مواقع التواصل كرست الوعي الاستهلاكي
يفصل رئيس المنظمة الجزائرية لحماية و إرشاد المستهلك، مصطفى زبدي في هذا الحوار الذي خص به النصر، في مجموعة من النقاط الخاصة بنشاط هيئته، وعلاقتها بتنظيم واقع الاستهلاك في بلادنا، خصوصا بعد الانتقادات التي طالتها عقب تأييدها لحملة « خليها تصدي»،  كما يتطرق الى موضوع منع استيراد الملابس المستعملة و علاقة الزبون المحلي بالمصنعين الأجانب، ومعادلة الجودة و التكلفة، و معضلة قطاع الخدمات.
المنظمة تأسست سنة 2014 و اعتمدت رسميا سنة 2015، وهي جمعية مهمتها حماية مصالح المستهلكين المادية و المعنوية ، وقد تصدرت صفحتها على فايسبوك تصنيف صفحات منظمات المجتمع المدني الجزائري بمعدل600 ألف متابع ، حسب تصنيف موقع «فان زون» لشهر أوت الماضي ، اذ تتواصل الجمعية بشكل مباشر و دائم مع المستهلكين عبر الهاتف و صفحتها الفايسبوكية.
ـ النصر: يطرح مشكل ضعف الثقافة الاستهلاكية بشكل كبير في بلادنا، هل تؤيدون فكرة أن المستهلك الجزائري يفتقر للوعي ؟
ـ مصطفى زبدي: في السنتين الأخيرتين، عرفنا تطورا ملحوظا في ما يخص الثقافة الاستهلاكية عند الجزائري، فقد أصبح أكثر نضجا، وبات يطلع على مكونات المنتجات و يراقب تواريخ صلاحيتها، كما أدرك مفهوم الاستهلاك الواسع، و لم يعد يحصره في الأكل و الشرب فقط، وأصبح يمارس حقه في رفع شكاوى في حال تعرضه للتضليل و التحايل التجاري، بدليل أننا نحصي يوميا 100 إلى 150 طلب استفسار و شكوى و طلب توجيه من قبل المستهلكين.

واقع السوق يفرض عودة استيراد الشيفون و السيارات المستعملة

ـ فرط استهلاك بعض المواد كالسكر و الملح و حتى البطاطا و القمح هل يعكس نقصا في الوعي؟
ـ لابد من الاعتراف بأننا نملك نمطا غذائيا غير سوي مطلقا، فالجزائري يستهلك على سبيل المثال  100لتر من المشروبات في السنة، وهو رقم قياسي مقارنة بمعدل الاستهلاك العالمي، كما أننا نعاني إفراطا في استهلاك العجائن وحتى خبزنا غير صحي، وقد قدمنا مقترحا لوزارة التجارة مؤخرا،  يخص تعويض استعمال الفرينة البيضاء بالفرينة الكاملة في صناعة الخبز، حفاظا على صحة المستهلك.
ـ هل تعتقدون أن لمواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا فايسبوك دورا في تحقيق هذه الصحوة؟
ـ هي حقيقة لا يمكن إنكارها، فنحن كجمعية لمسنا نضجا في الوعي عند المتابعين لصفحتنا على فايسبوك، فالحملات التوعوية و المقاطعة التي ننظمها أحيانا،  كثيرا ما تؤتي نتائجها، لأن المواطن أصبح مدركا لحقوقه كمستهلك.
 من جهة ثانية أشير إلى أن عملنا على مواقع التواصل، انعكس بالإيجاب أيضا على بعض المنتجات التجارية المحلية التي ساهمنا في تحسين نوعيتها من خلال، إظهار عيوبها للمصنع والإشارة إلى بعض الممارسات التجارية غير المقبولة.

الجزائري يستهلك 100 لتر من المشروبات

ـ على أي أساس تتدخلون لتنظيم العلاقة بين المنتج والمستهلك و هل القضاء يعتبر أحد سبلكم؟
ـ أعضاء المنظمة منتشرون في كل مكان، وفي جميع المؤسسات و الميادين ، والمعطيات التي تصلنا منهم، تكون أدق أحيانا مما يصل بعض الأجهزة الرقابية، و نحن نبني عملنا على أساس هذه المعطيات و الأرقام، وما تدخلنا خلال قضية تعفن أضاحي العيد في سنتي 2016 و 2017 إلا خير دليل، فنحن دائما نلجأ إلى مخابر التحليل و الخبراء لانجاز تقاريرنا قبل إبداء الرأي علنا.
أما بخصوص تنظيم العلاقة بين الطرفين المنتج والمستهلك، فعادة ما نلجأ للأسلوب الودي لحل 80 بالمئة من الشكاوى التي تصلنا، كما قد نلجأ عموما للإدارة عن طريق أجهزة الرقابة وهو إجراء تحدده نوعية الخدمة أو المنتج محل الجدل، بينما يعتبر القضاء آخر السبل لدينا.

ـ كيف تقيمون نظرة المنتجين الأجانب للمستهلك المحلي، هل هي بالفعل دونية؟  و هل ما يباع في أسواقنا أقل جودة من المنتجات الأصلية المسوقة في الخارج؟
ـ لا أنكر أننا في السنوات الماضية كنا نشعر فعلا بنوع من الاستخفاف في تعامل المصنعين الأجانب مع المستهلك الجزائري، في ما يخص احترام الوسم و التغليف و التركيبة والجودة عموما، خاصة بالنسبة للمنتجات واسعة الاستهلاك، التي يتم استيرادها على مدار السنة، و قد تدخلنا لإجراء دراسات مقارنة للجودة، بغية إجبار المتعاملين الاقتصاديين على تدارك النقائص و تقديم منتوج في المستوى للمستهلك المحلي بجودة لا تقل عما يسوق في الخارج.

مستوردون مسؤولون عن عدم جودة
 المنتجات

أما أصل الخطأ فيقع على عاتق المستوردين، لأنهم عادة ما يطالبون المنتجين، بتقليل الجودة لتخفيض التكلفة، حتى و إن لم يستوف المنتج المستورد معايير السلامة الصحية و الغذائية، و قد تدخلنا مؤخرا بناء على نتائج تحليل مخبري، لطلب نزع وسم المطابقة على منتج معين، لعدم استيفائه شروط السلامة، و يتعلق الأمر بمصابيع» لاد» المستوردة من قبل مؤسسات وطنية.
ـ ماذا عن معايير انتقاء الأغذية التي تورد إلى الجزائر و لماذا لا نمنع دخول المنتجات غير المطابقة من البداية؟
ـ ببساطة طالما أننا لا نتحكم بشكل شامل و مطلق في مراقبة كل منتوج أجنبي يدخل الجزائر، فإن أمننا في خطر، سواء تعلق الأمر بمنتجات غذائية أو صيدلانية أو صناعية.
و قد سبق لنا و أن تدخلنا كجمعية في حالات مماثلة، بناء على شكاوى تتعلق بمواد غذائية أو أدوية مصنعة محليا لشركات أجنبية، و قطع غيار أيضا.
ـ كنتم من الداعمين لحملة
 «خليها تصدي» واتهمتم بسبب ذلك بضرب الاقتصاد الوطني و خدمة  أجندات المصانع الأجنبية، كيف تردون على الاتهام و ما تقييمكم للحملة ككل ؟
ـ كجمعية لم نتلق أي مراسلة تتهمنا بالإضرار بالاقتصاد الوطني من أي جهة أو أي متعامل، وللتوضيح نحن كنا من مؤيدي الحملة، لأنها ذات أهداف، من بينها حماية المستهلك ، لأن الأسعار المتداولة جد مرتفعة و مبالغ فيها، كما أننا، للتذكير، كنا من بين من دافعوا عن مشروع مصنع سيارات « رونو» ، رغم الانتقادات التي مستنا، لكننا تجاوزناها لقناعتنا بأهمية التركيب كمرحلة أولى لتحقيق الإدماج لاحقا.
وحاليا نحن بصدد إجراء خبرة وطنية حول تكلفة السيارات المركبة و مقارنتها بما تم التصريح به من قبل المصانع، حيث أرسلنا اعذارات لهذه المؤسسات لمطالبتها بمراجعة الأسعار و تخفيضها على الأقل بنسبة 25 بالمئة، وإلا سنتابعها قضائيا بتهمة التصريح الكاذب، استنادا إلى الخبرة الوطنية بعد إتمامها طبعا.

