اقتحمت عالم الضحك بالصدفة و الغربة مصدر إلهامي

• الجزائريون شعب فريد و أحلم بالمغرب العربي الكبير

يعتبر الشاب المغربي المغترب بفرنسا أمين راضي، أحد أشهر الوجوه الكوميدية الساخرة التي تألقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا تويتر و فايسبوك، إلى جانب منصات العرض و خشبات المسرح، المنتشرة عبر ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فافتك مكانة خاصة في قلوب الشباب، خصوصا المغتربين، نظرا لطريقته المميزة في طرح مواضيع تتعلق بهم و بطريقة العيش في «الغربة» بأوروبا، بعيدا عن الأهل، و كذا الفرق بين الرجل المغاربي والأوروبي، و مستوى الفكاهة لدى الجزائريين و التونسيين والمغاربة.
التقينا بالكوميدي الساخر أمين راضي، عقب تقديمه لعرض بالجزائر العاصمة،  و آخر بقسنطينة، فأجرينا معه هذا الحوار بشكل حصري للنصر.
. النصر: أولا مرحبا أمين بك في الجزائر بلدك الثاني..
ـ أمين راضي: مرحبا، نعم حقيقة أحس أني في بلدي، لا شيء مختلف، الدين و العادات و اللغة، وحتى الطباع، مع أنّ الجزائريين شعب من نوع خاص.
. حدثنا عن تحول 180 درجة الذي حدث في حياتك، عندما انتقلت من تخصصك في المحاسبة والاستشارات الماليّة، إلى التمثيل الكوميدي الساخر عبر صفحات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا..
ـ هو ليس بالضرورة تحولا جذريا في التخصص، كما قلت، لا أزال مستشارا ماليا بإحدى البنوك الفرنسية، لكنَّه أمرٌ جاء بالصدفة، قمت بنشر فيدوهات تهكمية عبر تويتر و فايسبوك، فتمكنت من استقطاب العشرات، ثم المئات و الآلاف، و اليوم ترون حجم انتشار عروضي.
الغربة وجهتني إلى الفن الساخر
. سافرت و أنت في ريعان الشباب من المغرب، تحديدا من مدينة الدار البيضاء، إلى فرنسا، ألم تساهم الغربة في توجهك نحو نشر المواضيع التهكمية، و الفضفضة بطريقتك الخاصة؟
ـ ما قلته صحيح، تسجيلي لفيديوهات بسيطة ساخرة من واقعنا و طريقة عيشنا، نَبع أساسا من الإحساس بالفراغ في الغربة. بعد الدراسة لم أجد ما أفعله، و بما أن تكنولوجيا الإنترنت متاحة، قمت باستغلالها، و خففت عن نفسي بعد ساعات الدراسة، بالإفضاء و الفضفضة بالطريقة التي تعرفونها.. أود أن أضيف شيئا..
. أكيد تفضل..
ـ كل الظواهر المحددة التي تناولتها في عروضي،  تعرضت لها بالنقد الساخر و لكن وفق معالجة مدروسة و هادفة، فأنا أحاول دائما تمرير رسالة إيجابية، رغم صعوبة الأمر أحيانا، إلى الجمهور الذواق الذي أخذ في الاتساع و الانتشار وهو ما يشجعني على تقديم المزيد، يوجد بين الجماهير مثقفون وواعون ذوو مستوى عال، ويجب أن أكون في مستوى التطلعات.
. تستعمل الفرنسية كثيرا، إلى جانب العربية، هل تؤثر اللغة على ردود فعل متابعيك؟
ـ لغة الضحك واحدة لدى كل الشعوب، رغم تغيُّر الأذواق من شعب لآخر، ومن السهل جدا تمرير رسالتك إلى الجمهور، بالرغم من التأثير الواضح للغة، ومن يفهمها يعي رسالتي من خلال العرض، وعموما، العرب و كذا المتحدثين باللغة الفرنسية عبر العالم تصلهم رسالتي بشكل واضح.
الضحك لغة عالمية
. قلت تغيُّر الأذواق، ماذا تعني بالضبط؟
ـ هناك فرق شاسع بين إضحاك الجمهور العربي في المغرب و المشرق مثلا، وكذا عند تقديم عرض أمام الأوروبيين، و الفرنسيين مثلا، الأذواق تختلف ويجب مراعاة ذلك، دون إغفال نقطة مهمة أيضا، وهي الثقافة. الضحك والكوميديا الساخرة هي نفسها في كل العالم، لكنّ لبَّ الموضوع يرتبط بالشعب الذي نتوجه له برسالتنا، حتى يصل جوهر حديثي و سخريتي إلى المشاهدين و المتتبعين.
. كيف وجدت الجمهور الجزائري عموما، والقسنطيني خاصة؟
ـ  (أووف) يضحك، الجمهور الجزائري ذواق جدا ويجب التحضير بشكل دقيق قبل الصعود إلى الخشبة و فسح المجال لنفسي لمخاطبته، و إضحاكه. كنت مسرورا جدا بالتواجد في بلدي الثاني. بالفعل الجمهور هنا في قسنطينة كان نشطا جدا و قويا، ومتتبعا لكل صغيرة وكبيرة. الضحك لغة عالمية ويبدو أننا في المكان الصحيح لهذا الفن، لا يوجد اختلاف كبير بين المغاربة و الجزائريين، و جيران المغرب العربي الكبير عموما، لذلك كان سهلا وصعبا في نفس الوقت تقديم العرض أمامهم.


الجزائريون يحبون الاحتفال و الضحك
. قلت إنّ الجزائريين شعب خاص، وضِّح؟
ـ الجزائريون شعب خاص، مثل المغاربة، لكن ببصمة خاصة، فهم عاطفيون وودودون، وتشعر معهم بالاختلاف، إنهم شعب يحب الاحتفال و الضحك، ولديهم روح الدعابة والنكتة، ولا داعي للتفصيل في ما حدث بفرنسا لدى لعب المنتخب الوطني الجزائري في نهائيات أمم إفريقيا. لقد بدَّل الشعب هناك الأجندة اليومية لبلد بأكمله (يضحك).. إنكم فريدون من نوعكم، وبالمناسبة أبارك للجزائر الفوز بكأس أمم أفريقيا.
.تستهدف الجزائريين كثيرا بفيديوهاتك، سواء بتقديم أمثلة ضاحكة عن أفعالهم، أو الحديث حتى بلهجتهم، هل تفعل ذلك لجذب المزيد من المشاهدين، أو لأن متتبعيك كثـر من هذا البلد ؟
ـ أولا الجزائريون أشقاء لي، كمواطن من المغرب، و ساندت هذا الشعب في العديد من فيديوهاتي ، و يهمُّني جدا رؤية المغرب العربي الكبير متحدا مرة أخرى، و يدا واحدة، نحن عائلة كبيرة تمتد من ليبيا إلى تونس والجزائر والمغرب، وكل شمال إفريقيا، وأمنيتي رؤية هذا الاتحاد مجددا على أرض الواقع، و في المعاملات.
. هل أنت من دعاة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب؟
ـ هذا أمرٌ أكيد، ولا داعي للحديث عنه في كل مرة، أنا مغربي وأتمنى رجوع المياه إلى مجاريها ، كما كانت من قبل، بين الأشقاء وتسهيل الحركة بين الشعبين الشقيقين، وتبادل المنافع وزيارة الأهالي لبعضهم البعض، نتقاسم نفس اللغة والدين والعادات، وأريد رؤية تتويج الثقافات المغاربية لدى كل البلدان، دون استثناء، في اتحادنا الكبير.
مستعد لولوج السينما العالمية بدور يناسبني
. رجوعا لمسارك، أيمكن رؤية أمين راضي في إحدى الأدوار السينمائية مستقبلا؟
ـ لما لا التمثيل في السينما العالمية مستقبلا.. هذا أمرٌ أرحب به لو أتيح لي ذلك، خصوصا في السينما الفرنسية، لسهولة اللغة. الكوميديا الساخرة سمحت لي باكتشاف نفسي و مواهبي، وهو حال أغلب الشباب لو أتيحت لهم الفرصة، ووجدوا البيئة المناسبة، ولن أضيع فرصة مماثلة بتاتا، لكن بشرط، إذا كان الدور يليق بي وبطريقتي، لحدِّ الساعة ليس لديّ عروض بهذا الشأن، و لو جاءت، فمرحبا.
. سأطرح عليك الآن مجموعة من الأسئلة و أرجو الرد بسرعة، ممكن؟
ـ أكيد بالطبع تفضل..
المنتخب الجزائري لكرة القدم شرفنا جميعا
. كرة القدم؟
ـ أحب كرة القدم، على فكرة كنت لاعبا في الدار البيضاء عندما كنت صغيرا.
. المنتخب الجزائري؟
ـ حقيقة منتخب رائع، للأسف منتخبنا المغربي مرَّ جانبا و نتمنى رؤية المزيد من أسود الأطلس في المستقبل، و تشريف كرة القدم، ككل، و مبروك على الجزائر الفوز بكأس أمام إفريقيا، هنيئا لكم و شرف لنا جميعا هذا الإنجاز.
. هل أنت متفائل بالمدرب الجديد حاليلوزيتش، خصوصا وأنَّ لديكم فرديات لامعة؟
ـ نعم، متفائل، لكن النتائج تأتي بالعمل فقط من جانب المدرب وحتى اللاعبين.
. كيف تعلمت اللهجة الجزائرية لولايات عديدة؟
ـ اللهجة تعلمتها من أصدقائي الذين التقيت بهم في الغربة، و قراءة التعليقات على فيديوهاتي الساخرة، وأحبُّ دوما استعمال كلمات تتعلق بالبلد الذي أزوره، بعد القيام بتحقيقات و تقصيات دقيقة، حتى تكون الرسالة واضحة وهادفة و بلمسة خاصة.


سأعود إلى الجزائر كسائح
. هل رافقتك موهبتك الفنية منذ الصّغر؟
ـ بتاتا، لم أكن أملك روح الفكاهة والسخرية في صغري، و تغير الحال اليوم وصرت معروفا بسبب فيديوهاتي الساخرة، وربما السبب ،كما قلت سابقا ، الغربة و الأنترنت.
. من هو قُدوتك في الضّحك الساخر؟
ـ بصراحة ليس لديَّ فنان معين تأثرت به، و أعتبره  قدوتي، إذا قلنا ذلك فقد أكون أنا بعد عشرة أعوام، مثلا، لكن يوجد الكثير من الفنانين الساخرين النجوم كعبدالقادر السيكتور، وآخرين كثر في الجزائر «تبارك الله عليهم».
. متى نراك في الجزائر مجدّدا؟
ـ لا أعرف تحديدا، ولكن أتمنَّى العودة قريبا، الجزائر بلدي الثاني و لن أزوره بموعد مسبق، أعجبتني العاصمة وقسنطينة وسأزورهما للسياحة، أيضا.
. كلمة أخيرة للعالم..
ـ رسالتي إلى العالم هي ضرورة نشر الحب والسلام و التآخي، خصوصا بين الشعوب المغاربية، و الجزائر والمغرب على رأسها، نستطيع بناء الكثير معا، ودائما و أبدا «دا دورمير فا»..
 ف/ خ

الرجوع إلى الأعلى