خصنا المدرب الأسبق لشباب قسنطينة الفرانكو إيطالي دييغو غارزيتو بحوار شيق، عاد به لتجربتيه السابقتين مع السنافر، محمّلا مسؤولية مغادرته للمسيّرين وعلى رأسهم محمد بوالحبيب وعمر بن طوبال، كما تحدث التقني المعروف بتجاربه الناجحة في القارة السمراء عن المنتخب الوطني، وإنجازه الباهر في كان مصر، معتبرا أن الناخب الوطني جمال بلماضي يقاسمه في عديد الصفات، أبرزها قوة الشخصية التي كانت وراء أرقامه المذهلة منذ استلامه زمام العارضة الفنية.

حــــاوره: مروان. ب

- مرحبا كوتش معك صحفي من قسنطينة يود التشرف بإجراء حوار صحفي معك...
مرحبا بكم وبكل سكان قسنطينة الأحباء على قلبي، وأنا تحت تصرفكم ومستعد للإجابة على كافة أسئلتكم، خاصة في ظل معرفتي الجيدة بكم، بعد أن رأيت صورتكم عبر تطبيق «الواتساب».
- بداية أين يتواجد المدرب دييغو غارزيتو الآن وماذا يفعل مع الحجر الصحي؟
أنا رفقة عائلتي بمدينة ليون الفرنسية، ولقد تخلصنا منذ أيام قليلة فقط من الحجر الصحي، بعد أن قضينا أزيد من شهرين كاملين بمنازلنا، لقد بدأ الناس بالعودة تدريجيا إلى الشارع، بعد أن رفعت السلطات الفرنسية حظر التجوال، ولكن الخطر مازال محدقا، وتوخي الحذر أكثر من ضروري، إذا ما أردنا أن نتفادى الإصابة بفيروس كورونا الذي فعل فعلته بجل بلدان العالم، خاصة الأوروبية منها، بعدما تم تسجيل أرقام مرعبة بفرنسا سواء بالنسبة لعدد الوفيات أو حتى الإصابات، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، سيما وأن الوباء لم يزل بعد.
- حدثنا عن تجربتك مع  شباب قسنطينة، وأنت الذي عملت مع إدارتين مختلفتين؟
بداية تشرفت بالعمل مع فريق بحجم شباب قسنطينة، الذي يعد من أعرق الفرق في إفريقيا وليس الجزائر وفقط، كون الجميع يعلم بأنه تأسس سنة 1898، وعن تجربتي الأولى فقد كانت رفقة الرئيس الأسبق محمد بوالحبيب الذي كان وراء جلبي إلى السنافر، حيث قدم لي آنذاك كافة الامتيازات، وبعد جمعي عدة معلومات عن الفريق وافقت مباشرة على العرض، وكنت سعيدا جدا ببدايتي الموفقة، خاصة خلال العشر مباريات الأولى، أين احتكرنا صدارة الترتيب، قبل أن أدخل في مشاكل مع «سوسو» الذي تسبب فيما بعد في عرقلتنا، لقد غادرت الفريق بسبب المشاكل الحاصلة، كوني كنت أرفض التدخل في صلاحياتي، فجميعكم يتذكر ما حدث في قضية المهاجم حنايني الذي حاول المسؤولون منعي من توظيفه أساسيا، ولكنني لست من النوع الذي يتلقى الأوامر، مما عجل برحيلي، وهناك أضعنا على أنفسنا فرصة سهلة للتتويج باللقب، ففريقنا كان المرشح الأبرز، في ظل الأسماء التي كنا نمتلكها، على غرار بزاز وزرداب وسيدريك، لولا التسيير السيئ والمحيط المتعفن آنذاك.
