• بدأت مع باحثين في العمل على ابتكار دواء جديد
يكشف العالم الجزائري في مجال الكيمياء الطبية بجامعة “كارديف” ببريطانيا، الدكتور يوسف محلو، أنه بدأ رفقة فريق من الباحثين في العمل على اكتشاف دواء لفيروس “كوفيد 19”، مضيفا في حوار خص به النصر أن العقار الذي يقوم علماء آخرون بتجريبه حاليا في الصين وأمريكا، قد يكون متاحا في صيف سنة 2020 بعدما كان مستعملا لعلاج مرض “إيبولا”، كما يؤكد ابن وادي سوف الحاصل على براءة اختراع في علاج السرطان، أنه لا يملك معلومات دقيقة حول “الدواء” الذي قال بوناطيرو إن باحثين جزائريين وعراقيين توصلوا إليه، لكنه أوضح أن أمرا كهذا يجب أن يستغرق وقتا للتأكد من سلامة التركيبة.
حاورته: ياسمين بوالجدري
نبدأ من السؤال الذي ما يزال معظم الأشخاص حول العالم يطرحونه، ما هو فيروس “كوفيد 19” و كيف يتسبب في موت الانسان؟
ينتمي “كوفيد 19” إلى عائلة فيروسات كورونا، ومصدرها غالبا الحيوانات و تحديدا الخفافيش، لتنتقل بعدها إلى البشر، ففيروس “ميرس” كان مصدره الإبل. العلماء المختصون في هذا المجال كانوا على علم أن الخفافيش بها نوعان أو ثلاثة من فيروسات كورونا وقد كانت فقط مسألة وقت لتنتقل للإنسان، حيث بدأت العدوى من شخص في مدينة ووهان بالصين، لتنتشر من شخص إلى آخر.
انتقال كورونا من الخفافيش كان مسألة وقت
أعراض “كوفيد 19” لدى الانسان مختلفة وتتركز في الحمى والسعال مع إمكانية حدوث صعوبات في التنفس. في الحالات الأكبر يمكن أن يسبب الفيروس الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي وأعراض أخرى خطيرة قد تؤدي إلى الموت، و رغم كل هذا، بعض المصابين يمكن ألا تظهر عليهم أي أعراض ولا يعلموا حتى أنهم مصابون بالمرض.
ما مدى خطورة هذا الفيروس التاجي المستجد على كبار السن؟
أظهر “كوفيد 19” خطورة كبيرة على كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة حيث يؤدي إلى حالات وفاة وسطهم بنسب معتبرة، ويقول علماء إن فيروسات كورونا لها أيضا تأثير كبير على الأطفال لكن لسبب ما لا زلنا لا نعرفه لحد الآن، لا يظهر أنه خطير جدا وفتّاك بالنسبة للأطفال. الفئات الأخرى لا يشكل الفيروس خطورة عليها مقارنة بكبار السن، إلا إذا كانت تعاني من مرض آخر مثل السكري والقلب، وكذلك السرطان لأن مرضاه يأخذون أدوية تقلل من فعالية جهازهم المناعي.
الفيروس يشكل خطورة كبيرة على مرضى السرطان
تشير بعض الأبحاث إلى أن فعالية الفيروس تدوم لـ 72 ساعة، و بأنه يلتصق أكثـر في الأسطح الصلبة، ما مدى صحة ذلك؟
هناك دراسات مختلفة وصغيرة الحجم بهذا الخصوص والكثير من الأشياء غير محددة لأن الأمر يتعلق بفيروس مستجد، علميا الاستخلاصات ما تزال غير دقيقة وأشياء كثيرة ما تزال مجهولة.
ما جديد الأبحاث التي تجري الآن في مختبرات العالم للوصول إلى علاج لفيروس كورونا المستجد؟
نظرا لسرعة انتشار فيروس كورونا وعدد الوفيات التي تسبب فيها، فكثير من المخابر والشركات وحتى المؤسسات تعمل دون انقطاع للحد منه وإيجاد علاج. هناك لقاح انطلق تجريبه على البشر أول أمس في أمريكا، كما أن هناك العديد من اللقاحات الأخرى التي هي قيد التطوير وأعتقد أن دراستها على البشر ستبدأ عن قريب وربما سيتم التصريح باستعمالها بصفة واسعة بعد عدة أشهر.
قد يُصرَّح باستعمال لقاحات جديدة بعد أشهر
في ما يخص الأدوية، فإنه لا يمكننا تطوير دواء جديد من البداية عند ظهور الأمراض فجأة، لأن هذا سيأخذ مدة زمنية طويلة، لذلك يركز العلماء على الأدوية المستعملة حاليا في علاج أمراض أخرى ودراسة مدى فعاليتها في علاج كورونا، وهنا أذكر مركب “كلوروكوين” المستخدم منذ سنوات في علاج الملاريا، بالإضافة إلى مركبين يستعملان حاليا في علاج السيدا ومنهما “ريتونافير”، وكذلك “تاميفلو” المعمول به في علاج عدة أمراض.
هل هذا يعني أن هناك أملا في إيجاد علاج في أقرب الآجال؟
الجيد والمحفز في هذا الأدوية أنها تستعمل حاليا وبالتالي فهي سليمة من ناحية الاستعمال المباشر، والهدف من دراستها لدى البشر هو التأكد من فعاليتها لعلاج مرضى كورونا، ولعل المركب الذي يحمل آمالا كبيرة هو “ريمديزيفير” المكتشف منذ عدة سنوات والمستعمل في علاج مرضى “إيبولا”، حيث درس في المختبرات وأظهر نتائج جيدة من حيث السلامة، فالشركة التي تطوره قامت بتجارب مختبرية قبل سنتين تقريبا، وبيّنت أنه يستطيع قتل العديد من الفيروسات، وعند ظهور “كوفيد 19” مباشرة أجريت تجارب بالمخابر أظهرت فعاليته في قتل الفيروسات المنتمية إلى عائلة كورونا، حيث يُدرس حاليا في الصين وأمريكا.
أعتقد أن الشركة ستبدأ شهر أفريل في نشر نتائج هذه الدراسات وإذا ثبت وجود فعالية كبيرة في علاج كورونا، فيمكن التصريح بالمركب ربما خلال هذه السنة وقد يكون ذلك في الصائفة. عادة اكتشاف الأدوية والتصريح بها و دراستها على المرضى يأخذ مدة زمنية طويلة، لكن نظرا للحاجة الملحة لإيجاد دواء أو لقاح، فكل شيء حدث بسرعة فائقة.
بريطانيا اعتمدت استراتيجية “مناعة القطيع” لكنها تتجه للتراجع عنها
هل هناك أدوية معينة يمكن استعمالها في الوقت الحالي للتخفيف من أعراض المرض؟
“كوفيد 19” فيروس جديد، ولهذا يجرب الأطباء العديد من الأدوية، وبعضها تستعمل حاليا للحد من الأعراض أو لمحاربة الفيروس بحد ذاته، ومن بينها “كلوروكيون” و”تاميفلو” و”دارونافير””ريبافيرين” و”أنترفيرون”، لا أعتقد أنها ستفيد كثيرا، ويجب القول بأن هناك أدوية تستعمل حاليا في علاج المرضى وفعاليتها ليست معروفة بدرجة كبيرة، ومن المهم التنويه إلى أن هذه العقاقير يصفها الأطباء وهم وحدهم من يقترحون الأدوية و كيفية استعمالها.
هل تساهم حاليا في أبحاث بجامعة “كارديف” لإيجاد دواء لفيروس كورونا؟
في جامعة كارديف التي انتقلت إليها منذ 3 سنوات قادما من جامعة برمينغهام، تعمل مجموعة من الباحثين منذ 15 و 20 سنة، حول الفيروسات وربما لها بعض البرامج الحالية التي تنظر فيها لعلاج الكورونا. بالنسبة لي عملت سابقا على اكتشاف أدوية للفيروسات ولكن انتقل تركيز برنامج البحث إلى أمراض السرطان والرعاش، غير أنه وبسبب الأزمة الحالية والتأثير الذي سببه كورونا على المجتمعات بصفة عامة والحاجة إلى دواء جديد، بدأت قبل 3 أيام في العمل مع بعض الزملاء لمحاولة اكتشاف دواء لعلاج “كوفيد 19”.
آمال كبيرة معلقة على دواء استعمل سابقا في علاج “إيبولا”
متى يمكن أن نرى نتائج هذه الأبحاث؟
ما نزال في البداية وفي التفكير حول الإضافة التي يمكن أن نقدمها لاكتشاف أدوية لعلاج “كوفيد 19”، فبداية برنامج مثل هذا ليس بالأمر الهين خاصة في حالة كورونا، لأن هناك الكثير من العلماء حول العالم يشتغلون عليه، ويجب إذا قررنا دخول هذه المعركة أن يكون التفكير والبرنامج مختلف تماما. بدأنا في بناء الأفكار التي ربما ستؤدي مستقبلا إلى اكتشافات ستسهل في الأخير التوصل إلى علاج، لكن ما نزال في البداية و قد نستغرق عدة سنوات فالأمر يتعلق باكتشاف دواء.
على الجزائريين أخذ الأمر على محمل الجد
كيف يمكن للباحثين في الجزائر المساهمة في التوصل إلى علاج؟
أرى أن كل الباحثين حول العالم يمكنهم تقديم شيئ معين يساعد على اكتشاف علاج لأي مرض مهما كان، فالأفكار موجودة لكن العائق في معظم الأحيان هو الإمكانيات، فمثلا تطوير دواء معين عادة ما يأخذ عدة سنوات وهو أمر مكلف جدا، ولهذا نجد أن الشركات الخاصة هي من تقوم بتمويل عمليات اكتشاف الأدوية، علما أن نسبة النجاح فيها ضئيلة جدا لأن معظم برامج الأدوية تفشل في آخر المطاف.
أعلن لوط بوناطيرو أن باحثين جزائريين وعراقيين صنّعوا “دواء” لفيروس “كورونا” المستجد، وهو ما أثار جدلا واسعا. ما موقفك العلمي؟
من الناحية العلمية وحتى ننظر إلى الموضوع باحترافية، أؤكد أنني شخصيا وغيري من المتابعين للموضوع، ليست لدينا معلومات دقيقة حول هذا العلاج ولم نطلع على ملفه، لذلك لا يمكنني الحكم عليه، لكن المعلوم أنه عند اكتشاف أي دواء أو لقاح، هناك مجموعة من التجارب التي يجب القيام بها من ناحيتي الفعالية والسلامة، ليقدم بشأنها تقرير للجهات المختصة بالدولة، وهي من تقوم بعدها بالتصريح بالدواء.
إجراءات الجزائر تشبه تلك المعتمدة بباقي الدول
ما نشر إلى حد الآن حول هذا العلاج على وسائل التواصل الاجتماعي، هي معلومات عامة لا يستطيع أي أحد أن يحكم عليها، لكن أرى أن ما قيل عن تقديمه لمعهد باستور بالجزائر أمر إيجابي، ففيه من العلماء والخبراء في ميدان الفيروسات والأدوية، من يستطيعون الحكم عليه وتجريبه.
وحتى لو تأكد أن العلاج فعال، فإن تجريب الأدوية على المرضى يبقى أمرا معقدا جدا وله أخلاقيات، كما تسبقه الكثير من المراحل التي يجب القيام بها لضمان السلامة لمدة طويلة ومعرفة إمكانية تصنيع الدواء بأحجام كبيرة لعلاج كل المرضى و إلى غير ذلك، إضافة إلى أن هناك لجانا يجب أن تصرح له.
انتقِدت بريطانيا بسبب عدم بدئها في إجراءات منع انتشار الوباء في وقت مبكر عكس دول أوروبية أخرى، وقد ألمح علماء بها إلى أن الحكومة تعمدت ذلك حتى تتشكل مناعة جماعية لدى البريطانييين، هل هذا قرار صائب برأيك؟
إجراءات بريطانيا كانت مختلفة تماما عما وقع في بقية دول العالم، أعتقد أن المسؤولين البريطانيين لما رأوا ما حصل في الصين وإيطاليا وإسبانيا، علموا مباشرة أنه ستكون هناك وفيات مهما كانت الإجراءات سواء بالعزل أو غيره، كما أنهم على علم بأن معظم المعرضين للخطر بسبب كورونا هم كبار السن بشكل خاص، فطلبوا منهم ألا يخرجوا لمدة 12 أسبوعا إلا للضرورة، لكنهم يحاولون قدر المستطاع أن يظل بقية الشعب يمارس حياته العادية، لأنهم يؤمنون بقضية “مناعة القطيع” Herd Immunity بأن يصاب صغار السن و الأصحاء بهذا الفيروس و يطوروا المناعة بصفة عادية.
المشكلة أنه وعندما طبقت هذه الإجراءات، لوحظ أن عدد المصابين بكورونا ارتفع بأكثر مما كانوا يتوقعون، وبالتالي فإن المستشفيات لن تكون قادرة على استقبال كل المرضى في وقت واحد، و لهذا بدأوا يميلون لإجراءات صارمة بعض الشيء تعتمد على العزل في البيت لمدة 14 يوما، كما طلب رئيس الحكومة ممن يمكنهم العمل من البيت أن يبقوا في منازلهم، لكن هناك إحساس بأن الإجراءات ستزداد صرامة في الأيام القادمة وقد تغلق المؤسسات التعليمية الأسبوع المقبل. كثير من الخبراء يعارضون الحكومة لكن هذه الأخيرة لديها مستشارين في الصحة والعلوم.. هي قضية اختلاف في الآراء والإجراءات، فكل الناس تعلم أن الفيروس سيسبب وفيات وضغطا على المؤسسات الصحية.
يجب احترام توصيات الجهات المعنية
إلى أي مدى يمكن أن تساهم الإجراءات التي اتخذتها الجزائر في الحد من تفشي الوباء؟
الوقاية خير من العلاج، ولهذا أنصح كل فئات المجتمع الجزائري أن تتبع توجيهات الجهات المعنية، فعلى كل شخص أن يبدأ بالوقاية من نفسه ويأخذ الأمر على محمل الجد. يجب أن نغير من نمط حياتنا بأن نقلل من المصافحة وملامسة الاشخاص، مع غسل اليدين في كل وقت وتفادي التجمعات الكبيرة وعدم الخروج لغير ضرورة، كل هذا الإجراءات مهمة جدا للتحكم في انتشار الفيروس.
الإجراءات التي اتخذتها الجزائر تشبه كثيرا تلك المعتمدة في باقي أنحاء العالم، حيث حدت بشكل كبير من انتشار الفيروس رغم ارتفاع عدد الوفيات في إيطاليا. هذه الاجراءات تعتمد  دائما على الأرقام والإحصائيات الجديدة والتأقلم مع ما يحدث حسب المراحل.
ي.ب

الرجوع إلى الأعلى