الأزمــة الحــاليــة يـمكــن تجـــاوزهــــا في أســـابيـــــــع
اعتبر المنسق الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور ميلاط عبد الحفيظ، أن خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني، تجيب على أهم التساؤلات الراهنة، وتقترح أهم الحلول القانونية والدستورية، للبقاء في الحل الدستوري للمرحلة،  مثمنا مقاربة رئيس الدولة التي طرحها مؤخرا للخروج من الأزمة، كما نوه  بالدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية منذ بداية الحراك،  فيما عبر من جهة  أخرى ،  في هذا الحوار مع النصر، عن دعمه لموقف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص التوجه نحو تعزيز استعمال اللغة الانجليزية في  مجال البحث العلمي، وأكد الاستعداد للمساهمة في هذا التحول التاريخي.
حاوره : مراد حمو
-أعلن الكناس عن مبادرة للخروج من الأزمة السياسية ، ما رأيكم في الدور الذي تلعبه الجامعة الجزائرية اليوم في المجتمع  وفي الحراك الشعبي  ومدى مساهمتها في الحوار؟
 أولا: نحن رفضنا تسميتها مبادرة في وقت كثرت فيه المبادرات، فكرنا طويلا في التسمية التي نطلقها على مساهمتنا، وفي الأخير اهتدينا لتسمية خارطة الطريق، لماذا اخترنا بالضبط هذه التسمية، لأننا أردنا أن تكون مبادرتنا متميزة عن باقي المبادرات المطروحة من مختلف القوى السياسية وأطياف المجتمع المدني، التي ركزت في مجملها على توصيف المشكلة دون أن تتطرق لتوصيف الحلول.
خارطة طريق الجامعة، جاءت بمبادئ نراها أساسية لأي تصور للمرحلة الراهنة، وجاءت وهذا الأهم بتوصيف لآليات قانونية ودستورية دقيقة للمرحلة المؤقتة التي نعيشها، وكيفية الانتقال السريع وفي كنف الدستور وقوانين الجمهورية للانتخابات الرئاسية.
اللغة الفرنسية أصبحت لغة ميتة وغير قادرة على مواكبة التطورات العلمية
الآليات التي جاءت بها خارطة الطريق، تجيب على أهم التساؤلات، من يدعو للحوار؟ كيف تتشكل اللجنة الوطنية للحوار، وكيفية عملها؟ ما هي مدخلات الحوار، والأهم من ذلك ما هي مخرجاته؟ التي لابد أن تنصب حول هدف واحد، يتمثل في كيفية الذهاب لانتخابات رئاسية نزيهة في أسرع وقت.
خارطة الطريق، وضعت كذلك أهم الحلول القانونية التي يتعين الأخذ بها لتكييف السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات الرئاسية مع القانون العضوي لتنظيم الانتخابات ومع الفصل الثاني من الدستور.
إذن نلاحظ أن خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني التي اقترحنا  تجيب على أهم التساؤلات الراهنة، وتقترح أهم الحلول القانونية والدستورية، للبقاء في الحل الدستوري للمرحلة، وهذه الآليات إن توفرت الإرادة السياسية والشعبية ( وهما متوفرتان الآن والحمد لله)، يمكن تجسيدها في أسابيع قليلة، مما يمكننا من الذهاب لانتخابات رئاسية قبل نهاية شهر أكتوبر القادم، وما نتمناه أن يكون إعلان انتخاب الرئيس الجديد يوم الفاتح من نوفمبر لرمزية هذا التاريخ.
الجامعة ليست حقلا لممارسة السياسة، نتفق جميعا على ذلك، لكن نتفق جميعا كذلك أن الجامعة لا يمكن أن تكون بعيدة عن الفعل السياسي، لأن الجامعة هي حاضنة النخب الوطنية في كل المجالات، وهي منتجة الفكر السياسي، لذلك لا يمكن أن تكون اليوم بعيدة عن التفاعل مع هذه المرحلة الهامة في تاريخ الجزائر.
نحن استجبنا لنداء الوطن ونداء الواجب، واستجبنا لنداء مؤسسات الدولة الدستورية، التي طلبت من النخب الجامعية التدخل والمشاركة في الحل. من هذا المنطلق جاءت خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني، ونتمنى أن تسهم هذه الخارطة في رسم طريق الحل للخروج من هذه المرحلة المؤقتة.
