الأدوار أصبحــت تـشتــرى بـالـمال أو الجمـــال

تحدثت الممثلة التلفزيونية و المسرحية و السينمائية موني بوعلام في حوار خصت به النصر، عن الشهرة الواسعة التي حققتها في السنوات الأخيرة، و مكنتها من ولوج باب الدراما العربية، قائلة بأنها لم تنجح من العدم، و إنما عقب جهد كبير بذلته، موضحة بأنها صادفت عراقيل كبيرة، إلا أن التحدي و المثابرة و الطموح، أسلحتها لبلوغ مبتغاها و كسب رهان النجاح، كما تطرقت في حوارها لمعايير الكاستينغ الجديدة، و لمشاركتها الأولى  في مسلسل «نبض» السوري الذي سيعرض شهر رمضان المقبل.
حاورتها / أسماء بوقرن
. النصر: بدأت مسيرتك الفنية  من «المسرح» ثم انتقلت إلى التلفزيون و السينما ، كيف كان الانتقال؟
ـ موني بوعلام : في سنة 2010 شاركت في عرض مسرحي بعنوان «ليلة الليالي» و قمت من خلاله بجولة فنية ، كانت إحدى محطاتها العاصمة، فشاهد المخرج المسرحي عمار محسن و الفنان القدير حكيم دكار العرض، واتصلا  بي في ما بعد ،و اقترحا علي أداء دور  «لونجة» و هو دور رئيسي في مسلسل «جحا» سنة 2010 ، و بذلك فتح لي عرض «ليلة الليالي» باب التلفزيون، و مكنني من الظفر بجائزة أحسن دور نسائي في مهرجان المسرح المحترف في 2011 . كما شاركت لاحقا في فيلم سينمائي بعنوان «حراقة بلوز» للمخرج موسى حداد . مع العلم أن مشواري الفني بدأته في المسرح، و أنا في 12 من عمري، و لم يمنعني ذلك من متابعة تعليمي و الحصول على شهادة ليسانس في العلوم السياسية و العلاقات الدولية، و أخرى في فنون الدراما بمعهد برج الكيفان بالعاصمة.   
ندمت على أدوار أديتها
. هل كنت تبحثين عن النجومية بولوجك مجال التمثيل التلفزيوني ، لأنك لم تبلغيها  في المسرح؟
ـ لا.. لم ألج بوابة التلفزيون لأبحث عن النجومية، لأنني أرى  أن كل مجالات التمثيل مكملة لبعضها البعض، و أنا بطبعي طموحة و أحب العمل في مختلف مجالات التمثيل. لم أكن أبحث عن الشهرة، فهي ليست هدفا بقدر ما هي نتيجة يصل إليها من يشتغل كثيرا على نفسه و يطور إمكانياته و يواجه الصعاب و العراقيل، ليكون في المستوى و يقدم  كل ما بجعبته أمام الشاشة.
. ظهرت بأدوار صغيرة، ثم أسندت لك في ظرف وجيز أدوار مهمة و رئيسية، كيف كان ذلك؟
ـ بداياتي كلها كانت أدوار بطولة، و هذا ليس غرورا بل حقيقة ، ما أقوله أنني لست ممثلة ظهرت صدفة في المجال،  لقد دخلت إليه في سن صغيرة و لم أفوت فرص الدورات التكوينية، حتى في دول أجنبية. إن ظهوري في أدوار مهمة على التلفزيون ناتج عما قدمته منذ بداياتي، و تمكني من أدواتي الفنية. لقد حالفني الحظ من جهة ، كما أنني من الأشخاص الذين تعبوا كثيرا لتطوير الذات. واجهت العراقيل و المشاكل لأكون في المستوى عندما أؤدي أي دور تلفزيوني يمنح لي ، لأن هناك فروق شاسعة بين التمثيل المسرحي  و التلفزيوني.
.من الملاحظ أنك تجنحين أكثـر للكوميديا، و هناك من يقول أن ملامحك تدل على تمكنك من أدوار الفكاهة أكثـر من الدراما، هل هذا صحيح؟  
و هل وجه لك مخرجون ملاحظات بهذا الخصوص ؟
ـ لا، لم يسبق لأي مخرج و أن قدم لي مثل هذه الملاحظة ، لم يلمسوا في شخصي حس الكوميديا، بالعكس هم عادة يقترحون علي أداء الأدوار الدرامية ، غير أن أصدقائي المقربين يرون بأنني ممثلة كوميدية، لكوني إنسانة مرحة تميل للفكاهة. إن الممثل الناجح هو من يقرع أبواب كل مجالات التمثيل. و قد جسدت أدوارا في المجال الكوميدي ، حيث شاركت مع المخرج عمار محسن في سلسلة « أولاد الحومة» في 2013، و كذا سلسلة « حياتي مع الدار» في 2014، بالإضافة إلى سلسلة «الزهور المزهورة»  الذي بثتها  قنوات التلفزيون الجزائري العمومي. و قد نجحت ، حسب آراء الجمهور و أهل الاختصاص، في أداء شخصية زهور التي أعتبرها من أحب الأدوار إلى قلبي.
