حقق انجازات باهرة على المستوى المحلي، تواجد في مراتب متقدمة بمنافسات قارية على غرار ألعاب البحر الأبيض المتوسط، يتدرب على بساط  غير صالح، وبقاعة تفتقد لغرف تغيير الملابس ومراحيضها أتلفت، إلا أن ذلك لم يثنه عن مواصلة تحقيق الألقاب، ولكن هذه المرة كان الانجاز كبيرا من خلال رفع راية الوطن عاليا، بعد نيله المرتبة الأولى في البطولة العالمية التي أقيمت بالشيلي، إنه مصارع رياضة «الكاراتي دو» أنيس حلاسة،  الذي فتح قلبه للنصر، وكشف عن عدة أسرار قبل وأثناء تتويجه واللحظات الرائعة، التي عاشها بعد تحقيقه للقب الغالي.
حاوره: حاتم بن كحول
uبداية، هنيئا لك التتويج ببطولة العالم في فئة الأواسط، ولكن قبل هذا، عادة ما يفضل «البراعم» ممارسة كرة القدم، ما هي الدوافع التي جعلتك تفضل رياضة الكاراتي؟
شكرا لك، قد أفاجئك بالقول أن تحمسي لممارسة الكاراتي كان بمحض الصدفة، حيث أتذكر جيدا أني رغبت رفقة شقيقي الذي يكبرني سنا في الالتحاق بجمعية لرياضة «الكاراتي»، ولكن سني حينها كان 4 سنوات، فيما يشترط أن يكون العمر 6 سنوات، ولكن تم السماح لي بالانضمام، كما أن حماسي لهذه الرياضة، قد أكون ورثته عن والدي، الذي سبق له وهو صغير ممارستها، وطلب مني و من شقيقي ممارستها أيضا.
لن أنسى بداياتي وهذا ما منحني إياه مدربي اسكندر ثابت
وأتذكر أنه قبل أزيد من عقد من الزمن، اصطحبنا والدي عند مدرب من معارفه، يدعى اسكندر ثابت وهنا بدأت علاقتي بهذه الرياضة، وبهذا المدرب الذي أدين له بالكثير.
uإذن كنت تحب «الكاراتي» منذ الصغر بسبب والدك؟
لا، كنت مولعا برياضة ألعاب القوي وسباقات السرعة، كما أنني كنت أعشق كرة القدم، وخضعت لتجارب عدة مع أندية محلية في قسنطينة ونجحت  فيها، ولكن عند مطالبتي من طرف مدربي بتكوين ملف قصد الانضمام للفريق، كنت أخبرهم أنني جئت للعب المقابلة وفقط، لأني فضلت مواصلة الكاراتي، خاصة بعد أن تعلمت بعض التقنيات، وأصبحت أشهد مواجهات الأكابر فتعلقت بها أكثر.
uمن هو قدوتك في هذه الرياضة، سواء محليا أو عالميا ؟
يوجد رياضيان يعتبران قدوتي، أحدهما مدربي السابق وليد بوعبعوب الذي كنت أحضر تحضيراته تحسبا للبطولة العالمية وكنت معجبا بطريقته في التدريبات،  وكذلك المصارع الأذربيجاني آغاييف، ومن الصدف، أنهما تواجها وكانت الغلبة للأذربيجاني.
لم أتوقع ما حدث عند وصولنا إلى مطار هواري بومدين !
uهل تعتمد في طريقتك على تقنية معينة؟
أعتقد أن الحرارة هي طريقتي في المصارعة على غرار وليد بوعبعوب.
uهل توقعت أن تكون يوما بطلا للعالم؟
توقعت  حصد إحدى المراتب الثلاثة الأولى، ولكن في صنف الأكابر، ولم أحلم بتحولي لبطل عالمي في صنف الأواسط.