الصولد في الجزائر حيلة تجارية

ـ  وهل تعتقدون أن مصانع التركيب قادرة على تغطية الطلب المتزايد محليا على السيارات؟
ـ لا ولن تكون قادرة على تغطية الطلب المتزايد، وعليه نطالب بإلغاء قرار تعليق استيراد السيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات، لموازنة السوق، كما نطالب أيضا بالسماح بعودة استيراد الملابس المستعملة ، لأن القدرة الشرائية للمواطن تفرض ذلك، وما هو موجود في السوق المحلية لا يعد كافيا من حيث النوع و الجودة، فضلا عن أن أسعار الملابس جد مرتفعة ولا تخدم الطبقات المتوسطة و الفقيرة، وهو ما يفرض حتمية عودة استيراد الشيفون، مع ضبط إجراءات صحية صارمة كشرط لإدخاله، خصوصا وأن سبب المنع كان تشجيع قطاع النسيج في الجزائر، وهو هدف لم يتحقق إلى غاية الآن.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن استيراد المنتجات المستعملة ليست عيبا، كونه سلوكا استهلاكيا منتشرا عالميا.
ـ كيف تقيمون نتائج لقائكم كجمعية مع وزير السكن مؤخرا ، و لماذا الدفاع عن مكتتبي عدل والترقوي العمومي تحديدا؟
 ـ ببساطة لأنها صيغ اقتصادية  تجارية، أما عن لقائنا بالوزير، فقد كان جد مثمر فقد اتفقنا على مجموعة من النقاط، أولها الالتزام بتحضير صيغ الاكتتاب الأولية لجميع المكتتبين، و قد أنشانا أيضا خلية تنسيق لمتابعة الوضع ميدانيا وبشكل دوري.
ـ   وكالات السياحة كانت محل جدل مؤخرا بسبب قضايا تحايل، ما هي ترتيباتكم لحماية المستهلك في هذا المجال؟
ـ بالفعل وكالات السياحة و الأسفار معضلة حقيقية، خصوصا ما يتعلق بالوكالات المتحايلة ، و نحن نتلقى عددا كبيرا من الشكاوى بخصوصها من قبل المواطنين، وقد تقدمنا مؤخرا بطلب لوزير السياحة، من أجل عقد لقاء تشاوري مشترك بشأنها، لكننا لم نتلق ردا إلى غاية الآن.
ـ بالحديث عن قطاع الخدمات، ألا تعتبرون أنه حان الوقت للتركيز على مجال الإطعام في بلادنا؟
ـ مشكلة المطاعم في بلادنا هي مشكلة نقص في الوعي، ونحن نحاول جاهدين الاهتمام بهذا الجانب من خلال تحسيس العاملين في المطاعم و ملاكها وحتى المستهلك، حيث نعمل بالتنسيق مع أجهزة الرقابة الرسمية، ونستقبل يوميا شكاوى من المواطنين أو تنبيهات من ملاحظين و نعد تقارير ميدانية نرفعها إلى  المصالح المعنية، لكن يمكن القول أن  مجال الإطعام لا يزال بعيدا عن المستوى خدماتيا و صحيا، بسبب ضعف الثقافة الغذائية .
و ماذا عما يعرف بالصولد ، موسم التخفيضات، و ما يحدث خلاله من تجاوزات؟
ـ بخصوص موسم التخفيضات، الوضع لا يختلف كثيرا، لأن « الصولد»، لم يطبق بعد كمفهوم اقتصادي في الجزائر بشكله الصحيح، هناك بالفعل ممارسات غير مقبولة تحدث في هذه الفترة، وهناك تجار يعتبرونه مجرد حيلة ترويجية، و الدليل أن من يطلبون رخصة لإعلانه قليلون جدا.
حاورته: هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى