* الإقتصاد الجزائري تراجع 40 بالمائة خلال سنة 2019       * تعسف قانون الصرف في الجزائر وراء اختفاء الكثير من المصدرين * عدد شركات التصدير ارتفع إلى 1100   * اقترحنا شراكة مع الأجانب لتحسين منتوج البطاطا
حاورته: هيبة عزيون
أكد رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي نصري،  أن اقتصاد بلادنا يعيش حالة من الركود و التراجع إلى مستويات خطيرة، حيث دعا في حوار للنصر إلى ضرورة التطبيق السريع لكل القرارات و القوانين المنبثقة عن مشروع الإستراتيجية الوطنية للتحول من الاقتصاد الريعي، بالتركيز على الإنتاج و التصدير في أربعة قطاعات كبرى هي الفلاحة و الصناعات الغذائية و الصناعة الصيدلانية و الخدمات.
lكيف ترى واقع الاقتصاد الجزائري اليوم و نحن على مشارف نهاية سنة 2019؟
الاقتصاد الوطني ليس بحال جيدة فلقد تراجع بنسبة 40 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، بسبب التدني الكبير في القدرة الشرائية للفرد الجزائري، كما أن الكثير من الشركات غير قادرة على دفع رواتب عمالها و هناك من لجأت إلى تسريحهم، كل هذه العوامل أثرت سلبا على قطاع الإنتاج  الذي يعاني ركودا كبيرا، و يمكن القول اليوم أننا نعيش مرحلة جد حرجة فالكثير من القطاعات تعاني شللا كليا كقطاع المنتجات الكهرومنزلية، بسبب قرارات تقنين الاستيراد، و أخرى تعاني من تذبذب في الإنتاج كالعصائر و الصناعات الغذائية.
ما مدى تأثير الوضع السياسي الراهن على السيرورة الإقتصادية ؟
إن الحراك الشعبي و غياب الاستقرار السياسي قد أثر كثيرا على حركية الاقتصاد، فالكثير من الاستثمارات توقفت، مع تراجع القدرة الشرائية للفرد الجزائري، ما أدى إلى تراجع حركة الأموال داخليا و لجوء الأفراد و المؤسسات إلى الادخار بسبب الحذر الذي يسود الجو العام.
lهناك فوضى كبيرة تعرفها حركة العملة الصعبة داخل السوق، كيف يمكن تنظيمها ؟
حسب اعتقادي أن السبب وراء هذه الفوضى هو وجود سوق موازية للعملة في ظل تخلي الدولة نهائيا عن دورها في تنظيم حركة رؤوس الأموال، و هو أمر خطير جدا لا يحصل إلا في الجزائر، ما أدى إلى وجود قيمتين للعملة الصعبة مع ترجيح كفة السوق السوداء التي تعرف نشاطا أكبر عكس البنوك. على الجزائر إعادة النظر في قيمة الدينار في البنوك و الرفع من قيمة العملة الأجنبية الممنوحة للراغبين في السفر و التي لا تتجاوز حاليا 100 أورو و هو مبلغ ضئيل ما يضطر الأفراد إلى التوجه نحو السوق السوداء.
lهل نجحت سياسة دعم الصادرات خارج المحروقات؟
حسب ما هو ملموس، نتائج هذه السياسة غير مبشرة تماما رغم مساعي وزير التجارة و الدليل على  ذلك ما تظهره لغة الأرقام فلقد تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 16 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، حيث لامست حينها قيمة 2 مليار و 830 مليون دولار، لتتراجع هذه السنة إلى 2 مليار و 500 مليون دولار، دون أن ننسى معاناة الكثير من الشركات التي توقف إنتاجها، كما أنها غير قادرة بتاتا على التصدير لافتقارها للإمكانيات.
lهل تراجعت قيمة الواردات كذلك ؟
نعم لقد تراجع حجم الواردات لسنة 2019، لكن بنسبة ضئيلة جدا و لا يوجد فرق كبير مع ما تم تسجيله العام الماضي، و يعود سبب التراجع إلى تدني واردات القمح بالنظر إلى حجم الإنتاج و كذا بعض المنتوجات على غرار الأجهزة الكهرومنزلية التي انكمشت بشكل كبير، لأن الدولة قلصت كثيرا حجم الكوطات الممنوحة للمستوردين.
lبصفتك رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين ما هي المشاكل التي تواجهكم ؟
إن أكبر مشكل يواجهه المصدرون، هو قانون الصرف الذي يسلط عقوبات سالبة للحريات، و بتعبير أدق يمكن القول أن  قانون الصرف في الجزائر تعسفي، ما أثر سلبا على نشاط الكثير من شركات التصدير و هناك من توقفت نهائيا عن النشاط، إضافة إلى مشكل النقل البحري و الجوي و غلاء تكاليفه إلى حد تعجيزي، ما حد من تنافسية المنتوج في السوق الخارجية، و عدم قدرته على فرض نفسه إلى جانب عوامل أخرى.
و بالرغم من هذه العراقيل هناك إرادة قوية من قبل المصدرين للعمل، حيث سجلنا هذه السنة تزايدا في عددهم إلى 1100 شركة تصدير، بعدما بلغت العام الفارط 733 مؤسسة.
lو هل المنتوج الجزائري قادر حقيقة على المنافسة في الخارج ؟
نعم و خاصة المحاصيل الزراعية الوطنية، فالجزائر ممكن أن تكون من كبار الدول المصدرة للمنتجات الفلاحية بجودة عالية، إذا ما استغلت إمكانياتها الطبيعية  لتقديم منتوج ذو نوعية و وفرة، و حسب رأي أن أهم ما يميز الفلاحة في الجزائر هو المبكرات، أي جني المحاصيل خارج المواسم و لأكثر من مرة في السنة.
lماهي المحاصيل التي يمكن أن يراهن عليها قطاع الفلاحة ؟
هناك الكثير من المحاصيل الزراعية و لا يمكن حصرها في نوع أو اثنين ، فعلى سبيل المثال الجزائر هذه السنة حققت نقلة نوعية في إنتاج التمور، وصل إلى ضعفي ما أنتجته العام الماضي، إذ قدر حجم الإنتاج بـ 50  ألف طن بقيمة تفوق 100 مليون دولار، مقابل 20 ألف طن السنة الفارطة، بقيمة 50 مليون دولار، و هناك محصول البطاطا كذلك الذي لامس إنتاجه أرقاما قياسية.
lبالحديث عن البطاطا لماذا لم تنجح الجزائر في تصدير كميات كبيرة منها ؟
كما قلت سابقا الجزائر تتوفر على كل الإمكانيات التي تخول لها أن تكون من الدول المصدرة للمحاصيل الزراعية، لكن هناك بعض النقائص التي حالت دون تحقيق  ذلك، و أما بخصوص محصول البطاطا فإن وجود الفلاحة الموازية قد أثر كثيرا على نوعية الإنتاج رغم الوفرة، و الفلاحون عادة لا يحترمون أو لا يعرفون شروط  التي يلزم توفرها في منتوج بموصفات عالمية، و البروتوكولات التقنية لجني محصول ذو جودة، فمثلا من أصل قنطار من البطاطا  فإن 40 بالمائة منه لا يمكن تصديرها بسبب حجمها الصغير، رغم  أن الجزائر بها أربعة فصول لجني البطاطا إضافة إلى الجودة العالية للبطاطا المزروعة بالجنوب، لكنها لا تزال بعيدة عما هو مطلوب  في السوق العالمية، و في هذا الشأن لقد اقترحت على الوزارة فتح الشراكة مع الأجانب في المجل الفلاحي للاستعانة بالمختصين لتحسين نوعية الجني كما و نوعا باستخدام طرق علمية و هي الإستراتيجية التي استقطبها جيراننا في تونس و المغرب و أثمرت نتائج جيدة.
l ما هي الحلول الناجعة لإنعاش الاقتصاد الجزائري في ظل هذه الأزمة الخانقة ؟
أظن أن الجزائر قد أعلنت منذ سنتين عن إستراتيجية اقتصادية وطنية بإعادة بعث دماء جديدة لضبط موازينها الاقتصادية،  و قد تم التوصل منذ ذلك الوقت إلى سن جملة من القرارات و القوانين لكنها لا تزال خارج حيز التفعيل، و في اعتقادي، فإن الوقت الراهن يحتم علينا التسريع في تطبيقها لتدارك الخسائر المسجلة في الاقتصاد الوطني لحمايته من الانهيار أكثر لأن كل المؤشرات تؤكد خطورة الوضع فالاقتصاد الجزائري حقيقية يحتضر.
و أظن أن القطاعات الأربعة التي راهنت عليها الإستراتيجية الوطنية و هي قطاع الفلاحة و الصناعات الغذائية و الصناعات الصيدلانية، إلى جانب الخدمات التي من شأنها تغيير وجه الاقتصاد الجزائري إذا ما تم الإستثمار فيها بالشكل الصحيح و المطلوب.
هـ.ع

الرجوع إلى الأعلى