uكيف تعامل والداك مع مسارك الرياضي؟ وهل أثر على مستقبلك الدراسي؟
والدي يحثني وأخي على تنظيم وقتنا، وأكد لنا أن ممارسة الرياضة  لن تكون يوما عائقا للدراسة، والأخذ بهذه النصيحة جعلني أنجح في تسيير مشواري الرياضي والدراسي معا، كما تعتبر الرياضة وسيلة لإخراج ما بداخلنا من ضغوطات وتوترات، أما بخصوص التأثيرات، فوجب الاعتراف أنه في بعض الأحيان، كنت أجد صعوبة في تدارك الدروس التي أضيعها بسبب المشاركات في مختلف المنافسات الرياضية، حيث سبق وأن واجهت مشكلة أثناء مشاركتي في بطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط السنة الماضية، حيث تغيبت عن بعض الحصص، وهو ما جعلني أكتفي بمعدل لا يكفي من أجل قبولي في شعبة علوم طبيعية، التي كنت أرغب في دراستها، وتم توجيهي إلى شعبة التسيير والاقتصاد، ولكن الأستاذ العربي بوربيع والذي أحييه بالمناسبة، ساعدني على تحقيق رغبتي، والآن أنا أدرس في الشعبة التي طالما رغبت فيها.
uماذا استفدت من مدربك اسكندر ثابت؟
مدربي علمني الانضباط والتواضع، فمهما بلغنا من درجات الشهرة يجب ألا ننسى من نحن ومن أين قدمنا، أما من الجانب الفني فقد علمنا الكثير، لأنه مصارع سابق والكاراتي ليس تبادل الضربات فقط، بل حسابات وجزئيات وتقنيات، تصنع الفارق وتميز مصارعا عن غيره.
رغبتي في سماع «قسما» زادت من تحفيزي في النهائي
uلنعد إلى البطولة العالمية الأخيرة، كيف كان مشوارك، وما هي أصعب مواجهة لك ؟
أول منازلة كانت أمام مصارع كويتي والغريب أني فزت باختيار من الحكام، بعد انتهاء حوارنا بالتعادل السلبي، حيث تم اختياري لعدة اعتبارات أهمها السيطرة على النزال.
بعدها تأهلت على البساط بسبب غياب مصارع من الهند، وبعدها واجهت مصارعا سلوفاكيا وفزت عليه بنقطتين دون رد، وهي نفس النتيجة في التي حسمت بها الدور ربع النهائي أمام مصارع أوروغوياني، أما في نصف النهائي، أتذكر أنها كانت أصعب اختبار لي، لما واجهت مصارعا من الأردن، وكان قويا تكتيكيا وفزت عليه في آخر الثواني، بعد أن سجلت نقطتين وقلبت تأخري إلى تقدم بثلاث نقاط لاثنتين، فيما خطفت الذهب في النهائي من منافس مغربي.
uألم يراودك إحساس بالاكتفاء بالميدالية الفضية، قبل خوض النهائي؟
نعم، لقد تذكرت حادثة تسببت في خسارتي لنهائي منافسة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي أقيمت في تركيا، حيث بعد تأهلي للنهائي اطلعت على التعليقات من طرف المشجعين، في مختلف صفحات التواصل الاجتماعي، وجعلتني حينها أشعر بالفخر وأكتفي بما حققت، ولكن هذه المرة حافظت على تركيزي طيلة الساعتين الفاصلتين بين نصف النهائي والنهائي، كما وضعت في ذهني الفوز وفقط، ورفع راية الوطن، خاصة وأن عزف النشيد يخص بلد المصارع الفائز فقط، وهو ما زادني عزيمة.
u كيف عايشت عائلتك تلك اللحظات؟، ومن هو أول شخص تذكرته مباشرة بعد الفوز؟
كنت على اتصال دائم بعائلتي، ولكن في اليوم الأخير، لم تكن هناك تغطية للأنترنت داخل الصالة، وكانوا يتابعون نتائجي من خلال موقع رياضي، وأول شخص تذكرته بعد الفوز في النهائي، هو والدتي التي كانت تخشى علي من التواجد في الشيلي بسبب الأحداث التي يعرفها هذا البلد، إضافة إلى تخوفها المتكرر من تعرضي إلى إصابات بليغة.
