شمعة محمد جديد المعروف بـ «بوضو»  تنطفئ
توفي أمس الممثل الفكاهي محمد جديد المعروف ببوضو عن عمر يناهز 52 سنة، بعد صراع مع المرض دام عدة أشهر، انتقل خلالها المرحوم بين باريس ووهران للعلاج من مرض سرطان المعدة، رحل هواري ثلاثي الأمجاد وترك وراءه زوجة وثلاثة أولاد، أكبرهم لم يتعد 13 سنة من عمره، وعائلة لطالما تألمت من إشاعات وفاته أكثر من ألمها بسبب مرضه.  
كانت الساعة تشير إلى الثانية زوالا يوم أمس عندما سلّم محمد جديد المعروف ببوضو، روحه للرفيق الأعلى بمصلحة أمراض المعدة بمستشفى أول نوفمبر بوهران، بعد حوالي سنة من الصراع مع مرض السرطان، هواري كان منذ سنوات يعاني من قرحة معدية لم يأخذها بجدية و انهمك في النشاط الفني، لكي يدخل البسمة والفرحة على الجزائريين إلى أن تبين له قبل أشهر أنها تحولت لسرطان على مستوى المعدة، ولكن تمتع هواري بقوة كبيرة في مقاومة المرض لدرجة أنه بدا عاديا ونشيطا عند تكريمه الصيف الماضي من طرف محافظة مهرجان وهران للفيلم العربي، وفضل توزيع القبلات على الجمهور الذي كان حاضرا في مسرح علولة على البوح بألمه، لولا أصدقاؤه الذين أعلنوا أثناء التكريم أن هواري مريض ويطلب من الجميع الدعوة له بالشفاء، وهي الكلمة التي رددها حتى لآخر يوم من حياته، و بعد خضوعه للعلاج بفرنسا، رخص له الطبيب المعالج زيارة البقاع المقدسة في فبراير الماضي لتحقيق أمنيته وفعلا أدى المناسك رفقة عبد القادر عداد، ورجع لمواصلة العلاج لغاية الأسبوع الماضي حين أدخل على جناح السرعة لمصلحة أمراض المعدة بمستشفى أول نوفمبر بوهران وظل تحت العناية المركزة لغاية أمس، ليغادر المستشفى في سيارة الإسعاف محملا عل الأكتاف.
ثلاثي الأمجاد يفقد أحد ركائزه

على مدار أكثر من 25 سنة من العمل الفني والنشاط معا، فقد أمس ثلاثي الأمجاد أبرز ركيزة له وهو هواري الذي صنع التمييز منذ إنشاء المجموعة في التسعينات على خطى بلا حدود، هواري، عبد القادر وبختة لم تفارقهم الإبتسامة سواء في أعمالهم الفنية أو في حياتهم اليومية، التواضع رفع شأنهم الفني، رغم العقبات التي كانت تعيق تألقهم إلا أنهم كانوا دائما يجدون مخرجا للقاء جمهورهم والتواصل معه، فبعد السكاتشات في التلفزيون الوطني خلال التسعينات، إلى «السيت كوم» في الأقراص المضغوطة التي كانت وسيلة من وسائل النشاط بعد تقلص فرص الظهور عبر شاشة القناة التلفزيونية الوطنية، كما لم يتوان الثلاثي في تنشيط حفلات للصغار وللكبار صيفا وشتاء في المدن وفي المناطق النائية، وفي بعض الأحيان كانوا يبيتون في العراء من أجل تنشيط حفل في قرى معزولة حسب تصريح ذكره لنا المرحوم هواري ذات يوم. ثم عاد هواري وعبد القادر وبختة لظهور عبر القنوات الخاصة منذ سنة 2015، عبر سكاتشات ثم سلسلة بوضو التي أعادت هواري لمجده الأول على مدار ثلاثة سنوات تعود عليه الجزائريون في كل رمضان يفرح قلوبهم وينشر البسمة في أوساط الصائمين عند آذان المغرب، لكن بوضو سيغيب هذا رمضان بل للأبد وسيتذكره كل الجزائريين بعد شهر بل سيفتقدونه.
عبد القادر عداد.. رفيق درب وسند عند المرض
تعودنا على عبد القادر عداد دائما إلى جانب هواري، بخلق المشاكل ويتعرض للعقاب في السكاتشات والأعمال الفنية الأخرى، لكن علاقة المرحوم هواري بعبد القادر أعمق من هذا، فهو أيضا كاتم أسراره وظله الذي لا يفارقه، حيث منذ البدايات الأولى لألم المرحوم هواري أسر همومه ومعاناته لعبد القادر هكذا قال لنا المرحوم عندما زرناه قبل أشهر في أستديو التسجيل بوهران، هواري لم يخبر زوجته أم أولاده الثلاثة بل لجأ لرفيق دربه عبد القادر الذي بدروه كتم السر وساند هواري في رحلة مرضه حتى  عند انتقال المرحوم للعلاج بفرنسا سافر معه عبد القادر، وكان إلى جانبه في مناسك العمرة ولم يغادر مستشفى أول نوفمبر منذ أسبوع، حيث سبق للنصر خلال الأسبوع المنصرم وأن صادفته في مصلحة الأورام السرطانية عيناه تسيل دمعا وهو يجري هنا وهناك بحثا عن البروفيسور رئيس المصلحة ليأخذه إلى مصلحة أمراض المعدة ليكشف عن هواري الذي كان يتألم كثيرا، وتألم معه عبد القادر الذي لم نستطع حتى توقيفه لنسأله عن حال صديقه من شدة انشغاله بالبحث عن العلاج والمعالج لإنقاذ هواري وتخليصه من المرض.
النصر الجريدة الوحيدة التي زارت هواري عند عودته إلى وهران  

لم تتوان جريدة النصر في الإسراع للإطمئنان على صحة هواري عند عودته في نهاية شهر جانفي الماضي إلى وهران بعد رخصة من طبيبه المعالج بباريس، وجدناه بكل حيوية ونشاط وتحدث معنا بمعنويات مرتفعة جدا وكأنه عندما عاد لوهران ولعائلته وأولاده، عاد للحياة مرة أخرى بعد رحلة علاج في فرنسا رافقتها موجة من إشاعات وفاته، قال لنا هواري حينها «جئت لأطمئن على أولادي وأضع حدا للإشاعات التي أثرت عليهم كثيرا»، وراح هواري يسرد لنا مسيرة مرضه وكيف أنه كان يشعر بالراحة والمعنويات المرتفعة عندما كان يزوره كل أصدقائه الذين تنقلوا لفرنسا لأجله، وخاصة المدير العام لديوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة سامي بن الشيخ الذي سوّى له كل مستحقاته المالية لتساعده على تجاوز الأزمة ولم ينقطع عنه عبر المكالمات الهاتفية مثله مثل العديد من مسؤولي وهران ومحبيه وأصدقائه. كانت جلسة النصر معه لأكثر من ساعة تحدث بألم عن الإشاعات ولم يكن يشعر بألم المرض بل أكد لنا أنه سيشفى بعد أن تم علاجه ببروتوكول علاجي أمريكي أعطى نتيجة إيجابية سمحت للطبيب بأن يرخص له بالتنقل لوهران، لم يفقد الأمل لغاية آخر أنفاسه.
 بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى