يحلم الممثل المسرحي حسان بولخروف بالصعود مرة  أخرى  فوق  خشبة المسرح، بعدما أقعده المرض و حتم عليه التنقل على كرسي متحرك منذ أكثر من أربعة أشهر، بعد خضوعه لعملية بتر ساقه بعد تعفنها بسبب مرض السكري، و يرتبط حلم العودة إلى أحضان المسرح الذي قضى فيه 30 عاما من العطاء، كما أكد للنصر، بحصوله على ساق اصطناعية ، فرغم التهميش الذي تعرض له  خلال مرضه، إلا أن عشقه لأبي الفنون لا يزال يسكن روحه المفعمة بالشباب و الحيوية رغم تقدمه في السن.
حاورته هيبة عزيون 
لم أتلق دعما من أية جهة رسمية خلال مرضي
. النصر: حدثنا عن فترة مرضك و كيف تلقيت خبر بتر ساقك..
ـ حسان بولخروف : أصبت مؤخرا بجرح صغير بأحد أصابع قدمي، فتوجهت إلى الطبيب المختص ليصف لي علاجا مناسبا، فأنا مصاب بداء السكري من النوع الأول منذ 25 سنة،  لكن بعد انقضاء مدة العلاج، تفاجأت بتعفن إصبعي، فتوجهت بإلحاح من شقيقي إلى المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، فقرر الطبيب بعد فحصي أن أمكث بالمستشفى للعلاج ، غير أن وضعي تدهور و بلغ إصبعي  مرحلة متقدمة من التعفن.  عندئذ قرر الطاقم الطبي إخضاعي لعملية بتر قبل انتشار المرض. أبلغوني بالقرار، فوافقت دون تردد، لأنني واع أنه قضاء و قدر لا يمكن الهروب منه. بعد العملية قضيت شهرين متتالين بإحدى غرف المستشفى، و غادرتها نحو منزلي، على كرسي متحرك، لا يزال يلازمني إلى غاية اليوم.
. هل تلقيت دعما ماديا خلال فترة المرض و العلاج؟
ـ للأسف لم أتلق أية مساعدة ، خاصة المادية من أية جهة ، و هو ما حز كثيرا في نفسي، فبعد 30 سنة فوق خشبة المسرح، يكون هذا مصيري.
الغريب في الأمر أن مديرية الثقافة و الجميع يعلمون بوضعيتي الاجتماعية، فأنا متقاعد أتلقى منحة زهيدة، لا تكاد تغطي مصاريف أسرتي المتكونة من خمسة أفراد إلى جانب الزوجة.  لقد تكفل بتكاليف علاجي شقيقي و ابني، رغم أن هذا الأخير حرفته بسيطة تتمثل في طلاء المنازل، إلى جانب بعض الأصدقاء المقربين. لم أتلق أي دعم أو زيارة من السلطات، باستثناء زيارة رمزية لمدير الثقافة.
. حاليا كيف يقضي حسان بولخروف أيامه؟
ـ أقضي كل وقتي بالمنزل مع أفراد عائلتي، فأنا لم أتماثل بعد للشفاء، و أتذكر كثيرا المسرح و أصدقائي، و أتوق إلى اللحظة التي أزور فيها الخشبة .
. تم تكريمك مؤخرا رفقة عدد من الفنانين كيف كان انطباعك؟
ـ في الواقع تكريمي نهاية أوت المنصرم، لم يكن من قبل السلطات المحلية، و لا مديرية الثقافة كما هو متوقع، فالتكريم كان التفاتة طيبة لجمعية الماسيل و رئيسها الذي اتصل بي أكثر من مرة ، لإقناعي بالحضور من أجل تكريمي ، و أنا ممتن له لأنه بذل جهدا كبيرا ، فقد قدم إلى منزلي شخصيا، و قام بنقلي على متن سيارته الخاصة . كما أشكره على التكريم و الهدية  التي قدمها لي و هي عبارة عن مبلغ مالي قدره 50 ألف دج.  استغربت لأن مديرية الثقافة لم توجه لي أية دعوة، و هو ما اعتبره إهانة كبيرة لشخصي و لباقي الفنانين.
مجال الفن متعفن بالجزائر
. ماذا يمكن أن تقول لنا عن واقع الفن بالجزائر؟
ـ  باختصار شديد المجال متعفن جدا، حسب رأيي فإن وزارة الثقافة بلا فائدة و لا تؤدي أي دور، وهو ما انعكس على واقع الفنان الجزائري ، فنحن نعاني الأمرين و تحديدا الفنان المسرحي. هناك تمييز واضح في التعامل مع الفنانين الأجانب الذين يزورن بلادنا،  و الفنانين الجزائريين.  الأجانب يجنون الملايير و يعاملون كالملوك ، أما فنانونا فيكادون لا يحصلون على مقابل مادي و يعاملون بطريقة سيئة.  في تنقلاتنا خلال الجولات الفنية ، نبيت بفنادق دون المستوى و نفس الشيء بالنسبة لبقية الخدمات. و في رأيي هذا التعفن انعكس سلبا اليوم على المواهب الشابة التي هجرت مجال الفن نهائيا، باستثناء بعض من حالفهم الحظ في التلفزيون ، السينما أو الغناء .

. مؤخرا خرج عدد من الفنانين الجزائريين عن صمتهم للتعبير عن معاناتهم و مشاكلهم الاجتماعية، ما رأيك؟
ـ لطالما عانى الفنانون الجزائريون من التهميش، و أغلبهم يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة و مهينة، خاصة من الجيل القديم الذي كان يعمل في صمت بدافع حب الفن، لكن مؤخرا خرج الكثيرون عن صمتهم، ليسلطوا الضوء عما يعيشونه من صعوبات و مشاكل لا تحصى، و أظن أن الأمر إيجابي و صحي ، خاصة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي و الحراك الذي كسر حاجز الصمت لدى الكثيرين، في رأيي يجب إعادة النظر في كل القوانين التي تنظم قطاع الثقافة ببلادنا.
. خلال مسيرتك الفنية الطويلة لم نرك في أدوار بارزة بالتلفزيون أو السينما، لماذا؟
ـ لقد قضيت 30 سنة فوق خشبة المسرح، وشاركت في أكثر من 20 مسرحية ، إلا أن ظهوري بالتلفزيون أو السينما كان محتشما جدا، و يمكن القول أنه منعدم، و هذا لأنني لم أتلق أية عروض هامة طيلة هذه المدة، بسبب المحسوبية «المعريفة» المنتشرة بقوة ، إضافة إلى أمور أخرى أستحي الحديث عنها ، فالموهبة بالجزائر لا تكفي لتحصل على دور بإحدى المسلسلات أو الأفلام ، إذا لم تكن تملك عناصر أخرى..
. هل ستواصل مسيرتك الفنية؟
ـ بالجزائر مرض الفنان يعني موته و بقاءه بالمنزل،  و هو أمر مؤسف ، أظن أن العروض التي سأتلقاها مستقبلا، ستقل إن لم أقل ستتوقف نهائيا، لكن حبي لخشبة المسرح، سيكون دافعي من أجل العودة إلى بيئتي الفنية.
بعد أن يلتئم جرحي، سأتقدم بطلب للحصول على ساق اصطناعية، و سأبذل جهدي من أجل الظهور مجددا من خلال مسرحية «براكاج خراييب» التي كنا بصدد التحضير لها رفقة كريم بودشيش و موزاوي ، و توقف العمل بعد دخولي إلى المستشفى، إنها  تكملة  لمسرحية «بيراط خراييب» التي قدمناها في السنة الفارطة و عرفت نجاحا كبيرا.  من المنتظر  أن نستأنف التدريبات مباشرة بعد شفائي. أتمنى حاليا أن أمتثل للشفاء في أقرب الآجال من أجل الانضمام إلى رفقائي.
. من خلال حديثك نستنتج أنك تلقيت دعما كبيرا من قبل أصدقائك و زملائك الفنانين..
ـ حقيقة كان أصدقائي في مجال الفن بمثابة السند القوي ، لقد منحوني دعما كبيرا و رافقوني خلال مرضي. كما أن قرارهم بتوقيف مسرحية «بركاج خراييب» إلى غاية شفائي، في حد ذاته، دافع نفسي قوي بالنسبة إلي و حافز كبير للعودة إلى الخشبة إذا سمحت لي ظروفي الصحية .
. كلمة أخيرة
ـ أتمنى أن أحظى بتكريم رسمي مناسب، أتلقى خلاله دعما ماديا ، لأتمكن من تخطي هذه المرحلة الحرجة من حياتي، كما أحلم بلقاء جمهوري و العودة إلى أحضان المسرح.                
حاورته هيبة عزيون  

الرجوع إلى الأعلى