مبادرة رئيس الدولة تتوافق مع رؤيتنا للحل
- تعددت المبادرات في الساحة للخروج من الانسداد ما هو تصوركم من أجل الوصول إلى توافق وطني واسع ؟
تعدد المبادرات الوطنية هي ظاهرة ايجابية، وتدل على عودة الروح السياسية للجميع سواء كانت أحزاب أو مجتمع مدني، بعد ظاهرة التصحير السياسي التي كرسها النظام السابق، والتي أدت إلى غلق الساحة السياسية، ومنع ظهور نخب وقيادات سياسية جديدة، وجعلنا لمدة عشرين سنة نجتر في نفس الوجوه السياسية القديمة ونفس الأفكار السياسية القديمة التي فقدت روح المبادرة وفقدت ثقة الشارع.
اليوم نحن في حاجة إلى وجوه سياسية شابة جديدة، وفي حاجة إلى أفكار جديدة تتأقلم مع التطورات الكبيرة على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي.
كما أن تطور الفكر السياسي الدولي في مختلف دول العالم، جعل القوة السياسية تنتقل من الأحزاب السياسية إلى قوى المجتمع المدني.
ونحن كأحد روافد هذا المجتمع المدني، وكممثلين لأكبر وأعرق نقابة مستقلة على مستوى الوطن، نقابة تمثل أهم شريحة في المجتمع وهي النخبة، لا يمكننا أن نبقى على الحياد، لأن الحياد في مرحلة هامة كهذه المرحلة من تاريخ الجزائر، يعتبر تهرب من المسؤولية، ونحن لا تتهرب من المسؤولية، ومستعدين بكل الزخم النخبوي الذي نمثله للمشاركة والمساهمة مع كل القوى الوطنية الحية للعبور بوطننا الحبيب لبر الأمان وشاطئ الاستقرار.
عملية التصحير التي انتهجها النظام السابق أغلقت الساحة السياسية
-   اقترحتم البقاء في إطار الحل الدستوري،  لماذا في رأيكم وهل ترون في الخروج من الخيار  الدستوري مخاطر لانزلاق الوضع؟
نعم أهم مبادئ خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني، هو البقاء في الحل الدستوري والقانوني، وأعطينا كما أسلفت أهم الآليات القانونية التي تضمن ذلك.
الحل السياسي خارج الدستور والقانون مرفوض بالنسبة لنا، لأن مدخلاته مجهولة ومخرجاته غير مأمونة، وسيدخلنا في دوامة من التصورات السياسية المختلفة لن نخرج منها لسنوات طويلة.
الحل الدستوري واضح وبسيط، مدخلاته معروفة مسبقا ومخرجاته واضحة ومعروفة وهي تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة. أي إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية يجب تركها للرئيس القادم الذي سينتخب بحول الله الخريف القادم.
-  ما رأيكم في  الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية منذ بداية الحراك ؟
المؤسسة العسكرية لعبت دورا كبيرا وغير مسبوق مند بداية الحراك، وإذا كان للحراك الشعبي نجح اليوم في تحقيق هذه النتائج الباهرة فهذا بفضل الله أولا ثم بفضل المؤسسة العسكرية التي وقفت مند البداية إلى جانب مطالب الشعب ومطالب الحراك الشعبي الشرعية.
الحل السياسي خارج الدستور والقانون مرفوض بالنسبة لنا
أشد المتفائلين يوم 22 فيفري لم يكن يتصور أو يحلم بهذه النتائج التي تحققت بفضل التفاف الشعب حول المؤسسة العسكرية ودعم هذه الأخيرة للشعب.
لولا دعم المؤسسة العسكرية، هل كان يمكن التغلب على رؤوس الدولة العميقة والقوى غير الدستورية، طبعا الإجابة لا.
والجميل في موقف المؤسسة العسكرية أنها اكتفت بحماية الحراك وتحرير القضاء، ورفضت كل الدعوات المشبوهة لتوريطها كطرف مباشر في الأزمة، أي أن المؤسسة العسكرية احترمت صلاحياتها الدستورية ورفضت تجاوزها، وهو موقف شجاع وقوي وذكي سيذكره التاريخ.
-  ما موقفكم   من المقاربة التي أطلقها رئيس الدولة  عبد القادر بن صالح  للخروج من الأزمة؟
خطاب رئيس الدولة ومقاربته السياسية التي طرحها مؤخرا، تنسجم انسجاما كبيرا مع موقفنا ومبادئنا التي دافعنا عليها، وتنسجم مع تصورات كل الوطنيين المخلصين.
ونحن ندعم وبقوة دعوته للحوار ولتبني الحل الدستوري والقانوني، ومن هذا المنبر نؤكد استعدادنا التام وغير المشروط للمساهمة كقوة تمثل النخبة في دعم هذا التوجه.
الجامعة لا يمكن أن تكون بعيدة عن الفعل السياسي
علينا أن نضع جميعا اليد في اليد وأن نعمل على قلب رجل واحد لإحباط كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تريد توريط الجزائر في مراحل انتقالية وفراغ دستوري.
التحدي كبير، وإرادتنا أكبر بحول الله، وسننجح لأننا مخلصين لهذا الوطن الذي لا وطن لنا غيره.
-  وزارة التعليم العالي تتوجه لتعزيز استعمال اللغة الانجليزية في  مجال البحث العلمي ماذا تقولون في هذا الإطار؟
نحن منذ سنوات كان هذا المطلب أهم مطالبنا، يومها كان تجسيده مستحيلا نظرا لسيطرة اللوبي الفرنكفيلي على النظام السابق.
 ذهاب هذا النظام ووجود أهم رؤوسه خلف القضبان، وبروز أفاق جزائر جديدة متحررة من اللوبي الفرنكوفيلي سيسهم أكيد في تحقيق هذا الحلم.
لذلك نحن ندعم وبقوة موقف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بل ونحن مستعدين للمساهمة في هذا التحول التاريخي.
بعيدا عن أي تصور إيديولوجي، وإعمالا للمنطق العلمي والعقلي، اللغة الفرنسية أصبحت لغة ميتة وغير قادرة على مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية، ومن الجهة الثانية اللغة الإنجليزية هي لغة العلم والتواصل العلمي والتكنولوجيا في كل دول العالم بما فيها فرنسا نفسها.
المؤسسة العسكرية لعبت دورا كبيرا وغير مسبوق منذ بداية الحراك
لذلك أرد على تصريح السفير الفرنسي الذي أدلى به يوم 14 جويلية، أولا: هو تدخل سافر ومرفوض في الشؤون الداخلية للجزائر، والجزائر ليست ضيعة فرنسية لكي يتدخل في سياستها التعليمية، ثانيا: إن كان يريد الدفاع عن لغته الفرنسية، فعليه أن يفعل ذلك في بلده فرنسا وفي جامعاته الفرنسية التي تخلت هي نفسها عن اللغة الفرنسية لصالح الإنجليزية. وليس المطلوب منا أن نكون فرنسيين أكثر من الفرنسيين أنفسهم.
- البعض يصنف الجامعة الجزائرية في المراتب الأخيرة ، لماذا تراجعت الجامعة الجزائرية في ر أيكم، رغم أنها ساهمت في تخريج العديد من الكفاءات والباحثين؟
الجامعة الجزائرية هي جزء من  المجتمع الجزائري، والتقهقر مس كل القطاعات بدون استثناء ومن بينها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي.
اليوم الجامعة الجزائرية تعاني والبحث العلمي يحتضر، هي حقائق لا يمكن إنكارها.
لكن لدينا ثقة كبيرة في الجزائر الجديدة للنهوض بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، لأن مشاكل هذا القطاع هي مشاكل سوء تسيير بالدرجة الأولى، ويمكننا تجاوزها خاصة وإننا نتوفر على أهم قاعدتين  وهما الكوادر البشرية والنخب الجامعية الكبيرة التي تزخر بهما الجامعة الجزائرية، و الإمكانيات الكبيرة المتمثلة في أكثر من مائة مؤسسة جامعية وأكثر من 1500 مخبر بحث، مجهزة بتجهيزات جيدة، إمكانيات من النادر وجودها في دول الجوار.
نحن في حاجة إلى وجوه سياسية شابة جديدة، وفي حاجة إلى أفكار جديدة
إعادة النظر في السياسة التعليمية الجامعية، لاسيما نظام LMD، وتحسين الظروف المعيشية للأستاذ الجامعي الجزائري الذي يعتبر أفقر أستاذ جامعي في العالم، وتعزيز البحث العلمي باللغة الإنجليزية، ورفع ميزانية البحث العلمي حتى تصل المتوسط العالمي المقدر ب2٪، كلها عوامل ستسهم في تعزيز مكانة الجامعة الجزائرية وجعلها تتبوء المكانة اللائقة بها ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي بل حتى على المستوى الدولي.
- كلمة أخيرة
نشكر جريدة النصر الرائدة، على إتاحتها لنا الفرصة لتقديم رؤيتنا ورؤية خارطة طريق الجامعة للحوار الوطني، ونؤكد أننا كممثلين للنخبة الوطنية سنضل نناضل من أجل جزائر جديدة تسع الجميع ويساهم الجميع في بناءها، وتحية لكل الوطنيين المخلصين الذين يشاركوننا نفس الأفكار والمبادئ.
م. ح

الرجوع إلى الأعلى