الممثل الناجح يقرع أبواب كل مجالات التمثيل
. لكنك تعرضت لانتقادات في ما يخص دور زهور..
ـ أنا أحترم آراء الجمهور، لكن ما أقوله أن السلسلة كان لها صدى كبيرا جدا ، كما لمسته من خلال تفاعلات الجمهور و آراء الأسرة الفنية، لقد قدمت الدور بعفوية ، كما أنني أحببته و استمتعت به، و أعتبر الأدوار الكوميدية علاجا نفسيا، و عندما يعيش الفنان الشخصية يستمتع كثيرا بالأداء.  إن زهور في المسلسل إنسانة بسيطة و طموحة ، يتوفى زوجها و يترك لها أموالا و شركات ، لتجد نفسها أمام معضلة تسييرها ، و بفضل حنكتها و ذكائها تنجح ، ثم تترشح للانتخابات ..
. أديت أدوارا ثقيلة في التلفزيون و حتى في السينما، ثم شاركت في الكوميديا، هل ترين بأن هذا التنوع يؤثر عليك؟
ـ أعتبره تنوعا إيجابيا في صالح الفنان ، و الانتقال من مجال لآخر يخدم بعضه البعض، خاصة إذا كان الممثل متمكنا و طبيعيا و عفويا في أدائه. شاركت فعلا في مسلسلات درامية، ثم أفلام سينمائية مثل «البئر» و «الدخلاء» و « وسط الدار» و «الظل و القنديل» و «حنانشة « و « وقائع قريتي» ، الذي شارك في عديد المهرجانات الدولية و فاز بعديد الجوائز. أحب السينما لأنها تنقلني إلى العالمية و تعتبر بطاقة تعريف للممثل.  أديت بعد ذلك أدوارا في سلسلات فكاهية..
المهم أن يكون هذا التنوع مدروس ، و ليس عشوائيا، فأنا أصبحت أختار المخرجين الذين أعمل معهم و أقرأ السيناريو قبل الموافقة، لأنني حقيقة أديت بعض الأدوار و ندمت كثيرا على موافقتي عليها.
. أذكري لنا عناوين أعمال ندمت لأنك شاركت فيها..
الممثلون المدعومون لن تدوم شهرتهم طويلا
ـ لا أريد ذكر هذه الأعمال، و لا المساس بأي شخص، عموما هي لا تزيد عن عملين أو ثلاثة.
. شاركت في مسلسل " ابن باديس "، حدثينا عن مشاركتك ..
ـ أنا فخورة جدا بالمشاركة في هذا العمل، لكونه تناول شخصية تاريخية كبيرة ، و الأجمل أنه يبقى في ذاكرة الأجيال القادمة،  و ما يجعلني أسعد أكثر، أنني كنت جزءا من هذه الذاكرة. لقد قدمت «فاطمة»، أحد أدوار البطولة النسائية.

. هناك تراجع في الإنتاج بقسنطينة، رغم أنها كانت معروفة بأعمالها الكوميدية و الدرامية باللهجة المحلية، هل ترين بأن الفنان القسنطيني مظلوم؟
ـ للأسف لا يوجد في قسنطينة مخرجون و منتجون قادرين على تقديم أعمال، كتلك التي قدمها عمار محسن و محمد حازورلي و علي عيساوي و عزيز شولاح و هي أعمال خالدة. لا يوجد مخرجون يستلمون المشعل، كما أن المنتجين الجدد غير مؤهلين لتقديم عمل باسم مدينة قسنطينة.
أما بخصوص الفنان القسنطيني، أقول أن مدينة الجسور المعلقة «ولادة» في مجال التمثيل، فهي تتمتع بطاقات شبانية هائلة في الكوميديا ، تنشط محليا، لكن حاليا الإنتاج متركز في العاصمة..  
لم أظهر صدفة في مجال التمثيل
. مؤخرا، حققت بعض الممثلات شهرة و نجومية في ظرف قصير، ويرى   الكثيرون أن ذلك يعود لمن يقف خلفهن، هل موني بوعلام من هذا النوع؟
ـ في المجال الفني يوجد فنانون و ممثلون كثر مدعومين خفية، فمثلا نجد ممثلة غير معروفة إطلاقا، تصبح  فجأة مشهورة و تؤدي أدوارا كبيرة. و في الغالب يتوفر في هؤلاء معيار الجمال، لكن شهرتهم لن تدوم طويلا، فهم يزولون بزوال من يدعمهم خفية. بالنسبة إلي لدي إمكانيات و لست دخيلة و بداياتي واضحة في هذا المجال، شهرتي نلتها بعد جهد كبير قمت به ، و أديت عديد الأدوار المهمة بداية من المسرح،  إلى السينما و التلفزيون، شاركت في مهرجانات و استفدت كثيرا من لقائي بمخرجين و ممثلين عرب و أجانب، فقد كونت رصيدا و قاعدة متينة في مجالي.  
. ما رأيك في موجة عارضي وعارضات الأزياء التي اكتسحت الدراما الجزائرية؟
ـ لست ضد الوجوه الجديدة، لأن صناعة الدراما تتطلب التجديد، لكن يجب أن تكون مؤهلة، كما نرى في عدد من الدول المشهورة في الإنتاج الدرامي ، لكنها تعتمد على هذه الفئة بحوالي 10 بالمئة، كما تخضعها للتكوين و التدريب على الأدوار، لكن يحدث عندنا العكس، حيث يتم اعتماد على 90 بالمئة من الوجوه الجديدة، و هذا ما يؤثر على العمل .  توجد حقيقة يجب أن أقولها و هي أن هناك بعض عارضي الأزياء نجحوا في التمثيل و اكتسبوا قاعدة جماهيرية عريضة،  عليهم فقط الاعتماد على التكوين المستمر و صقل مواهبهم .
. أغلب أهل الفن يقولون بأن الكاستينغ شكلي، و مبني على علاقات شخصية، هل هذا صحيح؟
ـ نعم ،  توجد هذه الظاهرة ، التي أسميها « كلانيزم»، الذي أثر كثيرا على المجال.  و قد تجاوز الأمر ذلك، و  أصبح البعض يقومون حتى بشراء الدور ، فيما يشترط منتجون آخرون على الممثل جلب ممول للمشاركة في العمل.
و برز مؤخرا منتجون خواص ، يسعون لتقديم أعمال نوعية و استثمار أموالهم في الصناعة الدرامية، هؤلاء يسعون لتقديم عمل ذي جودة عالية ، و يختارون الممثلين الذين يضمنون لهم ذلك. أنا أشجع الإنتاج الخاص ، و ليس إنتاج القنوات الخاصة،  لأن من بينها قنوات تروج للرداءة. لحسن الحظ أن التلفزيون الجزائري لا توجد به هذه الظواهر، فالانتقاء مبني على ما يقدمه المشترك.
منتجون يطالبون الممثلين بممولين
. نجمات مواقع التواصل أو ما يعرف بـ"يوتبرز"
و "بلوغر"حجبن الأضواء عن نجمات التمثيل، هل تفكرين في الاقتداء بهم لتوسيع شهرتك؟
ـ لا، لست مجبرة على ذلك، فأنا لا أريد تقاسم حياتي الخاصة مع الآخرين، أريد أن أقدم أشياء هادفة ، و أكون مؤثرة بالمحتوى الذي أقدمه، و ليس بأشياء كتلك التي نراها . من المفروض أن يلتزم كل مدون أو يوتبرز بمجال تخصصه .  
. حدثينا عن مشاركتك في مسلسل « نبض» السوري ..
ـ حظيت بدور من أدوار البطولة في مسلسل «نبض» السوري،  و هو عمل ضخم يشارك فيه نجوم الدراما السورية، إلى جانب ممثلين من العراق و فلسطين و تونس.  أتقمص فيه شخصية الفتاة الجزائرية «منار» التي تدرس في سوريا تخصص أدب عربي، و تصبح في ما بعد موظفة ، و تعيش قصة حب . موضوع المسلسل هو صراع المال و الخيانة و العلاقات الاجتماعية ، و سيعرض شهر رمضان المقبل على عدد من الفضائيات العربية. مشاركتي فيه تعتبر فارقة في مسيرتي،  فالعمل جعلني أتعرف أكثر على الشعب السوري الرائع و الطيب.
. علق البعض على إطلالتك الأخيرة بعد انتقالك لسوريا و وصفوها بالجريئة..
ـ لا ، أنا لم أغير طريقة لباسي ، الصور التي نشرتها لم تلتقط أثناء تصوير العمل ، و إنما التقطت في جلسة تصوير أهديت لي ، فأنا ابنة بيئتي و ما أرتديه ليس جريئا. و على رواد مواقع التواصل أن يفهموا مبدأ احترام حريات الغير، و تهذيب لغة تعاملهم مع الآخر.
أ / ب

الرجوع إلى الأعلى