حـذّرت من الشعـارات المتطرّفـة لما لها من ضـرر على وحــدة الحــراك ومستقبلــه
• مشروع الدستور سيحكم على جدية السلطة في تلبية مطالب الشعب
اعتبر رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، مشروع تعديل الدستور مؤشرا للحكم على السلطة الحالية، لأنه من أهم المعالم التي تعكس مدى احترام مطالب الشعب المعبر عنها، كما انتقد محاولات الانحراف بالحراك من طرف فئة قال إنها تتبنى العلمانيّة الفرنسية التي هي أسوأ العلمانيات، وحذر من خطورة الشعارات المتطرفة التي ترفع في الحراك، كما أكد أن حركته لن تكرّر  تجربة التحالف مع الإسلاميين في الانتخابات.
حاوره: سمير عودية
مرت قرابة ثلاثة أشهر على انتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ما هو تقييمكم للمشهد السياسي على ضوء القرارات التي اتخذها الرئيس لإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة؟
الشيخ عبد الله جاب الله: علمتنا التجارب والواقع أن نحكم على الأفعال ولا نعطي قيمة كبيرة للأقوال، والأفعال لحد اليوم لا تبعث على التفاؤل الكبير بالمستقبل، ولكنه من الإنصاف أن نصبر قليلا فترة أخرى قبل أن نصدر حكما نهائيا على المجموعة الحاكمة اليوم. ومن أهم المعالم التي تؤشر على مدى جدية المجموعة الحاكمة وصدقها في احترامها لمطالب الشعب المعبر عنها في ثورته هو مشروع الدستور الذي سيوف يخرج للناس.
الحديث ليس عن انحراف الحراك بل عن تيار يستغل الحراك ويسوّق لشعار معادي للأمة
 رغم إجراء انتخابات رئاسية وأفرزت رئيسا شرعيا للبلاد انهى حالة الشغور، إلا أن المسيرات مستمرة في الشارع كل أسبوع ، لماذا برأيكم؟
الشيخ عبد الله جاب الله: من حقهم أن يستمروا في الخروج إلى الشارع لان مطالبهم السياسية التي رفعوها منذ أول يوم خرجوا فيه في 22 فبراير 2019 لما رفعوا شعار «ارحلوا جميعا» (تروحوا قاع) لم تتحقق بعد.
 لكنكم انتقدتم الشعارات المرفوعة في الفترة الأخيرة خلال مسيرات الحراك الشعبي، وقلتم إن تلك الشعارات تعبر عن محتوى علماني-فرنسي، هل ترون إذن أن الحراك قد انحرف عن مساره الأصلي؟
الشيخ جاب الله: بعض الصحف ذات التوجه العلماني قامت بقراءة مغرضة لمضمون المقال المنشور، والحقيقة أن المقال الذي خرج هو موضوع ضمن سلسلة مواضيع تحت عنوان «سيمات الثورة» وهو بحث علمي أكاديمي صرف والبحوث العلمية الأكاديمية تكون مجردة من الانتماءات والعواطف.
ومما جاء في ذلك المقال هو التحذير من الشعارات المتطرفة لما لها من ضرر على وحدة الحراك الشعبي ومستقبله، وذكر موضوع تبني العلمانية للمفاهيم الفرنسية كمثال، لان أسوأ مفهوم للعلمانية هو المفهوم الفرنسي، فهو مفهوم متطرف يضع الدولة في حرب مستمرة مع دين الأمة وأكثر مكوناتها وهذه الحرب تهدد الوحدة الوطنية والأمن والاستقرار الوطنيين.
 من هو التيار المقصود بالدعوة التي وجهتموها له لمراجعة النفس ومراجعة الشعارات المرفوعة ؟
الشيخ جاب الله: هو التيار العلماني الذي يتبنى المفهوم الفرنسي للعلمانية.
الناس يحاكمون على أفعال هي من صميم الحقوق الدستورية
 هل تقصدون حزبا علمانيا بعينه ؟
الشيخ جاب الله: لا اقصد حزبا بل أتحدث عن تيار علماني بشكل عام، حديثي كان عن تيار ولم يكن عن أي حزب سياسي.
 هل برأيكم انحرف الحراك الشعبي عن مساره كما يردد البعض ؟
الشيخ جاب الله: الحديث ليس عن الحراك بل عن تيار يستغل الحراك ويسوق لشعار معادي للأمة ودين الأمة والوحدة الوطنية ويشكل خطرا على الأمن والاستقرار الوطنيين، أتحدث عن الشعارات ولا أتحدث عن أشخاص ولا أتحدث على أحزب وإنما أتحدث على مفهوم علماني فرنسي متطرف من أي طرف كان، والدليل أن جهة معينة حذفت المقال الذي لم يبقى إلا عدد من الساعات وحذف، السبب هو القراءة المغرضة التي أعطيت للموضوع.
 قبل أيام استقبلكم رئيس الجمهورية للحديث عن الإصلاح السياسي والتعديل الدستور، ما هي الأفكار أو الاقتراحات التي قدمتها جبهة العدالة والتنمية لرئيس الجمهورية ؟
الشيخ جاب الله: اللقاء ليس حوارا بل كان للتعارف ولكن مع هذا دار الحديث بصفة أساسية حول التعديلات اللازم إدخالها على الدستور الحالي، وأشرت بان التعديلات يجب أن تكون شاملة ومنتشرة على كامل الدستور من الديباجة إلى الأحكام الأخيرة لأن العلل أو الخلل في دستور بوتفليقة متعدد ومتنوع وموجود في كل أبواب الدستور بما في ذالك الديباجة.
كما تحدثنا أيضا على أن اللجنة التي كلفت بصياغة مسودة الدستور ليست لجنة تقنية وهي من الأخطاء التي يروج لها لأن الدستور في المقام الأول هو خيارات سياسية وتشكيل اللجنة من تيار واحد أو غالب هو في ذاته في نظرنا خطأ والمطلوب هو مراعاة التوازن، لدينا ثورة شارك فيها جميع مكونات المجتمع ومراعاة التوازن مطلوب.
الدستور الذي يليق بالشعب يجب أن يتأسس أولا على بيان أول نوفمبر
ثالثا أيضا تحدثنا على ثورة 22 فبراير ودلالات شعارات هذه الثورة ثم مطالبها وجميع هذه المطالب هي أن الشعب يريد أن يسترجع حقه في السلطة والثروة وان يبنى مستقبله بنفسه ويرفض كل أشكال الوصاية. كما تحدثنا عن الإعلام بعد ذلك وضرورة أن يكون عادلا ومتوازنا في تغطياته و برامجه المختلفة.
كما أثرنا قضية الاعتقالات الجارية والمستمرة وقلنا بشأنها إنها اعتقالات غير دستورية وأن الناس يحاكمون على أفعال هي من صميم الحقوق الدستورية ثم يطبقون عليهم أحكاما صادرة في السبعينات مثل الأحكام المتعلقة بالتجمهر والمتعلقة بتوزيع المناشير وكل هذه المسائل والتي توعد إلى مرحلة السبعينيات، أما هذه المرحلة وهي مرحلة ما بعد 89 رفع فيها شعار الديموقراطية والتعددية واحترام الحقوق وكل هذه المسائل تندرج ضمن الحريات المكفولة دستوريا.
 قلتم إن الدستور الحالي بحاجة إلى مراجعة شاملة، ما هي الاقتراحات التي ستقدمها جبهة العدالة لصياغة دستور يكون في مستوى تطلعات الشعب ويعيد الكلمة له ؟
الشيخ جاب الله: الدستور الذي يليق بالشعب، يجب أن يتأسس أولا على إرادة إقامة دولة بيان أول نوفمبر وهي دولة جزائرية ديموقراطية واجتماعية ذات سيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
ثانيا تحقيق مطالب ثورة 22 فبراير، وهو أن يتأسس الدستور على كون الشعب هو صاحب الحق في السلطة والثروة، وان السلطة هي نائبة عن الشعب وظيفتها حفظ مقومات شخصية الأمة ورعاية حقوقها ومصالحها وتحقيق أمالها تطلعاتها في العيش الكريم و منظومة قانونية عادلة ومؤسسات شرعية قوية وفعالة، هذا بالمختصر والحديث عن الدستور قد يطول لساعات.
 جبهة العدالة والتنمية على موعد مع اجتماع مجلسها للشورى ما هي أهم المواضيع التي ستطرح للنقاش خلال هذه الدورة؟
الشيخ جاب الله : الدورة عادية لمجلس الشورى ولها برنامج محدد ومعروف هو مناقشة ومناقشة التقريرين الأدبي والمالي، ومناقشة الأوضاع القائمة في الساحة الوطنية والمستجدات وستخرج الدورة بتوصيات اللازمة والمناسبة بشأنها.
 بالحديث عن المواعيد السياسية المقبلة بعد الدستور، تعتزم السلطة مراجعة قانون الانتخابات، وتنظيم تشريعات مسبقة، هل جبهة العدالة والتنمية جاهزة لخوض المعترك الانتخابي قبل نهاية السنة ؟
الشيخ جاب الله: القرار النهائي بيد مؤسسات الحزب الذي سيتخذ القرار في وقته وسيحسم في قرار المشاركة في المعترك الانتخابي، ولكن الحزب وجد للمشاركة السياسية بشكل عام وان يسجل حضوره في كل الاستحقاقات و الانتخابات لاسيما إذا توفرت شروط المشاركة فيها
ولو بحدها الأدنى.
لن نكرر تجربة التحالف مع الإسلاميين في التشريعيات
هل تعتزمون تكرار تجربة التحالف الانتخابي مع أحزاب إسلامية أخرى في الانتخابات التشريعية المقبلة على غرار ما وقع في التشريعيات الماضية حيث قدمت قوائم موحدة مع كل من حركة النهضة وحركة البناء ؟
الشيخ جاب الله: لا أظن ذلك، على كل حال الأمر متروك لمؤسسات الحزب ومجلس الشورى للبث في المسألة لكن على المستوى الشخصي لا أظن، لان التجربة للأسف لم تكن ناجحة
 لماذا فشلت كل المبادرات السياسية لتوحيد التيار الإسلامي، ويتردد إعلاميا أن الخلاف حول الزعامة يقف عائقا أمام توحيد التيار الإسلامي ؟
الشيخ جاب الله: هذه الظاهرة لا تخص الإسلاميين فقط ولا أفهم سبب التركيز في كل مرة على التيار الإسلامي، هذه الظواهر ليست خاصة بتيار دون أخر هذه ظاهرة بشرية الله لو أراد لعباده أن يكونوا على رأي واحد لخلقهم بقدرات فهم واحدة ولجعل ظروفهم ثابتة وغير متغيرة، ولذلك تجد الاختلافات بين البشر في كل تياراتهم حتى على مستوى الأسرة الواحدة بل بين الإخوة.
 لاحظنا في الفترة الأخيرة تراجع صوت المعارضة الذي كان مرتفعا في بداية الحراك الشعبي، وتمكنتم من جمع أطيافها في مؤتمر عين البنيان إلا أن المبادرة فشلت، لماذا برأيكم فشلت المعارضة في فرض توجهها لحل الأزمة السياسية؟
الشيخ جاب الله: للأسف نحن أردنا من وراء احتضان فعاليات قوى التغيير في 19 اجتماع وسعينا لعقد ندوة وطنية لا تقصي أي مكون من مكونات المجتمع يؤمن بشرعية الثورة وشرعية مطالبها، أردنا أن تجتمع النخب الجزائرية حول رؤية واحدة للحل تكون حالة تبنيها قادرة على تلبية مطالب الشعب وبذلك تصير هذه الرؤية مرجعية فكرية للثورة، فإذا صارت كذلك تحولت عندئذ النخب التي صادقت على هذه الرؤية إلى نخب متحدثة باسم الثورة فتحاور السلطة باسم الشعب وباسم الثورة، ولكن للأسف الكثير من الأحزاب وضعنا فيها الثقة والشخصيات التي وضعنا فيها الثقة للأسف لم تف بما اتفقنا عليه في أخر لقاء يوم 3 جويلية هنا بالمقر الوطني، اللقاء الذي خصص للمصادقة على عمل اللجان وتحديد برنامج الندوة لكن ما تم الاتفاق عليه لم يلتزم به.
ما حصل في ندوة المعارضة خيانة واضحة وخذلان
 هل هناك  مبادرات لإعادة إحياء فعاليات قوى التغيير ؟  
الشيخ جاب الله: هناك من رغب في هذا الأمر بعدما تألم مما حصل في الندوة من خيانة واضحة وخذلان وأراد أن يستأنف المسعى فكانت عدة اجتماعات هنا في المقر ولكن الحقيقة الخيانة لها طعم مر وأثارها سلبية على نفوس الناس ومن سلبيات أثارها أن توقفت تلك اللقاءات، عذرنا أننا بذلنا جهدنا في النصح وفي محاولة تجميع النخبة حول هدف تلبية مطالب الشعب ولكن لسنا مسؤولين عن النتائج فذالك أمر أخر، تحملنا مسؤولية توفير الأسباب وبذل الجهد المستطاع لتحقيق المقاصد الكبرى وهي خدمة مطالب الشعب ولسنا مكلفين بالنتائج.          
س-ع

الرجوع إلى الأعلى