- ماذا عن محطتك الثانية في حقبة المدير العام بن طوبال، الذي حرص على عودتك من جديد؟
بعد تغير الإدارة ومغادرة بوالحبيب، تلقيت اتصالا من المسؤولين الجدد بقيادة عمر بن طوبال، حيث عرضوا علي فكرة العودة إلى الشباب، مقابل التراجع عن فكرة رفع شكوى ضد الفريق على مستوى «الفيفا» للمطالبة بمستحقاتي العالقة، لقد وافقت على ذلك المقترح، رغم ما عانيته خلال تجربتي الأولى، وهذا كله من أجل عيون الأنصار الذين كنت أبادلهم المحبة، لقد تمت إجراءات عودتي بسرعة، وكنت متحفزا لإتمام المشروع الذي بدأته، وسارت الأمور معي بالشكل المطلوب، خاصة وأنني كنت وراء قدوم بعض الصفقات، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب مع المدير بن طوبال، بسبب مستحقات 5 أشهر كاملة، ناهيك عن تراجع نتائجنا بعد بداية قوية، ما وتر العلاقة بيني وبين المسؤولين، غير أنني تفاجأت باستغلالهم بعض الأطراف لإرغامي على المغادرة، وهو ما أساءني كثيرا، خاصة وأنه لم يسبق لي وأن عشت ظروفا مشابهة، وكنت أغادر من الباب الواسع دوما، ويكفي الاحترام الذي أحظى به من قبل أسرة تي بي مازيمبي، الذي قدته في أوج عطائه وتوجت معه بعديد الألقاب المحلية والقارية.
- بصراحة ماذا كان ينقصك لقيادة الشباب نحو اللقب ؟
كيف أتوّج باللقب وأنا اكتفيت بالعمل لأشهر معدودات فقط، حيث لم يسمحوا لي بإتمام مشروعي، غير أن الشيء الأكيد أن السنافر بلغوا منصة التتويج فيما بعد بفضل عملي السابق، حيث أعدت لهذا الفريق اعتباره، وجعلته يؤمن بمقدرته على التنافس على المراتب الأولى، ويكفي أن نتائجنا كانت ممتازة سواء في الدوري أو حتى كأس «الكاف»، ولو أنني كمدرب محترف لا يمكنني أن أبخص التقني عبد القادر عمراني حقه، كونه أهدى السنافر لقبا غاليا طال انتظاره، وأنا كنت معجبا للغاية بعمله، خاصة وأنني كنت متابعا جيدا لكافة أخبار الشباب، أنا أهنئه، وأهنئ جماهير الشباب التي تستحق المنافسة على الألقاب كل موسم، كما أنصح المسيرين بترسيخ ثقافة الألقاب الغائبة للأسف.
- هل تابعت مشوار الفريق في مسابقة رابطة الأبطال الموسم الفارط؟
بطبيعة الحال تابعت كافة اللقاءات، وانبهرت بالمردود الخرافي المقدم أمام أحد عمالة القارة تي بي مازمبي، الذي تم التغلب عليه بثلاثية كاملة بملعب الشهيد حملاوي، لقد دربت هذا الفريق ولا أعتقد بأنه سقط بنتيجة مشابهة من قبل، ولو أنني كنت أرى بأن الشباب كان قادرا على تجاوز عقبة الترجي في الدور ربع النهائي، لو أحسن استغلال الظروف، غير أن النتيجة تبقى جيدة، كونها المرة الأولى التي يصل فيها الشباب إلى هذا الدور المتقدم، في انتظار نتائج أفضل مستقبلا.
- تبدو نادما على مرورك بالبطولة الجزائرية ؟
لكي أكون صريحا معكم، أجل أنا نادم كثيرا لتجربتي بالبطولة الجزائرية، رغم احترامي الكبير للنادي الرياضي القسنطيني، الذي أراه من خيرة النوادي في القارة السمراء، لما يمتلكه من إمكانيات، فملعب حملاوي رائع بأتم معنى الكلمة، إضافة إلى القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها الشباب، الذي أتذكر بأن مبارياته تلعب دوما في وجود أزيد من 40 ألف مشجع، وهذا لا يحدث سوى مع عمالة القارة، لقد غادرت الشباب وفي قلبي غصة في مناسبتين، ولكن علاقتي مع «سوسو» أكثر سوءا من بن طوبال الذي رغم كل شيء، كان يكن لي الاحترام، وما حدث معه يعود بالدرجة الأولى إلى أجوري العالقة كما أسلفت آنفا.
- السنافر يعتبرونك من خيرة المدربين الذين قادوا فريقهم، ماذا يعني لك هذا؟
أجل أنا على علم بهذا، وهناك من يتصل بي لحد الآن من قسنطينة، ويؤكد لي بأن مكانتي لدى السنافر كبيرة، كما يضعونني في نفس مقام روجي لومير، المدرب الذي كانت له هو الآخر تجربة مع النادي.
- ما رأيك في مستوى البطولة الجزائرية، وأنت الذي عملت في عدة بلدان عربية وإفريقية ؟
كان لي الشرف أن قُدت العارضة الفنية لعدة فرق عربية وإفريقية، وبالتالي لدي نظرة جيدة بخصوص المستويات الفنية لمختلف البطولات والدوريات، غير أنني أرى بأن البطولة الجزائرية في ذات مستوى نظيرتها المصرية والتونسية والمغربية، ولو أن البطولة الجزائرية أكثر اندفاع بدني، ولاعبوها أكثر احتجاجا على الحكام، حيث لا يتقبلون القرارات، ما يفقدهم تركيزهم خلال المباريات، وبالتالي أنصحهم بمراجعة هذا الأمر، إذا ما أرادوا تقديم أفضل ما يمتلكون.
- لنتحدث الآن عن المنتخب الوطني ورؤيتك الفنية له خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا بمصر؟
ماعساني أقول لكم عن الخضر، سوى أنهم كانوا رائعين خلال «كان» 2019، بمصر حيث توجوا باللقب القاري الذي طال انتظاره في الجزائر عن جدارة واستحقاق بعد إطاحتهم بعديد المنتخبات القوية، على غرار كوت ديفوار ونيجيريا والسنغال، صراحة لم أكن أتوقع أن يقدموا ذلك المردود القوي، خاصة وأن جمال بلماضي كان جديد العهد بالعارضة الفنية، غير أنه نجح بفضل شخصيته القوية في تحقيق ما لم يكن يؤمن به الكثيرون في الجزائر، أنا أهنئكم بهذا المنتخب المتميز الذي يضم في صفوفه نجوم عالميين، وأتوقع لكم نجاحا أكبر خلال التحديات القادمة، وهنا أرى بأن الخضر قادرين على الفوز بنسختين على الأقل من نهائيات كأس أمم إفريقيا، خاصة إذا ما تركوا جمال بلماضي يعمل في أجواء مريحة.
- ماذا تقول لنا عن الناخب جمال بلماضي المتوّج بلقب أفضل مدرب في إفريقيا؟
حصد بلماضي لجائزة الأفضل كان مستحقا، نظير عمله الباهر مع الخضر، كما أنني سعيد من أجله، بعد ترشيحه للمنافسة على لقب «ذا بيست» على مستوى «الفيفا»، أنا لا أعرفه شخصيا، ولكن من خلال متابعتي لتصريحاته، أرى بأنه يشبهني كثيرا في قوة شخصيته وعدم تقبله التدخل في صلاحياته، وهذا من أهم ميزات المدرب الناجح، كما أرى بأن بلماضي استفاد من العمل الذي أنجزه سابقوه، وأخص بالذكر وحيد حليلوزيتش صاحب الإنجاز في مونديال البرازيل وكريستيان غوركوف الذي شكل مجموعة جيدة، قدمت كرة عصرية قبل رحيله.
- لو نطلب منك اختيار أفضل اللاعبين في القارة السمراء، أين تضع قائد الخضر رياض محرز ؟
من وجهة اعتقادي لاعبا ليفربول الانجليزي محمد صلاح وساديو ماني الأفضل بالنظر لما قدماه خلال موسمين، حيث أعتبرهما في نفس مقام كريتسانو رونالدو ليونيل ميسي، ولن أجاملكم إن قلت لكم بأن رياض محرز يعد من خيرة الأسماء في أوروبا، ويكفي أنه انتزع مكانته الأساسية مع مانشستر سيتي، رغم كوكبة النجوم التي يضمها فريق بيب غوارديولا، هم كلهم فخر الكرة الإفريقية، وأتوقع لهم بروزا أكبر في المواسم المقبلة، سواء مع أنديتهم أو منتخباتهم الإفريقية.
- ما هي رسالتك إلى جماهير الشباب في ختام هذا الحوار الشيق الذي جمعنا بك؟
رغم الضغوطات التي مورست ضدي في فريق الشباب، إلا أنني كنت سعيدا بالمكانة التي منحني إياها الأنصار، الذين أحييهم عبر جريدتكم، وأتمنى لهم مواصلة الالتفاف حول فريقهم، على أمل التتويج مجددا بالألقاب، أنا أتابعهم على الدوام، وأسعد لنتائجنا المميزة، وأحزن لخيباتهم كما حدث في إقصاء الكأس أمام الوفاق هذا الموسم، أنا أنصحهم أيضا بتوخي الحذر خلال هذه الأيام العصيبة، بعد تفشي فيروس كورونا، وأتمنى لهم السلامة ولكافة الشعب الجزائري الحبيب.
م. ب
 

الرجوع إلى الأعلى