كمال كربوز رحمه الله، وافتكت هذه المسرحية أكبر جائزة في وهران و عرضت في قرطاج.
وبدأت مشوارها مع التلفزيون سنة 2001 من خلال سلسلة «جحا» ، فرغم أنها شاركت قبلها بأدوار ثانوية في محطة قسنطينة، لكنها برزت أكثر عبر سلسلة «جحا» لأنها أدت دورا رئيسيا لأول مرة.
و ختمت سميرة حديثها بالتأكيد أن التلفزيون له تأثير كبير على ظهور الفنان وشهرته، إلا أن المسرح  يظل أبا الفنون، فيه يتكون الممثل و يذهب بعيدا في مشواره.                 
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى