دُفعت لمغادرة  “بي إن سبورتس” و تصنيفي
 معلقا من الدرجة الثانية يحيرني

كشف المعلق الرياضي، عبد القادر الشنيوني،   بأنه لم يطلب إحالته للتقاعد من مجمع «بي إن سبورتس»، بل إدارة القنوات القطرية من دفعته للمغادرة، مضيفا خلال الحوار الذي خص به النصر من كندا، بأن زميله الجزائري حفيظ دراجي ليس لديه دخل في حرمانه من التعليق على مباريات الخضر، كما تحدث شنيوني عن مشواره المهني الحافل الذي دام 40 سنة كاملة،  و عدة أمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار.

هل صحيح أنك وضعت حدا لمشوارك المهني الحافل في مجال الإعلام والتعليق الرياضي؟
أنا الآن متوقف عن العمل ، بعد مغادرة قنوات «بي إن سبورتس» ، ولكن هذا لا يعني بأنني وضعت حدا لمشواري المهني ، الذي دام لأكثر من 40 سنة كاملة، باعتبار أنني لا أزال قادرا على العطاء، وسأواصل في حقل الإعلام، ولكن بطريقة أخرى ، حيث أفكر في مشاريع كثيرة، ولن أترك هذه المهنة فجأة ، صدقوني أنا لا أزال مستمرا في العالم الذي أكن له محبة خاصة، واعتبره جزءا من حياتي.

طلقت السياسة وهذا سبب تخصصي في الرياضة

إذن لماذا قررت التوقف عن العمل مع قنوات بي إن سبورتس القطرية ؟
صراحة ، لم أقرر التوقف عن العمل مع قنوات “بي إن سبورتس” ، وإنما أعتقد بأن الوقت قد حان لوضع حد لهذه التجربة الرائعة، التي دامت لعدة سنوات، خاصة بعد تجاوزي الستين، ولكي تكونوا في الصورة أكثر ، لقد كنت أرغب في المواصلة ، غير أن إدارة القنوات القطرية أرغمتني على المغادرة ، حتى تمنح الفرصة حسبها لطاقات شبانية جديدة.
يمكن القول بأنك دُفعت  دفعا لإنهاء  مشوارك  المهني، هل شعرت بالظلم ؟
إدارة قنوات “بي إن سبورتس” اتخذت قرار توقيفي ، ولم أكن أملك أي خيار سوى تقبل ذلك، باعتبار أنني قد تجاوزت ال60 من عمري، وأصبحت أكبر معلق لديهم، لقد أرغموني على الرحيل ، ولكن صراحة لم يظلموني للحظة واحدة، بل على العكس يكنون الاحترام الشديد لشخصي، وكذا لمجهوداتي الجبارة على مدار السنوات ، التي قضيتها معهم في قطر، وهنا أؤكد لكم بأنني لم أتعرض لأي مضايقات أو ضغوطات، وكل ما في الأمر أنهم رأوا بأنه علي فسح المجال لبعض الطاقات الشبانية، التي تود التألق في مجال التعليق الرياضي.

حضرت لمرحلة ما بعد بي إن سبورتس وأملك مشروعا سيخدم بلدي

كيف تقيّم مشوارك في الحقل الإعلامي ؟
أترك الحكم لكل من يعرفني واشتغل معي لإبداء رأيه فيما قدمته للإعلام ، سواء الجزائري أو العربي، وهنا أقول بأن من تتبع مسيرتي الحافلة بإمكانه تقييمي، ولكن بكل تواضع ، أنا فخور جدا بمشواري الطويل ، انطلاقا من الإذاعة الوطنية إلى وكالة الأنباء الجزائرية ، مرورا إلى التلفزيون الجزائري ، ووصولا إلى عملي بعدة جرائد باللغة الفرنسية، من بينها “لوبينيو” و”لوسوار دالجيري”، قبل الانتقال إلى آم.بي. سي وبعدها آيانان، ثم العمل مع يونايتد براس أنترناسيونال بانجلترا، وكذا “كيبك سوكر” الجريدة الوحيدة التي تتكلم عن كرة القدم في كندا، إلى جانب تجربتي بقناة أبو ظبي ثم الجزيرة الرياضية، التي تحولت فيما بعد إلى بي إن سبورتس، كما سافرت كثيرا، وغطيت العديد من البطولات الضخمة، على غرار الأولمبياد والمونديال وبطولات أمم أوروبا وكذا كوبا أمريكا، وبالتالي راض بمسيرتي المهنية ، ولا أزال أبحث عن مواصلة التألق والإبداع في الحقل الإعلامي.