uعلى ذكر حراك الشيلي، كيف تعاملت وزملاؤك في المنتخب مع ما يعرفه هذا البلد من اضطرابات سياسية؟
حقيقة يوجد فرق كبير بين الحراك السلمي الذي تعرفه الجزائر، مع ذلك الذي يحدث في الشيلي، حيث عبر فيه الشعب عن غضبهم لكن بالقيام بأعمال عنف وتخريب، ولو أن المنطقة التي تواجدنا بها كانت آمنة، ولكن للأسف لم يكن يسمح لنا بمغادرة الفندق إلا من أجل التدريب، وهو ما جعلنا نشعر بالملل.
uفي النهائي واجهت مصارعا مغربيا، هل كنت تعرفه؟
أتذكر جيدا أنني قابلته في نفس يوم المباراة نصف النهائية، بعد أن استرحنا لمدة ساعتين خصصتها للتركيز، ولم أكن أعرفه، في بادئ الأمر عانيت من بعض التوتر، لأني مقبل على مباراة نهائية، وكانت المدرجات تعج بالجماهير، وأغتنم الفرصة لأشكر مدربي في المنتخب، اللذين رفعا من معنوياتي كثيرا، كما تحفزت أكثر لما شاهدت بعض الجماهير تشجعني، دون أن أنسى وقفة مصارعي منتخبي الأردن والكويت.
أتدرب في قسنطينة مع الأبطال وبوعبعوب قدوتي
uفيماكنت تفكر قبل ثواني قليلة من بداية النزال؟
كنت أفكر أن منافسي إنسان مثلي وما لديه لدي، ومن يمتلك الحيلة أكبر هو من يفوز، منافسي كان قويا وفزت عليه بنقطتين مقابل نقطة واحدة.
uحظيت باستقبال الأبطال في الجزائر ، هل توقعت ذلك؟
تفاجأت من الاستقبال الذي حظيت به، وتوتري كان يشبه ذلك الذي شعرت به قبل المنازلات، حيث ومنذ نزولي من الطائرة استقبلني رئيس الفيدرالية، ووجدت نفسي بين شخصين في سيارة داكنة اللون وتوترت كثيرا، وعند وصولي للقاعة الشرفية رأيت والدي وعمي وهناك بدأت استرجع أنفاسي، ثم التقيت بوزير الشباب والرياضة وأشكره على استقباله، وهو بمثابة فخر لي وعامل محفز مستقبلا، كما لم أتوقع أن يتم استقبالي من طرف الوزير.
uماذا تنتظر من المسؤولين المحليين، لمواصلة النجاحات مستقبلا؟
الكاراتي دو أصبح رياضة أولمبية، ولكن لا يتم منحها حقها الكافي، لأننا لا نحظى باهتمام كبير على غرار الرياضات الأخرى، كما نعاني من انعدام الإمكانيات، ففي فريقي يمكن وصف الأوضاع بالمزرية، ليس لدينا غرف تغيير الملابس، وليس لدينا حمامات ونضطر للتنقل إلى منازلنا بعد التدريبات دون استحمام، كما أن المراحيض في حالة كارثية ولا يمكن استغلالها، دون إغفال البساط الذي أتلف كليا وأصبح غير صالح لممارسة هذه الرياضة، حيث نتخوف كمصارعين من التعرض إلى إصابات عند السقوط عليه، وكل سنة يتم ترقيعه لإكمال الموسم، كما حدث وأن ضيعنا حصصا تدريبية، بسبب استغلال القاعة من طرف  فرق أخرى، حيث نتدرب بالتناوب معهم، والمدرب في عديد المرات يقوم بالاعتماد على نفسه، في تأمين بعض الحاجيات الضرورية.
uفي حال مواصلة النجاحات، هل ستقوم بمساعدة فريقك وتجنيب المصارعين الصغار، ما عشته من نقص في الإمكانيات؟
يجب ألا ندير ظهرنا لأصولنا، سيكون فخرا لي أن أساعد فريقي وأوفر له الإمكانيات الضرورية.
uما هي الرسالة التي توجهها لزملائك في النادي، وخاصة زميلتك آية صياد، التي تعودت على التتويج معك في مختلف المنافسات؟
أشكر زملائي لأنه من دونهم لا يمكن أن أطور مستواي، كما أوجه رسالتي لآية، وأطالبها بعدم الفشل ويجب عليها التدرب والعودة بقوة.
uأصبحت رمزا من الرموز الرياضية في الولاية، على غرار حسيبة بولمرقة وسعيدي سياف علي وأسامة سحنون ونادية مجمج وغيرهم ..
أنا أفتخر بالانتساب إلى هذه المدينة، التي أنجبت العديد من الأبطال، رغم نقص الإمكانيات.
فضلت الكاراتي دو على كرة القدم رغم أنني كنت لاعبا جيدا
uما هي أهدافك المستقبلية ؟
هدفي المحافظة على مستواي وتحسينه أكثر، وعدم التوقف عند هذا الانجاز، لأني أريد التتويج في صنف الأكابر.
uبعد أن أصبحت بطلا عالميا، يمكن أن تتصل بك فرق أخرى للانضمام إليها وقد توفر لك إمكانيات أكبر من فريقك الحالي، هل ستقبل بتغيير النادي؟
بعض المصارعين يغيرون أنديتهم لأن فرقهم ليست في مستواهم، ولكني أتدرب مع أبطال في مختلف المنافسات وفريقي قوي، لهذا لا أجد دافعا لتغيير النادي.
uهل كنت تتمنى تواجد شقيقك معك في البطولة؟
بطبيعة الحال، فلديه إمكانيات كبيرة هو الآخر، كما أننا نتبارز في البيت ويلعب والدي دور الحكم، وغالبا ما يتغلب علي.
uقلت من قبل إن كرة القدم تستهويك، هل حفزك انجاز الخضر في مصر، خلال البطولات التي شاركت بها؟
نعم بكل تأكيد، فكل جزائري يتمنى أن يرفع راية بلده في أكبر المحافل الدولية الرياضية، وصدقني خلال مشاركتي في البطولة العربية في تونس، أينما حللنا نتلقى المديح من مختلف الجنسيات بعد انجاز الخضر، وهو ما أشعرنا بالفخر.
احتفلت بتتويج الخضر في الشارع وبن ناصر لاعبي المفضل
uكيف احتفلت بتتويج الخضر مؤ خرا بكأس إفريقيا؟
في النهائي، كنت في تربص مع المنتخب الوطني في العاصمة، تحضيرا للبطولة العربية، وخرجت رفقة بقية زملائي للاحتفال.
uما رأيك في المدرب جمال بلماضي؟
بلماضي ساهم بشكل كبير في التتويج، وأظن أن السر يكمن في الانضباط الكبير الذي يتميز به، وثاني أمر هو المعاملة العادلة بين كل اللاعبين والدليل على ذلك هو معاقبته للقائد محرز بعدم التدرب، لأنه حضر متأخرا رغم أنه يعتبر النجم الأول في المنتخب.
uمن هو لاعبك المفضل في المنتخب؟ ولماذا؟
إسماعيل بن ناصر، لأنه يلعب دورا مهما في وسط الميدان ويلعب بحرارة كبيرة.
uما هو ناديك المفضل محليا وأوروبيا ؟
حقيقة والدي مشجع لشباب قسنطينة ووالدتي من عائلة تحب مولودية قسنطينة، وأنا لست مولعا بالفرق المحلية، أما أوروبيا فأحب نادي جوفنتوس، وأفضل لاعب بالنسبة لي هو لوكا مودريتش.

الرجوع إلى الأعلى