أوضح  طالب الدكتوره الأستاذ المساعد في اللغة الإنجليزية بجامعة «ترينيتي» بسان أنطونيو ولاية تكساس الأمريكية، في حوار مع النصر، الظروف التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية في ظل تفشي فيروس كورونا، على الرغم من الإمكانات المادية والصحية التي تمتلكها، مع تسليط الضوء على وضعية الجالية الجزائرية ببلاد العم سام، إلى جانب الحديث عن أمور أخرى، خاصة ما تعلق بالتعاطي مع المعلومة وكيفية تعامل وسائل الاعلام هناك مع الأخبار.

حاوره: عبد الله بودبابة
أولا هل لك أن تضعنا في صورة ما يجري حاليا في أمريكا في ظل تفشي فيروس كورونا؟
كما يعلم المتتبعون ومثلما تشير له الأرقام الرسمية فإن فيروس كوفيد 19 ينتشر بطريقة خرافية في تكساس المدينة التي أقيم فيها مثلا تم تسجيل 2000 إصابة بحر الأسبوع الماضي،  أما حاليا فالأرقام تجاوزت 6000 حالة،  و بنيويورك  الأمر كارثي جدا، وعدد حالات الإصابة في تزايد كبير جدا، والوفيات كذلك، وهناك من اعتبر أن الولايات الشرقية أصبحت بؤرة لهذه العدوى.
أعتقد ومثلما يراه الكثير ممن يعيشون في أمريكا ويتبناه السياسيون والبرلمانيون،   أن الإدارة الأمريكية ارتكبت نفس الخطأ في إيطاليا من خلال الاستهانة بالفيروس وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة في الوقت المناسب، والرئيس ترامب لم يستعد ولم يقرر ما يجب أن يفعل، والآن الأمر خارج عن السيطرة.
في نيويورك مثلا تم تشييد مستشفى عائم، والعمل جار  حالا من أجل تجنيد أكبر عدد من الموظفين الصحيين، وتقوم الإدارة الأمريكية بمحاولة للتدارك، تزامنا وأننا في أمريكا دخلنا في أصعب أسبوع ونرتقب سماع أخبار سيئة.
وسائل الاعلام حصرت نشاطها في نقل أخبار الفيروس، كيف تتلقون هناك الأخبار وهل تثقون في كل ما ينشر؟
الكل يجمع أن هنالك تهويل كبير في وسائل الاعلام الأمريكية خصوصا ما تعلق بالتلفزيونات، يتم نشر عدد الإصابات بشكل كبير والتركيز على الوفيات والنقائص، وهو ما يحدث تقريبا في باقي دول العالم، فيما يتم إغفال جوانب أخرى جد إيجابية، خاصة ما تعلق بحالات الشفاء التام، فالتلفزيونات تنشر بشكل متواصل أرقام الإصابات والوفيات فيما يتم إغفال عدد حالات الشفاء، وأنا مثل الكثير جزء كبير ممن يعيشون هنا سواء أجانب أو أمريكيين لا نثق كثيرا في ما ينشر عبر وسائل الإعلام ونجدها متحيزة كما أنها لا تعكس ما يحدث في الواقع، في الحقيقة هناك أخبار كثيرة غير صحيحة ووسائل الإعلام و التلفزيونات، خصوصا تفتقد للمصداقية لتعاطيها مع الأخبار. الأمريكيون لا يعتمدون على التلفزيونات كمصدر أساسي للخبر، بل انصب اهتمامهم اليوم في ظل هذه الأزمة على ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، من متابعة آنية للأخبار. الاعلام لا يملك مصداقية كبيرة ولا يقدم كل الحقيقة هناك الكثير من المواضيع التي لا تنشر، مثل نقص الإمكانيات في المستشفيات فعلى سبيل المثال نشرت قبل أيام ممرضة تعمل بوحدة مكافحة فيروس كوفيد_19 بأحد مستشفيات نيويورك،    أن الأطقم الطبية لا تجد حتى القناع من أجل مواصلة العمل، وقد تم إجبارهم على العمل   دون تزويدهم بضروريات العمل. في المقابل هناك أخبار جد إيجابية لا يتم أيضا التركيز عليها، سيما ما تعلق بمنح إعانات مالية لكل من دفع ضرائب العام الماضي، وذلك كخطوة من طرف السلطات لتجاوز الوضع الراهن، وهنا يجب أن نضع الجزائريين في صورة ما يحدث في أمريكا، فيه الكثير من العائلات لم تجد طريقة لتسديد ايجار السكنات، وحتى شراء الأكل، لذلك السلطات تريد أن تقدم إعانات للناس هنا سواء أمريكيين أم مقيمين. إلى جانب ذلك لم نسجل أي ندرة في المواد الغذائية، على الرغم من الاقبال الكبير على اقتناء المواد الغذائية والمواد الضرورية.
ما هو وضع الجالية الجزائرية في أمريكا حاليا؟ وهل هناك إصابات وسط الجزائريين؟
  نحن في تواصل مستمر مع بعضنا البعض في كافة أنحاء البلاد من الشرق إلى الغرب، حتى الآن الحمد لله الجميع "على الأقل الذين أعرفهم" بخير وكلهم ملتزمون بالحجر المنزلي، ليس لدي أرقام حول عدد الإصابات لكن على العموم الجميع بخير.
أما من الناحية المادية فنعم هناك الكثير من الجزائريين الذين تضرروا جراء الغلق شبه الكلي للمحلات، حيث أن أعدادا كبيرة ممن يعملون في المطاعم والمقاهي،  لا يجدون اليوم من أين يؤمنون قوتهم اليوم، أضف إلى ذلك، يجب الحديث عن أخواتنا خصوصا من الطالبات اللائي تضررن أيضا بفعل هذه الأزمة، عدد منهن عملن في فترات محددة أو مربيات أطفال، وهن اليوم أمام مشكل تأمين مصروفهن، غير أن هناك الكثير من المبادرات لمساعدة  كل من تضرروا بفعل هذه الجائحة، وعلى سبيل المثال قام أحد الجزائريين في  مدينة متشيغان بتأسيس صندوق تبرعات لمساعدة الجالية الجزائرية.
نحن  نقف مع بعضنا البعض ونحاول أن ساعد كل من تضرر من هذه الأزمة وبإذن الله لن نسمح أن يبقى أي جزائري في أمريكا محتاجا، أطمئن الجميع أن هنالك تكافل كبير بين كل أفراد الجالية هنا والاتصالات بيننا لا تنقطع.
كيف تتفاعلون مع أخبار كورونا في الجزائر؟
بحكم أننا في الحجر المنزلي فنحن نتابع ما يحدث في الجزائر لحظة بلحظة، أنا مثلا لم أغادر منزلي منذ حوالي 22 يوما، ولا أخفيك سرا أن كل الجزائريين هنا يتابعون الوضع في الوطن عن كثب ونهتم بما يحدث هناك أكثر مما نهتم بأنفسنا.
أنا مثلا كل يوم  أسأل على العائلة و الأصدقاء، وأقدم لهم النصائح، كما أنني أريد أن يلتزم كل الجزائريين بتعليمات السلطات للحد من انتشار هذا الفيروس، من يعيش في أمريكا يعرف التطور الكبير للمنظومة الصحية هنا ومع ذلك الناس قلقة ومتخوفة كثيرا من الوباء، فما بالك بدول لا تملك نفس الإمكانات ومن بينها الجزائر، ولذلك فإن سبب القلق على الشعب الجزائري يكمن  في عدم الالتزام بالحجر المنزلي وتعليمات السلطات.
كما أننا نتابع كل الأخبار سواء التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام،  ولذلك أستطيع أن أقول أننا على علم بكل المستجدات، ونأمل أن يخرج الشعب الجزائري من الأزمة بأقل الأضرار، مثلما نأمل ذلك هنا في الولايات المتحدة الأمريكية كذلك.
ما هي الرسالة التي توجهها للجزائريين
من أجل الوقاية من الفيروس؟
رسالتي للجزائريين لا تختلف عن الرسالة التي أتوجه بها لعائلتي و لأصدقائي، يجب الالتزام التام بالحجر المنزلي وعدم الخروج من البيت إلا للضرورة القصوى، لأنه لا وجود لأي حل آخر.               ع. ب

الرجوع إلى الأعلى