دراجي لم يحرمني
من مواجهات الخضر


بصراحة، هل أنت راض عن تجربتك بقطر ؟
راض، ولماذا لا أكون كذلك، وأنا الذي عملت بالجزيرة الرياضية السباقة لنقل كبرى التظاهرات الرياضية، لأنتقل بعدها إلى بي إن سبورتس، التي تعد أكبر القنوات في العالم، أين عملت طيلة الفترة الماضية بتفان و إخلاص ، وسنحت لي فرصة التعليق على بطولات كبيرة جدا ، وكذا حضوري مواجهات لا تنسى ، مع تقديمي لعديد البرامج وعملي كمذيع، وبالتالي أقول أنني راض، رغم بعض الأشياء الطفيفة التي تحدث لي ولكل عامل.
لنتحدث الآن عن أسباب مغادرتك للجزائر بداية التسعينات ؟
غادرت التلفزيون الجزائري بداية 1994، قبل العودة لفترة وجيزة فقط، ثم رحلت عن الجزائر بشكل نهائي عام 1995، متجها إلى قناة آم.بي.سي بانجلترا، وهنا أقول بأنني كنت أرغب في البروز بشكل أكبر، ولم لا النجاح في هذا المجال الذي لطالما استهواني، ولا ننسى أيضا بأن العشرية السوداء أثرت علي وجعلتني أتخذ قرار المغادرة، إضافة إلى بعض المشاكل الحاصلة على مستوى التلفزيون الجزائري، لقد احترم الجميع قراري، ولم أتعرض لأي ضغوط، خاصة وأن هناك من تنبأ لي بالنجاح، في ظل الطاقة التي كنت أتمتع بها، إلى جانب الرغبة الكبيرة التي كانت تحدوني لترك بصمتي في مجال الإعلام.  
لماذا لم تكن تعلق على المباريات الكبيرة خلال تجربتك بقنوات بي إن سبورتبس ؟
على مستوى قنوات بي إن سبورتس تمنح المباريات حسب التصنيف المسطر من قبل الإدارة، وأنا كنت مختصا في التعليق على الكرتين الفرنسية والألمانية، ومن حين لآخر أعلق على بعض مواجهات “البريمرليغ”، لقد كنت أحظى بكامل الثقة في بدايتي، حيث علقت على “ديربيات” ولقاءات كبرى، على غرار الكلاسيكو بين البرصا والريال، ولكن بعد ذلك تغيرت الأمور، خاصة بعد قدوم أسماء جديدة فضلتها الإدارة على شنيوني صاحب الخبرة والتجربة، رغم أن ذلك لم يجعلني أشك للحظة واحدة في إمكاناتي ، صحيح أن أي معلق يود أن تمنح له المباريات الكبيرة ، ولكن ما عساي أفعل، حيث كنت أصنف ضمن معلقي الدرجة الثانية، وهذا أمر كان يحيرني.

بن يوسف وعدية سيظل أفضل معلق بالجزائر

بماذا كنت تشعر عند حرمانك من التعليق على مباريات الخضر ؟
من لا يريد التعليق على مباريات منتخب بلده؟، ولكنني قلت وأعيد، أن الإدارة كانت لديها إستراتيجية عمل خاصة، وكانت تفضل حفيظ دراجي، وكنت أشعر بالخيبة والحزن، غير أنني لم أعارض قرارات المسؤولين، وكنت أتقبل ذلك بصدر رحب.
ألم يكن يزعجك اختيار حفيظ دراجي بشكل مستمر للتعليق على مباريات الخضر؟
هذا السؤال يزعجني كثيرا، كوني لست ضد حفيظ دراجي، الذي هو زميل عمل، وأكن له كل  الاحترام، وإذا علق على مباريات الخضر بشكل مستمر، فهذا لا يعني بأنه من حرمني من لقاءات بلدي ، بل الأمر يعود إلى خيار الإدارة الذي كنت أتقبله، ، كما أود القول بأن حفيظ دراجي مثال للإعلامي الناجح ، والكل يعترف بمؤهلاته ، ولقد ساعدته كثيرا في بداية مشواره، والآن بات يصنف في خانة الكبار.
ماذا كنت تفضل أن تشتغل معلقا أم مقدم برامج رياضية ؟
اشتغلت كمعلق ومقدم برامج ومذيع ومحرر ، وهذا هو الصحفي الحقيقي ، وأنا أفضل العمل معلقا ومذيعا في نفس الوقت ، كوني أعرف كرة القدم جيدا، وسبق لي ممارستها، باعتبار أنني من مواليد حي بلكور، الذي قدم عدة أسماء كروية معروفة، مع دراستي العليا، بعد مروري بألمانيا الشرقية بالمدرسة العليا للصحافة، وهنا أعترف بأن هذه الأمور تعلمتها مع صحفيين كبار كانت لي تجربة الاحتكاك بهم في بداياتي، قبل خوض تجربة ناجحة خارج الجزائر.
تحوّلت من السياسة إلى الرياضة، أليس كذلك ؟
عملت في بدايتي مشواري على مستوى الإذاعة الوطنية بالقسم السياسي، ثم فضلت بعدها الرياضة لأن أمورها واضحة، عكس السياسة القائمة على النفاق والكذب، كما أن حبي للكرة جعلني ابتعد عن عالم السياسة، الذي أعشقه كمتتبع وليس كصحفي، وأنتم أدرى مني بمقصودي، أنا ترعرعت بحي بلكور، الذي كان خزانا للرياضيين في كافة التخصصات، وهو ما أثر على مستقبلي فيما بعد، حيث كنت مجبرا على اختيار التعليق الذي لم أندم عليه.

الجمهور العربي
 يحبذ الصراخ !

أنت مع التعليق الهادئ أم الحماسي ؟
أنا مع المعلق الذي يستفيد منه المشاهد ومتتبع المباراة،  ولكي أوضح أكثر ، فكل مدرسة تختلف عن الأخرى ، وأنا خلال بدايتي كنت هادئا ، ولكن الأمور تغيرت مع مرور الوقت، وأصبحت حماسيا ، لكي أتماشى مع متطلبات العصر، خاصة إذا ما علمنا بأن الجمهور العربي يفضل من يصرخ عند كل هدف أو لقطة جميلة، أنا لست مع هذا الخيار أو ذاك، وحاولت الحفاظ على طريقتي في التعليق قدر المستطاع.
هل ستعود إلى الجزائر أم أنك تمتلك مشاريع خارج الوطن ؟
أكيد أنني سأعود عاجلا أم آجلا إلى بلدي، ولكن في الوقت الحالي لدي مشاريع أخرى، ولقد غادرت للتو صوب بلد آخر، وستكون الأيام المقبلة كفيلة بتحديد مستقبلي، الذي قد يكون بالجزائر، خاصة وأن لدي بعض الأفكار الجميلة في حقل الإعلام.
ماهي المباراة التي علقت عليها ولن تنساها ؟
المباريات التي علقت عليها ولن أنساها كثيرة، ولكن تعليقي على نهائي “كان” 1990 بالجزائر سيظل المحطة الأجمل في مشواري، كيف لا ومنتخبنا نجح آنذاك في الظفر بأول وآخر لقب قاري.
من هو أحسن معلق جزائري من وجهة نظرك ؟
بن يوسف وعدية مدرستنا وسيظل أفضل معلق جزائري تابعت معه اللقاءات، خاصة في مسابقة رابطة الأبطال الأوروبية، أين كانت الجزائر السباقة في نقل هذه المنافسة العريقة.
أحسن ذكرى في مشوارك المهني ؟
هناك ذكريات عديدة جميلة ستظل راسخة في مخيلتي، وفي مقدمتها التعليق على نهائي “الكان” الذي فاز به المنتخب الوطني عام 1990، دون نسيان تعليقي على مباريات كأس العالم بإيطاليا والمكسيك وكذا الألعاب الأولمبية، إلى جانب تواجدي بالبيرو في 2004 بمناسبة بطولة كوبا أمريكا.
رأيك فيما تعيشه الكرة الجزائرية الآن ؟
كرة القدم الجزائرية تعيش مرحلة صعبة، والدليل النتائج الكارثية لمنتخبنا الوطني، وأنديتنا المحلية، فعندما نتحدث عن المنظومة، فهي في حد ذاتها تعاني، وهناك مشاكل بالجملة، على غرار الرشوة والعنف وقلة الكفاءات ، وكلها أمور لا تخدمنا، وأنا شخصيا لم ولن أنتقد زطشي، خاصة وأنه يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالتالي علينا أن لا نتحدث بحقد، ويكفي الاقتداء بقامات من صورة كروم وحميد طاهري، الذين لم يتحدثوا عن الفاف بسوء، على عكس الجيل الحالي من الصحفيين.
هل بلماضي قادر على إعادة الاعتبار للخضر؟
ثقتي كبيرة في تخطي بلماضي لكل العقبات، خاصة وأنه معروف بحبه الكبير لعمله، علينا أن لا نفعل معه كما فعلنا مع ماجر الذي أرغمناه على المغادرة من الباب الضيق، أنا مع بلماضي الذي هو صديق مقرب في قطر، وأعرف عقليته جيدا، فهو إنسان منضبط ولديه صرامة، ومتأكد بأنه سينجح.
كلمة أخيرة؟
غادرت قطر من الباب الواسع، ولن أنسى الحفلات الثلاث التي أقيمت على شرفي، سواء عن طريق اتحاد الصحفيين الجزائريين المقيمين بقطر، أو من معلقي بي إن سبورتس، وكذا مسؤولي الإذاعة الناطقة بالفرنسية، الذين اشتغلت معهم قرابة أربع سنوات، وهي تكريمات لن أنساها، وأحيي كل الزملاء، الذين قدموا لي الكثير، وأتمنى لهم كل التوفيق.

حاوره: مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى