النجاح في قسنطينة صعب وأرفض الظهور في المسلسلات

يرى الفنان عباس ريغي، بأن أغنية المالوف استعادت صيتها و جمهورها الواسع مؤخرا بفضل العديد من الأصوات الشبابية التي أبدعت في أدائها، مؤكدا للنصر بأن المالوف العصري ورغم كل الانتقادات التي تطاله نجح في جذب جمهور أوسع، لأنه يتماشى مع ذوق الشباب، ما يعني حسب رأيه، بأن هذا اللون المتجدد الجامع بين الأصالة و المعاصرة، يعد صمام أمان للحفاظ على المالوف كطابع تراثي مهدد بالاندثار.
حاورته: هبة عزيون
كما تحدث النجم الشاب عن طموحاته في مجال التمثيل  رافضا الظهور في المسلسلات و اعترف بوجود صراع  بين المحافظين و المجددين في الغناء ، وقال أيضا أنه واجه عدة عراقيل في مساره ككل الشباب، نافيا أن يكون الفرقاني عرابه فنيا لأنه تلميذ الشيخ الدرسوني.
النصر : يرى مختصون أن المالوف فقد مكانته في حياة القسنطينيين ولكن  في المقابل نجد حالة من الحنين إلى هذا الفن تعكسها نسب مشاهدات فيديوهات عمالقة الفنان وحتى شبابه ؟
عباس ريغي:  بحكم تواجدي في الميدان و احتكاكي المستمر بالجمهور أرى أن أغنية المالوف قد عادت إلى سابق عهدها من الازدهار، بدليل عدد المشاهدات التي تحققها المقاطع الموسيقية التي تنتشر بقوة عبر مواقع التوصل الاجتماعي  فبعد حالة الركود و عزوف الشباب عن هذا الطابع الأصيل و اتجاههم نحو الموسيقى الصاخبة و الدخيلة، عاد الجمهور ليعانق فنه الأصيل مجددا بفضل المالوف العصري، فشريحة كبيرة من  الشباب أصبحوا يتذوقون هذا الطابع و يستمتعون بالإيقاع السريع و بمزيج الآلات الموسيقية الحديثة التي تم إدخالها عليه، وهنا تحديدا أود الإشارة إلى أن التجديد لا يلغي حقيقة أن الموسيقى الأصيلة كما نعرفها لا تزال هي الأخرى محافظة على مكانتها في أوساط فئة لا بأس بها من الناس، وهو أمر أقف عليه خلال كل فعالية رسمية أو مناسبة خاصة أحضرها، فكما للطقطوقة، جمهور واسع فإن للموال الطويل محبون كذلك، لكن الأمر يختلف بحسب طبيعة المكان و نوع المناسبة .
النجاح في قسنطينة صعب
ـ بالحديث عن المالوف العصري هناك حديث عن صراع قائم بين المحافظين و أنصار التجديد في أي الفريقين أنت؟
ـ فعلا هو صراع خفي، فالمحافظون يرفضون المساس بتقاليد المالوف و يقفون ضد أي نوع من أنواع التجديد، بينما يجنح الشباب إلى العصرنة  من منطلق عشقهم لهذا الفن و تكريسا لطاقة الإبداع لديهم، ورغبة منهم في تكييف هذه الموسيقى مع معطيات العصر لتلبي الأذواق و تجمع كما سبق و ذكرت بين الماضي و الحاضر، ولذلك فإن هناك ميلا إلى إدخال آلات موسيقية جديدة و اعتماد إيقاعات أخف، و هذا في اعتقادي، قد خدم الأغنية كثيرا حيث زادت شعبيتها في أوساط الشباب ، كما أنني مقتنع بأن استمرارية أي شىء مرهونة   بتلك اللمسة العصرية.
أصوات الشباب أعادت للمالوف جمهوره
ـ ولكن يشتكي فنانون شباب من صعوبة النجاح في قسنطينة، ويتحدثون عن تكريس أسماء على حساب أخرى، هل تعرض عباس ريغي للإقصاء أو العرقلة؟
ـ لا أعتقد ذلك، بل أعارض هذا الطرح من منطلق قناعتي بأن النجاح اجتهاد قبل كل شىء، و هو أمر اختبرته شخصيا خلال مساري الفني، لا يوجد حسب ظني مجال خال من العراقيل و الصعوبات، لكن النجاح و التميز مرتبط أساسا بشخصية الإنسان و طموحاته و مدى اجتهاده و إستراتيجية العمل التي يتبناها ليتمكن من فرض نفسه و من الإقناع، أنا كفنان ناجح في مجالي اليوم، عانيت كثيرا خلال بداياتي و هناك من حاولوا عرقلتي  لكنني حققت غايتي في الأخير ما أقصده باختصار هو أن النجاح في قسنطينة صعب لكنه ليس بمستحيل.
سعينا لاسترجاع مهرجان المالوف ولم ننجح
ـ  هل نفهم من هذا أن ما يقال  عن دعم الراحل الحاج محمد الطاهر الفرقاني لموهبتك صحيح؟  
ـ مع احترامي لذكرى عميد أغنية المالوف الراحل، إلا أنني أنفى ما يشاع عني أنا فنان عصامي اعتمدت على نفسي كثيرا و عملت بجد و جهد، و الفضل في تكويني يعود لأستاذي الجليل الشيخ الدرسوني الذي لقنني أساسيات المالوف و الموسيقى عموما كما أنه هو من دعم موهبتي منذ الصغر.
عانيت في بداية مشواري من العرقلة
ـ بالحديث عن التكوين لماذا تراجع دور الجمعيات الفنية في السنوات الأخيرة؟
ـ هو فعلا واقع مؤسف، خصوصا بالنسبة إلي كواحد من خريجيها و أبنائها البررة ، سابقا كانت قسنطينة تزخر و تفخر بأزيد من 14 جمعية فنية، لكنها اليوم لا تحصي سوى ثلاث جمعيات لا تزال تقاوم لأجل الاستمرار، فيما انتهت أخرى للأسباب منها ما يعرف و منها ما يجهل، يمكن القول بأن ركود النشاط الثقافي في المدينة، يعد من العوامل الهدامة التي أدت إلى تراجع الجمعيات كما أن  افتقارها للدعم المادي لعب دورا رئيسيا في ضمورها، وهي ظروف انعكست بالعموم على موسيقى المالوف بشكل عام، لأنه فن متوارث يحتاج دائما إلى جيل جديد يحفظ القصائد و يتقن العزف و الغناء.

ـ  هل تعتقد بأن مبادرة فناني قسنطينة، لرفع التجميد عن المهرجان الدولي للمالوف قد تجد آذانا صاغية؟
ـ شخصيا  لم أشارك في هذا المسعى لأنني لم أتلق  أي اتصال من أية جهة بخصوص الموضوع ، لكنني بادرت بمفردي إلى فتح الموضوع في وقت سابق من وزير الثقافة، بخصوص رفع التجميد عن المهرجان الدولي للمالوف، لكن للأسف إلى الآن لم نلمس أية نية لتحقيق مطلبنا، بالرغم من أهمية هذه الفعالية في إعادة النبض إلى الحياة الفنية و الثقافية في المدينة.
المحافظون رفضوا النسخة  العصرية للبوغي
ـ  ألم تفكر في تأدية طابع آخر كون المالوف لا يحقق الشهرة والعائد المادي الذي تتطلبه حياة الفنان؟
ـ  أنا مغني مالوف و لا أفكر بتاتا في تأدية أي طابع آخر مهما كان مربحا،      مع ذلك أغني أحيانا ما يطلبه الجمهور في بعض المناسبات الخاصة والأعراس كالشرقي و العاصمي و التلمساني.
ـ كيف كان رد فعل الجمهور على النسخة العصرية  لأغنية البوغي، هل لمست فرقا بين تأثير الأداء المباشر و الفيديو كليب؟
ـ الفكرة أساسا طرحت من قبل إحدى القنوات التلفزيونية، و تمحورت حول تأدية أغنية تراثية بأسلوب عصري مع إدخال آلات حديثة،  وتصوير العمل على  شكل فيديو كليب في دبي، وقد حققت نجاحا كبيرا، و حسب رأيي فإن غالبية من أعجبوا بها هم شباب و هذا من خلال تفاعلهم على مواقع التواصل الاجتماعي    أما المحافظون فرفضوه  جملة و تفصيلا و لم يستسيغوا الفكرة من أساسها.
ـ لما لم نر لك عملا غنائيا مشتركا إلى غاية الآن هل أنت ضد الثنائيات ؟
ـ بلى لقد سبق و أن غنيت مع بعض الأسماء الفنية الجزائرية من تلمسان و العاصمة و مع فنانين من المغرب خلال حفلات مباشرة، لكنني لم أسجل هذه الثنائيات، مع ذلك فالفكرة موجودة و أسعى إلى تحقيقها في المستقبل القريب.
أرفض الظهور في المسلسلات
ـ من الغناء إلى التمثيل كيف تقيّم تجربتك في هذا العالم،
و هل ترغب في العودة إلى الشاشة مجددا؟
ـ أنا راض جدا عن تجربتي الأولى في عالم السينما، خصوصا بعد الثناء الذي نلته من أهل الاختصاص و على رأسهم المخرج علي عيساوي، و في حال قدم لي عرض آخر في السينما بحجم البوغي سأقدم موافقتي بالتأكيد ، لكنني أرفض الظهور في المسلسلات.
ـ تحوّلت الأعراس إلى مصدر عيش لمعظم الفنانين، ألا يؤثر هذا  على معنويات الفنان وتطوّره؟

ـ الجانب المادي هام لضمان استمرارية الفنانين، لكن الأعراس تعد أيضا فضاء يضمن لنا مواصلة النشاط و تكريس الموهبة، هي مدرسة حقيقية لأنها تضع المغني في مواجهة مع جمهوره وفي احتكاك متواصل خصوصا في ظل الركود الذي تعيشه الثقافة الرسمية.
ـ  نلاحظ في السنوات الأخيرة تنظيم  حملات لجمع التبرعات لفنانين لم يجدوا ثمن العلاج، أو هم  دون سكن ، فيما يعاني آخرون في صمت، لماذا لا يعيش الفنان في الجزائر مرتاحا، وهل ترى بأن الإجراءات الأخيرة التي أقرتها الوزارة كافية لصون كرامة الفنانين؟
ـ كفنان أثمن الإجراءات المتخذة خلال السنوات الأخيرة، من قبل الدولة لحماية الفنان و ما تم تقديمه لبعض من يعيشون وضعيات اجتماعية صعبة، مع ذلك فإن  ما حقق إلى غاية الآن لا يزال غير كاف و على الفنانين أنفسهم العمل من أجل تغيير هذا الواقع.
الحساسيات بين الفنانين أفشلت مبادرات لتحسين واقعهم
مشكل الفنانين الجزائريين هو كثرة الحساسيات بينهم، و هو سبب فشل كل المبادرات التي تطرح لتحسين واقعهم، فمثلا في قسنطينة فشلنا  في تجميع 20 فنانا تحت لواء واحد فما بالك بكل ولايات الوطن، علينا  فعليا تجاوز الحساسيات لنبلغ الوعي الضروري لتنظيم نشاطنا.
ـ  لنختم حوارنا بالحديث عن جديدك الفني؟
ـ  أحضر حاليا، لعدة ألبومات على غرار صالح باي و نوبة السيكا، إلى جانب نشاطات فنية داخل الجزائر و خارجها في المغرب و دمشق و بعدها فرنسا.
 في الختام أود القول بأنني أسعى جاهدا إلى تمثيل الجزائر و التراث القسنطيني أحسن تمثيل و هذا من منطلق عشقي للمالوف و قناعتي بأهمية الحفاظ عليه.
هـ /ع

الرجوع إلى الأعلى